الرئيس اليمني يلوح باستخدام القوة.. و3 شروط لانضمام الحوثيين إلى «الوفاق الوطني»

أكثر من 100 قتيل في مواجهات عنيفة بين ميليشيا التمرد و«الإصلاحيين» بالجوف

طفل يمني يشارك في مظاهرة للحوثيين في صنعاء أمس تطالب الحكومة بإلغاء قرارها رفع الدعم عن المحروقات (رويترز)
طفل يمني يشارك في مظاهرة للحوثيين في صنعاء أمس تطالب الحكومة بإلغاء قرارها رفع الدعم عن المحروقات (رويترز)
TT

الرئيس اليمني يلوح باستخدام القوة.. و3 شروط لانضمام الحوثيين إلى «الوفاق الوطني»

طفل يمني يشارك في مظاهرة للحوثيين في صنعاء أمس تطالب الحكومة بإلغاء قرارها رفع الدعم عن المحروقات (رويترز)
طفل يمني يشارك في مظاهرة للحوثيين في صنعاء أمس تطالب الحكومة بإلغاء قرارها رفع الدعم عن المحروقات (رويترز)

علمت «الشرق الأوسط» أن اللجنة الرئاسية التي أوفدها الرئيس عبد ربه منصور هادي إلى صعدة للقاء عبد الملك الحوثي، وصلت أمس إلى صعدة، وبدأت بالمشاورات.
وأكدت مصادر سياسية يمنية لـ«الشرق الأوسط» أن اللجنة الرئاسية طرحت على الحوثي المشاركة في حكومة الوفاق الوطني بعد إعادة تشكيلها، ولكن بعد تحقيق ثلاثة شروط، وتتمثل في «ترك السلاح، وتسليم سلاحه الثقيل للدولة، وعدم استخدام العنف من أجل تحقيق مآرب وأهداف سياسية».
ولم ترد حتى ساعة إعداد التقرير (الخامسة بتوقيت غرينيتش) أي معلومات حول توصلها إلى أي اتفاق بسحب مسلحيه من صنعاء وما حولها.
يأتي ذلك في ظل تواصل حالة التوتر غير المسبوق في العاصمة صنعاء بسبب الوجود المكثف لأنصار التمرد الحوثي في المدينة وما حولها، في الوقت الذي لقي أكثر من 100 يمني مصرعهم في مواجهات عنيفة بمحافظة الجوف بين ميليشيا حزب الإصلاح والحوثيين.
وقالت مصادر دبلوماسية عربية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، إن الحوثي «إن لم يتراجع عن استخدام القوة والعنف من أجل تحقيق وتنفيذ مخرجات الحوار الوطني الشامل، سوف يكونون على رأس قائمة الجماعات المعرقلة للتسوية السياسية في ضوء المبادرة الخليجية»، وأشارت المصادر إلى أن الدول العشر الراعية للمبادرة سوف تفرض العقوبات ذاتها التي ستصدر عن مجلس الأمن الدولي في غضون الأيام القليلة المقبلة، وأكدت المصادر أن «على عبد الملك الحوثي فهم الرسالة التي بعث بها سفراء الدول العشر الراعية للمبادرة الخليجية بشكل جيد»، وهي الرسالة التي انتقدت استخدامه القوة من أجل تحقيق مصالح سياسية.
من ناحية أخرى، يكثف الرئيس اليمني من اجتماعاته لتلافي تطورات الأوضاع في العاصمة صنعاء، التي باتت مهددة بتحركات حركة التمرد الحوثية التي تطوق العاصمة وتسعى إلى السيطرة عليها.
ورأس الرئيس عبد ربه منصور هادي، أمس، اجتماعا استثنائيا وطارئا للجنة الأمنية العليا ومجلس الدفاع الوطني. وبحسب وكالة الأنباء اليمنية (سبأ)، فإن الاجتماع يأتي «في إطار متابعة المستجدات على الساحة الوطنية وما يتعرض له اليمن من محاولات لإجهاض العملية السياسية المرتكزة على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة، وقراري مجلس الأمن الدولي ذاتي الصلة، إلى جانب ما تتعرض له العاصمة صنعاء من محاولات ضغط من قبل عناصر وميليشيات جماعة الحوثي بصورة مخالفة لكل القوانين والأنظمة وتهدد السلم والسكينة العامة للمجتمع، من خلال تمنطقها بالسلاح بكل أنواعه وأشكاله».
ودعا الرئيس اليمني إلى «رفع درجة الاستعداد واليقظة العالية من قبل القوات المسلحة والأمن بكل أجهزته لمواجهة الاحتمالات كافة»، وقال: «إن الدولة لن تبقى مكتوفة الأيدي أمام هذا التهديد الخطير الذي يمس اليمن كله وليس العاصمة صنعاء فقط، على أساس أن العاصمة صنعاء هي كل اليمن وتقطنها نسبة كبيرة من أبناء اليمن من المهرة وحتى صعدة».
وقال هادي: «إن الحوار الوطني الشامل في اليمن قد ضم المكونات السياسية والاجتماعية والثقافية كافة، ومن بينها جماعة الحوثي، وجرت معالجة القضية الجنوبية وقضية صعدة بالتزامن مع مناقشات المؤتمر الوطني الشامل الذي استمر عشرة أشهر، بينما كان المخطط له أقل من ذلك من حيث الوقت، التزاما بمقتضى المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة، إلا أنه ورغم ذلك التأخير فقد انبثقت مصفوفة مخرجات الحوار الوطني الشامل بصورة ناجحة ولقيت الترحيب الوطني والإقليمي والدولي، برعاية ودعم من الأمم المتحدة والدول الخمس دائمة العضوية ومجلس التعاون الخليجي والاتحاد الأوروبي، وكان الجميع شركاء وذلك من أجل سلامة وأمن واستقرار ووحدة اليمن».
وأكد الرئيس اليمني أن «المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة قد نصت في أول بنودها على ضرورة أمن واستقرار ووحدة اليمن وتجنيب اليمن الحرب الأهلية وويلات الانقسام والتشظي». وحول نشاط جماعة الحوثي، قال هادي إنه «لا يحق لجماعة الحوثي أن تكون وصية على الشعب باستخدام ذرائع واهية وبالية، والجميع يدرك ذلك»، وإن «القرار الوطني الذي أجمعت عليه الحكومة ومجلسا النواب والشورى والقوى السياسية والحزبية وطالبت به القطاعات الاقتصادية والاستثمارية، حيث إن الاستفادة من الدعم كان يغتنمها قله قليلة من المهربين، والوضع الاقتصادي كان على حافة الانهيار، ولو بقي الدعم أشهرا قليلة لأصبحت العملة غير قادرة على الحفاظ على قيمتها وكانت العملة الأجنبية سترتفع إلى أبعد الحدود وفي المقدمة الدولار الأميركي وهذا معروف للجميع، إلا أن استخدام هذه الذرائع ربما يخفي أجندات أخرى، ووراء الأكمة ما وراءها»، مؤكدا الاستعداد العام بصورة كاملة و«عدم التهاون أمام أي مساس بأمن واستقرار وأمان العاصمة صنعاء بكل الوسائل والسبل».
على صعيد آخر، كشفت مصادر قبلية مطلعة في محافظة الجوف لـ«الشرق الأوسط» عن أن أكثر من 100 شخص لقوا مصرعهم في مواجهات عنيفة بالمحافظة بين ميليشيا حزب التجمع اليمني للإصلاح الإسلامي وميليشيا حركة التمرد الحوثية التي تسعى إلى السيطرة على المحافظة كما حدث في محافظات أخرى.
وقال الشيخ محمد عرفج حليمان، وهو أحد وجهاء الجوف، لـ«الشرق الأوسط»، إنه «لم يعد للدولة اليمنية أي وجود في الجوف إطلاقا، وحزب الإصلاح يسيطر على المجمع الحكومي، وهناك قوة موجودة، والحوثيون يسيطرون على مواقع أخرى في الحزم والغيل ومجز»، ويشير الشيخ القبلي إلى أن المواجهات متواصلة وأنها، أمس، كانت عنيفة للغاية وسقط فيها الكثير من القتلى والجرحى.
في السياق ذاته، قال وزير الدفاع اليمني، اللواء الركن محمد ناصر أحمد، خلال لقائه سفراء الدول العشر الراعية للمبادرة، إن الحوثيين خرجوا عن الإجماع الوطني.
وفي أول موقف شعبي ضد جماعة الحوثيين الشيعية، احتشد عشرات الآلاف من اليمنيين في ثلاث محافظات أمس (الخميس) في مسيرات ومهرجانات شعبية، رافضة لحصار مسلحي وأنصار الحوثي للعاصمة صنعاء منذ الأحد الماضي، تحت مبرر إسقاط الحكومة، وطالبت المسيرات المناهضة للحوثيين، ببسط سلطة الدولة، ووقوفها لدعم الاصطفاف الوطني وتنفيذ مخرجات الحوار، ودعت إلى نبذ الإرهاب والتطرف.
وتركزت المسيرات والمهرجانات في كل من محافظات تعز وإب والحديدة، وهي كبرى المدن اليمنية من حيث الكثافة السكانية في البلاد وتشكل جميعها إقليم الجند في التقسيم الجديد للدولة الاتحادية، ويبلغ عدد سكان الإقليم أكثر من 5 ملايين نسمة.
وأكد الحاكم المحلي في الحديدة (غرب اليمن)، صخر الوجيه، وقوف أبناء الحديدة صفا واحدا مع القيادة السياسية ممثلة برئيس الجمهورية لدعم مخرجات الحوار الوطني الشامل، وتجاوز الصعوبات والتحديات التي تعيق وتعطل مسار العملية السياسية السلمية المرتكزة على المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية، وذكرت وكالة الأنباء الحكومية أن «المهرجان أقيم بمشاركة مختلف القوى والأطياف السياسية والاجتماعية والمشايخ والأعيان، ودعا المشاركون في المهرجان جميع اليمنيين إلى نبذ الإرهاب والتطرف بمختلف أشكاله وألوانه وتطبيق العقوبات الشرعية والقانونية بحق المتورطين في جرائم العنف والإرهاب».
وفي محافظتي تعز وإب (وسط البلاد)، طافت مسيرات حاشدة شوارع المدن، رفعت شعارات مناهضة للحوثيين، محذرة من المساس بأمن واستقرار اليمن، ورفضت أي استغلال للأوضاع التي تمر بها البلاد، بهدف تمرير مخططات خارجية تهدف إلى تقسيم اليمن، وأكد المشاركون في المسيرات استعدادهم للدفاع عن البلاد ضد أي مخاطر أو فوضى تسعى لها جماعة الحوثيين.
من جانبها، اتهمت جماعة الحوثيين حزب الإصلاح الإسلامي ومن سمتهم بقوى النفوذ، بقيادة المسيرات المناهضة لها، وذكر الموقع الإلكتروني للجماعة إن «الهدف من هذه المسيرات دعم حكومتهم وقرار الجرعة الذي أصدرته ونفذته»، مشيرا إلى أن هذه المسيرة المناهضة لهم تأتي بعد احتشاد اليمنيين ضد الحكومة وضد الجرعة ووصولهم إلى أطراف العاصمة صنعاء، استعدادا ليوم الفصل «يوم الجمعة» كما سموه.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».