المشنوق لـ {الشرق الأوسط}: رفضنا نصائح بالتعاون مع النظام السوري في محاربة المتشددين

وزير الداخلية قال إن «حزب الله» يريد أن يطرد الجيش المسلحين كي يبني خط دفاعه الأخير

نهاد المشنوق
نهاد المشنوق
TT

المشنوق لـ {الشرق الأوسط}: رفضنا نصائح بالتعاون مع النظام السوري في محاربة المتشددين

نهاد المشنوق
نهاد المشنوق

كشف وزير الداخلية اللبناني نهاد المشنوق، أمس، عن «نصائح» تلقتها الحكومة اللبنانية للتعاون مع النظام السوري في مواجهة المسلحين المتشددين الذين يتمركزون في جرود بلدة عرسال الحدودية ويحتجزون عددا كبيرا من العسكريين اللبنانيين إثر مواجهات جرت في البلدة ومحيطها في مطلع أغسطس (آب) الماضي. وإذ أكد المشنوق لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة رفضت هذا الأمر، حذر من جولة مواجهات جديدة مع حلول الشتاء واضطرار المسلحين للعودة إلى سوريا.
وأشار المشنوق، الذي يمثل تيار «المستقبل» برئاسة رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري، في الحكومة اللبنانية، إلى أن «حزب الله» يأمل في أن يتولى الجيش عنه مهمة إزالة المسلحين من عرسال وجرودها ليتفرغ لمخططه لبناء خط دفاع على طول الحدود اللبنانية الشرقية من جهة البقاع يكون بإمكانه وقف تمدد تنظيم «داعش» المحتمل، لكن مع وجود المسلحين في جرود عرسال، فإن الأمر من دون فائدة استراتيجية له. وأكد المشنوق أن الحكومة تقوم بواجباتها في موضوع الانتخابات النيابية من الناحية التقنية، لكنه استبعد حدوثها من الناحية العملية، كاشفا أنه لم يترشح بعد للانتخابات، وأنه قد لا يترشح أحد من تياره السياسي.
وأعلن المشنوق، العائد لتوه من زيارة رسمية إلى قطر، أن نتائج الزيارة كانت «أكثر من ممتازة» على صعيد قضية العسكريين اللبنانيين الذين تختطفهم جماعات سورية مسلحة في جرود بلدة عرسال اللبنانية منذ مطلع أغسطس الماضي. وأبلغ المشنوق «الشرق الأوسط» أنه سيترك رئيس جهاز الأمن العام اللواء عباس إبراهيم لمتابعة الملف مع المسؤولين الأمنيين القطريين والأتراك لمعالجة الموضوع.
وأكد الوزير المشنوق أن الحكومة تقوم بكل واجباتها في موضوع العسكريين المخطوفين، مستغربا الحملات التي تشن عليها في الإعلام والمنابر. وقال إن التفاوض لم يتوقف يوما، وعلى أكثر من قناة. وأوضح: «أنا من طالبت هيئة العلماء المسلمين بالاستمرار في الوساطة على الرغم من وجود قنوات أخرى، فنحن سنقوم بكل ما يلزم من أجل استعادة أبنائنا».
في المقابل، رأى المشنوق أن «التطوع في الجيش والقوى الأمنية يحمل في طياته الكثير من المخاطر، والأسر جزء منها». وقال: «عندما تدخل السلك العسكري فأنت مدرك تماما أنك تعرض حياتك للخطر، وأنت ستواجه عدوا، فإما يقتلك أو تقتله، وإما يأسرك أو تأسره، أو يصيبك أو تصيبه. إنها مهنة محفوفة بالمخاطر وفيها الكثير من التضحية، من أجل الوطن والمجتمع».
ونفى وجود أي انقسام بشأن دور الجيش في عرسال، أو وجود «تراخ سني» في هذا الموضوع، مؤكدا أن «الوزراء جميعا وقفوا خلف الجيش بغض النظر عن انتمائهم الطائفي، ومحاضر جلسة مجلس الوزراء التي كان قائد الجيش فيها حاضرا، تشهد بقوة على وقوف جميع الوزراء وراء الجيش وتأييدهم للخطوات التي اقترحها»، مشددا على أن أي أحد لم يكبل يد الجيش. وأشار الوزير المشنوق إلى ما قامت به تركيا خلال أزمة الرهائن الذين وقعوا في يد «داعش» في مدينة الموصل العراقية، وأوضح أن قرارا قضائيا منع وسائل الإعلام من التداول بالموضوع والتعرض له إعلاميا، كي يستطيع المفاوضون القيام بعملهم من دون ضغوط أو تسريبات تعوق عملهم. وتمنى على وسائل الإعلام القيام بمبادرة ذاتية تساهم في مساعدة الحكومة والجهات المفاوضة على القيام بعملها بفعالية.
وبشأن مطالب الخاطفين بإطلاق سراح إسلاميين معتقلين، شدد المشنوق على أنه لا يوجد سجين إسلامي - أو غير إسلامي - واحد يقضي يوما بعد إنهاء عقوبته، لكنه اعترف بوجود تأخر في المحاكمات ناجم عن أسباب عديدة منها الضغط الكبير والكم الهائل من القضايا أمام القضاة. وأشار إلى أن التسريع في محاكمات الإسلاميين بدأ بالفعل، متوقعا إقفال الملف نهائيا خلال فترة 6 أشهر. وأوضح أن «إنهاء هذا الملف كانت أمامه عوائق سياسية وتقنية، وقد حاول الرئيس سعد الحريري إنهاء هذا الملف، لكنه واجه عراقيل منعته من ذلك». وأضاف: «أما الجانب التقني، فقد تجاوزناه بتقسيم ملفات المتهمين بالمشاركة في معارك مخيم نهر البارد ضد الجيش اللبناني من أجل تسريع المحاكمات، بعد أن كان يتوجب إحضار نحو 500 متهم إلى القاعة في كل مرة تعقد الجلسات وإذا غاب أحدهم يتوجب تأجيل الجلسة».
ورأى المشنوق أن الحل الأفضل لأزمة عرسال هو «استثناء خاص من الفيتو العوني» (تيار العماد ميشال عون) عن إقامة المخيمات للسماح بنقل نحو 40 ألف نازح سوري من البلدة إلى مكان آخر في العمق اللبناني، «لأن بين هؤلاء مسلحين قد يشكل وجودهم خطرا على الجيش إذا ما جرت معركة يدير فيها الجيش ظهره لعرسال لمواجهة المسلحين في الجرود، مع وجود احتمال قوي بأن يصبح ظهره مكشوفا». وأشار إلى أن «اقتراح وزير الخارجية جبران باسيل بإقامة مخيمات في المناطق الفاصلة تواجهه صعوبات تقنية»، كاشفا أن «اللجنة العسكرية التي تبحث الموضوع أجرت كشفا ميدانيا، تبين لها من خلاله مثلا أن عرض المنطقة الفاصلة عند الحدود الشمالية في نقطة العبودية مثلا لا يزيد على 60 مترا مما يجعل الأمر مستحيلا». وكشف المشنوق عن «نصائح بالجملة وجهت للحكومة للتعاون مع النظام السوري لمواجهة المسلحين المتشددين في جرود عرسال»، مشيرا إلى أن «هذه النصائح التي أتت من حلفاء سوريا رفضناها بالطبع». وعدّ أن «التنسيق الاستخباري الذي يفرضه الواقع الميداني، لا يجوز أن يجرنا إلى مواقف سياسية». وأضاف: «إذا كانوا (النظام السوري) يريدون أن يستهدفوا المسلحين، فنحن لا نمنعهم، لكننا لن نطلب منهم ذلك في الحكومة».
ونبه المشنوق إلى خطورة الوضع في عرسال مع اقتراب موسم الشتاء، «فالمناخ بارد جدا في الجبال حيث يتجمع المسلحون، ومع حلول الشتاء لا يمكن لهؤلاء البقاء، فإما أن يعودوا إلى الداخل السوري، وإما أن يقرروا النزول إلى عرسال حيث ستكون مواجهة جديدة قد تطيح بالوضع الأمني هناك».وقدر المشنوق عدد المسلحين في الجبال بنحو 2000 مسلح لديهم كثير من الذخائر وأفضل أنواع الأسلحة، «بعضه سرق من مواقع الجيش التي سيطروا عليها في عرسال مطلع أغسطس الماضي». وأضاف أن بحوزة هؤلاء «كثيرا من التموين، لكن مع قطع طرق الإمداد عليهم فنحن لا نتوقع ردة فعلهم، خصوصا أن الجيش يتمركز على ارتفاع 1600 متر، فيما المسلحون في مناطق أعلى بكثير».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.