الجيش السوري الحر يأسر أول عنصر من «حزب الله» والمعارك متواصلة في القلمون

22 فصيلا وحدوا جهودهم بهدف «فك الحصار عن المقاتلين»

الجيش السوري الحر يأسر أول عنصر من «حزب الله» والمعارك متواصلة في القلمون
TT

الجيش السوري الحر يأسر أول عنصر من «حزب الله» والمعارك متواصلة في القلمون

الجيش السوري الحر يأسر أول عنصر من «حزب الله» والمعارك متواصلة في القلمون

أعلن مقاتلو المعارضة السورية في القلمون بريف دمشق الغربي، أمس، إلقاء القبض على مقاتل من «حزب الله»، لأول مرة منذ إعلان الحزب انخراطه في القتال إلى جانب القوات الحكومية في سوريا، وذلك بعد سلسلة هجمات نفذتها قوات المعارضة، حاولت فيها التقدم على محاور محاذية للحدود اللبنانية، في محاولة «لفك الحصار» الذي فرضته قوات النظام و«حزب الله» عليها في التلال المرتفعة، كما قال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن لـ«الشرق الأوسط».
واشتعلت معركة القلمون مجددا، قبيل وصول فصل الشتاء، تكبّد خلالها «حزب الله» ضربة قاسية بمقتل ما يزيد عن 10 عناصر دفعة واحدة من مقاتلين في القلمون، وأسر مقاتل آخر، هو عماد عياد (24 عاما) الذي ينحدر من بيروت، كما أظهرت بطاقة تعرف عنه. وبث الجيش السوري الحر في القلمون شريط فيديو يظهر عياد مصابا، ويتحدث فيه عن انتشار الحزب في المناطق المحاذية للحدود اللبنانية، وسط معلومات تحدثت عن أن العنصر في حزب الله «تعرض لإصابة في الظهر.. وأخرى في القدم».
وقال عياد في شريط الفيديو إنه من وحدات التعبئة الموكلة حماية النقاط العسكرية، وإنه لا يجيد استخدام سلاح مدفعي كان يستخدمه عناصر سوريون في مركزه، وأن عدد مقاتلي الحزب في عسال الورد، يناهز الـ200 عنصر، ويقود الحزب المعركة بمشاركة مقاتلين من القوات النظامية السورية.
وتوجه عياد إلى الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله، معاتبا، وقال: «نأتي إلى هنا ونصاب، لكنهم يتركوننا.. أقول لهم: أصبت. فيردون عليّ: ماذا نفعل؟ ألا ترى القصف علينا؟ هؤلاء هم المسؤولون عنا يا سيد». وقال لعائلته إنه موجود مع الجيش السوري الحر «ويعاملونني معاملة جيدة».
ولم تُسجَّل حالة أسر لأي من مقاتلي «حزب الله» في سوريا منذ انخراطه في الصراع مقاتلا إلى جانب قوات نظام الرئيس السوري بشار الأسد، فقد خسر الحزب منذ إعلان مشاركته في القتال في مايو (أيار) 2013، أكثر من 500 قتيل من عناصره، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، لكنها المرة الأولى التي يقع فيها أحد عناصره في الأسر في منطقة عسال الورد، إثر هجوم على موقع للحزب في المنطقة.
وتمكنت قوات المعارضة السورية في جرود القلمون من تنفيذ أكبر عملياتها في المنطقة ضد قوات «حزب الله» والنظام السوري في عسال الورد، بعد توحّد فصائلها الإسلامية ومقاتلي كتائب الجيش السوري الحر في المنطقة، فقد أعلن 22 فصيلا أمس، تشكيل «تجمع القلمون الغربي»، نتيجة لـ«الضربات المؤلمة والموجعة التي وجهها الثوار والمقاتلون والمرابطون في جرود القلمون الغربي» لمقاتلي النظام ومقاتلي «حزب الله».
وقالت الفصائل، في بيان أصدرته: «إزاء تلك الضربات، تعززت قناعة الثوار بأن الوحدة قوة والعمل المشترك والموحد هو السبيل الوحيد للخلاص من هذا الطاغية وأزلامه». وانضمت إلى التجمع فصائل مثل «أحرار القلمون» و«أسود السنة» ولواء «الحبيب المصطفى» وغيرها.
وتتضاعف أولويات العمل العسكري الميداني ضد القوات النظامية و«حزب الله» في القلمون، قبل فصل الشتاء. وأكد رامي عبد الرحمن لـ«الشرق الأوسط» أن تحرك قوات المعارضة «يأتي بهدف فك الحصار عن مقاتليها في جرود عسال الورد وبريتال اللبنانية، وجرود رنكوس»، مؤكدا أن مقاتلي المعارضة «يحاولون فتح ثغرة قبل الشتاء، والوصول إلى إحدى المدن أو القرى الخارجة عن سيطرتهم في القلمون».
وأكد أن توحيد الجهود «ساهم إلى حد كبير في تنفيذ عمليات مشتركة وناجحة إلى حد كبير»، علما بأن مقاتلي المعارضة ينتشرون في جرود القلمون منذ أبريل (نيسان) الماضي، إثر استعادة القوات الحكومية السيطرة على المنطقة، ويشنون منذ ذلك الوقت عمليات كر وفر «استنزفت قوات (حزب الله) والنظام في المنطقة».
وينتشر مقاتلو المعارضة على مساحة يتعدى طولها الـ50 كيلومترا، تبدأ من جرود بلدة فليطا الحدودية اللبنانية، وتصل إلى أقصى شمال تلال بلدة عرسال اللبنانية الحدودية مع سوريا. وينفذ هؤلاء عمليات ضد قوات النظام السوري و«حزب الله» منذ ذلك الوقت، قبل أن يطلقوا هجمات واسعة، وصلت إلى داخل الأراضي اللبنانية يوم الأحد الماضي، في جرود بريتال المحاذية لسوريا، وسيطروا على مركز لـ«حزب الله» وغنموا منه أسلحة، قبل أن يستعيده الحزب بعد ساعات.
وقالت مصادر المعارضة في القلمون لـ«الشرق الأوسط» إن فصائل إسلامية شاركت في معارك الجرود، بينها «جبهة النصرة» التي أعلنت تنفيذ العملية على مواقع «حزب الله»، الأحد الماضي، وحركة «أحرار الشام»، إلى جانب الفصائل المنضوية تحت لواء «تجمع القلمون الغربي»، مشيرة إلى أن المعارك «حققت خرقا كبيرا على جبهتي الجبة ورنكوس».
وقالت المصادر إن حدود بلدة عسال الورد «باتت تحت سيطرة المقاتلين المعارضين»، مشيرة إلى «استنفار كامل نفذه (حزب الله) وقوات الدفاع الوطني في يبرود».
وكان تلفزيون «المنار» الناطق باسم «حزب الله» اللبناني، أعلن أن مقاتلي الحزب سيطروا على تلة «أم خرج» الاستراتيجية في جرود عسال الورد، إثر هجوم شنه الحزب في العمق السوري، مشيرا إلى مقتل عدد من مقاتلي «جبهة النصرة». وبث التلفزيون صورا لمقاتلين معارضين قال إنهم قُتلوا في الاشتباكات.
في المقابل، أعلن ناشطون سوريون في القلمون أن المقاتلين تمكنوا من «تحرير نقاط عدة على أطراف قرية الجبة، وهي نقطة مسماة عند الحزب (الفوزديكا) والثانية (تلة الكويتي) التي تُعدّ نقطة قيادة لديه في قرية الجبة، والثالثة المداجن». وأشار هؤلاء إلى «السيطرة على طريق الجبة - عسال الورد بشكل كامل».
وتواصلت الاشتباكات، أمس، إذ استهدف الثوار نقطة تدعى «أبو علي» في سهل رنكوس، تمكنوا خلال العملية من قتل عناصر من «حزب الله» والقوات النظامية، كما ذكرت مواقع تابعة لـ«جبهة النصرة» في موقع التواصل الاجتماعي «تويتر». كما أشارت إلى استهداف «نقطة أبو علي في سهل رنكوس»، لافتة إلى «سقوط عدد من القتلى والجرحى في صفوف (حزب الله) والقوات النظامية».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.