النازحون السوريون في دائرة الاتهام والانتقام بعد ذبح «داعش» جنديا لبنانيا

وزير لبناني لـ «الشرق الأوسط»: لا أستبعد ردود فعل سلبية ضدهم

النازحون السوريون في دائرة الاتهام والانتقام بعد ذبح «داعش» جنديا لبنانيا
TT

النازحون السوريون في دائرة الاتهام والانتقام بعد ذبح «داعش» جنديا لبنانيا

النازحون السوريون في دائرة الاتهام والانتقام بعد ذبح «داعش» جنديا لبنانيا

يعيش النازحون السوريون في لبنان بين دائرة الاتهام حينا والانتقام حينا آخر في ظل الأحداث الأمنية المتتالية الناتجة عن الأزمة السورية والتي ثبت في أحيان كثيرة، مشاركة سوريين فيها. وهذا الواقع بدأ يتفاقم بشكل كبير منذ معركة عرسال الشهر الماضي التي أدت إلى سقوط قتلى وجرحى ومختطفين في صفوف الجيش اللبناني، ما انعكس سلبا على اللاجئين حتى في البيئة التي كانت تعتبر حاضنة لهم، وللمعارضين بشكل خاص.
وبانتظار ما ستؤول إليه المفاوضات بشأن الإفراج عن العسكريين المختطفين لدى «داعش» و«النصرة»، يبقى الترقب سيد الموقف من أي تداعيات قد تؤدي إلى أحداث أمنية، وهو ما سبق لوزير الداخلية والبلديات اللبناني نهاد المشنوق أن حذر منه، قائلا: «إن خاطفي العسكريين يعرضون وجود مليون ونصف المليون نازح سوري للخطر».
وفي حين يؤكد سوريون أنهم يتعرضون للعنف المعنوي والنفسي، نتيجة مشاركة مواطنيهم في هذه الأحداث الأمنية، أدت ببعضهم إلى اتخاذ قرار العودة إلى سوريا، سجل في الساعات الماضية عملية خطف قامت بها مجموعات من أقارب العسكريين استهدفت 18 مواطنا سوريا في شمسطار، في بعلبك، حيث احتجزوا في أحد المستودعات، قبل أن يتمكنوا من الفرار صباح أمس.
كذلك، عبر وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس، عن قلقه من أي انعكاسات سلبية ضد النازحين وقال لـ«الشرق الأوسط»: «ما حصل في عرسال ومع العسكريين بشكل خاص، لا يمكن لعقل أن يستوعبه، لا سيما أنه استهدف مجتمعات رحبت بالسوريين واستقبلتهم في بلداتهم وبيوتهم»، مضيفا: «العسكري علي السيد الذي ذبح هو ابن بلدة فنيدق الشمالية التي تستقبل مئات العائلات السورية».
وفي حين لم يستبعد درباس ردود فعل لبنانية تجاه ما يحصل، أمل في الوقت عينه أن يكون اللبنانيون أكثر وعيا من كل محاولات الفتنة، منوها بما قاله والد السيد، الذي دعا إلى عدم التعرض للنازحين، مضيفا: «ما قاله هذا الوالد المفجوع بمقتل ابنه هو أرقى كلام سمعناه وأرفع من أي موقف سياسي».
وكان الفيديو الذي نشر على مواقع التواصل الاجتماعي ويظهر عملية ذبح السيد على أيدي «داعش»، أدى إلى رد فعل في أوساط الشباب في بلدة فنيدق، وعمدوا إلى مهاجمة خيم النازحين السوريين، وشنوا حملة لطردهم من البلدة، ما دفع عائلة السيد إلى نشر بيان باسمها، ناشدت عبره «أهالي فنيدق الحفاظ على إخوانهم الضيوف السوريين»، معتبرة أن «أي اعتداء عليهم يمس بحرمة الشهيد وعائلته، فلا نحملهم وزر غيرهم».
وفي حين تشير آخر المعلومات المتوفرة إلى أنه قد تتم مبادلة العسكريين المختطفين بـ«موقوفين إسلاميين متشددين» في سجن رومية، يبقى الخوف على مصير العسكريين بشكل عام، والجندي علي الحاج حسن بشكل خاص، وذلك بسبب تهديدات نقلت إلى أهله، تفيد بأنه معرض للإعدام خلال 24 ساعة إذا لم تنفذ الدولة اللبنانية مطالب الخاطفين، وفق ما نقل شقيقه، الشيخ محمد الحاج حسن، وهو الأمر الذي قد يؤدي، إذا نفذ، إلى ردود فعل انتقامية تستهدف النازحين.
وفي مطالبة منهم للإسراع بإطلاق سراح ابنهم، قطع أهالي الحاج حسن أمس، طريق بعلبك الدولي بالإطارات المشتعلة، عند الجامعة الأميركية، في حين قام أهالي العسكريين الآخرين بقطع طرقات في الشمال والبقاع، للهدف نفسه.
مع العلم بأنه ومنذ معركة عرسال، تقوم القوى الأمنية بتكثيف حملات الدهم والتفتيش في مناطق لبنانية عدة، ولا سيما بين أوساط تجمعات النازحين، التي أشارت معلومات عدة إلى أن مسلحين قاتلوا ضد الجيش في معركة عرسال، خرجوا من المخيمات، وقد تمكنت من توقيف عدد منهم في مناطق مختلفة، وخصوصا في البقاع والشمال، إضافة إلى مناطق لا تعتبر حاضنة للمعارضة السورية. ويوم أمس، أوقفت مخابرات الجيش اللبناني في النبطية شخصين سوريين من بلدة إدلب يقطنان منذ فترة طويلة في بلدة النميرية، وضبطت معهما شعارات تعود لتنظيم «داعش» منها صور كبيرة لأبو بكر البغدادي، وذلك في بعد عملية رصد تحركاتهما، وفق ما ذكرت الوكالة الوطنية للإعلام. ولفتت الوكالة إلى أن السوريين الموقوفين هما عامر ومصطفى السهو، ونقلا فورا إلى مقر مخابرات الجيش في الجنوب للتوسع بالتحقيق معهما، بعدما أفادا أنهما نقلا هذه الشعارات من أحد المخيمات الفلسطينية في الجنوب.
وهذا الخبر، أدى بدوره أمس إلى ردود فعل مستنكرة ظهرت على مواقع التواصل الاجتماعي، من قبل أهالي الجنوب بشكل عام والمنطقة بشكل خاص، حتى إن بعضهم دعا إلى القيام بما سموه «حملة تنظيف للمنطقة».
وفي الإطار نفسه، قال الناشط السوري في تنسيقية اللاجئين السوريين في لبنان صفوان الخطيب، إن السوريين بدأوا يتعرضون بشكل أكبر للمضايقات منذ معركة عرسال واختطاف العسكريين، مضيفا في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «يتعاملون مع النازحين وكأنهم المسؤولون عما حدث ويحدث من معارك ومواجهات بين المسلحين والجيش اللبناني، على اعتبار أن أبناءهم يضحون بأنفسهم في مواجهة المسلحين».
وأضاف: «النازحون الموجودون في مخيمات، ولا سيما في البقاع يبقى وضعهم أفضل نظرا إلى أنهم بعيدون عن الاحتكاك والتواصل اليومي مع اللبنانيين، لكن الوضع يختلف بالنسبة إلى من يعملون ويعيشون في المناطق السكنية اللبنانية، فكثير من هؤلاء يتعرض للضغوط المعنوية والنفسية». ويتخوف الخطيب من تفاقم الوضع في المرحلة المقبلة، لا سيما إذا تعثرت المفاوضات بشأن إطلاق سراح العسكريين المختطفين.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.