حكومة العراق ترصد جرائم «داعش» لتطرحها أمام مجلس الأمن

إطلاق أكبر عملية إغاثة للنازحين في إقليم كردستان

الرئيس العراقي فؤاد معصوم يصافح حيدر العبادي بعد تكليفه بتشكيل الحكومة الجديدة (أ.ف.ب)
الرئيس العراقي فؤاد معصوم يصافح حيدر العبادي بعد تكليفه بتشكيل الحكومة الجديدة (أ.ف.ب)
TT

حكومة العراق ترصد جرائم «داعش» لتطرحها أمام مجلس الأمن

الرئيس العراقي فؤاد معصوم يصافح حيدر العبادي بعد تكليفه بتشكيل الحكومة الجديدة (أ.ف.ب)
الرئيس العراقي فؤاد معصوم يصافح حيدر العبادي بعد تكليفه بتشكيل الحكومة الجديدة (أ.ف.ب)

في وقت وافق فيه البرلمان العراقي على إدراج مجزرة طلبة كلية القوة الجوية في قاعدة «سبايكر» في محافظة صلاح الدين على جدول أعماله أمس، فإنه وطبقا للمعلومات التي كشفها السياسي العراقي مشعان الجبوري بشأن ما حصل لهؤلاء الطلبة فإن عملية إعدامهم طبقا للفيلم الذي وزعه تنظيم «داعش» سبق دخول التنظيم إلى مدينة تكريت بساعات. البرلمان العراقي أجل مناقشة القضية إلى جلسة يوم غد في وقت تستعد الحكومة العراقية إلى طرح ملف القضية أمام المجتمع الدولي ومجلس الأمن. وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة حقوق الإنسان كامل أمين لـ«الشرق الأوسط» بأن «جرائم داعش تنوعت بين الإعدام والتهجير والاغتصاب وغيرها من الممارسات البعيدة كل البعد عن قيم ومبادئ الدين الإسلامي الحنيف». وأضاف أمين أنه «في الوقت الذي قامت فيه عصابات داعش بإعدام 480 نزيلا في سجن بادوش في نينوى فإنها قامت بإعدام مئات الطلبة ممن يدرسون في كلية القوة الجوية في قاعدة سبايكر». وأضاف أمين أن «عصابات داعش الإرهابية أعدمت 14 أمام جامع في الموصل لعدم مبايعتهم لها، وكذلك قتل عدد كبير من الأسر الشبكية، إضافة إلى عمليات الاغتصاب ونزوح المئات من الأسر هربا منها». وأوضح أن «وزارة حقوق الإنسان تواصل عملية مراقبة ورصد انتهاكات عصابات داعش بحق المدنيين وتقوم بتوثيقها لعرضها على المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان».
من جهته أكد السياسي العراقي مشعان الجبوري أن «إعدام مئات الطلبة ممن كانوا يدرسون في قاعدة سبايكر تم تنفيذها من قبل مجموعة مسلحة كانت قد سبقت دخول داعش إلى تكريت ومهدت لهذا الدخول يقودها إبراهيم سبعاوي إبراهيم الحسن ابن الأخ غير الشقيق لرئيس النظام العراقي السابق صدام حسين». وأضاف الجبوري أنه «تم استدراج هؤلاء الطلبة الذين منحوا إجازة اعتيادية على أساس أن هذه المجوعة وعددها لا يزيد عن 6 أفراد سوف تقوم بنقلهم إلى كراج النقل العام لا سيما أن غالبيتهم من المحافظات الوسطى والجنوبية من العراق». وأشار إلى أنه «وطبقا للفيلم الذي تم عرضه فإن هناك فقط علما واحدا لداعش من قبيل التمويه»، عادا أن «هذه العملية انتقامية وهدفها إثارة الفتنة حيث إن هؤلاء القتلة أصبح بعضهم بعد تنفيذ هذه العملية من قيادات داعش في تكريت».
ومفوضية حقوق الإنسان أكدت من جانبها أنه «من حق أهالي ضحايا جريمة سبايكر الوقوف على مصير أبنائهم». وقالت عضو المجلس سلام الخفاجي إلى أهمية «الاستماع لأصوات المتظاهرين من ذوي ضحايا جريمة قاعدة سبايكر في محافظة صلاح الدين المفقودين لحد الآن».
وتعمل الحكومة العراقية على دفع قضية «سبايكر» إلى مجلس الأمن، كإحدى أبرز القضايا التي تظهر وحشية داعش. وقال وزير حقوق الإنسان محمد شياع السوداني بأن «الحكومة نظمت استمارة إلكترونية لذوي المفقودين في قاعدة سبايكر وستعرض القضية في مجلس الأمن الدولي في مطلع سبتمبر (أيلول) القادم»، مبينا أن «العراق يعتزم محاكمة ستة أشخاص مسؤولين عن إدخال تنظيم داعش إلى الموصل عبر سوريا، بعد طرح أسمائهم في مجلس الأمن».
وفي سياق عمليات النزوح الكبرى التي يشهدها العراق بسبب أعمال داعش، فقد أعلن السوداني عن انطلاق أكبر عملية إغاثة للنازحين في إقليم كردستان، مشيرا إلى أن حجم «الكارثة» أكبر من قدرة مؤسسات الدولة. وقال السوداني في مؤتمر صحافي إن «أكبر عملية لإغاثة النازحين في كردستان انطلقت من عمان إلى أربيل إلى جانب قوافل برية أخرى من تركيا تحمل مساعدات إنسانية للنازحين في الإقليم»، مؤكدا أن «حجم الكارثة الإنسانية التي يعيشها العراق أكبر بكثير من قدرة مؤسسات الدولة».
وصلت إلى أربيل مساعدات من دول عدة أمس، من بينها فرنسا والإمارات. وقال القنصل العام الإماراتي لدى الإقليم في تصريح صحافي إن شحنة
الأدوية التي تقدر بـ16 طنا، قام بتأمينها الهلال الأحمر الإماراتي وذلك بالتنسيق مع القنصلية، وقد سلمت إلى وزارة الصحة في الإقليم، بحسب
وكالة باسنيوز الكردية. وتولت السلطات المعنية نقل الأدوية التي تم شراؤها من السوق الإماراتية لعدم توفرها في العراق، إلى أربيل جوا.
ومن جهة أخرى، أشار السوداني إلى أن «مجلس الوزراء أصدر، أمس، عدة قرارات بشأن الموظفين النازحين، وافتتاح مكتب في إقليم كردستان لتنظيم أوضاعهم»، موضحا أن «الموظفين النازحين في مناطق الوسط والجنوب بإمكانهم مراجعة المؤسسات المرتبطة بدوائرهم حيث ما يسكنون». «مجلس الوزراء قرر أيضا إيجاد طرق آمنة لإيصال رواتب الموظفين في المناطق الساخنة، باستثناء الموظفين الذين انخرطوا في تنظيم داعش»، لافتا إلى «وجود تحشيد دولي لتسليط الضوء على الأوضاع الإنسانية في ناحية آمرلي».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».