وزراء الخارجية العرب يتعهدون بالتنسيق مع المجتمع الدولي لمواجهة الإرهابيين

اجتماع الجامعة العربية تبنى مواقف خادم الحرمين الشريفين لمواجهة التنظيمات المتشددة > العربي: التحديات في المنطقة تتطلب وقفة جادة وقرارات شجاعة

الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي لدى رئاسته اجتماعا استثنائيا لوزراء الخارجية العرب في القاهرة أمس (رويترز)
الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي لدى رئاسته اجتماعا استثنائيا لوزراء الخارجية العرب في القاهرة أمس (رويترز)
TT

وزراء الخارجية العرب يتعهدون بالتنسيق مع المجتمع الدولي لمواجهة الإرهابيين

الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي لدى رئاسته اجتماعا استثنائيا لوزراء الخارجية العرب في القاهرة أمس (رويترز)
الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي لدى رئاسته اجتماعا استثنائيا لوزراء الخارجية العرب في القاهرة أمس (رويترز)

تبنى اجتماع مجلس الجامعة العربية على المستوى الوزاري في القاهرة أمس، مواقف خادم الحرمين الشريفين الهادفة لإخلاء منطقة الشرق الأوسط من التنظيمات الإرهابية، وعلى رأسها تنظيم داعش. وأقر الاجتماع «إجراءات عملية» للتعامل مع مخاطر تلك التنظيمات، داعيا إلى حرمان الإرهابيين من الاستفادة بشكل مباشر أو غير مباشر من مدفوعات الفدية ومن تنازلات سياسية مقابل إطلاق سراح الرهائن.
وأكد اجتماع مجلس الجامعة العربية مجددا على إدانته القوية لتواصل أعمال الإرهاب التي تهدف إلى زعزعة أمن المنطقة واستقرارها وتقويض كيانات بعض الدول العربية وتهديد أمنها وسلامة أراضيها وترويع المواطنين المدنين والعبث بممتلكاتهم. كما أكد دعمه لجهود الدول العربية فيما يتخذ من تدابير لمواجهة الهجمات الإرهابية والتصدي لكل من يقف وراءها أو يدعمها أو يحرض عليها.
ودعا اجتماع المجلس الوزاري إلى حرمان الإرهابيين من الاستفادة بشكل مباشر أو غير مباشر من مدفوعات الفدية ومن التنازلات السياسية مقابل إطلاق سراح الرهائن تنفيذا لقرارات مجلس الجامعة وقرار مجلس الأمن في هذا الشأن.
وأشاد المجلس بإعلان خادم الحرمين الشريفين التبرع بمبلغ 100 مليون دولار لدعم مركز الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب، داعيا إلى تعظيم الاستفادة من إمكانيات المركز الذي أنشئ في نيويورك بمبادرة خادم الحرمين الشريفين، ومركز الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمي للحوار بين أتباع الديانات والثقافات في فيينا، والمركز الدولي للتمييز لمكافحة التطرف في أبوظبي.
وأكد المجلس على ما ورد في خطاب خادم الحرمين مطلع أغسطس (آب) الماضي، الذي حذر خلاله من فتنة التطرف والإرهاب وتنديده باستخدام الدين لتحقيق مصالح دنيوية وتحذيره للذين يتخاذلون عن أداء مسؤولياتهم التاريخية ضد الإرهاب.
ورحب اجتماع المجلس على المستوى الوزاري باقتراح مصر عقد اجتماع مشترك لمجلسي وزراء العدل والداخلية لتفعيل الاتفاقيات الأمنية والقضائية العربية، والتأكيد على ما جاء في قرار مجلس الجامعة الوزاري في دورته غير العادية يوليو (تموز) الماضي بشأن العدوان العسكري الإسرائيلي على قطاع غزة باعتباره إرهابا منظما تمارسه إسرائيل ضد الفلسطينيين العزل.
وشدد مجلس الجامعة العربية على رفض ربط الإرهاب بأي دين أو جنسية أو حضارة، وتعزيز الحوار والتسامح والتفاهم بين الحضارات والثقافات والشعوب والأديان، والتأكيد على ما ورد في البيان الصادر عن مجلس الجامعة على مستوى المندوبين الدائمين في دورته العادية يونيو (حزيران) الماضي بشأن الإدانة الشديدة لجميع الأعمال الإرهابية التي تستهدف العراق، والتي تقوم بها التنظيمات الإرهابية التفكيرية بما فيها «داعش»، وما تؤدي إليه من جرائم وانتهاكات ضد المدنيين العراقيين من قتل وتهجير قسري لمكونات أساسية للشعب العراقي واستهدافها على أساس ديني أو عرقي وتدمير تراثها الحضاري وتفجير المساجد والأضرحة التاريخية، مع التأكيد مجددا على إدانة الإرهاب بكل أشكاله وصوره وكل الممارسات التي من شأنها أن تهدد السلامة الإقليمية للعراق ووئامه المجتمعي ودعم الجهود التي يبذلها العراق في هذا الإطار.
ووافق المجلس على التقرير والتوصيات الصادرة عن فريق الخبراء العرب المعني بمكافحة الإرهاب في اجتماعه الـ16 في تونس أغسطس الماضي، ودعوته إلى ضرورة مواصلة جهوده الرامية إلى مساعدة الدول العربية على أن تصبح أطرافا في الاتفاقيات والبروتوكولات العربية والدولية المتصلة بالإرهاب وعلى تطبيق تلك الاتفاقيات وبناء القدرات الوطنية في المسائل الجنائية المختلفة المتعلقة بالإرهاب.
ودعا اجتماع مجلس الجامعة العربية، على المستوى الوزاري، الدول العربية المصدقة على الاتفاقيات العربية لمكافحة الإرهاب، إلى تطبيق بنودها دون إبطاء، وتفعيل آليتها التنفيذية، وحث الجهات المعنية في الدول العربية التي لم ترسل تشريعاتها الوطنية والاتفاقيات الثنائية والجماعية التي أبرمتها في مجال مكافحة الإرهاب إلى موافاة الأمانة العامة بها.
وطالب اجتماع مجلس الجامعة الدول العربية بتكثيف تبادل المعلومات عن الوقائع المتصلة بالإرهاب حسب الحاجة ومواصلة الجهود لإنشاء شبكة للتعاون القضائي العربي في مجال مكافحة الإرهاب، وحث الدول العربية على وضع استراتيجيات وطنية وإقليمية للوقاية من الإرهاب، والتأكيد على تعزيز تبادل الخبرات والدعم الفني اللازم في كل المجالات المرتبطة بمكافحة الإرهاب، خاصة بعد تزايد قيام الإرهابيين باستعمال التكنولوجيا الجديدة في مجال المعلومات والاتصالات، لا سيما شبكة الإنترنت.
إلى ذلك، حذر الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي من المخاطر والتحديات التي تواجه المنطقة العربية والتي باتت تهدد سلامة الوضع العربي بشكل مباشر، وتستدعي وقفة جادة ومخلصة وقرارات شجاعة للتعامل مع هذه المخاطر المحدقة، خاصة في ظل التحديات غير المسبوقة التي تواجهها الدول العربية بداية من التحديات الداخلية وأزمات الحكم والثورات الشعبية والتدخلات الأجنبية وتنامي التنظيمات الإرهابية والميليشيات المسلحة.
ودعا العربي في كلمته أمام الجلسة الافتتاحية لمجلس وزراء الخارجية العرب في دورته الـ142 إلى تعاون عربي وثيق لمواجهة هذه التنظيمات المسلحة مواجهة شاملة عسكريا وسياسيا وفكريا وثقافيا واقتصاديا، منوها في هذا الإطار بضرورة تفعيل اتفاقية الدفاع العربي المشترك.
وقال العربي إن «المسؤولية تقتضي العمل على نقلة نوعية في دور الجامعة العربية»، معترفا في الوقت ذاته بأنها باتت عاجزة عن مواجهة أي تهديدات، خاصة في ظل الوضع الكارثي في سوريا والعراق، وتدهور الوضع الأمني في ليبيا، وتتلقى انتقادات كثيرة، وأرجع ذلك إلى «غياب الإرادة السياسية للدول الأعضاء في ظل تنامي الخلافات وعدم القدرة على إدارتها».
ونبه العربي إلى ضرورة احتواء الخلافات العربية، قائلا إن «الجامعة العربية يجب أن تكون ملاذا لاحتواء الخلافات بين دولها الأعضاء، وأن تفوق مساحة التوافق مساحة الخلاف والتباين حفاظا على المصالح العربية».
ومن جانبه، أكد وزير الشؤون الخارجية والتعاون للجمهورية الإسلامية الموريتانية أحمد ولد تكدي أن هذه الدورة تنعقد في ظل أوضاع عربية ودولية وإقليمية بالغة الخطورة والتعقيد، مشددا على ضرورة توحيد الصفوف ومضاعفة الجهود للتصدي لكل التحديات في ظل تحمل كامل للمسؤولية.
وأضاف ولد تكدي، الذي ترأس بلاده الدورة الحالية لمجلس الجامعة، أن أعمال العنف والنزاعات المسلحة والتوترات الطائفية والمذهبية تهدد أمن المنطقة واستقرارها، مشيرا إلى أن ظاهرة الإرهاب والعنف الممنهج وتنامي نشاط الجماعات المسلحة في المنطقة العربية تمثل تحديا حقيقيا يهدد الأمن والاستقرار، ويشل عجلة التنمية، منبها إلى أنه لا يمكن تحقيق الأمن والسلام والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط ما لم تكن خالية من الأسلحة النووية وجميع أسلحة الدمار الشامل.
ومن جانبه، قال وزير الخارجية المصري سامح شكري في مداخلة عقب إلقاء الرئيس الفلسطيني كلمته في جلسة مغلقة، إن النقاط بالغة الأهمية التي استمعنا إليها من الرئيس محمود عباس تكتسب أبعادا خاصة، لا سيما في هذه المرحلة الدقيقة التي تمر بها القضية الفلسطينية والتي تمتد منذ استئناف المفاوضات في يوليو من العام الماضي، مرورا بتوقفها نتيجة تعنت إسرائيل في الوفاء بما تعهدت به، وانتهاء بالعدوان الذي تعرض له الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وما نجم عنه من خسائر في الأرواح وفي الممتلكات، ونزوح ما يقرب من ربع سكان القطاع.
وأضاف شكري أن الآمال في إمكانية أن يرى الشعب الفلسطيني ضوءا في نهاية نفق المعاناة الطويل، تراجعت، لكنها لن تخفت جذوتها أبدا ما دام الفلسطينيون، والعرب من ورائهم، عازمين على أن تقوم الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة، وعاصمتها القدس الشرقية، في أقرب الآجال ودون تلكؤ أو مساومة.
وأشار شكري إلى أن مصر سعت منذ بداية اندلاع أزمة غزة الأخيرة إلى العمل على وقف إطلاق النار ووقف نزف الدم وإهدار مقدرات الشعب الفلسطيني، وهي تعمل اليوم على ضمان تحقيق المطالب الفلسطينية، كما أنها سوف تستضيف قريبا، بالاشتراك مع دولة النرويج الصديقة، مؤتمرا دوليا حول فلسطين لإعادة إعمار غزة.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».