احتدام المعارك ضد «داعش».. ومهلة لعناصرها لتسليم سلاحهم ومغادرة سوريا

مقتل أمير الدولة في معبر باب الهوى.. والائتلاف يدعم مكافحة التطرف

مسلح سوري يتفحص الفواكه في محل بقالة في حلب أمس (رويترز)
مسلح سوري يتفحص الفواكه في محل بقالة في حلب أمس (رويترز)
TT

احتدام المعارك ضد «داعش».. ومهلة لعناصرها لتسليم سلاحهم ومغادرة سوريا

مسلح سوري يتفحص الفواكه في محل بقالة في حلب أمس (رويترز)
مسلح سوري يتفحص الفواكه في محل بقالة في حلب أمس (رويترز)

واصل مقاتلو المعارضة السورية أمس، حربهم ضد عناصر تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش) في شمال سوريا، التي عدها الائتلاف الوطني السوري المعارض ضرورية من أجل مكافحة التطرف وتنظيم القاعدة الذي يحاول خيانة الثورة.
وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أن 36 عنصرا من «داعش» ومناصريها قتلوا، وأسر ما لا يقل عن 100 آخرين خلال اشتباكات مستمرة منذ فجر الجمعة مع مقاتلي المعارضة السورية بريف حلب الغربي وريف إدلب الغربي الشمالي. كما قتل خلال الاشتباكات 17 مقاتلا معارضا ينتمون إلى كتائب إسلامية وغير إسلامية، بحسب المرصد.
وأفاد «المرصد السوري» باندلاع اشتباكات بين مقاتلي «الدولة» وبين مقاتلي كتائب إسلامية وغير إسلامية تابعة للمعارضة في محيط بلدة حريتان وقرية سلوم في ريف حلب الغربي، مشيرا إلى سيطرة كتائب المعارضة على قرية سلوم ومقتل قيادي في «داعش» أثناء الاشتباكات العنيفة. كما أكد ناشطون مقتل أمير «الدولة» في معبر باب الهوى على يد مقاتلي المعارضة واعتقال عدد من العناصر الذين كانوا برفقته.
واقتحم مقاتلون من جبهة ثوار سوريا مقرات «الدولة الإسلامية» في بلدة تلمنس في ريف إدلب وسيطروا عليها وصادروا الأسلحة الموجودة فيها وأسروا بعض عناصر الدولة الإسلامية، بحسب المرصد.
وكانت «جبهة ثوار سوريا» تشكلت مطلع ديسمبر (كانون الأول) الماضي وضمت 15 كتيبة ولواء تابعا للجيش السوري الحر.
وأصدرت الجبهة أمس بيانا دعت فيه «منتسبي (داعش) من السوريين إلى تسليم أسلحتهم إلى أقرب مقر تابع لها وإعلان تبرئتهم من (داعش)». كما طلبت من المهاجرين (المقاتلين غير السوريين من الجهاديين) المغرر بهم الانضمام إلى جبهة ثوار سوريا أو أي فصيل آخر تابع للجيش الحر بسلاحهم أو تسليم سلاحهم لنا ومغادرة سوريا خلال 24 ساعة.
وأكد ضابط قيادي في «جبهة ثوار سوريا» لـ«الشرق الأوسط»، استمرار المعركة «ضد عناصر (الدولة) حتى القضاء على آخر واحد منهم في سوريا»، مؤكدا أن «الهدف الاستراتيجي الحالي يتمثل باستعادة كامل الشريط الحدودي مع تركيا».
وأوضح الضابط ذاته، والذي يقود المعركة ضد «داعش» من غرفة العمليات، أن «المعركة ضد التنظيم المتشدد هي في كل سوريا». وأشار إلى أن «الاشتباكات تركزت أمس في مدينة الباب»، مرجحا أن يكون «الهدف التالي تحرير معاقل (داعش) في منبج وجرابلس».
وشدد على أن «موقف هيئة أركان الجيش الحر واللواء سليم إدريس من المعركة إيجابي جدا»، كاشفا أن هذا الموقف ترجم بـ«دعم بالسلاح تلقيناه من مستودعات الأركان في باب الهوى».
وأرسلت «الدولة الإسلامية في العراق والشام» تعزيزات عسكرية لمقاتليها من مدينة الباب في ريف حلب باتجاه بلدة مارع التي تدور في محيطها ومحيط مدينة أعزاز اشتباكات عنيفة بين الطرفين. وذكرت «الهيئة العامة للثورة السورية» أن «الجيش الحر يطوق بلدة سلقين في ريف إدلب من أجل إخراج (داعش) من المدينة وقطع كل الطرق المؤدية إلى المدينة».
ولفت القيادي في جبهة ثوار سوريا في تصريحاته لـ«الشرق الأوسط» إلى تحرير بلدة حارم بريف إدلب الشمالي، متهما تنظيم «داعش» بإعدام 20 مواطنا قبل انسحاب عناصره كانوا محتجزين بتهمة الانتماء أو تأييد جبهة ثوار سوريا. وقال إن «سلقين ودركوش باتا محررتين وانسحبت قوات داعش إلى قرية عزمارين، إضافة إلى وجودها في منطقة إسقاط»، بحسب المصدر ذاته. بدوره، سيطر جيش المجاهدين على قرية الجينة الواقعة في ريف حلب الغربي إثر اشتباكات عنيفة بينه وبين مقاتلي «الدولة الإسلامية»، بحسب المرصد الذي أكد أسر ما لا يقل عن 60 من عناصر «الدولة الإسلامية».
وكان جيش المجاهدين، الذي تشكل قبل يومين في حلب، أعلن الحرب على «الدولة الإسلامية»، حتى «إعلانها حل نفسها أو الانخراط في صفوف التشكيلات العسكرية الأخرى أو تركهم أسلحتهم والخروج من سوريا».
واتهم جيش المجاهدين في بيان تنظيم «داعش» بالإفساد في الأرض ونشر الفتن وزعزعة الأمن والاستقرار في المناطق المحررة، وهدر دماء المجاهدين وتكفيرهم وطردهم وأهلهم من المناطق التي دفعوا الغالي والرخيص لتحريرها من النظام السوري. كما اتهمه بالقيام بعمليات سرقة وسطو وبطرد المدنيين من منازلهم وخطفهم للقادة العسكريين والإعلاميين وقتلهم وتعذيبهم في أقبية سجونهم. وتزامن موقف جيش المجاهدين مع إعلان «الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية»، دعمه «الكامل» للمعركة التي يخوضها مقاتلو المعارضة ضد الجهاديين المنتمين إلى تنظيم القاعدة.
وعد الائتلاف في بيان له أمس أنه «من الضروري أن يستمر مقاتلو المعارضة بالدفاع عن الثورة ضد ميليشيات (الرئيس السوري بشار) الأسد وقوى (القاعدة) التي تحاول خيانة الثورة»، داعيا «المجتمع الدولي للاعتراف بأهمية دعم القوى الثورية في معركتها ضد تطرف تنظيم القاعدة».
وكان الائتلاف اتهم «الدولة الإسلامية» بأنها على «علاقة عضوية» مع النظام السوري، وتعمل على «تنفيذ مآربه». وأكد أمين سر الهيئة السياسية للائتلاف هادي البحرة ضرورة «أن يرى العالم كيف تأخذ المعارضة المبادرة لمكافحة التطرف في سوريا»، مشيرا إلى أن «القاعدة تشكل تهديدا للشعب السوري كما أنها تشكل تهديدا كذلك للإنسانية جمعاء».
وكان مقاتلو المعارضة رحبوا في البداية بانضمام المجموعات المتشددة إليهم نظرا للتنظيم الذي كانت تتمتع به، لكنها أثارت حفيظتهم تدريجيا بعد أن قامت باختطاف وقتل نشطاء من صفوفهم، واتهموها بسرقة ثورتهم ضد النظام.
من جهة أخرى، تواصلت العمليات العسكرية والاشتباكات بين القوات النظامية ومقاتلي المعارضة في ريف دمشق، حيث تعرضت أحياء في مدينة يبرود إلى قصف من قبل القوات النظامية التي قامت كذلك برمي البراميل المتفجرة على مناطق في مدينة عدرا.
وفي دير الزور، شرق سوريا، أفاد «المرصد السوري» عن اشتباكات عنيفة بين القوات النظامية ومقاتلي المعارضة، مشيرا إلى «خسائر بشرية في صفوف الطرفين».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».