3 آلاف مقاتل أجنبي انخرطوا في الأزمة بسوريا والعراق

أوروبا تعزز إجراءات ضبط الحدود للحد من تحركاتهم

3 آلاف مقاتل أجنبي انخرطوا في الأزمة بسوريا والعراق
TT

3 آلاف مقاتل أجنبي انخرطوا في الأزمة بسوريا والعراق

3 آلاف مقاتل أجنبي انخرطوا في الأزمة بسوريا والعراق

وافق وزراء الداخلية الأوروبيون أمس على تطبيق ضوابط أكثر صرامة على طول الحدود الخارجية لمنطقة شنغن التي تتسم بالتحرك الحر لأبناء دولها من دون تأشيرة، لمعالجة التهديد الذي يمثله المواطنون الذين يشاركون في الصراعات الخارجية ويعودون إلى بلدانهم بعد اعتناق الأفكار المتطرفة. واكتسبت القضية التي تسمى «المقاتلين الأجانب» صفة الإلحاح بعد إطلاق النار على المتحف اليهودي في بلجيكا ما أدى إلى وقوع وفيات في مايو (أيار) الماضي، وألقى فيه باللوم على شخص فرنسي من أصل جزائري يعتقد أنه أمضى وقتا للقتال في سوريا جنبا إلى جنب مع الجماعات الجهادية. وتشير تقديرات الاتحاد الأوروبي إلى أن نحو 3 آلاف مقاتل أجنبي انخرطوا في الأزمة بسوريا والعراق. وقال المنسق الأوروبي لشؤون مكافحة الإرهاب جيل دي كيرشوف: «جرى تدريب هؤلاء الأشخاص على استخدام المتفجرات والأسلحة، جرى تلقينهم بالأفكار المتشددة والأكثر إشكالية، أنهم رفعوا بشكل كبير مستوى التسامح تجاه العنف». وتضم منطقة شنغن 22 دولة من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي المؤلف من 28 دولة و4 دول من غير الدول الأعضاء. وداخل هذه المنطقة، يمكن للأشخاص أن يسافروا بحرية بين الدول، ما يجعل من الصعوبة بمكان، تتبع تحركاتهم. واتفق الوزراء أمس على تعزيز فحص جوازات السفر في نقاط دخول منطقة شنغن وكذلك تنفيذ الضوابط على العائدين من المناطق المعرضة للخطر لمعرفة ما إذا كانت أسماؤهم مسجلة في قاعدة بيانات الشرطة، حسبما قال دي كيرشوف.
ودعت فرنسا وألمانيا أمس في لوكسمبورغ إلى ملاءمة قواعد فضاء شنغن بهدف التصدي لعدد الإسلاميين المتطرفين الأوروبيين الذين يتوجهون للقتال في سوريا والعراق. وقال وزير الداخلية الفرنسي برنار كازينوف إثر اجتماع مع نظرائه في دول الاتحاد الأوروبي، إن قانون عبور الحدود «شنغن إذا كان قادرا على التأقلم سيكون الحل للمشكلات التي نواجهها بسبب تزايد عدد المقاتلين الأجانب». وأضاف: «نأمل في قيام نظام أوروبي لمعطيات ملفات مسافرين ونظام تسجيل للمسافرين يتيح مراقبة أكثر نجاعة للمسافرين عبر المطارات».
وعطل البرلمان الأوروبي منذ أشهر اقتراحا في هذا الاتجاه بسبب استشعاره تهديدا للحريات المدنية ومن أجل حماية المعطيات الشخصية للمواطنين الأوروبيين. وعد الوزير الفرنسي أنه «يتعين القيام بعمل بيداغوغي»، معلنا نيته الدفاع عن موقفه أمام البرلمان الأوروبي قبل نهاية العام، ومشددا على أن الطلبين يشكلان «أمرا عاجلا».
وفي السياق ذاته، قال وزير الداخلية الألماني توماس دي مازيير، إن «3 آلاف مقاتل غادروا أوروبا للجهاد ونحن لا نريد أن تصبح أوروبا جهة تصدير للإرهاب»، مضيفا: «ولا نريد بشكل خاص أن يعود مقاتلون مدربون إلى أوروبا للتخطيط لاعتداءات نحتاج إلى اتخاذ إجراءات على المستوى الوطني وفي النطاق الأوروبي».
وتابع الوزير الألماني: «علينا أن نتصرف بما يجعل نظام شنغن يتيح لأي شرطي على الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي أن يعرف إذا كان الشخص الراغب في المغادرة سينضم إلى الجهاديين. وفي سبيل ذلك نحتاج إلى إدخال تغييرات» على نظام فضاء شنغن.
وأوضح الوزير الفرنسي من جهته، أن «فرنسا تطلب أن يجري إدراج إشارة (مقاتل أجنبي) إلى نظام فضاء شنغن بهدف تسهيل التعاون بين أجهزة الشرطة».
ويحتوي نظام شنغن حاليا عدة توصيفات مثل: منحرف أو مجرم أو مطلوب.
والمشكلة هي أن قانون الحدود بفضاء شنغن يمنع عمليات المراقبة المنهجية. وتعديله سيحتاج إلى اتفاق بين المؤسسات وهو ما سيتطلب أكثر من عام.
وأكد الوزير الفرنسي: «لا يمكن أن ندخل في عملية تعديل طويلة. هذا الحل لا يستجيب إلى الصفة العاجلة لمكافحة الإرهاب نحتاج إلى قراءة للنصوص تكون ذكية بما يكفي لتسمح لنا بأن نكون فعالين».
وأضاف، أن «ملاءمة قانون شنغن ستكون فرصة ممتازة لنظهر لكل الديماغوغيين والشعبويين الذين يمرون بفترة ازدهار هذه الأيام أن أوروبا قادرة في الحالات الطارئة أن تطبق قواعد فعالة».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.