سلام يدعو لنقل لاجئين سوريين إلى دول أخرى بعد سقوط طرح إقامة المخيمات

مصادره لــ «الشرق الأوسط» : تركيا والأردن أثبتا أنهما أكثر كفاءة منا بإدارة الملف

ستيفان فولي مفوض الاتحاد الأوروبي لشؤون التوسع وسياسة الجوار خلال زيارته مركزا اجتماعيا في برج حمود الذي يقدم خدمات للاجئين في لبنان أمس (رويترز)
ستيفان فولي مفوض الاتحاد الأوروبي لشؤون التوسع وسياسة الجوار خلال زيارته مركزا اجتماعيا في برج حمود الذي يقدم خدمات للاجئين في لبنان أمس (رويترز)
TT

سلام يدعو لنقل لاجئين سوريين إلى دول أخرى بعد سقوط طرح إقامة المخيمات

ستيفان فولي مفوض الاتحاد الأوروبي لشؤون التوسع وسياسة الجوار خلال زيارته مركزا اجتماعيا في برج حمود الذي يقدم خدمات للاجئين في لبنان أمس (رويترز)
ستيفان فولي مفوض الاتحاد الأوروبي لشؤون التوسع وسياسة الجوار خلال زيارته مركزا اجتماعيا في برج حمود الذي يقدم خدمات للاجئين في لبنان أمس (رويترز)

دعا رئيس الحكومة اللبنانية تمام سلام لإطلاق برامج لنقل أعداد كبيرة من اللاجئين السوريين الموجودين في لبنان إلى دول أخرى مع تخطي عدد المسجلين منهم المليون و200 ألف وتراجع المساعدات المالية والغذائية وسقوط طرح إقامة مخيمات تؤويهم بعدما تحول مادة للتجاذب السياسي.
وحثّ سلام بعد اجتماع عقده مع ممثلين عن الاتحاد الأوروبي في السراي الحكومي في وسط بيروت على وجوب اتخاذ قرارات لمشاركة لبنان عبء النازحين، عبر إطلاق برامج لنقل أعداد كبيرة منهم إلى دول أخرى، فيما أوضح وزير الاقتصاد الآن حكيم أن الخسائر المباشرة من جراء اللجوء السوري هي بحدود 7.5 مليارات دولار.
وأشارت مصادر سلام إلى أن دعوته لنقل أعداد من اللاجئين إلى دول أخرى «لا تنطلق من معطيات ملموسة في هذا الاتجاه»، نافية أن تكون أي دولة أعربت عن نيتها الحقيقية باستضافة عدد من اللاجئين الموجودين في لبنان. وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط»: «المساعدات المالية لم تعد كافية واصلا هي لم تكن يوما بالقدر اللازم، وبالتالي بات من الواجب التحرك على نطاق أوسع في ظل الخلافات داخل الحكومة على إنشاء مخيمات لهؤلاء اللاجئين ورفض قسم من القوى السياسية لهذا الطرح خوفا من تكرار تجربة اللاجئين الفلسطينيين»، الذين نزحوا إلى لبنان منذ عام 1948.
وعدت المصادر أن تركيا والأردن أثبتا مع اندلاع الأزمة في سوريا في عام 2011 وبدء توافد اللاجئين إليهما بأنهما «أكثر كفاءة منّا بإدارة الملف، إذ كانت الجهات المعنية تظن أن اللاجئين بضع مئات سيبقون لبضعة أسابيع فإذا بهم بضعة ملايين قد يكونون قد لجأوا لسنوات طويلة». ويبدو أن طرح إنشاء مخيمات للاجئين في لبنان على غرار ما هو حاصل في تركيا والأردن، سقط كليا بعدما تحول مادة للتجاذب السياسي. وكان وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق أعلن بوقت سابق أن وزارته ستنشئ مخيمات حتى لو لم يوافق عليها الجميع، لكن موقفه لاقى حملة كبيرة شاجبة قادها بشكل خاص وزراء التيار الوطني الحر الذي يرأسه الزعيم المسيحي ميشال عون. ولعل وزير الخارجية جبران باسيل كان من قطع الطريق نهائيا على الطرح المذكور حين قال إن «مسألة المخيمات بحاجة إلى قرار من مجلس الوزراء.. وهي لن تمر لا اليوم ولا بعد مائة سنة». وتشير الأجهزة المعنية إلى أن هناك ما بين 700 و900 مخيم عشوائي، تضم 17 في المائة من النازحين الذين لا يخضعون لأي نوع من الرقابة.
وقد تخطى عدد اللاجئين السوريين المسجلين لدى المفوضية في لبنان المليون و200 ألف لاجئ، فيما ترجّح السلطات اللبنانية أن يكون عددهم الإجمالي تجاوز المليونين.
واستضافت ألمانيا نحو 4 آلاف من هؤلاء اللاجئين العام الماضي، جرى ترحيلهم على دفعات بالتعاون مع المنظمة الدولية للهجرة (IOM) والتنسيق مع الحكومة اللبنانية.
وقررت الحكومة أخيرا وبإطار مساعيها لمواجهة أزمة اللجوء، وقف استقبال أعداد جديدة من اللاجئين السوريين، إسقاط صفة النازح عمن يدخل إلى سوريا ويريد العودة إلى لبنان، والتدقيق بحقيقة امتلاك السوريين الموجودين في لبنان صفة نازحين.
وتأثر اللاجئون السوريون في لبنان بشكل كبير بالقرار الذي اتخذه برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة تخفيض إعانات الغذاء التي يقدمها شهريا من 30 دولار أميركي شهريا إلى 20 دولارا لكل لاجئ. وقد بدأ تطبيق هذا القرار مطلع شهر أكتوبر (تشرين الأول) في لبنان وقرارات مماثلة في الأردن وتركيا ومصر والعراق والداخل السوري.
وأفادت دراسة البنك الدولي، التي أجريت بطلب من الحكومة اللبنانية نهاية العام الماضي، بأن المصاريف المباشرة للخزينة اللبنانية لتأمين الخدمات الإضافية للنازحين السوريين بلغت 1.1 مليار دولار، ونبّهت إلى أن 170 ألف لبناني سيكونون تحت خط الفقر في إطار التداعيات السورية على لبنان، علما بأن 40 في المائة من اللبنانيين هم أصلا تحت هذا الخط.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.