كيفية التعامل مع زعيم «فارك» تطرح معضلة في مفاوضات السلام في كولومبيا

نائب المدعي العام يؤكد أن مذكرة التوقيف بحق «تيموشنكو» ما زالت قائمة

كيفية التعامل مع زعيم «فارك» تطرح معضلة في مفاوضات السلام في كولومبيا
TT

كيفية التعامل مع زعيم «فارك» تطرح معضلة في مفاوضات السلام في كولومبيا

كيفية التعامل مع زعيم «فارك» تطرح معضلة في مفاوضات السلام في كولومبيا

يطرح زعيم «القوات المسلحة الثورية في كولومبيا» (فارك) الحاضر الغائب، معضلة حقيقية في مفاوضات السلام؛ إذ يحتار المسؤولون الكولومبيون بين اعتقاله أو قتله أو استقباله بحفاوة.
هذه المرة خرج زعيم الفارك تيموليون خيمينيث المعروف باسمه الحربي «تيموشنكو» إلى العلن، وهو الذي كان لا يرى إلا في تسجيلات الفيديو، مرتديا الزي العسكري وسط الأدغال.
وأقر الرئيس الكولومبي خوان مانويل سانتوس بأنه ترك الرجل الذي يعد ألد أعداء البلاد، وهو محكوم بالإعدام غيابيا مرارا، يتوجه إلى كوبا التي تحتضن مفاوضات السلام الجارية منذ سنتين، ما أثار جدلا حادا.
ودافع الرئيس عن موقفه قائلا: «لماذا أذنت له؟ لأننا بصدد التفاوض» بعد أن فتحت حكومته مباحثات مع أقدم حركة تمرد في أميركا اللاتينية اندلعت قبل نصف قرن من انتفاضة شعبية وما زالت تضم رسميا نحو 8 آلاف مقاتل.
ولكن سلفه الرئيس ألفارو أوريبي وزعيم المعارضة حاليا يرى أن «رحلات (تيموشنكو) تدل على أن سانتوس خدع الجيش».
كذلك طالب أليخاندرو أردونييس مدير الهيئة العامة المكلفة مراقبة الموظفين والمعروف بمواقفه المحافظة، بـ«توضيحات» من السلطات بشأن زعيم «فارك»، متسائلا حول «وضعه القانوني». غير أن القضاء الكولومبي أكد على لسان نائب المدعي العام خورخي بردومو: «لم ترفع عنه أي مذكرة توقيف»، رافضا الدخول «في حسابات سياسية».
وقال المحامي المتخصص في القانون الدستوري مانويل كينتشي لوكالة الصحافة الفرنسية إن «وضع تيموشنكو يدل على تناقض بين المجالين القانوني والسياسي، وفي كولومبيا كان دائما يتعين على عمليات التفاوض ارتكاب مخالفات قضائية».
ويرى هذا الأستاذ في جامعة روساريو في بوغوتا أن حكومة سانتوس «جازفت ولعبت ورقة مهمة» بالإذن بتنقلات «خارج القوانين، لكنها قد تكون مفيدة للسلام».
ولا يقود زعيم «فارك» الذي صعد إلى معاقل التمرد في الثمانينات عندما كان طالبا في الطب، وما زال في السرية حتى بعد بداية المفاوضات، شخصيا في هافانا، وفد المتمردين الذين، بصفتهم مفاوضين، استفادوا من تعليق مذكرات التوقيف بشأنهم.
وأوضح وزير الداخلية خوان فرناندو كريستو أن «تيموشنكو» لم يجلس إلى طاولة المفاوضات، ولم تكن له أي اتصالات مع السلطات الكولومبية؛ لأنه لم يحضر إلى كوبا إلا «في مناسبتين»، وذلك «لإجراء مشاورات داخلية في حركة (فارك)».
وتهدف كل هذه الاحتياطات إلى احتواء موضوع متفجر جدا بالنسبة للرئيس الذي كان أثار سخط منتقديه عندما أقر بأنه «سيفكر مرتين» قبل إصدار الأمر بقتل زعيم حركة التمرد.
وترى بوغوتا أن السماح لـ«تيموشنكو» بالتوجه إلى كوبا يهدف إلى ضمان استمرارية عملية التفاوض المهددة بعدم إعلان وقف إطلاق النار وارتفاع حصيلة القتلى في نزاع قد أسفر عن سقوط 220 ألف قتيل في ظرف 20 سنة، وفق الأرقام الرسمية.
وقال المحلل السياسي الكولومبي آريال آفيلا لوكالة الصحافة الفرنسية: «إنها نكسة للمعارضة التي كانت تزعم أن مفاوضي (فارك) في هافانا أصبحوا لا يسيطرون على مقاتلي الحركة على الأرض في كولومبيا».
وأكد المتخصص في النزاع والباحث في مؤسسة «السلام والمصالحة» أن «قدوم الزعيم يثبت عكس ذلك، أي أن هناك التزاما حقيقيا بالحوار من حركة التمرد».
وأكد «تيموشنكو» شخصيا أخيرا في إحدى رسائله النادرة التي نشرت «من جبال كولومبيا» لأنصاره وأعدائه على حد سواء: «يمكن التوصل إلى اتفاق».



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.