أعلن قادة التحالف الحكومي بشكل عن أولويات أجندة الإصلاحات التي ستباشرها حكومة عبد الإله ابن كيران خلال سنة 2014، التي قالوا إنها ستكون سنة الإصلاحات العميقة. وقالت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» إن اجتماعا للتحالف الحكومي على مستوى قادة الأحزاب جرى عقده مساء أول من أمس في الرباط خصص لمباشرة الإصلاحات المتعلقة بأنظمة التقاعد المهددة بالعجز خلال السنة المقبلة والانهيار التام مع مطلع 2020.
وقطع اجتماع قادة التحالف الرباعي الذي يضم عبد الإله ابن كيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، وصلاح الدين مزوار رئيس التجمع الوطني للأحرار، ومحند العنصر، الأمين العام للحركة الشعبية، ونبيل بنعبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، أولى المراحل في مسار تبني خطة حكومية لإصلاح التقاعد.
وأعلنت المصادر ذاتها أن قادة التحالف أصروا على حضور الاجتماع مرفوقين بالوزراء المعنيين بملف إصلاح التقاعد حيث حضر إلى جانب الأمناء العامين، محمد بوسعيد وزير الاقتصاد والمالية، ومحمد مبديع وزير الوظيفة العمومية، وعبد السلام الصديقي وزير الشغل (العمل).
وذكرت المصادر أن اجتماع الغالبية تداول بشأن مسودة الخطة الحكومية لإصلاح أنظمة التقاعد التي أعدتها وزارة المالية، والتي تقوم على ثلاثة مبادئ أولها، الرفع من سن التقاعد إلى 62 كمرحلة أولى في أفق 2015، إلى حين رفع سن التقاعد إلى 65 سنة في أفق 2020. أما المبدأ الثاني فيتجسد في الزيادة في اقتطاعات المنخرطين في صناديق التقاعد بنسبة عشرة في المائة. ويشمل المبدأ الثالث احتساب التقاعد على أساس معدل السنوات العشر الأخيرة.
وأعدت الخطة الحكومية التي جرى تداولها داخل الاجتماع، بناء على التوصيات التي رفعتها اللجنة التقنية الوطنية المكلفة التقاعد، بعد توافق بين مختلف مكوناتها من فرقاء اقتصاديين واجتماعيين ومديري صناديق التقاعد، وممثلي الحكومة. وسجلت التوصيات وجود الكثير من الصعوبات التي يعرفها القطاع، والتي ستصعب من مهمة الإصلاح.
ورأت توصيات اللجنة أن «سخاء الأنظمة بالنظر إلى نسبة التعويض غير المرتبطة بمستوى المساهمات المقتطعة سيسجل عجزا قريبا لبعض أنظمة التقاعد خاصة منها نظام المعاشات المدنية»، مؤكدة أن الإصلاح المتوقع يستوجب ضمان ديمومة نظام التقاعد، والأخذ بعين الاعتبار قدرات مساهمة المشغلين والمنخرطين، بالإضافة إلى ضمان نسبة تعويض صافي يمكن المتقاعد من مستوى عيش كريم من دون المساس بديمومة نظام التقاعد، وضمان حد أدنى للمعاش وإعادة توزيع شفاف وعادل بين الأجيال».
في سياق ذلك، أعلنت مصادر «الشرق الأوسط» أن قادة الائتلاف كشفوا عن نيتهم إنجاز دراسة تتعلق بتوسيع الاستفادة من المعاش لفائدة غير المأجورين خلال سنة 2014، مشيرة إلى أنه «ستجري مواصلة مجهودات الإصلاح من أجل تفعيل هذه التوصيات وأيضا تلك المتعلقة باعتماد نظام القطبين، الذي انعقدت بشأنه حتى الآن تسعة اجتماعات للجنة التقنية».
واتفق قادة التحالف الحكومي خلال اجتماعهم على أخذ مهلة أسبوع لدراسة مسودة الخطة الحكومية، وتقديم الملاحظات والتعديلات المطلوبة خلال اجتماع يوم الخميس المقبل.
وأكدت المصادر ذاتها أنه بعد انتهاء قادة التحالف من مرحلة التأشير السياسي على الخطة الحكومية ستنطلق مساعي كسب التأييد لها داخل أوساط الاتحادات العمالية ورجال الأعمال والمقاولات، كما ستعرف الخطة الحكومية تعبئة برلمانية لضمان المصادقة عليها.
في سياق ذلك، من المنتظر أن يحضر رئيس الحكومة عبد الإله ابن كيران يوم الثلاثاء المقبل أشغال المجلس الإداري للصندوق المغربي للتقاعد (أكبر صناديق التقاعد)، وذكرت المصادر أن رئيس الحكومة سيقدم مسودة خطة الحكومة لإصلاح هذا النظام لإنقاذه من الانهيار.
وتجدر الإشارة إلى أن الحكومة سبق لها أن أعلنت أن هدفها على المدى المتوسط، يتجسد في إصلاح مرحلي في اتجاه خلق نظام ذي قطبين، الأول يهم القطاع العام والثاني يهم القطاع الخاص، في أفق الالتقاء في نظام واحد على الصعيد الوطني، وذلك وفقا لما صادقت عليه اللجنة الوطنية المكلفة إصلاح أنظمة التقاعد برئاسة رئيس الحكومة، خلال اجتماعها المنعقد يوم 31 يناير (كانون الثاني) 2013.
وكانت دراسات حكومية حول وضعية الصندوق المغربي للتقاعد قد حذرت من وصول العجز إلى 63 مليار دولار في عام 2020 و74 مليار دولار في أفق 2050، علما أن كل سنة يتأخر فيها الإصلاح تكلف الصندوق عجزا كبير. وتكبد الصندوق المغربي للتقاعد عجزا قدره مليارا دولار خلال سنة 2013 بسبب تعذر إنجاز الإصلاح.