المشنوق لـ {الشرق الأوسط}: رفضنا نصائح بالتعاون مع النظام السوري في محاربة المتشددين

وزير الداخلية قال إن «حزب الله» يريد أن يطرد الجيش المسلحين كي يبني خط دفاعه الأخير

نهاد المشنوق
نهاد المشنوق
TT

المشنوق لـ {الشرق الأوسط}: رفضنا نصائح بالتعاون مع النظام السوري في محاربة المتشددين

نهاد المشنوق
نهاد المشنوق

كشف وزير الداخلية اللبناني نهاد المشنوق، أمس، عن «نصائح» تلقتها الحكومة اللبنانية للتعاون مع النظام السوري في مواجهة المسلحين المتشددين الذين يتمركزون في جرود بلدة عرسال الحدودية ويحتجزون عددا كبيرا من العسكريين اللبنانيين إثر مواجهات جرت في البلدة ومحيطها في مطلع أغسطس (آب) الماضي. وإذ أكد المشنوق لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة رفضت هذا الأمر، حذر من جولة مواجهات جديدة مع حلول الشتاء واضطرار المسلحين للعودة إلى سوريا.
وأشار المشنوق، الذي يمثل تيار «المستقبل» برئاسة رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري، في الحكومة اللبنانية، إلى أن «حزب الله» يأمل في أن يتولى الجيش عنه مهمة إزالة المسلحين من عرسال وجرودها ليتفرغ لمخططه لبناء خط دفاع على طول الحدود اللبنانية الشرقية من جهة البقاع يكون بإمكانه وقف تمدد تنظيم «داعش» المحتمل، لكن مع وجود المسلحين في جرود عرسال، فإن الأمر من دون فائدة استراتيجية له. وأكد المشنوق أن الحكومة تقوم بواجباتها في موضوع الانتخابات النيابية من الناحية التقنية، لكنه استبعد حدوثها من الناحية العملية، كاشفا أنه لم يترشح بعد للانتخابات، وأنه قد لا يترشح أحد من تياره السياسي.
وأعلن المشنوق، العائد لتوه من زيارة رسمية إلى قطر، أن نتائج الزيارة كانت «أكثر من ممتازة» على صعيد قضية العسكريين اللبنانيين الذين تختطفهم جماعات سورية مسلحة في جرود بلدة عرسال اللبنانية منذ مطلع أغسطس الماضي. وأبلغ المشنوق «الشرق الأوسط» أنه سيترك رئيس جهاز الأمن العام اللواء عباس إبراهيم لمتابعة الملف مع المسؤولين الأمنيين القطريين والأتراك لمعالجة الموضوع.
وأكد الوزير المشنوق أن الحكومة تقوم بكل واجباتها في موضوع العسكريين المخطوفين، مستغربا الحملات التي تشن عليها في الإعلام والمنابر. وقال إن التفاوض لم يتوقف يوما، وعلى أكثر من قناة. وأوضح: «أنا من طالبت هيئة العلماء المسلمين بالاستمرار في الوساطة على الرغم من وجود قنوات أخرى، فنحن سنقوم بكل ما يلزم من أجل استعادة أبنائنا».
في المقابل، رأى المشنوق أن «التطوع في الجيش والقوى الأمنية يحمل في طياته الكثير من المخاطر، والأسر جزء منها». وقال: «عندما تدخل السلك العسكري فأنت مدرك تماما أنك تعرض حياتك للخطر، وأنت ستواجه عدوا، فإما يقتلك أو تقتله، وإما يأسرك أو تأسره، أو يصيبك أو تصيبه. إنها مهنة محفوفة بالمخاطر وفيها الكثير من التضحية، من أجل الوطن والمجتمع».
ونفى وجود أي انقسام بشأن دور الجيش في عرسال، أو وجود «تراخ سني» في هذا الموضوع، مؤكدا أن «الوزراء جميعا وقفوا خلف الجيش بغض النظر عن انتمائهم الطائفي، ومحاضر جلسة مجلس الوزراء التي كان قائد الجيش فيها حاضرا، تشهد بقوة على وقوف جميع الوزراء وراء الجيش وتأييدهم للخطوات التي اقترحها»، مشددا على أن أي أحد لم يكبل يد الجيش. وأشار الوزير المشنوق إلى ما قامت به تركيا خلال أزمة الرهائن الذين وقعوا في يد «داعش» في مدينة الموصل العراقية، وأوضح أن قرارا قضائيا منع وسائل الإعلام من التداول بالموضوع والتعرض له إعلاميا، كي يستطيع المفاوضون القيام بعملهم من دون ضغوط أو تسريبات تعوق عملهم. وتمنى على وسائل الإعلام القيام بمبادرة ذاتية تساهم في مساعدة الحكومة والجهات المفاوضة على القيام بعملها بفعالية.
وبشأن مطالب الخاطفين بإطلاق سراح إسلاميين معتقلين، شدد المشنوق على أنه لا يوجد سجين إسلامي - أو غير إسلامي - واحد يقضي يوما بعد إنهاء عقوبته، لكنه اعترف بوجود تأخر في المحاكمات ناجم عن أسباب عديدة منها الضغط الكبير والكم الهائل من القضايا أمام القضاة. وأشار إلى أن التسريع في محاكمات الإسلاميين بدأ بالفعل، متوقعا إقفال الملف نهائيا خلال فترة 6 أشهر. وأوضح أن «إنهاء هذا الملف كانت أمامه عوائق سياسية وتقنية، وقد حاول الرئيس سعد الحريري إنهاء هذا الملف، لكنه واجه عراقيل منعته من ذلك». وأضاف: «أما الجانب التقني، فقد تجاوزناه بتقسيم ملفات المتهمين بالمشاركة في معارك مخيم نهر البارد ضد الجيش اللبناني من أجل تسريع المحاكمات، بعد أن كان يتوجب إحضار نحو 500 متهم إلى القاعة في كل مرة تعقد الجلسات وإذا غاب أحدهم يتوجب تأجيل الجلسة».
ورأى المشنوق أن الحل الأفضل لأزمة عرسال هو «استثناء خاص من الفيتو العوني» (تيار العماد ميشال عون) عن إقامة المخيمات للسماح بنقل نحو 40 ألف نازح سوري من البلدة إلى مكان آخر في العمق اللبناني، «لأن بين هؤلاء مسلحين قد يشكل وجودهم خطرا على الجيش إذا ما جرت معركة يدير فيها الجيش ظهره لعرسال لمواجهة المسلحين في الجرود، مع وجود احتمال قوي بأن يصبح ظهره مكشوفا». وأشار إلى أن «اقتراح وزير الخارجية جبران باسيل بإقامة مخيمات في المناطق الفاصلة تواجهه صعوبات تقنية»، كاشفا أن «اللجنة العسكرية التي تبحث الموضوع أجرت كشفا ميدانيا، تبين لها من خلاله مثلا أن عرض المنطقة الفاصلة عند الحدود الشمالية في نقطة العبودية مثلا لا يزيد على 60 مترا مما يجعل الأمر مستحيلا». وكشف المشنوق عن «نصائح بالجملة وجهت للحكومة للتعاون مع النظام السوري لمواجهة المسلحين المتشددين في جرود عرسال»، مشيرا إلى أن «هذه النصائح التي أتت من حلفاء سوريا رفضناها بالطبع». وعدّ أن «التنسيق الاستخباري الذي يفرضه الواقع الميداني، لا يجوز أن يجرنا إلى مواقف سياسية». وأضاف: «إذا كانوا (النظام السوري) يريدون أن يستهدفوا المسلحين، فنحن لا نمنعهم، لكننا لن نطلب منهم ذلك في الحكومة».
ونبه المشنوق إلى خطورة الوضع في عرسال مع اقتراب موسم الشتاء، «فالمناخ بارد جدا في الجبال حيث يتجمع المسلحون، ومع حلول الشتاء لا يمكن لهؤلاء البقاء، فإما أن يعودوا إلى الداخل السوري، وإما أن يقرروا النزول إلى عرسال حيث ستكون مواجهة جديدة قد تطيح بالوضع الأمني هناك».وقدر المشنوق عدد المسلحين في الجبال بنحو 2000 مسلح لديهم كثير من الذخائر وأفضل أنواع الأسلحة، «بعضه سرق من مواقع الجيش التي سيطروا عليها في عرسال مطلع أغسطس الماضي». وأضاف أن بحوزة هؤلاء «كثيرا من التموين، لكن مع قطع طرق الإمداد عليهم فنحن لا نتوقع ردة فعلهم، خصوصا أن الجيش يتمركز على ارتفاع 1600 متر، فيما المسلحون في مناطق أعلى بكثير».



صراع حوثي على موارد الصحة يُفاقم معاناة المرضى

مبنى المستشفى الجمهوري الخاضع للحوثيين في صنعاء (فيسبوك)
مبنى المستشفى الجمهوري الخاضع للحوثيين في صنعاء (فيسبوك)
TT

صراع حوثي على موارد الصحة يُفاقم معاناة المرضى

مبنى المستشفى الجمهوري الخاضع للحوثيين في صنعاء (فيسبوك)
مبنى المستشفى الجمهوري الخاضع للحوثيين في صنعاء (فيسبوك)

تفاقمت معاناة المرضى في العاصمة اليمنية المختطفة، صنعاء، مع استمرار التوقف شبه الكلي للعمل في هيئة المستشفى الجمهوري، ثاني أكبر المستشفيات الحكومية في العاصمة؛ نتيجة احتدام الصراع الداخلي بين قيادات الجماعة الحوثية على المناصب وتقاسم الإيرادات، وفق ما كشفته مصادر طبية لـ«الشرق الأوسط».

وأدى هذا الصراع إلى شلل واسع في الخدمات الصحية؛ ما يحرم مئات المرضى يومياً من الحصول على الرعاية والعلاج، وسط اتهامات متكررة للجماعة بتسخير خدمات المستشفى، وغيره من المرافق الصحية، لمصلحة أسر قتلاها وجرحاها العائدين من الجبهات.

وأفادت المصادر بأن النزاع يتجدَّد بين قيادات حوثية تدير ما تُسمى «هيئة الزكاة»، وأخرى في وزارة الصحة التابعة للحكومة غير المعترف بها، على خلفية تعيينات إدارية داخل المستشفى، ومحاولات فرض نفوذ على إدارته وموارده. وأكدت أن هذا الصراع انعكس بصورة مباشرة على مستوى الخدمات، التي تراجعت إلى حدٍّ وصفه العاملون بأنه «الأسوأ منذ سنوات».

ودقَّت مصادر عاملة في هيئة المستشفى الجمهوري ناقوس الخطر للمرة الثالثة خلال فترة وجيزة، محذِّرة من استمرار توقف معظم الخدمات الطبية المقدَّمة للمرضى؛ بسبب ما وصفتها بـ«تدخلات خارجية» في شؤون المستشفى، والسعي إلى إجراء تغييرات إدارية جديدة، تشمل استبدال كادر طبي يفتقر للخبرة والكفاءة بآخر مؤهَّل.

مرضى ومراجعون أمام مركز الطوارئ التابع للمستشفى الجمهوري في صنعاء (فيسبوك)

وأوضح عاملون في القطاع الصحي لـ«الشرق الأوسط» أن المستشفى، الذي ظلَّ لسنوات يقدِّم خدماته حتى في أقسى ظروف الحرب، بات اليوم شبه عاجز عن العمل، ولا يستطيع توفير أبسط الاحتياجات من أدوية ومستلزمات طبية للمرضى الوافدين إليه من صنعاء ومناطق مجاورة.

وحذَّروا من أن استمرار الخلاف قد يقود إلى شلل كامل في عمل المستشفى، محمِّلين الجماعة الحوثية مسؤولية تحويل مؤسسة خدمية حيوية إلى ساحة صراع على النفوذ والإيرادات.

اتهامات بالفساد

كانت «هيئة الزكاة» الحوثية، وهي الجهة التي تقدِّم جزءاً من التمويل للمستشفى، قد طالبت في وقت سابق بإقالة مدير المستشفى، محمد جحاف، متهمةً إياه بالفساد والاستئثار بالمناصب. غير أن وزير الصحة في الحكومة غير الشرعية رفض مطلب الإقالة، ما صعَّد من حدة الصراع بين الجناحَين، وألقى بظلاله الثقيلة على سير العمل داخل المستشفى.

أسِرَّة فارغة من المرضى في المستشفى الجمهوري الخاضع للحوثيين بصنعاء (إكس)

ويتهم أطباء عاملون في المستشفى الهيئةَ الحوثيةَ بتعمد وقف المخصصات المالية المرصودة للمستشفى، بذريعة وجود فساد مستشرٍ في إداراته وأقسامه، في حين يرى هؤلاء أن إيقاف التمويل يُستخدم ورقة ضغط سياسية وإدارية، يدفع ثمنها المرضى والفئات الأشد فقراً.

ويرى ناشطون في صنعاء أن هذا الخلاف يعكس حالة الفوضى المتنامية في المؤسسات الخاضعة لسيطرة الجماعة، حيث تطغى المحسوبية والولاءات على حساب المعايير المهنية والاحتياجات الإنسانية، وسط عجز واضح لدى قيادة الجماعة عن معالجة الفساد والإهمال المتراكمَين.

تدهور مستمر

يتزامن هذا الصراع بين قادة الجماعة الحوثية مع تحذيرات دولية من تدهور غير مسبوق في الوضع الصحي باليمن. فقد أكد تقرير مشترك حديث صادر عن «منظمة الصحة العالمية»، و«مجموعة البنك الدولي» أن أكثر من نصف السكان باتوا خارج مظلة الرعاية الصحية الأساسية، في واحدة من أسوأ الأزمات الصحية عالمياً نتيجة سنوات الحرب والانهيار المؤسسي.

وأوضح التقرير أن نسبة تغطية الخدمات الصحية في اليمن لا تتجاوز 43 في المائة من إجمالي السكان، ما يعني أن نحو 57 في المائة من اليمنيين محرومون من حقهم في الحصول على خدمات صحية أساسية، تشمل الوقاية والعلاج والرعاية المستمرة. وحذَّر من أن استمرار التدهور دون حلول جذرية ودعم دولي مستدام ينذر بكارثة إنسانية أوسع، قد تدفع البلاد إلى مستويات أكثر خطورة من الانهيار الصحي.

وأشار التقرير إلى أن اليمن لا يزال يشهد تفشياً واسعاً للأوبئة والأمراض، إلى جانب الارتفاع الحاد في معدلات سوء التغذية، وازدياد الاحتياجات المرتبطة بالصحة النفسية والأمراض غير السارية، في ظل قدرات محدودة على الاستجابة.

أطفال يمنيون يتلقون اللقاحات على أيدي عاملين صحيين (الأمم المتحدة)

ولفت إلى أن الأزمة لا تقتصر على ضعف الخدمات، بل تمتد إلى العبء المالي القاسي، حيث يواجه 30.1 في المائة من السكان صعوبات اقتصادية تحُول دون قدرتهم على تحمّل تكاليف العلاج، في بلد يتجاوز عدد سكانه 40 مليون نسمة، ويعاني من تدهور حاد في مستوى الدخل والمعيشة.

وأدى الصراع المستمر إلى شلل شبه كامل في البنية التحتية الصحية، وتحولت الاستجابة الطارئة إلى العمود الفقري للنظام الصحي بدلاً من الخدمات المستدامة. كما تسبب العنف وانعدام الاستقرار في إغلاق نحو نصف المرافق الصحية أو تشغيلها بقدرات محدودة، إلى جانب حرمان العاملين في القطاع الصحي من رواتبهم؛ ما دفع كثيراً من الكوادر إلى ترك وظائفهم أو الهجرة، وعمّق الفجوة في تقديم الخدمات الطبية.

وأكد التقرير أن نحو 16.4 مليون يمني باتوا محرومين كلياً من الوصول إلى الرعاية الصحية، في مشهد يعكس حجم الانهيار الذي يعيشه القطاع الصحي، ويضع حياة ملايين المرضى رهينةً لصراعات داخلية لا تكترث بثمنها الإنساني.


هل قلصت مصر وجودها العسكري في سيناء إثر ضغوط إسرائيلية؟

رئيس أركان الجيش المصري قرب حدود إسرائيل نهاية العام الماضي (المتحدث العسكري المصري)
رئيس أركان الجيش المصري قرب حدود إسرائيل نهاية العام الماضي (المتحدث العسكري المصري)
TT

هل قلصت مصر وجودها العسكري في سيناء إثر ضغوط إسرائيلية؟

رئيس أركان الجيش المصري قرب حدود إسرائيل نهاية العام الماضي (المتحدث العسكري المصري)
رئيس أركان الجيش المصري قرب حدود إسرائيل نهاية العام الماضي (المتحدث العسكري المصري)

أكد مصدر مصري مُطلع لـ«الشرق الأوسط»، أن «القوات المصرية في سيناء موجودة من أجل حفظ الأمن القومي المصري، وهو أمر لا تقبل فيه القاهرة مساومة أو إغراء»، مشدداً على أنه «لم يتم سحب جندي واحد من هناك هذه الفترة تحت أي ضغوط كما يتردد».

وأوضح المصدر: «هذا الأمر يرتبط بتقدير الموقف الخاص بالأجهزة الأمنية المصرية وما تراه فيما يخص أمن البلاد وحدودها مع منطقة تشهد حرباً ضروساً منذ عامين، ومحاولات من جانب إسرائيل لدفع هذه الحرب نحو الأراضي المصرية، ولا يرتبط الأمر أو يخضع لأي قضايا أخرى أو صفقات، وإلا كانت مصر قبلت بإغراءات أكبر في مسألة التهجير أو تصفية القضية الفلسطينية».

وأضاف: «التقارير الإسرائيلية التي تتحدث عن تقليص القوات في سيناء هي ذاتها التي تشكو وتحذر يومياً من زيادة الوجود العسكري المصري هناك»، ونوه بأن «هناك بنوداً مستحدثة بين البلدين على اتفاقية السلام تسمح لمصر بهذا الوجود حفظاً لأمنها وقت الحاجة».

كانت منصة «bhol» الإسرائيلية نشرت أن وزير الطاقة إيلي كوهين أشار إلى وجود رابط مباشر بين صفقة الغاز الكبرى مع مصر، وإعادة تمركز القوات المصرية في سيناء، ونقلت المنصة أن «إذاعة الجيش الإسرائيلي» سألت عن سبب عدم تضمين الصفقة بنداً صريحاً ينظم تحركات الجيش المصري في سيناء، فرد كوهين قائلاً: «إذا قرأتم التقارير التي نُشرت الأسبوع الماضي عن انسحاب قوات مصرية من شبه جزيرة سيناء، فاعلموا أن هذا التصرف لم يأت من فراغ».

التقارير الإسرائيلية نقلت عن كوهين قوله إن أحد أسباب تأجيل الصفقة لأربعة أشهر كان مرتبطاً بما وصفه بـ«مسألة السلام مع مصر»، وهو تعبير يُفهم منه القلق الإسرائيلي إزاء الالتزام المصري بأحكام اتفاق كامب ديفيد بشأن الوجود العسكري في سيناء.

هذه الأنباء تلقفها مدونون معارضون للحكومة المصرية وأخذوا يرددونها مع تأكيدات على تقليص القوات المصرية في سيناء بضغوط من إسرائيل، فيما رد عليهم مدونون محسوبون على السلطات بمصر بأن كل الدلائل تشير إلى خطة لزيادة تمترس القوات في سيناء.

السيسي يلتقي نتنياهو على هامش اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة 2017 (رويترز)

كان رئيس هيئة الاستعلامات المصرية ضياء رشوان رد على تلك الأحاديث، عبر تصريحات إعلامية، مؤكداً بشكل قاطع أنه «لم يتم تقليص عدد القوات المصرية الموجودة في سيناء، وأن صفقة الغاز تجارية بحتة وليس لها أي بعد سياسي، وتمت بين شركات وليس بين الحكومات»، مشيراً إلى أنه «في الوقت الذي تحدث فيه رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو عن الصفقة فإن مصر لم يصدر عنها أي تصريح بخصوص الصفقة مما يشير إلى أن الأمر ليس ضاغطاً على القاهرة بأي شكل من الأشكال، وكل ما يتردد من الجانب الإسرائيلي متناقض ومحاولة لإيجاد نصر زائف أمام الرأي العام هناك».

كان موقع «أكسيوس» الإخباري أفاد في سبتمبر (أيلول) الماضي بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، طلب من إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب الضغط على مصر لتقليص «الحشد العسكري الحالي» في سيناء، وفقاً لما ذكره مسؤول أميركي ومسؤولان إسرائيليان، حسب الموقع.

ونقل الموقع عن مسؤولين إسرائيليين زعمهما أن مصر «تُنشئ بنية تحتية عسكرية -بعضها يمكن استخدامه لأغراض هجومية- في مناطق لا يُسمح فيها إلا بالأسلحة الخفيفة بموجب المعاهدة»، في إشارة إلى معاهدة السلام الموقعة بين البلدَيْن عام 1979.

لكن مدير إدارة الشؤون المعنوية بالجيش المصري سابقاً اللواء سمير فرج قال لـ«الشرق الأوسط»، إن «مصر ملتزمة باتفاقية السلام تماماً، ولم تخرق أي بند بها على عكس إسرائيل ووجودها المخالف على الحدود المصرية، والوجود العسكري المصري في سيناء هو لحماية الأمن القومي المصري وحفظ أمن الحدود وفق ما تكفله اتفاقية السلام والبنود والآليات المستحدثة عليها».

وشدد على أنه «لم يتم تقليل أو تقليص القوات المصرية في سيناء بسبب صفقة الغاز أو غيره، وهذه أقاويل ترددها حكومة نتنياهو لمحاولة خلق شماعات أمام الرأي العام هناك وتصوير نفسها على أنها هي التي تحافظ على أمن إسرائيل وبدونها ستتعرض إسرائيل للانهيار».

وأكد أن «مصر لم تعلن حتى الآن موقفها بشأن مطالب أميركا بعقد اتفاق بين نتنياهو والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وليس منطقياً أنهم هم من يطلبون اللقاء ثم يقال إن مصر تستجيب لضغوطهم أو مطالبهم، منوهاً بأن «القاهرة كانت تؤمن بأن صفقة الغاز ستتم في نهاية المطاف لأنها تحقق المصلحة لإسرائيل بالقدر نفسه الذي تحققه لمصر، وهي تمت بين شركات وليس بين حكومات».

وأعلن نتنياهو، مساء الأربعاء الماضي، عن المصادقة رسمياً على صفقة تصدير الغاز الطبيعي إلى مصر، بقيمة إجمالية بلغت 112 مليار شيقل (نحو 35 مليار دولار)، قائلاً: «صدقنا مع مصر على أكبر صفقة غاز في تاريخ قطاع الطاقة الإسرائيلي»، مبيناً أن الصفقة «إنجاز كبير لإسرائيل».

وأوضح نتنياهو أن قرار المصادقة على هذه الصفقة المليارية جاء بعد مشاورات مكثفة لضمان تحقيق كافة المصالح الأمنية العليا لإسرائيل، مشدداً في الوقت ذاته على أنه سيمتنع عن ذكر التفاصيل لاعتبارات أمنية ولحساسيتها، مكتفياً بالتأكيد على أنه تمت المصادقة على الصفقة بشكل كامل.


عودة شكاوى «نقص» الأدوية في مصر... والحكومة تطمئن المواطنين

هيئة الدواء المصرية تنفي وجود «نقص في أدوية البرد والأمراض المزمنة» (هيئة الدواء المصرية)
هيئة الدواء المصرية تنفي وجود «نقص في أدوية البرد والأمراض المزمنة» (هيئة الدواء المصرية)
TT

عودة شكاوى «نقص» الأدوية في مصر... والحكومة تطمئن المواطنين

هيئة الدواء المصرية تنفي وجود «نقص في أدوية البرد والأمراض المزمنة» (هيئة الدواء المصرية)
هيئة الدواء المصرية تنفي وجود «نقص في أدوية البرد والأمراض المزمنة» (هيئة الدواء المصرية)

بعد جولة على عدد من صيدليات الحي الذي تعيش فيه، لم تستطع المصرية الخمسينية ليلى عبد الله، إيجاد أحد أصناف دواء ضغط الدعم، فنصحها أحد أصدقائها بالاتصال بـ«هيئة الدواء» أو الذهاب إلى صيدلية الإسعاف الحكومية بوسط القاهرة، فاضطرت لإرسال أحد أقاربها لإحضار الدواء من هناك.

ومع تكرار شكاوى «نقص» بعض الأدوية أو عدم توافرها بسهولة، أصدر المركز الإعلامي لمجلس الوزراء المصري، الاثنين، بياناً ينفي فيه «نقص أدوية البرد والأمراض المزمنة بالأسواق».

وأوضح المركز في بيان صحافي: «بالتواصل مع هيئة الدواء المصرية، أفادت بأن أدوية علاج البرد، والأدوية الخاصة بالأمراض المزمنة، فضلاً عن الأدوية المحتوية على مواد وفيتامينات تعمل على تقوية المناعة خلال موسم الإنفلونزا، متوافرة بالأسواق بشكل منتظم وطبيعي، مع تعدد البدائل الدوائية المتاحة من إنتاج أكثر من شركة».

وحسب «المركز الإعلامي»، فإن «هيئة الدواء المصرية تقوم بمتابعة دورية ومستمرة لموقف توافر الأدوية الحيوية، وتتخذ إجراءات فورية للتعامل مع أي شكاوى تتعلق بنقص الأدوية»، موضحاً أنه «في حال مواجهة أي صعوبة في الحصول على أي دواء حيوي، يمكن للمواطنين التواصل مع الخط الساخن لهيئة الدواء للإبلاغ عن نقص الأدوية».

وشهدت مصر العام الماضي أزمة في توافر بعض الأصناف، وأقر رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي في سبتمبر (أيلول) العام الماضي بـ«وجود نقص في 580 دواء بالسوق المصرية»، مشيراً خلال زيارته مجموعة من مصانع الأدوية حينها إلى «العمل على توفير نحو 470 دواء منها». وبالفعل بدأت الأزمة في الخفوت مع بداية العام الحالي.

المصرية ليلى عبد الله، قالت لـ«الشرق الأوسط»: «رغم تحسن الوضع وقلة حدة الأزمة، فإن أصنافاً من الأدوية ما زالت غير متوافرة بسهولة».

الأمر ذاته يقره الموظف الأربعيني طارق إبراهيم، الذي يعيش في حي السيدة زينب بالقاهرة، قائلاً لـ«الشرق الأوسط»: «الوضع أفضل كثيراً عما كان عليه قبل عامين، لكن توجد أصناف نجدها بصعوبة، حتى البدائل غير متوافرة».

عودة شكاوى نقص الأدوية في مصر (وزارة الصحة)

ويرى المدير التنفيذي لـ«جمعية الحق في الدواء» (جمعية أهلية)، محمود فؤاد، أن «نقص الأدوية لم يعد بالحدة التي كان عليها من قبل، لكنه أيضا ما زال موجوداً».

ويقول فؤاد لـ«الشرق الأوسط»: «الحكومة تمكنت من حل جانب كبير من المشكلة، ونجحت في توفير أدوية الأمراض المزمنة، لكن هذه الأدوية يتم توفيرها فقط من خلال صيدليات (الإسعاف) المملوكة للدولة، وعددها 24 صيدلية فقط في كل المحافظات، وما زال كثير من الأصناف غير متوافر».

وحسب فؤاد، فإنه «رغم استقرار سعر الدولار (يعادل 47.5 جنيه) فإن شركات الأدوية أعربت عن رغبتها أكثر من مرة في زيادة الأسعار، وهو ما رفضته هيئة الدواء المسؤولة عن التسعير، على أساس أن تكلفة الإنتاج لم تتغير».

من جهتها، ترى عضوة «لجنة الصحة» بمجلس النواب (البرلمان)، الدكتورة إيرين سعيد، أن «النقص يعود إلى ارتفاع تكلفة إنتاج الدواء لأسباب أخرى، غير سعر الدولار، منها ارتفاع أسعار الخدمات والمرافق، مثل البنزين والوقود والكهرباء، وزيادة الحد الأدنى للأجور».

وأضافت لـ«الشرق الأوسط»: «زيادة تكلفة الإنتاج خفض هامش ربح الشركات، لذلك تطالب برفع الأسعار، وعندما لا تستجيب هيئة الدواء تقوم بعض الشركات بإيقاف بعض خطوط الإنتاج؛ لأن هامش الربح أصبح أقل».

وفي رأيها: «يجب على الحكومة أن تعيد الاهتمام بشركات قطاع الأعمال التي تعمل في صناعة الدواء؛ لضمان عدم تأثر الأسواق، خصوصاً بالنسبة للأدوية الاستراتيجية».

اجتماع وزير الصحة خالد عبد الغفار لبحث متطلبات تطوير صناعة الدواء (وزارة الصحة المصرية)

وتزامن الحديث عن «نقص» بعض أصناف الأدوية مع تحركات حكومية مكثفة لضمان توافر الأصناف كافة، وعقد نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية البشرية ووزير الصحة والسكان، الدكتور خالد عبد الغفار، اجتماعاً، الاثنين، مع ممثلي قطاعات وهيئات الدولة المعنية، لبحث سبل دعم شركات التصنيع الدوائي وتمكينها، وإعداد ورقة عمل متكاملة لتعزيز الإنتاج المحلي، وتوطين صناعة المركبات الحيوية والبيولوجية.

وأكد المتحدث باسم وزارة الصحة الدكتور حسام عبد الغفار، في إفادة رسمية، الاثنين، أن الاجتماع ركز على إعداد ورقة عمل تضم المتطلبات الفعلية لتطوير الصناعات الدوائية وقابليتها للتنفيذ على أرض الواقع، مع التركيز على تمكين الشركات المصنعة، وتحفيز الاستثمار المحلي، وطرح حزم استثمارية جديدة في مجالات الأدوية واللقاحات والصناعات الحيوية، كما تناول آليات «الاستفادة من الحوافز الاستثمارية لدعم صناعة الدواء، وبحث الإجراءات التي يمكن أن تقدمها الدولة لتشجيع الاستثمارات، وتعزيز كفاءة الشركات المصنعة وزيادة قدرتها التنافسية».

ويوجد في مصر 172 مصنعاً للدواء، منها 15 مصنعاً دخلت الخدمة آخر 3 سنوات، بالإضافة إلى 120 مصنعاً لمستحضرات التجميل، و116 مصنعاً للمستلزمات والأجهزة الطبية، و4 مصانع لإنتاج المواد الخام والمستحضرات الحيوية التي تدخل في صناعة الدواء، وفق تصريحات لرئيس الحكومة المصرية العام الماضي.