لبنان يعود لـ«تشريع الضرورة» مدخلا لتجديد ولاية المجلس النيابي

فتفت لـ {الشرق الأوسط}: نفضل البت بالتمديد قبل منتصف الشهر الحالي تجنبا للفراغ الكامل

لبنان يعود لـ«تشريع الضرورة» مدخلا لتجديد ولاية المجلس النيابي
TT

لبنان يعود لـ«تشريع الضرورة» مدخلا لتجديد ولاية المجلس النيابي

لبنان يعود لـ«تشريع الضرورة» مدخلا لتجديد ولاية المجلس النيابي

بعد نحو 5 أشهر على تعطل عمل مجلس النواب اللبناني، تشريعيا وانتخابيا على حد سواء، توافق الأفرقاء السياسيون على عقد جلسة تشريعية غدا (الأربعاء)، واشترط فريق 14 آذار حصر المواضيع المطروحة على طاولة النقاش بـ«الضرورية والاستثنائية» مقابل العودة عن قراره السابق بالامتناع عن التشريع في غياب رئيس الجمهورية. وتُمهد الجلسة التشريعية المنتظرة لجلسات أخرى، لتكون بمثابة مدخل لإقرار تمديد ولاية المجلس النيابي في الأسابيع المقبلة.
ووضع رئيس مجلس النواب نبيه بري بند سلسلة الرتب والرواتب، والتي من شأن إقرارها زيادة رواتب موظفي القطاع العام، بندا أول على جدول أعمال الجلسة التي من المنتظر أن يقاطعها حزب «الكتائب»، أحد قوى 14 آذار، لتمسكه بوجهة نظره القائلة بأن المجلس الحالي لم يعد من اختصاصه التشريع بغياب رئيس للجمهورية بعدما تحول مجلسا انتخابيا. وهو ما أكّد عليه عضو كتلة «الكتائب» ايلي ماروني الذي أعرب عن تخوفه من أن يصبح التشريع أمرا عاديا في غياب رئيس الجمهورية، متسائلا: «طالما أن هذا تشريع الضرورة فلماذا انتظر الأفرقاء كل هذا الوقت حتى اكتشافه؟».
وترفض الكتل السياسية الربط بين موضوع عودة التشريع والتمديد، والإقرار بـ«صفقة» تبلورت معالمها مع الدعوة لجلسة تشريعية غدا (الأربعاء). وفي هذا الإطار، أكّد النائب في تيار «المستقبل» أحمد فتفت أن موقف التيار لم يتغير، وهو «مبدئي لجهة رفض التشريع الفضفاض وحصره بتشريع الضرورة الذي يبحث أمورا اجتماعية ومالية تهدد المصلحة العليا للدولة»، لافتا إلى أن «الرئيس بري هو من تراجع عن موقفه السابق الرافض لتشريع الضرورة والذي كان يصفه بالهرطقة». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «لا دخل لتشريع الضرورة بتمديد ولاية البرلمان، وموقفنا واضح من هذا الملف لجهة أننا نرفضه إلا في حال ثبت عدم إمكانية انتخاب رئيس قبل انتهاء ولاية المجلس النيابي في 19 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل».
وأوضح فتفت أن التمديد يصبح «ضروريا» لتفادي الفراغ الكامل، أي على صعيد الرئاسة والبرلمان، وأضاف: «نحن نفضل البت بمشروع التمديد قبل منتصف أكتوبر (تشرين الأول) المقبل تحسبا للإجراءات الدستورية والقانونية التي تتطلب وقتا، لكن الرئيس بري يصر على رأيه بأنه ما زال هناك متسع من الوقت حتى 19 نوفمبر وهو تاريخ انتهاء ولاية المجلس الحالي».
وأوضح بري، كما نقل عنه زواره، أن مشروع التمديد للمجلس النيابي موجود بين المشاريع المطروحة، و«لكن يُبحث فيه عندما يأتي دوره، وموقفنا منه معروف، وهو أنّنا نعارضه وسنصوّت ضدّه». وقال: «لستُ في وارد المقايضة بين جلسات التشريع وبين التمديد للمجلس أو بين أي موضوع وآخر».
وكان وزير الداخلية نهاد المشنوق أعلن مرارا أن الظروف الأمنية التي يمر بها لبنان لا تسمح بإجراء الانتخابات النيابية. ويُجمع الفرقاء كافة على رفض التمديد مرة ثانية للمجلس، علما بأن الكل سار به في يونيو (حزيران) 2013 إلا تكتل الزعيم المسيحي ميشال عون الذي تقدم بطعن بالقرار النيابي أمام المجلس الدستوري.
بدوره، أشار ياسين جابر، عضو كتلة «التنمية والتحرير» التي يترأسها بري، إلى أن «الأمور بلغت درجة كبيرة من الإيجابية بموضوع سلسلة الرتب والرواتب»، وقال: «أتصور أننا تجاوزنا الصعوبات وأصبحنا على السكة الصحيحة للعودة إلى التشريع».
وأكّد النائب عن حزب «القوات» جورج عدوان أن «السلسلة تسلك طريقها إلى الهيئة العامة» لافتا إلى أنّه سيعمل في الأيام التي تفصل عن الجلسة المحددة على تأمين «أوسع تأييد من كل الأفرقاء».
وفي سياق منفصل، لاقى إعلان رئيس الحكومة تمام سلام أنّه طلب مساعدة الرئيس الإيراني حسن روحاني لانتخاب رئيس للجمهورية ردود فعل متباينة لدى الكتل السياسية، فوصفه عدوان بـ«المعيب»، قائلا: «من المعيب بوصفنا مسؤولين لبنانيين أن نلجأ إلى الاستعانة بالآخرين لكي ننتخب رئيسا للجمهورية، سواء أكانت إيران أو أميركا أو غيرهما من الدول». وتساءل عدوان: «هل يفترض علينا بوصفنا لبنانيين أن ننتظر تسويات الخارج أو تدخله أو اتفاقه لنختار مسؤولينا وننتخب رئيسا للجمهورية؟».
بالمقابل، عد النائب في حزب «الكتائب» ايلي ماروني أن ما قام به سلام «ضروري»، باعتباره طرق «الباب الحقيقي لحل الأزمة».
وقال فتفت بأن الرئيس سلام وبموقفه الأخير «حمّل الرئيس الإيراني مسؤولية تعطيل الملف الرئاسي وبالتالي وجوب الضغط على حزب الله المعطّل الحقيقي للاستحقاق الرئاسي».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».