يتهيأ لك أن المصممين الذين يقع عليهم الاختيار لعرض تشكيلاتهم في توقيت مبكر جدا، التاسعة صباحا وفي يومي السبت أو الأحد تحديدا، غير محظوظين أو لا يؤخذون على محمل الجد. فالفكرة التي تخطر على البال هي أن عدد الحضور سيكون شحيحا، على أساس أن معظمهم سيفضلون أن يبدأوا يومهم بعد العاشرة صباحا، لكن عرض باربرا كاساسولا، التي افتتحت اليوم الثاني من أسبوع لندن، دحض هذه الفكرة. فقد سجل حضورا كبيرا ممن سحرتهم بأسلوبها الأنثوي في المواسم الماضية، وجعلتهم يفضلون الاستيقاظ مبكرا على الاسترخاء ساعة زيادة في يوم إجازتهم. المصممة البالغة من العمر 30 عاما أخذتنا في رحلة إلى موطنها الأصلي، البرازيل، مصرِّحة بعد العرض بأنها استوحت التشكيلة من فنانة برازيلية اسمها ليجيا بابي، وأيضا من الشمس البرازيلية ساعة الغروب، التي تمتد، بالنسبة لها، إلى الساعات الأولى من الفجر، أي مع بزوغ أول خيوط الشمس، الأمر الذي تفسره درجات الألوان التي استعملتها، والتي لم يضاهها تنوعا سوى تنوع الأقمشة. فقد كان واضحا أن المصممة كانت تحتاج إلى هذا التنوع لخلق ذلك التناقض المثير، الذي ظهر في الكثير من الإطلالات، بين الأنثوي والذكوري وبين السميك والشفاف، وكان فيه حرير الموسلين البطل بلا منازع، لأنه كان جزءا مهما لخلق تلك البليسيهات الدقيقة، التي شدت الأنفاس وبدت وكأنها كسرات أمواج تتراقص على درجات ألوان جريئة حينا، مثل البرونزي والنحاسي والأحمر التوتي والفضي، والألوان «المطفية» حينا آخر، مثل الرمادي والبنفسجي والبرتقالي المحروق والأسود. بالنسبة للخطوط، فقد كانت أيضا بسيطة تبتعد عن الجسم ببضع سنتمترات حتى لا تشده فتبدو الأقمشة وكأنها تلتصق به. فكرة باربرا أن تبدو المرأة أنيقة في كل قطعة تقترحها، وبأسلوب سهل يعطي الانطباع بأنها لم تبذل أي جهد يذكر. سهولتها أيضا تكمن في إمكانية استعمالها لكل مناسباتها، بما في ذلك المساء والسهرة، من دون أن تحتاج إلى إضافات تزينها. فتفاصيلها، رغم هدوئها، فضلا عن ألوانها الغنية، كافية لتجعلها تبدو في قمة الأناقة. ومع ذلك لا بد من القول إن التنورات ذات البليسيهات الدقيقة هي الأكثر لفتا للأنظار لدقتها. فهي تتماوج مع كل حركة من دون أن تغرق في الرومانسية، لأن المصممة نسقت بعضها مع جاكيتات توكسيدو، وبعضها الآخر مع قمصان مفصلة لتخلق من التناقض تناغما مدهشا. ولن نستغرب أن نرى العديد من هذه القطع تغطي صفحات المجلات الفنية، قبل مجلات الموضة، بعد أن تظهر بها فنانات أظهرن إعجابهن بأسلوب كاساسولا من قبل، من مثيلات كايت بوسوورث، غوينيث بالترو وغيرهما.
بعدها قدم جاسبر كونران في قاعة «سومرست هاوس» عرضا لا يقل أناقة وسلاسة، وإن كان بروح مختلفة. فقد مزج الفني بالسبور ليمنح تشكيلته خفة ستروق للمرأة أيا كان عمرها وأسلوبها. والملاحظ هذا الموسم أن القاسم المشترك بين العديد من المصممين أنهم قرروا الابتعاد عن التعقيدات الفنية، ربما لأنهم يدركون أن موسم الصيف يتطلب تصاميم خفيفة ومنسدلة لا تكون مشدودة على الجسم. والأهم من هذا أن تكون بألوان تفتح النفس، وهذا ما أدركه المصمم المخضرم، الذي استعمل أقمشة الحرير والجرسيه تحديدا، وطبع بعضها بنقشات مستوحاة من الطبيعة، وأيضا من الفنان جاكسون بولوك المعروف بأسلوب يحاكي رش الألوان على الكنفس. جاسبر كونران استعمل هذا الأسلوب في فساتين باللون الأبيض رسمها باللون الأزرق تتميز بخصور مطاطية ومرنة، وبطول يلامس الركبة أو يتخطاها إلى نصف الساق، وأخرى تصل إلى الكاحل بحيث تبدو وكأنها قفاطين.
عرض «سيبلينغ» في المقابل كان مختلفا وأكثر جرأة، وإن كان من الصعب تسويقه للكل. كان مستوحى من نيويورك في الثمانينات من القرن الماضي، كما سجلتها عدسة كاميرا كل من المصورتين أيمي أرباس وماريبول، اللتين كانتا تصوران كل ما يجري في المدينة وسكانها من وجهة نظرهما، وحسب الحلقات الاجتماعية التي كانتا تدوران فيها. فريق «سيبلينغ» المكون من كوزيت ماكريري، سيد براين وجو بايتس، عاد إلى هذه الصور وأخذ منها إيحاءات كثيرة تلعب على الأنثوي المائل إلى الصبياني خصوصا، من دون أن يغيب أسلوب الدار المعهود باستكشاف تقنيات جديدة وجريئة. بالعكس، ظل قويا وواضحا في قطع «كروشيه» محاكة من القنب، وأخرى بأشرطة مطاطية تخلف انطباعا بأنها إثنية. لكن تبقى الـ«تي - شيرتات» والكنزات الخفيفة التي ظهرت في أول العرض الأكثر واقعية من الناحية التسويقية، وإن كانت «سيبلينغ» تؤكد أنها ترفض الاستكانة إلى المضمون وتفضل الاختلاف الذي يخاطب شرائح الشباب تحديدا.
أما بالنسبة لجوليان ماكدونالد، فقد كان مثلجا للصدر تخيفه من الأنثوي الذي يدغدغ الحواس ويلعب على كشف المفاتن، الذي غلب على تصاميمه في المواسم الماضية.
في المقابل، قدم تشكيلة أنيقة موجهة لشرائح أكبر من النساء، وإن كانت تخاطب على وجه الخصوص فتيات المجتمع المخملي مثل تامارا إكلستون، التي جلست في الصف الأول وعيناها تسجلان كل تصميم ضمن لائحة مشترياتها المقبلة. لم تغب الأنوثة عنها، كما حافظت على معانقة الجسم بشدة في معظمها، لكنها لم تكشف الكثير بقدر ما ركزت على التطريزات الغنية والألوان الهادئة. المأخذ الوحيد أنها مناسِبة لمناسبات الكوكتيل والمساء والسهرة أكثر.
السهل الممتنع يلتقي بالابتكار المقنن
اليوم الثاني من أسبوع لندن لربيع وصيف 2013.. تصاميم مضمونة مرشوشة بالأنوثة
السهل الممتنع يلتقي بالابتكار المقنن
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة