تقدم «داعش» يثير التوتر بأطراف بغداد

الخوف من دعم شعبي له في «أبو غريب»

تقدم «داعش» يثير التوتر بأطراف بغداد
TT

تقدم «داعش» يثير التوتر بأطراف بغداد

تقدم «داعش» يثير التوتر بأطراف بغداد

على بعد قرابة 14 ميلا من مطار بغداد الدولي، سقطت قذيفة هاون محدثة صوتا مكتوما. وسرعان ما أعقبتها قذيفة ثانية، ثم ثالثة سقطت عبر خطوط الجيش العراقي، في إطار محاولات مسلحي «داعش» التصويب على هدفهم. لم يكن سيل قذائف الهاون خارج ضاحية أبو غريب الواقعة على أطراف بغداد، هذا الأسبوع، بالأمر الاستثنائي في حد ذاته، حيث اعتاد مقاتلو «داعش» تبادل النار مع الجيش العراقي بصورة منتظمة داخل هذه المنطقة منذ شهور. ومع ذلك، يساور القلق مسؤولين من أن تخلق المكاسب التي تحققها الجماعة المتطرفة بمحافظة الأنبار المجاورة زخما يدفعها لشن هجوم ضد الضواحي الواقعة على أطراف العاصمة.
يذكر أن قذائف الهاون التي تطلقها «داعش» تسقط بالفعل على وسط بغداد على مدار الأسابيع الأخيرة، في الوقت الذي تسارعت وتيرة التفجيرات الانتحارية ـ حيث وقعت سلسلة من التفجيرات خلفت 50 قتيلا على الأقل داخل وحول بغداد، الخميس، حسبما أفادت وسائل إعلام محلية. وبينما يرابط الجيش حول العاصمة، يجري النظر إلى أبو غريب باعتبارها نقطة ضعف، في وقت تتنامى مشاعر التعاطف مع المقاتلين الراديكاليين هنا، حسبما ذكر مقسمون بالضاحية، بسبب الإجراءات المتعسفة من قبل ميليشيات شيعية.
ورغم الضربات الجوية التي توجهها الولايات المتحدة والقوات المتحالفة معها بهدف سحقهم، استمر مقاتلو «داعش» في التقدم، أول من أمس، باتجاه عامرية الفلوجة، الواقعة بمحافظة الأنبار، وهي واحدة من أواخر مدن المحافظة التي ما تزال تحت سيطرة الحكومة. وقد طلب مسؤولون محليون للحكومة لإرسال تعزيزات، محذرين من أن المدينة قد تسقط في غضون ساعات.
من جانبه، قال علي الماجدي، قائد الفرقة السادسة من الجيش العراقي، الثلاثاء خلال تفقده القوات على الجبهة قرب أبو غريب: «إذا سقطت الأنبار، سيخلف ذلك تأثيرا هائلا علينا وعلى بغداد بأسرها. إنها بوابة بغداد، وإذا سيطروا عليها، سيصبح بمقدورهم إطلاق قذائف هاون ضد المطار». واشتكى مسؤولون عراقيون من التقارير الإعلامية التي تدعي تقدم «داعش» باتجاه بغداد عبر أبو غريب، باعتبارها تحريضية. إلا أن هذا لا ينفي خطورة الوضع الأمني حول العاصمة.
في الأول من أكتوبر (تشرين الأول)، وقعت 4 قذائف هاون داخل «المنطقة الخضراء»، وهي منطقة محصنة بوسط بغداد تعج بالسفارات الأجنبية والمباني الحكومية، تبعا لما ذكره مسؤول أمني بالسفارة الأميركية رفض الكشف عن هويته. ووقعت القذائف على بعد بضع مئات من الياردات من السفارة الأميركية وسبقها هجوم آخر بقذائف الهاون قبل ذلك بأسبوع، حسبما أضاف.
وأكد العميد سعد معن، المتحدث باسم قيادة عمليات بغداد، أن قذائف هاون وقعت داخل «المنطقة الخضراء»، لكنه أضاف أنها سقطت على «مساحة خالية ولم تصب أي مبنى». ورفض الكشف عن مزيد من التفاصيل، لكنه قال: إن تحقيقا يجري لتحديد مصدر القذائف، وشدد على أنه لم تقع أي حوادث مشابهة منذ ذلك الحين.
الملاحظ أن هجمات قذائف الهاون التي يشنها «داعش» أصبحت متكررة بوتيرة متزايدة، مع استهداف 5 قذائف لضاحية الشعلة الشيعية، أول من أمس، طبقا لما أفاده مسؤولون أمنيون. وبالمثل، تعرض حي الكاظمية الشيعي لهجوم بقذائف الهاون خلال الأسابيع الماضية.
وقال الأميرال، جون كيربي، المتحدث باسم البنتاغون، الأربعاء، إنه «لا شك» في أن «داعش» يرغب في خلق ضغوط على بغداد، لكنها لا تمثل «خطرا وشيكا» لأمن المدينة.
وقال مسؤول أميركي آخر رفيع المستوى في واشنطن، اشترط عدم ذكر اسمه، إن «الأنبار مهمة، وهي قريبة من بغداد، لكن هذا لا يعني سقوط بغداد. هذا لن يحدث». إلا أنه أضاف أنه «كلما زاد عدد الإرهابيين التابعين لهم حول بغداد، زادت قدرتهم على خلق المشكلات».
يذكر أن قرابة 200.000 نسمة يعيشون في أبو غريب والقرى والمناطق الريفية المحيطة بها. السوق الرئيسة بأبو غريب تعج بالحركة، ولم تظهر أي مؤشرات على وجود عنف. ومع ذلك، أشار سكان محليون لوجود توترات كامنة قد تسفر عن ظهور تأييد لـ«داعش» هنا.
وقال سكان بالمنطقة إن ميليشيات شيعية انتقلت للمنطقة في يونيو (حزيران)، بعد سقوط مدينة الموصل الشمالي في أيدي «داعش»، في بداية تقدمها السريع عبر شمال وغرب العراق. ومع مواجهة الجيش العراقي لحالة أزمة، سارعت ميليشيات مثل «عصائب أهل الحق» المدعومة من إيران و«فيلق بدر» لدعم الحكومة. إلا أن سنة يؤكدون أن الميليشيات أساءت معاملة الناس. وقال أحد سكان أبو غريب رفض كشف هويته لدواع أمنية: «لو جاء 10 أعضاء من داعش، سيصبحون ألفا، لأن كل سكان أبو غريب سينضمون لهم».
عن ذلك، قال طلال الزوبعي، عضو البرلمان عن أبو غريب: «إنهم يقبضون على الأفراد، ولا يدري أحد إلى أين يقتادونهم. وهذا يخلق الرغبة في نفوس الكثيرين تجاه التطوع لدى داعش لمحاربة الميليشيات».
واستطرد بأن مبادرة الحرس الوطني المدعومة من واشنطن والتي كثر الحديث عنها وتدور حول تكوين قوات سنية محلية للدفاع عن المناطق السنية، بحاجة لتنفيذها بسرعة لبناء دعم وثقة في الدولة. إلا أن الحكومة لم تؤسس بعد إطار العمل القانوني لهذه القوة الأمنية الجديدة.
* خدمة «نيويورك تايمز»



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.