كشف مصطفى سيد قادر، وزير البيشمركة في حكومة إقليم كردستان، عن أن الحكومة الاتحادية في بغداد أخرت وصول المساعدات العسكرية التي قدمتها بعض الدول إلى الإقليم مؤخرا لمساعدته في حربه ضد مسلحي «داعش».
وحمل سيد قادر، وهو من حركة التغيير بزعامة نوشيروان مصطفى، في حديث لـ«الشرق الأوسط» رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي تحديدا في هذا التأخير وقال: إن الحكومة الاتحادية «تشترط أن تهبط كافة الطائرات التي تحمل مساعدات عسكرية إلى إقليم كردستان أولا في مطار بغداد لمعرفة ماهية حمولتها ومن ثم السماح لها بدخول إقليم كردستان، وترتب على ذلك تأخير في إيصال الأسلحة إلى البيشمركة». لكن الوزير أعرب عن ارتياحه لوضع قوات البيشمركة، مشيرا إلى بدء خطوات لجعلها جيشا نظاميا «لكن الأولوية الآن للحرب والانتصار فيها». وفيما يلي نص الحديث:
* بداية كيف هي أوضاع البيشمركة الآن في الخطوط الأمامية؟
- أوضاع قوات البيشمركة الآن جيدة وهي أفضل بكثير مما كانت عليه قبل إرسال المساعدات العسكرية الدولية إلى إقليم كردستان، وسنحاول تطوير هذه القوات نحو الأفضل في المستقبل القريب.
* هل ستقف قوات البيشمركة عن التقدم باتجاه المناطق الأخرى بعد أن تستعيد السيطرة على كافة المناطق المتنازع عليها؟
- كما تعلمون قوات البيشمركة والآسايش (الأمن) دخلت إلى كافة المناطق الكردستانية خارج إدارة الإقليم بعد أن سيطر «داعش» على الموصل، وذلك لملء الفراغ الأمني الناجم عن انسحاب القوات العراقية من هذه المناطق، وبدأت قواتنا ببناء ساتر دفاعي على مسافة 1050كم لمنع (داعش) من دخول هذه المناطق، وتمكنا من الدفاع عنها لمدة طويلة إلى أن دخل (داعش) إلى بعض هذه المناطق مؤخرا مثل سنجار وزمار وسد الموصل وجلولاء ومناطق من سهل نينوى، وهذا أدى بقوات البيشمركة إلى أن تعيد النظر بتنظيمها ومعرفة أسباب الانسحاب، وتبدأ عملية عسكرية لاستعادة هذه المناطق بمساعدة جوية من الطائرات الأميركية فضلا عن إرسال الأسلحة والأعتدة، وكان لذلك دور كبير في استعادة البيشمركة زمام المبادرة.
أما بالنسبة لعملياتنا العسكرية وأين ستنتهي، ففي المرحلة الأولى نحن نهدف إلى استعادة كافة المناطق التي فقدنا السيطرة عليها من قبل، وحمايتها، ومن ثم سنرى ما يقتضيه الحال في حينه. ستكون هناك مباحثات مع الحكومة الاتحادية لدراسة ذلك، فإذا كانت هناك خطة من هذا النوع سيكون لنا كلام واستعداد لذلك، وحدث هذا الشيء في فك الحصار عن آمرلي، إذ كانت هناك اتصالات للتنسيق بين قوات البيشمركة والآسايش والقوات الاتحادية لوضع خطوة مشتركة للتحرك نحو آمرلي وسليمان بيك، وهذا ما تم بالفعل.
* لماذا لم تكن قوات البيشمركة مهيأة لخوض الحرب، ولم تسلح لحد الآن، بالرغم أن الإقليم شبه مستقل؟
- حكومة الإقليم لم تستطع خلال الأعوام الماضية أن تسلح البيشمركة، لأن العراق لم يكن يسلح قوات البيشمركة، ولم يسمح لإقليم كردستان باستيراد الأسلحة. فإحدى المشاكل العالقة بين أربيل وبغداد هي قضية احتساب قوات البيشمركة ضمن المنظومة الدفاعية للعراق، وتسليح البيشمركة وتدريبها. لهذا ظلت قوات البيشمركة على مدى الأعوام الماضية غير مسلحة بالأسلحة والأعتدة الحديثة، لذا حاولنا ومنذ بدء المعارك مع (داعش) أن نحصل على الأسلحة والمعدات العسكرية التي تمكننا من مواجهة (داعش) وردعه، لأنه يملك أسلحة حديثة وبكميات كبيرة، منها ما حصل عليه داخل العراق بعد أن سيطر على الموصل ومنه ما أتى به من سوريا، إضافة إلى أن مسلحي (داعش) يمتلكون خبرات كبيرة في مجال التفخيخ والتفجير. لكن بعد أن قررت الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا مساعدة البيشمركة من الناحية العسكرية والإنسانية، وزودتنا بكميات من الأسلحة وهاجمت الطائرات الأميركية مواقع (داعش)، استطعنا صد المسلحين وإيقاف تقدمهم ووضع برنامج لاستعادة كافة المناطق التي فقدنا السيطرة عليها، وقد حدث هذا فعلا، إذ استعادت البيشمركة السيطرة على مخمور والكوير ومن ثم سيطرنا على سد الموصل والآن هناك تقدم مستمر في محور زمار.
* انسحاب البيشمركة من سنجار وزمار ومناطق سهل نينوى وجلولاء، هل كان هذا الانسحاب تكتيكيا أم أن هناك مسؤولين تسببوا فيه؟
- هناك مجموعة من العوامل التي دفعت بقوات البيشمركة إلى الانسحاب من هذه المناطق، العامل الأول كان بسبب شح الأسلحة، فالأسلحة الموجودة عند قواتنا أسلحة قديمة تعود للجيش العراقي السابق وهي بحاجة إلى التجديد، وكذلك نفاد الأعتدة، لأنها لم تكف لمواجهة العدو ونيران العدو كانت أكثف من نيراننا، والعامل الثاني أننا لم نتمكن خلال الأعوام الماضية من أن نجعل قوات البيشمركة قوات نظامية من ناحية الأسلحة والأعتدة والتدريب بحيث تكون لها اليد العليا في هكذا مواجهة. العامل الثالث يتمثل في طول المسافة الفاصلة بين البيشمركة و(داعش)، فقوات البيشمركة تسلمت مسؤولية منطقة واسعة خالية من أي سواتر بشكل مفاجئ، وبدأت هي ببناء ساتر على طول هذه الحدود، إلى جانب أن البعض من قادتنا لم يستطيعوا تنفيذ واجباتهم بالشكل المطلوب، وانسحبوا من دون تلقي الأوامر من الجهات العليا أو حتى وإن تلقوا أوامر بالانسحاب فإنهم لم يستطيعوا تنفيذ انسحاب عسكري منظم. كل هذه العوامل أدت إلى ذلك الانسحاب بالإضافة إلى وجود عدد كبير من النازحين وهذا الذي جعل الموضوع أكثر صعوبة، لذا شكل رئيس الإقليم والقائد العام لقوات البيشمركة مسعود بارزاني لجنة للتحقيق في أسباب الانسحاب تتكون من ممثلين عن وزارة البيشمركة والآسايش، لمعرفة أسباب الفشل والمسؤولين عن الانسحاب.
* كما علمنا أن اللجنة بدأت عملها الأسبوع الماضي، إلى أين وصل التحقيق؟ وما هي أهم الإجراءات التي من الممكن اتخاذها بحق المسؤولين عن الانسحاب؟
- لا يزال التحقيق مستمرا واللجنة ستتوجه إلى المناطق التي تم الانسحاب منها للتحقيق في تداعيات القضية، وهناك عقوبات عسكرية لكافة الذين تثبت مسؤوليتهم في الموضوع، وتشمل الطرد من الوظيفة والسجن.
* ما هي طبيعة المعارك التي تخوضها قوات البيشمركة مع (داعش) الآن؟
- نحن نخوض ضد (داعش) كافة أنواع المعارك، وهذه الحرب تشمل كافة أنواع المعارك مثل حرب الشوارع والقصف وحرب المدن والقرى وحرب الجبهات. كذلك، يستخدم (داعش) معركة تفخيخ المدن والشوارع، وهي طريقة جديدة في القتال فعند انسحابهم من أي منطقة يفخخون كافة أرجائها، حتى أعلامهم يفخخونها ويفخخون قتلاهم وآلياتهم وسواترهم، لذا ترون أن قوات البيشمركة تتقدم ببطء باتجاه استعادة السيطرة على هذه المناطق، فقواتنا تحتاج إلى وقت طويل لتمشيط وتطهير المنطقة من المتفجرات قبل أن تدخلها، من أجل تقليل الخسائر إلى أدنى حد.
* هل بدأتم بالفعل في تأسيس قوات بيشمركة نظامية؟
- نحن في وقت الحرب، مع هذا بدأت هذه الخطوات بالفعل لكن الأولوية الآن للحرب والانتصار فيها. هذا يحتاج إلى وقت، لكن بدأنا فعليا بتنظيم وترتيب قواتنا، وأي قوة جديدة ستشكل مستقبلا ستكون على هذا الأساس.
* ما هو دور الولايات المتحدة وبريطانيا وأوروبا في توجيه المشورة لقوات البيشمركة؟
- هناك غرفة عمليات مشتركة بين إقليم كردستان والقوات الأميركية وضابط علاقات أميركي في وزارة البيشمركة لتنسيق العمليات العسكرية ضد (داعش). غرفة العمليات المشتركة بدأت بالعمل منذ بدء الضربات الجوية الأميركية لمواقع (داعش)، ومنها تتلقى الطائرات الأميركية توجيهات لتنفيذ ضرباتها ومعلومات عن خطوط تقدم قوات البيشمركة ومواقع (داعش) في الجبهة.
* ما هي الدول التي قدمت مساعدات عسكرية لقوات البيشمركة، حتى الآن؟
- ما تسلمناه من الأسلحة والأعتدة حتى الآن مصدرها الولايات المتحدة وفرنسا. دول أخرى أرسلت مساعدات عسكرية لوجيستية، وثمة دول أخرى تنوي إرسال الأسلحة إلى الإقليم، وننتظر وصول هذه الأسلحة.
* ما سبب تأخر وصول الأسلحة؟
- المشكلة الوحيدة في هذا المجال هي العرقلة التي تتسبب بها الحكومة العراقية، وخاصة شخص رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي. الحكومة الاتحادية تشترط أن تهبط كافة الطائرات التي تحمل مساعدات عسكرية إلى إقليم كردستان أولا في مطار بغداد لمعرفة ماهية حمولتها ومن ثم السماح لها بدخول إقليم كردستان، وترتب على هذا تأخير في إيصال الأسلحة إلى البيشمركة، لكن المساعي متواصلة لحل هذه الأزمة. إننا نشكر كافة الدول التي ساهمت وتساهم في تقديم المساعدات العسكرية والإنسانية لإقليم كردستان.
* ما مدى قدرة البيشمركة على خوض المعركة لوحدها ضد «داعش»؟
- حتى الآن تحارب قوات البيشمركة والآسايش لوحدها «داعش»، فليست هناك أي قوات أخرى في الجبهات، ولم نكن نعاني سوى نقص في الأسلحة والأعتدة، ولم نطلب من أي دولة إرسال الجنود إلى كردستان لأن قوات البيشمركة عددها جيد إلى جانب وجود عدد كبير من المتطوعين والمواطنين الذين أبدوا استعدادهم لمواجهة «داعش».
* كم عدد قوات البيشمركة.
- يبلغ عدد قوات البيشمركة 150 ألف عنصر، وهؤلاء يشاركون في المعركة ضد «داعش» بالتعاون قوات الآسايش وقوات الزيرفاني ومكافحة الإرهاب، والشرطة.
* هل هناك مشاركة لقوات الحكومة الاتحادية في العمليات الجارية؟
- لم تساعدنا أي وحدة عسكرية عراقية في العمليات الجارية ضد (داعش) باستثناء قوة واحدة شاركت في عملية استعادة السيطرة على سد الموصل، ولم تشارك بعدها في أي هجوم أو عملية أخرى.