هدنة جديدة في غزة 5 أيام

مصادر الوفد الفلسطيني لـ{الشرق الأوسط}: مقترح أميركي بميناء بحري في غزة بشروط

رئيس الوفد الفلسطيني عزام الأحمد (وسط) ورئيس وفد حماس موسى أبو مرزوق (يمين) لدى وصولهما إلى الفندق بعد الاجتماع مع الجانب المصري بالقاهرة أمس (أ.ف.ب)
رئيس الوفد الفلسطيني عزام الأحمد (وسط) ورئيس وفد حماس موسى أبو مرزوق (يمين) لدى وصولهما إلى الفندق بعد الاجتماع مع الجانب المصري بالقاهرة أمس (أ.ف.ب)
TT

هدنة جديدة في غزة 5 أيام

رئيس الوفد الفلسطيني عزام الأحمد (وسط) ورئيس وفد حماس موسى أبو مرزوق (يمين) لدى وصولهما إلى الفندق بعد الاجتماع مع الجانب المصري بالقاهرة أمس (أ.ف.ب)
رئيس الوفد الفلسطيني عزام الأحمد (وسط) ورئيس وفد حماس موسى أبو مرزوق (يمين) لدى وصولهما إلى الفندق بعد الاجتماع مع الجانب المصري بالقاهرة أمس (أ.ف.ب)

اصطدمت جهود الاتفاق على وقف إطلاق نار في القاهرة أمس بتصلب مواقف الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي من خطة مصرية جديدة، وهو الأمر الذي دعت معه مصر مساء الطرفين مجددا إلى هدنة تستمر 72 ساعة من أجل تسوية الخلافات حول النقاط العالقة، وهو الأمر الذي وعد الطرفان بدراسته.
وقالت مصادر لـ«الشرق الأوسط» إن حركة حماس رفضت فتح المعابر وتوسيع منطقة الصيد البحري وإخلاء الشريط العازل بشكل تدريجي، وتأجيل النقاش في قضايا الميناء والمطار من دون ضمانات حقيقية، باعتبار ذلك تنظيما للحصار وليس رفعا له، كما أنها رفضت ربط قضية الجنود المحتجزين لديها بالاتفاق على وقف إطلاق النار، فيما رفضت إسرائيل نقاش مسألتي الميناء والمطار ولو لاحقا، وأصرت على ربط الاتفاق باتفاق حول جثث الجنود والإشارة إلى نزع سلاح حماس ولو ضمن آليات متأخرة.
وفي هذه الأثناء، حشدت القوات الإسرائيلية مزيدا من الدبابات والآليات والجنود في محيط غزة، وأبقت على استدعاء آلاف من الاحتياط تحت الطلب.
وكانت مصر قدمت للأطراف وثيقة تتضمن بحسب ما نشرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» تأجيل البحث في إقامة الميناء البحري والمطار الجوي لمدة شهر من وقف إطلاق النار، وبعد ضمان العودة إلى الحياة الطبيعية في غزة، كما يتم تأجيل بحث إطلاق سراح أسرى فلسطينيين واستعادة إسرائيل لجثتي الجنديين آرون شاؤول وهدار غولدين لفترة قصيرة، على أن تعود حماس لبحث الموضوع ضمن آلية المفاوضات الحالية وليس في سياق صفقات منفردة ومستقلة.
وجاء في الوثيقة أنه سيجري فتح المعابر بين قطاع غزة وإسرائيل، بما في ذلك حركة المواطنين، وإدخال مواد بناء لإعادة إعمار القطاع، ومصادقة إسرائيل على تصدير واستيراد بضائع بين قطاع غزة والضفة الغربية، بناء على قواعد يتم الاتفاق عليها بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية. ولم تتطرق الوثيقة إلى معبر رفح الذي اتفق على أن يعالج فلسطينيا - مصريا. وجاءت الانتكاسة في المفاوضات فيما كان الطرفان متفائلين باتفاق.
واستكمل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمس المشاورات مع وزراء حكومته ورؤساء الكتل البرلمانية من أجل إقناعهم باتفاق وقف النار، قبل أن يقرر الجيش إعادة انتشار قوات مدرعة وأخرى هندسية حول غزة بالتزامن مع إبلاغ جنود احتياط بأنهم قد يجري استدعاؤهم إلى القطاع. وقال موقع «يديعوت أحرونوت» الإلكتروني إن الجيش الإسرائيلي بدأ في تجهيز وتحضير قواته البرية والجوية استعدادا لانتهاء الهدنة وتجدد القتال.
وكان الوفد الإسرائيلي عاد إلى القاهرة أمس بعد مباحثات في إسرائيل بشأن التوصل إلى اتفاق دائم لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وغزة. وقال مسؤول إسرائيلي «إن أعضاء الوفد الإسرائيلي تحدثوا عن تقدم في المحادثات التي جرت أمس، لكن من دون اختراق بعد». وأضاف المسؤول أن «الوفد الإسرائيلي سينقل رغبة إسرائيل في تمديد فترة الهدنة التي ستنتهي عند منتصف الليل في حال عدم توقيع اتفاق نهائي.
ولم يعرض نتنياهو على الوزراء ورؤساء الكتل اقتراحا نهائيا، إنما تطرق إلى التسهيلات الإسرائيلية المتوقعة من أجل التوصل إلى تسوية في غزة، وعلى رأسها توسيع نشاط المعابر البرية في غزة، ونقل الرواتب لموظفي حماس على يد طرف ثالث. ويواجه نتنياهو معارضة شديدة داخل المجلس الوزاري المصغر في شأن التسوية مع حماس. وقد أبدى الوزير نفتالي بينيت اعتراضه على فكرة نقل رواتب موظفي حماس عن طريق جهة ثالثة. ومن المعارضين البارزين كذلك وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، ووزير الأمن الداخلي يتسحاق أهرونوفيتش. وانضم إلى هؤلاء وزير المالية يائير لابيد الذي قال أمس إن صوته ليس مضمونا.
ويرفض ليبرمان الاتفاق مع حماس من أساسه، وقال أمس إنه «يجب حسم المعركة في الجنوب والتخلص من الحركة. وأضاف «لا يمكن لإسرائيل أن تعول على رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس إذ إن عباس قد فقد شرعيته منذ عام 2006، وعليه فيجب إجراء انتخابات جديدة في السلطة الفلسطينية بعد تقويض أسس حركة حماس».
وقال مسؤول إسرائيلي كبير إن الموقف الإسرائيلي الرافض لإقامة ميناء في غزة، وكذلك مطار، ليس قابلا للمساومة، مضيفا أنه «يجب على حماس أن تتعايش مع حقيقة أن هذه الطلبات غير واقعية». وشكك مسؤولون إسرائيليون في الوصول إلى اتفاق إذا تمسكت حماس بشروطها. وقال وزير الأمن الداخلي يتسحاق أهرونوفيتش إنه ليس متفائلا باحتمال التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار على جانبي الحدود مع قطاع غزة، مضيفا «حماس تضع شروطا غير معقولة، مثل إقامة ميناء في غزة والإفراج عن سجناء، لكنها في الوقت نفسه تعارض فكرة تجريد قطاع غزة وإعادة جثتي الجنديين المفقودين». وتابع «يتعين على حماس القبول بصيغة ترميم قطاع غزة مقابل تجريده من السلاح. وفي حالة رفض حماس لهذه الصيغة فيجب الاستمرار في المعركة لحين حسمها وذلك لينعم المواطنون بهدوء طويل الأمد».
وأعلن زير الشؤون الاستراتيجية والاستخبارات الإسرائيلي يوفال شتاينيتز أن إسرائيل لن تبادر بإطلاق النار إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق وتمديد الهدنة، قائلا «إسرائيل ستحافظ على استمرار الهدوء بعد انتهاء موعد وقف إطلاق النار الحالي، وسنرد على حماس بشكل قاس ومؤلم إذا لم تلتزم بالهدوء». ورأى الوزير الإسرائيلي أن «نزع سلاح حماس سيكون شرطا جوهريا لاستئناف مفاوضات السلام وصولا إلى حل دائم للنزاع».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».