شهود عيان في الفلوجة: كل شيء نفد حتى بطاقات الهاتف الجوال

رئيس البرلمان يدعو الهلال الأحمر إلى إيصال المساعدات الإنسانية إلى المدينة

أسامة النجيفي، رئيس البرلمان العراقي
أسامة النجيفي، رئيس البرلمان العراقي
TT

شهود عيان في الفلوجة: كل شيء نفد حتى بطاقات الهاتف الجوال

أسامة النجيفي، رئيس البرلمان العراقي
أسامة النجيفي، رئيس البرلمان العراقي

لليوم الخامس على التوالي عاشت مدينة الفلوجة (50 كلم غربي بغداد)، أمس، وضعا إنسانيا صعبا بسبب الحصار الذي تعانيه جراء قيام مجاميع من المسلحين ممن ينتمون إلى تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) على مراكز الشرطة فيها وانسحاب منتسبيها منها.
ووجه أسامة النجيفي، رئيس البرلمان العراقي، كتابا رسميا إلى جمعية الهلال الأحمر العراقية يدعوها إلى تقديم الدعم والمستلزمات والمساعدات الضرورية والحيوية اللازمة التي يحتاجها المواطنون في محافظة الأنبار. وتأتي دعوة النجيفي متزامنة مع الأوضاع والظروف الاستثنائية التي تمر بها محافظة الأنبار بعد الانفلات الأمني الكبير الذي شهدته وتصاعد العمليات المسلحة فيها. وكان العشرات من الأحياء المتاخمة للطريق الدولي السريع قد نزحت خارج الفلوجة بعد استهدافها من قبل الجيش في حين نفى عضو بلجنة الأمن والدفاع البرلمانية عن ائتلاف دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء نوري المالكي أن يكون الجيش قد قصف الأحياء السكنية في المدينة.
وفي حين أعلنت دائرة الطب العدلي في الأنبار أن حصيلة القصف الذي استهدف مدينة الفلوجة بلغت 93 قتيلا وجريحا بمن فيهم عشرات من المسلحين من تنظيم «داعش» بعد أن قصفت القوات الأمنية تجمعا لأكثر من 150 «إرهابيا» في منطقة عامرية الفلوجة فإن عضو البرلمان العراقي عن ائتلاف دولة القانون وعضو لجنة الأمن البرلمانية، عباس البياتي، نفى قصف الأحياء السكنية، وقال إن «معركة الجيش ضد الإرهاب في الأنبار مفتوحة، ولا نهاية لها إلى حين استتباب الأمن والقضاء على الجماعات المسلحة». وأضاف البياتي أن «الجيش دخل إلى الأنبار بطلب من العشائر ومجلس المحافظة لحمايتها من السقوط تحت سطوة القاعدة»، مشيرا إلى أنه «يقوم بواجباته في مطاردة (داعش) والقاعدة». ونفى البياتي «الاتهامات الموجهة للجيش بالوقوف وراء عمليات قصف المنازل في مدينة الفلوجة»، لافتا إلى أن «داعش والقاعدة يحتميان بالمدنيين والجيش يتجنب قصف تلك المدن وينتظر خروجهم إلى الشارع ومنازلتهم في أطراف المدينة».
غير أن شهود عيان من أهالي الفلوجة رووا لـ«الشرق الأوسط» جزءا من الحقيقة التي لا تزال مفقودة بسبب الحصار المفروض وتناقض الروايات بين الأطراف المختلفة داخل محافظة الأنبار وخارجها. وقالت الطبيبة «هـ» من مستشفى الفلوجة العام إن «مدينة الفلوجة تبدو الآن تحت سيطرة العشائر بشكل عام وإن من الصعب تحديد ما إذا كان هناك مسلحون من خارج المدينة سيطروا عليها باستثناء ما حصل أول الأمر عندما هوجمت مراكز الشرطة بسبب تخلي أفرادها عنها بسهولة لم تكن متوقعة». وأضافت «هـ» في روايتها لـ«الشرق الأوسط» أن «بعض الأحياء السكنية في الأطراف مثل الحي العسكري والضباط تتعرض بالفعل إلى قصف من قبل قوات الجيش من منطلق أن فيها مسلحي (داعش) وأن الجيش يريد أن يقتلهم حال خروجهم من هذه الأحياء دون أن نعرف على وجه الدقة حقيقة ذلك».
وبشأن ما إذا كان الحصار لا يزال قائما قالت الطبيبة المذكورة إن «الطريق فتح أمام العائلات للخروج وإن الجوامع بدأت تنادي الناس للحصول على قناني الغاز مجانا وبدأت الحركة تعود إلى طبيعتها تقريبا منذ اليوم (أمس)، إذ فتحت الكثير من الأسواق والدوائر بعد أن جرى نصب نقاط تفتيش من قبل أبناء العشائر لتسيير شؤون المدينة». وبشأن ما إذا كانت هناك سيطرة من قبل «القاعدة» و«داعش»، قالت «هـ» إن «هناك من يقول إن (داعش) يسيطر على وسط الفلوجة».
من جانبه، أكد المواطن محمود الشكر من أهالي الفلوجة في روايته لـ«الشرق الأوسط» أن «ما نعانيه هو سوء الوضع الإنساني بسبب الحصار المفروض على المدينة منذ نحو أسبوع حيث كل شيء نفد عندنا في البيوت وحتى في المحلات بما في ذلك الخضراوات». وبشأن حركة النزوح خارج المدينة يقول الشكر «نعم هناك حركة نزوح بسبب القصف الذي تتعرض له بعض الأحياء في المدينة إذ إن الجيش لم يدخل إلى المدينة بسبب رفض رجال العشائر لدخوله وهو ما يجعل الأمور تزداد تعقيدا بسبب هذه الخلافات». وأشار إلى أن «هناك اتفاقا بين شيوخ العشائر والسلطات المسؤولة بشأن عودة الشرطة المحلية لتمسك زمام الأمور داخل المدينة وهو ما ننتظره من أجل فك الحصار عنا، إذ إننا نعاني الكثير من الأزمات الإنسانية مثل انقطاع الماء في بعض الأحياء مع وجود الكهرباء وانقطاع الكهرباء في أحياء أخرى بوجود الماء وهكذا»، مشيرا إلى أن «الحصار المفروض على المدينة مبالغ فيه أصلا أتى حتى على بطاقات الهاتف الجوال التي نفدت تماما من الأسواق».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».