مصادر تؤكد إخلاء الجانب الأيسر من الموصل.. و«داعش» ينقل أسلحته الثقيلة إلى سوريا

ضربات عسكرية أميركية جديدة.. وقوات البيشمركة تستعد لهجوم بري في سهل نينوى

قوات من البيشمركة تتجول في سد الموصل أمس (رويترز)
قوات من البيشمركة تتجول في سد الموصل أمس (رويترز)
TT

مصادر تؤكد إخلاء الجانب الأيسر من الموصل.. و«داعش» ينقل أسلحته الثقيلة إلى سوريا

قوات من البيشمركة تتجول في سد الموصل أمس (رويترز)
قوات من البيشمركة تتجول في سد الموصل أمس (رويترز)

أعلنت قوات البيشمركة مساء أمس سيطرتها على أربع قرى غرب سد الموصل، وأضافت أنها تتقدم باتجاه ناحية زمار غرب الموصل. وجاء ذلك مع تأكيد مصادر مطلعة من داخل الموصل أن تنظيم داعش أخلى الجانب الأيسر من المدينة من غالبية أسلحته الثقيلة، وبدأ في نقلها إلى سوريا.
وقال مصدر مسؤول في قوات البيشمركة بمحور سد الموصل، لـ«الشرق الأوسط»، إن «قوات البيشمركة استطاعت مساء (أمس) استعادة السيطرة على أربع قرى غرب سد الموصل»، مؤكدا اقتراب قوات البيشمركة من ناحية زمار غرب الموصل.
بدوره، أكد العميد هلكورد حكمت، الناطق الرسمي في وزارة البيشمركة «قوات البيشمركة حققت تقدما ملحوظا في سهل نينوى، بإسناد من الطائرات الأميركية التي أغارت (أمس) على عدد من القرى القريبة من ناحية زمار غرب الموصل». وأضاف في اتصال مع «الشرق الأوسط»: «بحسب المعلومات التي وصلتنا من الموصل، فإن تنظيم داعش يعاني من التشتت والانهيار المعنوي، ومن المحتمل أن ينسحب قريبا من ناحية زمار».
وحول زيادة الغارات الجوية الأميركية على مواقع التنظيم، حيث وصلت يوم أمس إلى 90 غارة منذ بدء القصف الأميركي في 8 أغسطس (آب) الحالي، قال حكمت «الطائرات الأميركية مرتبطة في هجماتها بقوات البيشمركة والمعلومات التي تتزود بها عن طريق وزارة البيشمركة، وقوات البيشمركة كما ذكرت في تقدم مستمر، لذا الطائرات الأميركية تنفذ هجمات مستمرة على مواقع (داعش) في الموصل وأطرافها».
وهناك ترقب لتقدم البيشمركة بعد التقدم الذي أحرزته بالدعم الجوي الأميركي خلال الأيام الماضية. وأكد سعيد مموزيني، مسؤول إعلام الفرع الرابع عشر للحزب الديمقراطي الكردستاني في نينوى «قوات البيشمركة أحرزت تقدما كبيرا في محور دوبردان، واستعادت أمس السيطرة على قرى أوسقف وكاني كوانا وباعزرا القريبة من جبل زردك شمال شرقي الموصل». وأوضح مموزيني لـ«الشرق الأوسط» أن الطائرات الأميركية استهدفت أمس سيارة «هامر» تابعة لتنظيم داعش في قرية عمر قابجي (20 كيلومترا شرق الموصل)، وأسفرت عن مقتل ثلاثة من المسلحين كانوا في السيارة حين استهدافها، مؤكدا في الوقت ذاته أن «داعش» دفن أمس والي تلعفر المدعو «أبو نشوان» في تلعفر بعد مقتله في معركة السد مع قوات البيشمركة الأسبوع الماضي.
وفي الإطار ذاته، أفادت مصادر مطلعة من داخل الموصل بأن «داعش» نقل خلال الأيام الماضية عددا كبيرا من أسلحته الثقيلة إلى سوريا لتجنب استهدافها من قبل الطائرات الأميركية. وطلبت المصادر من «الشرق الأوسط» عدم نشر هويتها لأسباب أمنية، مؤكدة أن التنظيم بدأ بسحب مسلحيه من الجانب الأيسر للمدينة ترقبا لأي هجوم بري تنفذه قوات البيشمركة لاستعادة هذه المناطق. وأشارت إلى أن أعداد المسلحين في الجانب الأيسر أصبحت قليلة جدا عما كانت عليه في الأسابيع الماضية.
وقامت الطائرات الحربية بست ضربات جوية بالقرب من سد الموصل، أمس، إذ فجرت 3 سيارات «هامفي» أميركية من التي استولت عليها عناصر «داعش»، بالإضافة إلى سيارة أخرى وعدد من العبوات المتفجرة. وأكدت «القيادة الوسطى» الأميركية أمس أن «هذه الهجمات جرت لدعم القوات العراقية وعمليات القوات الدفاعية الكردية»، في إشارة إلى البيشمركة. وأكد غياث سورجي، العضو العامل في مركز تنظيمات الاتحاد الوطني الكردستاني في محافظة نينوى «نفذت الطائرات الأميركية أمس هجمات مكثفة على مواقع (داعش) في عدد من القرى التابعة لناحية زمار، وأبرز هذه القرى قرية القاهرة، ومنطقة سحيلا». وأضاف سورجي لـ«الشرق الأوسط» أن «سكان الجانب الأيسر من الموصل أخلوا مناطقهم خلال الأيام الماضية خوفا من القتال في حال هاجمت قوات البيشمركة هذه المناطق، وهربوا إلى الجانب الأيمن من المدينة، بعد أن سحب (داعش) غالبية آلياته وأسلحته الثقيلة من الجانب الأيسر إلى الأيمن، خوفا من استهدافها من قبل الطائرات الأميركية التي تركز في قصفها على الآليات التي يملكها التنظيم»، مشيرا إلى أن التنظيم لا يتمتع بوجود موسع في الجانب الأيسر.
وأكد سورجي استعداد قوات البيشمركة للبدء بهجوم بري لاستعادة كل المناطق في سهل نينوى التي سيطر عليها التنظيم قبل أكثر من أسبوعين، مبينا أن «عملية استعادة هذه المناطق لن تستغرق سوى ساعات قليلة. لكن قوات البيشمركة لها خطتها الخاصة بالتنسيق مع الولايات المتحدة، وهي تنتظر ساعة الصفر لبدء العمليات».
ويتكبد مسلحو «داعش» خسائر ملموسة في مناطق عدة في العراق منذ بدء الهجمات المتعددة عليهم. وأعلنت مصادر أمنية عراقية أمس أن قياديا من «داعش» قتل أمس في انفجار عبوة ناسفة في منطقة جرف الصخر التي تشهد أعمال عنف متواصلة جنوب بغداد. وقال مصدر في الاستخبارات العسكرية العراقية لوكالة الصحافة الفرنسية إن «عبوة ناسفة انفجرت في سيارة القائد العسكري لتنظيم داعش في منطقة جرف الصخر هيثم علي الجنابي وأردته قتيلا». وأوضح أن «الانفجار وقع في منطقة الفاضلية في منطقة جرف الصخر، والعبوة كان زرعها عناصر (داعش) لغرض استهداف قوات الجيش المنتشرة هناك». وتعد منطقة جرف الصخر، التي تقع 40 كيلومترا من بغداد، من أسخن المناطق في جنوب بغداد، وتشهد عمليات عسكرية متواصلة.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».