قال مسؤول فلسطيني لـ«الشرق الأوسط» بأن غضب الرئيس الفلسطيني محمود عباس، الكبير من حماس مرده عدة قضايا، أهمها أن الحركة وقعت اتفاق مصالحة «شكليا» مع حركة فتح، أرادت منه الخروج من أزمتها السياسية والمالية، بينما تبقى هي التي تدير قطاع غزة من دون أن تسمح لحكومة التوافق بالعمل هناك، إضافة إلى كشف المخططات حول الانقلاب على السلطة، ومحاولاتها جر الضفة الغربية إلى مواجهة مع إسرائيل، وهو الأمر الذي يعده عباس تدميرا للسلطة.
وأكد المسؤول أن الرئيس عباس كان مستاء للغاية من كشف حماس بعد شهرين مسؤوليتها عن عملية الاختطاف التي جرت في الضفة لـ3 مستوطنين في يونيو (حزيران) الماضي، وأدت إلى توتر كبير وسقوط ضحايا في الضفة وإشعال حرب في غزة.
وبحسب المسؤول فإن عباس يعتقد أن «حماس كانت تريد تدمير السلطة في الضفة من خلال هذه العملية لكنها لم تنجح». وأكد المسؤول أن عباس سأل خالد مشعل، زعيم حماس، عن عملية الخليل فنفى الأخير أي علاقة للحركة بالأمر. فتبنى عباس بدوره موقف حماس ونفى صلتها بالقضية أمام الإسرائيليين والأميركيين، وطلب منهم تقديم الدليل على تورط الحركة التي وقع لتوه مصالحة داخلية معها، ليكتشف فيما بعد أنها تقف فعلا وراء العملية. وأضاف المسؤول: «تعزز ذلك عندما كشفت نوايا وخطط وأفكار لإسقاط السلطة».
ويعد عباس بحسب المصادر أن حماس أرادت «استغلاله» بكل الطرق، عبر «مصالحة تحمل السلطة جميع الأعباء المالية في القطاع وتؤمن رواتب موظفيها، بينما تبقى الحركة هي الحاكم الفعلي هناك، وفي المقابل السعي لتدمير السلطة في الضفة عبر مواجهة مع إسرائيل».
سبب آخر، أدى إلى غضب عباس، بحسب المصادر، أن حماس تعاملت أثناء الحرب مع حركة فتح بمنتهى العدوانية وأطلقت النار على أقدام عناصر أجهزة أمنية تابعة للسلطة وناشطين في فتح في مشهد يعيد إلى الذاكرة الاقتتال الداخلي قبل سيطرة حماس على القطاع.
وكان عباس تحدث صراحة عن غضبه من حماس قائلا: إن صبره «نفد مع إسرائيل وأميركا وحماس».
واتهم بشكل صريح حماس بـ«الكذب»، قائلا: «كيف تقول حماس إنها فوجئت بالحرب رغم أنها خطفت وقتلت وضربت صواريخ؟». واستهزأ عباس من أنّ 4.000 صاروخ التي أطلقت «قد قتلت ثلاثة إسرائيليين فقط، وزادت وضع الشعب سوءا».
وكان عباس عبر عن غضبه سابقا من تشكيل حماس حكومة ظل في غزة، وانتقد ممارساتها التي يمكن أن تضر بالمصالحة بما في ذلك انفرادها بقرار الحرب والسلم والتدخل في المساعدات.
وسببت هذه القضايا تصاعدا في الخلافات التي زادت بعد تلقي موظفي السلطة في الضفة وغزة رواتبهم دون أن يتلقى موظفو الحكومة المقالة في غزة الذين عينتهم حماس سابقا أي رواتب.
وترفض السلطة دفع رواتب موظفي حماس وشكلت لجانا لفحص الأمر. وقال رئيس حكومة التوافق رامي الحمد الله، أمس، بأن حكومته تلقت تحذيرات من «كل دول العالم» بعدم دفع أي أموال لموظفي حركة حماس في قطاع غزة.
وقال الحمد الله في مقابلة مع وكالة الصحافة الفرنسية «تم تحذير الحكومة والبنوك العاملة في الأراضي الفلسطينية أنه في حال دفع هذه الدفعات لحكومة حماس السابقة في غزة سيتم مقاطعة الحكومة».
ويقدر عدد الموظفين الذين وظفتهم حركة حماس في قطاع غزة منذ العام 2007. نحو 45 ألف موظف، بينهم، حسب الحمد الله، 27 ألف موظف مدني.
وأكد رئيس الوزراء الفلسطيني أن إدراج موظفي حكومة حماس السابقة على قائمة موظفي السلطة الفلسطينية «من أهم المشاكل التي تمنع الحكومة من العمل في قطاع غزة، بل هي المشكلة الرئيسية».
ورفض محمد صيام رئيس نقابة الموظفين في قطاع غزة في مؤتمر صحافي أمس، تسلم أي رواتب من خارج الموازنة أو الخزينة العامة للسلطة. وقال صيام: «ما صبرت عليه نقابة الموظفين أمس لن تصبر عليه الآن وعلى الجميع تحمل النتائج المترتبة على تنكر الحكومة لحقوق الموظفين في غزة». وردت حركة حماس على هجوم عباس بهجوم، وقالت: إن تصريحاته «ضد المقاومة غير مبررة»، داعية إياه «للتوقف عن الحوار عبر الإعلام وإعطاء الفرصة للحوار والتفاهم بين حركتي حماس وفتح».
وقال الناطق باسم حماس سامي أبو زهري في تصريح له على صفحته في «فيسبوك»: «إن تصريحات عباس ضد حماس والمقاومة غير مبررة والمعلومات والأرقام التي اعتمد عليها مغلوطة ولا أساس لها من الصحة».
وشن القيادي في الحركة صلاح البردويل، هجوما عنيفا على عباس، وقال: «إن انبراء عباس للهجوم على المقاومة وعلى حماس يعكس شعورا من عباس بفقدان دوره السياسي». وأضاف في تصريح نشره المركز الفلسطيني للإعلام المحسوب على حماس «ما يدور به محمود عباس الآن في المحافل الإعلامية لا يليق برئيس على الإطلاق، فالرئيس يجب أن يترك هذه المهاترات للناطقين الإعلاميين، لكن يبدو أنه فقد دوره السياسي وبدأ يتعامل بهذيان وثرثرة ليس لها وزن سياسي لا في الداخل الفلسطيني ولا الدولي ولا حتى لدى الاحتلال».
وفي إسرائيل، عد وزير الشؤون الاستراتيجية يوفال شتاينتز بأن الهجوم الذي شنه عباس على حركة حماس: «لائق» لكنه لا يعفيه من مسؤوليته عما يجري في قطاع غزة. وأضاف شتاينتز: «حري بعباس السيطرة على غزة وجعلها منطقة منزوعة السلاح لأن عجزه عن ذلك يضع علامة استفهام كبرى أمام جدوى التعامل معه نحو المزيد من الخطوات الإسرائيلية الفلسطينية المشترك».
مسؤول فلسطيني: عباس مستاء من مخططات حماس لتدمير السلطة في الضفة
الحركة قالت إن هجوم أبو مازن «غير مبرر».. والحمد الله: كل دول العالم حذرتنا من دفع رواتب موظفيها
مسؤول فلسطيني: عباس مستاء من مخططات حماس لتدمير السلطة في الضفة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة