العبادي يبدد المخاوف حول بغداد.. و«داعش» يهدد بلدة استراتيجية غربها

عامرية الفلوجة محاصرة من 3 جهات.. والجيش يستعد لعملية كبرى لتأمين العاصمة

نواب في البرلمان العراقي ومسؤولون يصلون أمس على جثمان النائب أحمد الخفاجي الذي قتل في تفجير وقع في مدينة الكاظمية شمال بغداد أول من أمس (إ.ب.أ)
نواب في البرلمان العراقي ومسؤولون يصلون أمس على جثمان النائب أحمد الخفاجي الذي قتل في تفجير وقع في مدينة الكاظمية شمال بغداد أول من أمس (إ.ب.أ)
TT

العبادي يبدد المخاوف حول بغداد.. و«داعش» يهدد بلدة استراتيجية غربها

نواب في البرلمان العراقي ومسؤولون يصلون أمس على جثمان النائب أحمد الخفاجي الذي قتل في تفجير وقع في مدينة الكاظمية شمال بغداد أول من أمس (إ.ب.أ)
نواب في البرلمان العراقي ومسؤولون يصلون أمس على جثمان النائب أحمد الخفاجي الذي قتل في تفجير وقع في مدينة الكاظمية شمال بغداد أول من أمس (إ.ب.أ)

بدد رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي المخاوف التي انتشرت مؤخرا حول احتمال دخول تنظيم «داعش» إلى العاصمة بغداد واقتراب المعارك حول محيط مطارها. وقال العبادي خلال كلمة ألقاها أمس في حفل تخرج دورة طلبة الكلية العسكرية الرابعة (مكافحة الإرهاب) في مدينة الناصرية (350 كم جنوب بغداد) إن «العاصمة بغداد مؤمنة أكثر مما كانت عليه سابقا حيث تم توسيع الأطواق والحدود الأمنية حول بغداد وتنظيم (داعش) بعيد عن العاصمة بغداد»، مبينا أن «الانتصارات التي تحققها القوات الأمنية دعت الإرهابيين وتنظيم (داعش) إلى بث شائعات حول وصول حشود من عناصر التنظيم إلى أطراف بغداد».
وأضاف العبادي أن «القوات الأمنية العراقية وجهت ضربات قوية لتنظيم (داعش) أربكت حساباته ودعته إلى بث الشائعات المغرضة، والظروف الراهنة أكدت للعالم أن القوات المسلحة والعراقيين قوة لا تقهر وإرادة العراقيين منتصرة الآن بما تحقق من انتصارات». وأشار العبادي إلى أن «معظم مناطق محافظة ديالى وأجزاء كبيرة من محافظة صلاح الدين هي الآن تحت سيطرة القوات الأمنية العراقية والحشد الشعبي»، مؤكدا أن «القوات الأمنية العراقية ستدافع عن كل مدينة عراقية تتعرض للإرهاب ولن تتوانى عن تحريرها». وخاطب رئيس الوزراء المجتمع الدولي قائلا إن «القوات الأمنية العراقية تزداد قوة مع تخرج كل دفعة جديدة من الكليات العسكرية، والقوات العراقية حاليا قوية ولا نحتاج من الجانب الدولي سوى تسليح الجيش العراقي»، داعيا «إلى المزيد من التعاون الدولي والإقليمي لمحاربة الإرهاب».
في سياق ذلك، كشف شاكر محمود، رئيس مجلس ناحية عامرية الفلوجة الاستراتيجية التي تقع مسافة 40 كيلومترا غرب بغداد، عن قيام عناصر تنظيم «داعش» بالتحشيد قرب الناحية من 3 محاور تمهيدا لاقتحامها وأن «بحوزتهم دبابات ومدرعات وعربات همر».
كما صدت قوات الجيش العراقي بدعم من العشائر هجوما واسعا استهدف مدينة الرمادي، استمر لنحو 6 ساعات. وشن تنظيم داعش منذ منتصف الليلة قبل الماضية هجوما من 3 محاور على مدينة الرمادي، سبقه قصف بقذائف الهاون على المدينة، بحسب مراسل وكالة الصحافة الفرنسية. واستمر الهجوم حتى الساعة السابعة من صباح أمس، لكن قوات الجيش بمشاركة قوات التدخل السريع ومقاتلي العشائر، تمكنوا من صد الهجوم وتكبيد التنظيم خسائر كبيرة، بحسب مسؤول أمني. وقال النقيب تحسين الدليمي: «قتلنا أكثر من 35 منهم، وحرقنا عددا كبيرا من سياراتهم بمساندة قوات العشائر».
ويأتي ذلك في وقت تستعد فيه القطعات العسكرية العراقية من القيام خلال الأيام القليلة المقبلة بعملية تعرضية كبرى في مناطق أطراف بغداد ومنها عامرية الفلوجة بهدف إبعاد خطر «داعش» عن مناطق العاصمة وكذلك البدء بعملية استعادة السيطرة على المناطق التي نجح تنظيم داعش في السيطرة عليها مؤخرا مثل قضاء هيت (180 كم غرب بغداد) وناحية كبيسة (195 كم غرب بغداد) والحيلولة دون سقوط قاعدة عين الأسد الجوية المهمة في ناحية البغدادي (240 كم غرب بغداد). وفي هذا السياق أكد الشيخ أركان الكعود أحد شيوخ قضاء هيت في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «مدينة هيت تشهد قصفا جويا على أحياء مختلفة منها منذ يومين وشمل هذا القصف منطقتي الولاية القديمة والجبل في المدينة»، مشيرا إلى أن «القصف أسفر عن خسائر مادية فقط ولم يؤد إلى خسائر بشرية لأن المدينة شبه خالية من السكان».
من جهته، أكد الخبير الأمني والمتخصص بشؤون الجماعات المسلحة في مركز النهرين للدراسات هشام الهاشمي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «تنظيم داعش يجد في السيطرة على عامرية الفلوجة أهمية قصوى له لأسباب يتعلق قسم منها ببنية المدينة وطبيعتها السكانية التي كانت منذ عام 2004 أحد أهم مواطن تنظيم القاعدة في المنطقة الغربية من البلاد والقريبة من بغداد كما أنها قبل ذلك كانت أحد معاقل السلفية الجهادية»، مشيرا إلى أن «من بين الأسباب الأخرى التي تدفع داعش إلى السيطرة على عامرية الفلوجة تتمثل بعزل المنطقة الغربية عن المنطقتين الوسطى والجنوبية وقطع طرق الإمدادات للجيش العراقي في حال أراد القيام بعملية عسكرية».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.