وضع الهجوم المتكرر للرئيس التركي رجب طيب إردوغان على الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، العلاقات بين القاهرة وأنقرة على المحك. وبينما رفعت الدبلوماسية المصرية من حدة خطابها السياسي واصفة إردوغان بـ«مردد أكاذيب» وعادّة أن سلوكه متدن، طالب دبلوماسيون بوضع حد لما عدوه «تطاولا غير مسبوق» على بلادهم. وقال حسين هريدي مساعد وزير الخارجية الأسبق لـ«الشرق الأوسط»: «كنت سأضع توصية بقطع العلاقات ووقف خطوط الطيران بين البلدين على مكتب القيادة السياسية، لو كنت مسؤولا اليوم».
واستنكرت الخارجية المصرية في بيان شديد اللهجة ما وصفته بـ«الأكاذيب من جانب الرئيس التركي». وقال البيان الذي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إنه «استمرارا لمسلسل الشطط والأكاذيب التي يرددها الرئيس التركي إردوغان حول الأوضاع في مصر، تدين وزارة الخارجية ما جاء في كلمته أمام المنتدى الاقتصادي العالمي». كما أدانت القاهرة «بكل شدة» ما عدته «تهجم الجانب التركي على دولة الإمارات العربية الشقيقة، وتعتبر ذلك تهجما على سائر الدول العربية وتؤكد رفضها لذلك».
وجدد إردوغان هجومه على القاهرة مساء أول من أمس في كلمة أمام المنتدى الاقتصادي العالمي. كما هاجم مجلس الأمم المتحدة، قائلا إنه بات «منبرا للانقلابيين وليس الشعوب». وقال إردوغان إن «هناك قضية إرهاب عالمية حاليا تواجه الإنسانية، وتهدد الأمن العالمي (..) الجميع يتحدث عن النتائج، لكن أحدا لا يأتي على ذكر المسببات»، مضيفا أن «وصول الانقلابيين إلى منصب الرئاسة تسبب في ظهور الإرهاب».
وسحقت كلمات إردوغان على ما يبدو مساع إقليمية لتخفيف حدة التوتر بين مصر وتركيا، بعد أيام من تراجع القاهرة عن عقد لقاء ثنائي بين وزيري خارجية البلدين على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، ردا على هجوم إردوغان على الرئيس السيسي الخميس الماضي.
وقالت الخارجية المصرية إن «ممارسات السيد إردوغان وسجله الداخلي بعيد كل البعد عن الديمقراطية الحقيقية، ومن ثم فإنه ليس في وضع يسمح له بإعطاء الدروس للغير بشأن الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان ولا ينصب نفسه وصيّا عليها». وأضافت أن «الانتهاكات المستمرة والممنهجة والممارسات غير الديمقراطية تفقد الرئيس التركي أي مبرر أخلاقي أو سياسي للتشدق بالدفاع عن الديمقراطية. كما أن ذلك يعكس منظور السيد إردوغان الآيديولوجي الضيق الذي يرتبط بتوجهاته الفكرية وطموحاته الشخصية وأوهام استعادة الخلافة العثمانية بعيدا عن المصالح الوطنية لبلاده وشعبه».
ويرى دبلوماسيون أن السلوك التركي تعبير عن «متلازمة» الصراع على قيادة المنطقة، مشيرين إلى أن تصريحات إردوغان تنم عن مدى صدمته من ثورة «30 يونيو» التي أفشلت السياسة الخارجية التركية.
وقال السفير حسين هريدي مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق لـ«الشرق الأوسط» إن «هدف إردوغان حرف الأنظار عن رعايته ودعمه لتنظيم (داعش)، عبارته عن أسباب الإرهاب كانت كاشفة، وما دام بقي يدير الدفة في تركيا، فلا يجب أن نتوهم عودة العلاقات المصرية - التركية إلى سابق عهدها».
وأضاف هريدي: «هناك تهجم وتطاول غير مسبوق، ولا أمل في التغيير، إردوغان يرى أن الثورة المصرية في 30 يونيو وجهت ضربة قاضية لمشروع السياسية الخارجية (لأنقرة) وأظهرت فشله أمام الرأي العام التركي، وهو سيواصل هجومه من أجل التعمية على ذلك الفشل، متى إذن يمكن أن نقطع العلاقات؟».
من جانبه، يرى السفير رخا أحمد حسن، عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية (تجمع لدبلوماسيين مصريين سابقين)، أن القاهرة لا تزال في إطار الحفاظ على شعرة معاوية حماية للمصالح المشتركة بين البلدين، لافتا إلى أن قطع العلاقات الدبلوماسية ربما خطوة ليست مفيدة.
مصر ترفع سقف خطابها السياسي تجاه أنقرة
دبلوماسيون: يسعى لصرف الأنظار عن رعايته لـ«داعش»
مصر ترفع سقف خطابها السياسي تجاه أنقرة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة