في وقت تتداول فيه أوساط سياسية عراقية أنباء عن قيام إيران بسحب الملف العراقي من يد قائد فيلق القدس الجنرال قاسم سليماني، وإناطة مهمة الإشراف على هذا الملف إلى الجنرال حسين همداني، بحث وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف في بغداد، أمس، ملف تشكيل الحكومة العراقية المقبلة مع عدد من كبار المسؤولين في بغداد، يتقدمهم رئيس الوزراء المكلف حيدر العبادي، ورئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي، ورئيسا الجمهورية فؤاد معصوم والبرلمان سليم الجبوري.
وفي لفتة أثارت الانتباه فإن ظريف أشاد بالجهود التي بذلها المالكي خلال الفترة الماضية، مخاطبا إياه في لقاء جمعهما في المنطقة الخضراء «استطعتم النهوض بالعراق خلال الفترة الماضية، وواجهتم الكثير من التحديات». وأضاف ظريف أن المالكي «واجه الكثير من التحديات للوصول إلى هذه المرحلة». من جانبه، قال المالكي إن «العراق يثمن دور إيران التي دعمته في كل المجالات»، مؤكدا أن «الحكومة العراقية تسعى لتعميق العلاقات بين البلدين».
في السياق نفسه، أكد ظريف في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره العراقي هوشيار زيباري أن «إيران تحترم خيارات الشعب العراقي»، مؤكدا أنها «تدعم خياراته ومن انتخبه في الانتخابات الأخيرة». وأضاف أن «إيران لم تتدخل في السابق، ولن تتدخل في المستقبل، في خيارات الشعب». وأوضح وزير خارجية إيران أن بلاده «ستدعم حكومة العبادي بنفس المقدار الذي دعمت به حكومة المالكي».
من ناحية ثانية، نفى ظريف وجود أي جندي إيراني في العراق، وقال «لا يوجد أي جندي إيراني في الأراضي العراقية»، مبينا أن «العراق مكتف، وهو ليس بحاجة إلى وجود جنود إيرانيين على أرضه». وأشار ظريف إلى أن «بلاده تقدم الدعم للقوات العراقية في حربها ضد الإرهاب»، موضحا أن هذا الدعم «ليس بالضرورة أن يكون بوجود جنود إيرانيين».
من جانبه، قال زيباري إن «العراق طلب الدعم من خلال الاستشارة والمعلومات»، لافتا إلى أن ذلك أمر طبيعي ويسري في جميع الدول التي تتعرض للخطر». وأكد زيباري أنه «لا يوجد أي نقص في القوات العراقية أو البيشمركة ليطلب العراق الإمداد بالجنود».
والزيارة التي يقوم بها ظريف إلى العراق هي الثانية خلال العام الحالي 2014، والأولى بعد إقصاء المالكي وتكليف العبادي بتشكيل الحكومة. وطبقا للمراقبين السياسيين في بغداد فإن هذه الزيارة تكتسب أهميتها من كونها تجيء في وقت تسربت فيه أنباء عن استبدال قاسم سليماني كمسؤول عن ملف العراق وتكليف حسين همداني خلفا له، بالإضافة إلى ما بات يعرف بالسقوف المرتفعة للسنة والأكراد على صعيد تشكيل الحكومة العراقية المقبلة.
وأبلغ مصدر مسؤول «الشرق الأوسط»، طالبا عدم الكشف عن هويته، بأن «زيارة ظريف لها علاقة بأكثر من ملف، منها ما يتعلق بالتطورات الميدانية لا سيما الدخول الأميركي بقوة على خط محاربة (داعش) وهو بات سلاحا ذا حدين بالنسبة لإيران لا سيما أن إدارة الرئيس باراك أوباما لم تعد تعوّل كثيرا على الإدارة الشيعية في إدارة الصراع مع (داعش)، ومنها ما يتعلق بملف تشكيل الحكومة، وهو تحول الآن إلى واحد من الملفات المهمة التي تشغل بال الإيرانيين». ويضيف المصدر المطلع أن «إيران تحاول الآن ضبط إيقاع المفاوضات سواء بين مكونات التحالف الوطني (الشيعي)، التي تشهد خلافات حادة لم يعلن عنها بعد بين ائتلاف دولة القانون والصدريين والمجلس الأعلى، أو مع الكتل الأخرى لا سيما الأكراد والسنة الذين باتوا يبحثون عن ضمانات أكيدة»، مبينا أنه «فات الوقت أمام إيران للضغط على الأكراد بعد أن تحولت الولايات المتحدة الأميركية التي أهملتهم كثيرا إلى حليف قوي لهم الآن». وأشار المصدر المسؤول إلى أن «طهران منزعجة من الضغوط السنية الكردية بدعم أميركي، وبالتالي فإن قبول إيران بتنحي المالكي لا يعني قبولها بأن يكون العبادي رهينة السنة والأكراد، وهي إشارة إلى أن إيران تريد تقديم ما يكفي من دعم للعبادي على أمل أن يكون رجلها المقبل».
وفي وقت لم يتم الإفصاح فيه رسميا عن تغيير مسؤول الملف العراقي قاسم سليماني، فإنه وطبقا لما أكده الخبير الأمني الدكتور معتز محيي الدين، مدير المركز الجمهوري للدراسات الأمنية، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، فإن «هناك بلا شك استراتيجية أميركية جديدة في العراق والمنطقة بعد تمدد (داعش)، وهي لا تصب في مصلحة إيران، إذ إن التدخل الأميركي صار أقوى بكثير من ذي قبل، يضاف إلى ذلك أن هناك إسنادا أوروبيا للموقف الأميركي». وأشار محيي الدين إلى أن «إيران تدخلت بالعراق حتى عسكريا بعد سقوط الموصل على الرغم من النفي الإيراني، والدليل على ذلك مقتل الطيران الإيراني المتطوع في القتال دفاعا عن العتبات الشيعية المقدسة، وبالتالي فإنها اليوم تشعر بأن سليماني لم يعد قادرا على مواجهة التحديات الجديدة، وربما تعتقد أن سليماني مرتبط بحقبة المالكي».
ظريف في بغداد لضبط إيقاع مفاوضات تشكيل الحكومة.. ودعم العبادي
أنباء غير مؤكدة عن سحب القيادة الإيرانية الملف العراقي من يد الجنرال سليماني
ظريف في بغداد لضبط إيقاع مفاوضات تشكيل الحكومة.. ودعم العبادي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة