أعلن مقاتلو المعارضة السورية في القلمون بريف دمشق الغربي، أمس، إلقاء القبض على مقاتل من «حزب الله»، لأول مرة منذ إعلان الحزب انخراطه في القتال إلى جانب القوات الحكومية في سوريا، وذلك بعد سلسلة هجمات نفذتها قوات المعارضة، حاولت فيها التقدم على محاور محاذية للحدود اللبنانية، في محاولة «لفك الحصار» الذي فرضته قوات النظام و«حزب الله» عليها في التلال المرتفعة، كما قال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن لـ«الشرق الأوسط».
واشتعلت معركة القلمون مجددا، قبيل وصول فصل الشتاء، تكبّد خلالها «حزب الله» ضربة قاسية بمقتل ما يزيد عن 10 عناصر دفعة واحدة من مقاتلين في القلمون، وأسر مقاتل آخر، هو عماد عياد (24 عاما) الذي ينحدر من بيروت، كما أظهرت بطاقة تعرف عنه. وبث الجيش السوري الحر في القلمون شريط فيديو يظهر عياد مصابا، ويتحدث فيه عن انتشار الحزب في المناطق المحاذية للحدود اللبنانية، وسط معلومات تحدثت عن أن العنصر في حزب الله «تعرض لإصابة في الظهر.. وأخرى في القدم».
وقال عياد في شريط الفيديو إنه من وحدات التعبئة الموكلة حماية النقاط العسكرية، وإنه لا يجيد استخدام سلاح مدفعي كان يستخدمه عناصر سوريون في مركزه، وأن عدد مقاتلي الحزب في عسال الورد، يناهز الـ200 عنصر، ويقود الحزب المعركة بمشاركة مقاتلين من القوات النظامية السورية.
وتوجه عياد إلى الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله، معاتبا، وقال: «نأتي إلى هنا ونصاب، لكنهم يتركوننا.. أقول لهم: أصبت. فيردون عليّ: ماذا نفعل؟ ألا ترى القصف علينا؟ هؤلاء هم المسؤولون عنا يا سيد». وقال لعائلته إنه موجود مع الجيش السوري الحر «ويعاملونني معاملة جيدة».
ولم تُسجَّل حالة أسر لأي من مقاتلي «حزب الله» في سوريا منذ انخراطه في الصراع مقاتلا إلى جانب قوات نظام الرئيس السوري بشار الأسد، فقد خسر الحزب منذ إعلان مشاركته في القتال في مايو (أيار) 2013، أكثر من 500 قتيل من عناصره، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، لكنها المرة الأولى التي يقع فيها أحد عناصره في الأسر في منطقة عسال الورد، إثر هجوم على موقع للحزب في المنطقة.
وتمكنت قوات المعارضة السورية في جرود القلمون من تنفيذ أكبر عملياتها في المنطقة ضد قوات «حزب الله» والنظام السوري في عسال الورد، بعد توحّد فصائلها الإسلامية ومقاتلي كتائب الجيش السوري الحر في المنطقة، فقد أعلن 22 فصيلا أمس، تشكيل «تجمع القلمون الغربي»، نتيجة لـ«الضربات المؤلمة والموجعة التي وجهها الثوار والمقاتلون والمرابطون في جرود القلمون الغربي» لمقاتلي النظام ومقاتلي «حزب الله».
وقالت الفصائل، في بيان أصدرته: «إزاء تلك الضربات، تعززت قناعة الثوار بأن الوحدة قوة والعمل المشترك والموحد هو السبيل الوحيد للخلاص من هذا الطاغية وأزلامه». وانضمت إلى التجمع فصائل مثل «أحرار القلمون» و«أسود السنة» ولواء «الحبيب المصطفى» وغيرها.
وتتضاعف أولويات العمل العسكري الميداني ضد القوات النظامية و«حزب الله» في القلمون، قبل فصل الشتاء. وأكد رامي عبد الرحمن لـ«الشرق الأوسط» أن تحرك قوات المعارضة «يأتي بهدف فك الحصار عن مقاتليها في جرود عسال الورد وبريتال اللبنانية، وجرود رنكوس»، مؤكدا أن مقاتلي المعارضة «يحاولون فتح ثغرة قبل الشتاء، والوصول إلى إحدى المدن أو القرى الخارجة عن سيطرتهم في القلمون».
وأكد أن توحيد الجهود «ساهم إلى حد كبير في تنفيذ عمليات مشتركة وناجحة إلى حد كبير»، علما بأن مقاتلي المعارضة ينتشرون في جرود القلمون منذ أبريل (نيسان) الماضي، إثر استعادة القوات الحكومية السيطرة على المنطقة، ويشنون منذ ذلك الوقت عمليات كر وفر «استنزفت قوات (حزب الله) والنظام في المنطقة».
وينتشر مقاتلو المعارضة على مساحة يتعدى طولها الـ50 كيلومترا، تبدأ من جرود بلدة فليطا الحدودية اللبنانية، وتصل إلى أقصى شمال تلال بلدة عرسال اللبنانية الحدودية مع سوريا. وينفذ هؤلاء عمليات ضد قوات النظام السوري و«حزب الله» منذ ذلك الوقت، قبل أن يطلقوا هجمات واسعة، وصلت إلى داخل الأراضي اللبنانية يوم الأحد الماضي، في جرود بريتال المحاذية لسوريا، وسيطروا على مركز لـ«حزب الله» وغنموا منه أسلحة، قبل أن يستعيده الحزب بعد ساعات.
وقالت مصادر المعارضة في القلمون لـ«الشرق الأوسط» إن فصائل إسلامية شاركت في معارك الجرود، بينها «جبهة النصرة» التي أعلنت تنفيذ العملية على مواقع «حزب الله»، الأحد الماضي، وحركة «أحرار الشام»، إلى جانب الفصائل المنضوية تحت لواء «تجمع القلمون الغربي»، مشيرة إلى أن المعارك «حققت خرقا كبيرا على جبهتي الجبة ورنكوس».
وقالت المصادر إن حدود بلدة عسال الورد «باتت تحت سيطرة المقاتلين المعارضين»، مشيرة إلى «استنفار كامل نفذه (حزب الله) وقوات الدفاع الوطني في يبرود».
وكان تلفزيون «المنار» الناطق باسم «حزب الله» اللبناني، أعلن أن مقاتلي الحزب سيطروا على تلة «أم خرج» الاستراتيجية في جرود عسال الورد، إثر هجوم شنه الحزب في العمق السوري، مشيرا إلى مقتل عدد من مقاتلي «جبهة النصرة». وبث التلفزيون صورا لمقاتلين معارضين قال إنهم قُتلوا في الاشتباكات.
في المقابل، أعلن ناشطون سوريون في القلمون أن المقاتلين تمكنوا من «تحرير نقاط عدة على أطراف قرية الجبة، وهي نقطة مسماة عند الحزب (الفوزديكا) والثانية (تلة الكويتي) التي تُعدّ نقطة قيادة لديه في قرية الجبة، والثالثة المداجن». وأشار هؤلاء إلى «السيطرة على طريق الجبة - عسال الورد بشكل كامل».
وتواصلت الاشتباكات، أمس، إذ استهدف الثوار نقطة تدعى «أبو علي» في سهل رنكوس، تمكنوا خلال العملية من قتل عناصر من «حزب الله» والقوات النظامية، كما ذكرت مواقع تابعة لـ«جبهة النصرة» في موقع التواصل الاجتماعي «تويتر». كما أشارت إلى استهداف «نقطة أبو علي في سهل رنكوس»، لافتة إلى «سقوط عدد من القتلى والجرحى في صفوف (حزب الله) والقوات النظامية».
الجيش السوري الحر يأسر أول عنصر من «حزب الله» والمعارك متواصلة في القلمون
22 فصيلا وحدوا جهودهم بهدف «فك الحصار عن المقاتلين»
الجيش السوري الحر يأسر أول عنصر من «حزب الله» والمعارك متواصلة في القلمون
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة