مفاوضات غزة {في ظل الصواريخ} والوفد الفلسطيني يتهم إسرائيل بالتعنت

الحركة تترك الباب مفتوحا لهدنة جديدة

شرطي فلسطيني في مستشفى «الشفاء» في غزة أمس (أ.ب)
شرطي فلسطيني في مستشفى «الشفاء» في غزة أمس (أ.ب)
TT

مفاوضات غزة {في ظل الصواريخ} والوفد الفلسطيني يتهم إسرائيل بالتعنت

شرطي فلسطيني في مستشفى «الشفاء» في غزة أمس (أ.ب)
شرطي فلسطيني في مستشفى «الشفاء» في غزة أمس (أ.ب)

قالت مصادر في الوفد الفلسطيني المفاوض في القاهرة، لـ«الشرق الأوسط»، إن المفاوضات لم تصل بعد إلى نقطة اللاعودة، وإن جميع الطلبات الفلسطينية ما زالت على طاولة البحث. وأكد المصدر أن إمكانية تمديد الهدنة لـ72 ساعة أخرى ما زال ممكنا وقائما. وكانت مصر طلبت تمديد وقف إطلاق النار مع انتهاء مهلة 72 ساعة، أمس صباحا، لكن الطرف الفلسطيني رفض ذلك، وهو ما أدى إلى اندلاع القتال مجددا، قبل أن تدعو مصر إلى ضبط النفس، وتطلب مجددا تمديد الهدنة.
وبحسب المصدر، فإنه يُفترض أن يكون قد عقد لقاء متأخرا، أمس، بين الوفد ورئيس المخابرات المصرية، من أجل بحث تمديد الهدنة ومواصلة المفاوضات.
وقال المصدر إن السلطة الفلسطينية موافقة وتريد تمديد وقف النار، لكنها واجهت تشددا من حركة حماس في البداية، بسبب ردود إسرائيل الأولية.
وكشف المصدر أنه، حتى الساعة 17:00 بتوقيت غرينتش، لم يكن هناك أي اختراق في المفاوضات بعد رفض إسرائيل أهم الطلبات الفلسطينية المتعلقة برفع الحصار، والميناء والمطار ومساحة الصيد البحري والشريط العازل.
وردا على سؤال حول قضية معبر رفح، أكد المصدر أن المعبر ظل خارج المفاوضات مع الإسرائيليين بطلب من مصر، وأن حماس وافقت على ذلك. وفي هذا الوقت، أكد سامي أبو زهري الناطق باسم حماس، أن «الاحتلال الإسرائيلي لم يرد بشكل واضح على الشروط الفلسطينية».
وأضاف أبو زهري خلال مؤتمر صحافي: «الورقة التي سلمت للوفد الفلسطيني تتجاوز كثيرا مطالب شعبنا، والتعنت الإسرائيلي هو الذي أدى إلى عدم تمديد الهدنة، وشعبنا جاهز لجميع الاحتمالات». وأوضح أبو زهري في مؤتمر صحافي، أن «الاحتلال يرفض إنشاء المطار والميناء وتوسيع دائرة الصيد».
وأضاف: «الورقة التي تسلمناها لم تتطرق إلى المطالب الأساسية المتعلقة بإطلاق أسرى صفقة الأحرار (صفقة شاليط)، وإنشاء الميناء والمطار وتوسيع مساحة الصيد البحري، كما أنها لم تحتوِ على أي إشارات واضحة لإنهاء الحصار».
وتابع أبو زهري: «بعض مما أشارت إليه الورقة يتعلق بمنح مزيد من التسهيلات على حاجزي بيت حانون وكرم أبو سالم، والسماح بالصيد البحري لمسافة ستة أميال فقط، وتقليص الشريط الزراعي العازل (الأمني) في محيط القطاع وإبقائه كما هو». وأردف أن «الاحتلال الإسرائيلي يماطل ويضلل وجميع الخيارات الآن مفتوحة أمام المقاومة، وأمام الوفد الفلسطيني المفاوض الموجود بالقاهرة منذ أيام».
وجاء حديث أبو زهري بعد قليل من تأكيد عزت الرشق القيادي في حركة حماس أن الوفد الفلسطيني في القاهرة لم يتسلم رد إسرائيل على أي مطلب من مطالب الشعب الفلسطيني.
وقال الرشق في تعليق نشره على «فيس بوك»: «حتى هذه اللحظة لم يتسلم الوفد الفلسطيني رد إسرائيل على أي مطلب من مطالب شعبنا». وأضاف: «إن الوفد الإسرائيلي يراوغ ويضيع الوقت، محملا إياه كامل المسؤولية عن عدم التوصل لاتفاق». وتبادلت حماس وإسرائيل الهجمات أمس، في ظل عدم الوصول إلى اتفاق ينهي الحرب على غزة.
ونشرت وسائل إعلام إسرائيلية أن إسرائيل سحبت وفدها من مصر لأنها رفضت مواصلة المفاوضات تحت النار، لكن مصادر إسرائيلية أوضحت لاحقا أن عودة الوفد إلى إسرائيل جاءت في إطار المشاورات مع القيادة الإسرائيلية.
وأضافت المصادر الإسرائيلية: «المفاوضات كانت صعبة، ولم يكن هناك تقدم».
وقال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو: «إسرائيل كانت قد أبلغت مصر باستعدادها لتمديد وقف إطلاق النار في قطاع غزة بـ72 ساعة قبل انتهاء مفعوله صباح اليوم (أمس)، وأن حركة حماس خرقت وقف إطلاق النار قبل انتهائه (...) إسرائيل ستعمل بجميع الوسائل لحماية مواطنيها، وفي الوقت نفسه ستسعى إلى تجنب المس بسكان غزة».
ولم يتضح بعد ما إذا كان الوفد الإسرائيلي سيعود للقاهرة أو لا، ويبدو أن هذا مرتبط بنتائج اللقاءات المصرية الفلسطينية.
ورفض وزراء إسرائيليون التفاوض تحت النار، ودعوا إلى ردع حماس.
وقال عضو المجلس السياسي الأمني وزير الاقتصاد نفتالي بينت: «لا يمكن أن تُقام محادثات تحت الوصاية. إطلاق النار على مواطنين إسرائيليين كوسيلة ضغط ليس مقبولا». وأضاف وزير الاقتصاد ورئيس «البيت اليهودي»: «على الحكومة والجهاز الأمني الرد بقوة على حماس، هذه لحظة اختبار للردع الإسرائيلي للسنوات المقبلة، يجب أن يكون الرد قاسيا».
وتابع: «أذكر الجمهور الإسرائيلي؛ لم تنتهِ حملة الجرف الصامد، لم تخضع حماس بعد، يجب على مواطني إسرائيل أن يكونوا أقوياء ومستعدين لمواصلة الطريق».
وكتبت وزيرة العدل والعضو في المجلس السياسي الأمني تسيبي ليفني، على «تويتر»: «قوات متطرفة، متشددة وإرهابية (حماس) تحتاج لمعالجة أمرها، ليس نفسيا، لأنه لا يمكن تبرير أي سبب للإرهاب ضد المدنيين».
ويعتقد مراقبون إسرائيليون أن حماس تحاول الضغط نفسيا على إسرائيل من خلال استئناف القتال، ولا تريد التورط في حرب جديدة.
وكتب المحلل العسكري لـ«يديعوت أحرنوت»، رون بن يشاي: «لا خيار أمام حماس من غير أن يأخذوا الموافقة على فتح المعبر، والوعد بميناء بحري، ومطار، إلا أن يجددوا إطلاق النار الآن، ويحاولوا التذاكي بمساعدة الجهاد».
وأضاف: «ستحاول حماس السير على حبل رفيع كي تكسر الأدوات، ولا تجر إسرائيل لحملة برية أخرى، لذا فإن إطلاق النار سيكون منها على المدى القصير لا بكثافة كبيرة. تدير حماس أيضا حربا نفسية. إنها تستغل خوف سكان غزة من الأنفاق، وتعرض ما بقي في يديها. من الأرجح الافتراض أن حماس، حتى وإن بقيت لها أنفاق هجومية، لن تستغلها، لعلمها أن عملا كهذا سيؤدي لدخول إسرائيلي بري مجددا». وتابع: «لا تريد حماس جر إسرائيل لاجتياح بري مجددا، ولا يريد الجهاد الإسلامي أيضا ذلك أنهم يريدون وقف إطلاق النار، لكن مع إنجازات. لا أكثر، ولكن لا أقل أيضا».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.