فازت الصبية الباكستانية ملالا يوسف زاي، التي أصيبت في الرأس برصاصة أطلقها عليها أحد عناصر حركة طالبان قبل عامين لمطالبتها بحق الفتيات في التعليم، مناصفة مع كايلاش ساتيارثي الهندي، المطالب بحقوق الأطفال، بجائزة نوبل للسلام لعام 2014، «لنضالهما ضد قمع الأطفال والمراهقين ومن أجل حق الأطفال في التعلم».
وقال رئيس لجنة نوبل للسلام، ثوربيورن ياغلاند، لدى إعلان الجائزة، إن «ملالا فازت بعدة جوائز أخرى وأظهرت نضجا كبيرا»، وقال عن ساتيارثي: «هو رجل وقف على خط المواجهة ضد عمالة الطفل»؛ حيث قاد مسيرات احتجاجية في الهند مسقط رأسه ومناطق أخرى من العالم، «الأطفال يجب أن يذهبوا إلى المدرسة وألا يجري استغلالهم ماليا»، مضيفا: «تظهر ملالا رغم سنها الصغيرة، أن الأطفال والشباب يمكن أن يساهموا أيضا في تحسين الظروف التي يعيشون فيها»، وتؤكد اللجنة أهمية أن يخوض هندوسيا، ومسلمة، وهنديا، وباكستانية، كفاحا مشتركا من أجل التعليم وفي مواجهة التطرف الديني.
وبذلك تكون ملالا أصغر من يحصل على نوبل في تاريخ هذه الجائزة منذ 114 عاما، وعند إعلان نتائج جائزة نوبل للسلام، كانت ملالا في المدرسة في لندن.
أما كايلاش ساتيارثي (60 سنة)، فقد قاد مظاهرات ضد استغلال الأطفال، كانت كلها سلمية حسب «مبادئ غاندي»، كما قالت لجنة نوبل. ويعمل ساتيارثي مهندس كهرباء، وأسس «حركة إنقاذ الطفولة» في 1980.
ويعمل على حماية حقوق 80 ألف طفل. وكان ساتيارثي قد قاد أشكالا مختلفة من الاحتجاج السلمي على استغلال الأطفال لتحقيق مكاسب مالية، وهو ناشط متحفظ لا يخرج عن صمته إلا للدفاع عن قضية الأطفال، كما يرأس حركة «المسيرة الشاملة ضد عمل الأطفال» التي تضم نحو ألفي جمعية وحركة اجتماعية في نحو 140 بلدا.
وأهدى كايلاش ساتيارثي الجائزة للأطفال في العبودية، وقال لقناة «سي إن إن - أي بي إن»، بعد إعلان فوزه، إنها «شرف» للأطفال الذين لا يزالون يعانون من العبودية والسخرة والاتجار.
وأضاف ساتيارثي أن جائزة نوبل للسلام «تحترم صوت ملايين الأطفال» وهو صوت لم يكن يسمع على الإطلاق. ونقلت قناة تلفزيون «إن دي تي في» الهندية عن الناشط قوله إن «جائزة اليوم اعترفت بحجم مشكلة استغلال وقمع العمال الأطفال»، وأضافت القناة: «جهدي المحدود والمتواضع جعل أيضا من الممكن سماع صوت ملايين الأطفال الذين يعيشون في ظل العبودية»، وتابع: «الجائزة مصدر سعادة كبيرة لجميع الهنود. إنها شرف لـ25.1 مليار هندي».
وقال رئيس اللجنة المانحة للجائزة: «تشير الأرقام إلى وجود 168 مليون طفل يعملون في العالم في أيامنا هذه، وفي العام 2000 كان العدد أكبر بنحو 78 مليونا. العالم يقترب من هدف التخلص النهائي في عمالة الأطفال».
وبحسب الأمم المتحدة، فإن 57 في المائة من الأطفال في سن التعليم الابتدائي محرومون من حقهم في الدراسة، تشكل نسبة الإناث منهم 52 في المائة.
واحتفلت باكستان بأنباء فوز ملالا بالجائزة، وقال وزير الداخلية، نثار علي خان: «نحن فخورون بأن فتاة باكستانية حصلت على الجائزة في مثل هذا السن الصغير.
حصلت على هذا بسبب التزامها وتفانيها»، وأضاف أن «الجائزة ليست لها فحسب، ولكن لكل الباكستانيين»، وذكر التلفزيون الحكومي أن رئيس الوزراء نواز شريف هنأها أيضا، لأنها أصبحت أول باكستانية تفوز بجائزة نوبل للسلام.
وهنأت أنجيلا ميركل، المستشارة الألمانية، الباكستانية الشابة ملالا يوسف زاي وكايلاش ساتيارثي، على فوزهما بالجائزة، وقالت نائبة المتحدث باسم الحكومة الألمانية، كريستيانه فيرتس، أمس (الجمعة)، إن «ميركل ترى في منح الناشطين جائزة نوبل للسلام لعام 2014 اهتماما بجهودهما في الدفاع عن حقوق الأطفال».
وستتقاسم ملالا مبلغ 8 ملايين كورونا سويدي (1.1 مليون دولار) مع كايلاش ساتيارثي، الذي ترك عمله في الهندسة لينكب على العمل الاجتماعي مع الأطفال.
وكانت قد استهدفت ملالا، وهي اليوم في الـ17، بمحاولة قتل من قبل مسلحين من حركة طالبان باكستان بينما كانت في حافلة مدرسية في 9 أكتوبر (تشرين الأول) 2012، لأنها انتقدت هيمنة حركة طالبان على منطقتها وادي سوات شمال غربي باكستان من 2007 إلى 2009، ودافعت عن حق البنات في التعليم.
إلا أنها نجت من إصابتها بالرصاص في رأسها وأصبحت سفيرة عالمية تدافع عن حق جميع الأطفال من صبيان وبنات في التعليم، وهي تعيش حاليا في بريطانيا؛ حيث تلقت العلاج.
وعملت على مدى سنوات لمناصرة تعليم الإناث مواجهة بذلك بعض التقاليد الاجتماعية القاسية في مناطق نائية محافظة من بلدها باكستان، وكذلك توجهات المتشددين الإسلاميين المتأثرين بحركة طالبان أفغانستان التي كانت تحظر تعليم البنات في سنوات حكمها.
وروت الفتاة في سيرتها الذاتية «أنا ملالا»، الكتاب الذي لاقى رواجا عالميا بينما ظل مجهولا في بلدها باكستان: «ارتعبت، وكل ما أعرفه هو أن الله باركني بحياة جديدة».
وتعيش الفتاة اليوم في برمنغهام وسط انجلترا. ومنذ رحيلها من باكستان شاركت في عدة مؤتمرات دولية دعت فيها إلى السلام وتعليم الأطفال مطالبة قادة العالم بـ«إرسال الكتب وليس الأسلحة» إلى البلدان الفقيرة، كما دعت الرئيس النيجيري غودلاك جوناثان إلى مقابلة أولياء التلميذات المخطوفات من قبل جماعة بوكو حرام الإسلامية المسلحة.
وبعد حصولها السنة الماضية على جائزة سخاروف للاتحاد الأوروبي لحقوق الإنسان، كانت مدرجة على لائحة الأوفر حظا للفوز بنوبل للسلام التي حازتها منظمة حظر الأسلحة الكيميائية.
أما كايلاش ساتيارثي، فقال في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الهندية (تراست أوف إنديا)، إنه «يشكر لجنة نوبل لاعترافها بالوضع اليائس لملايين الأطفال الذين يعانون» من ظروف صعبة في بلده الهند، وأضاف أن «هذا شرف لكل مواطني الهند وسأواصل عملي من أجل خير الأطفال».
ويكتسب خيار لجنة نوبل للسلام أهمية كبيرة في ظل ما يشهده العالم من عنف يطال الأطفال، ولا سيما قيام حركة بوكو حرام الإسلامية المتشددة بخطف 276 تلميذة في نيجيريا.
وأثارت هذه الحادثة صدمة كبيرة على مستوى العالم بأسره، وأطلقت مبادرة عالمية تضامنا مع المخطوفات باسم «برينغ آور غيرلز» (أعيدوا بناتنا)، وشاركت فيها ملالا إلى جانب شخصيات معروفة، منها مثلا وزيرة الخارجية الأميركية السابقة، هيلاري كلينتون. وبعد منح جائزة نوبل للسلام، وهي الوحيدة من بين جوائز نوبل التي تمنح في أوسلو، ينتظر منح جائزة الاقتصاد الاثنين في استوكهولم.
تضم قائمة المرشحين لجائزة نوبل للسلام هذا العام عددا أكبر من الترشيحات عن ذي قبل؛ حيث بلغ عدد المرشحين رقما قياسيا، وهو 278 ترشيحا من أفراد ومنظمات تتراوح من بابا الفاتيكان فرنسيس الأول إلى الموظف السابق لدى وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية ومسرب المعلومات، إدوارد سنودن.
من بين المرشحين المعروفين صحيفة «نوفايا جازيتا» الروسية اليومية بسبب تقاريرها المستقلة، وسنودن بسبب الكشف عن برامج تجسس تديرها وكالة الأمن القومي، والطبيب الكونغولي دينيس موكويدج، ويدير موكويدج مستشفى يعالج الآلاف من ضحايا جرائم الاغتصاب الجماعي التي تورطت فيه جماعات متناحرة في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية.
* حائزو جائزة نوبل للسلام في السنوات الـ25 الأخيرة
- 2013: منظمة حظر الأسلحة الكيميائية.
- 2012: الاتحاد الأوروبي.
- 2011: إلين جونسون سيرليف، وليما غبوي (ليبيريا) وتوكل كرمان (اليمن).
- 2010: ليو تشياوباو (الصين).
- 2009: باراك أوباما (الولايات المتحدة).
- 2008: مارتي أتيساري (فنلندا).
- 2007: آل غور (الولايات المتحدة) والهيئة الحكومية للتغييرات المناخية التابعة للأمم المتحدة.
- 2006: محمد يونس (بنغلادش) ومصرف غرامين.
- 2005: الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومحمد البرادعي.
- 2004: وانغاري ماتاي (كينيا).
- 2003: شيرين عبادي (إيران).
- 2002: جيمي كارتر (الولايات المتحدة).
- 2001: الأمم المتحدة وكوفي أنان (غانا).
- 2000: كيم داي جونغ (كوريا الجنوبية).
- 1999: أطباء بلا حدود.
- 1998: جون هيوم وديفيد تريمبل (آيرلندا الشمالية).
- 1997: جودي ويليامز (الولايات المتحدة) والحملة الدولية لحظر الألغام ضد الأفراد.
- 1996: كارلوس فيليبي خيمينيس، وجوزيه راموس هورتا (تيمور الشرقية).
- 1995: جوزيف روتبلات (بريطانيا) وحركة بوغواش.
- 1994: إسحق رابين، وشيمون بيريز (إسرائيل)، وياسر عرفات (منظمة التحرير الفلسطينية).
- 1993: نلسون مانديلا، وفريديريك دوكليرك (جنوب أفريقيا)
- 1992: ريغوبرتا مينشو (غواتيمالا).
- 1991: أونغ سان شو تشي (بورما).
- 1990: ميخائيل غورباتشوف (الاتحاد السوفياتي).
- 1989: الدالاي لاما (التيبت).