القاهرة تصعد احتجاجها على «ادعاءات» الخارجية الأميركية

محلب في واشنطن.. ودبلوماسيون يرون أن «التراشق» لن يؤثر على العلاقات الثنائية

القاهرة تصعد احتجاجها على «ادعاءات» الخارجية الأميركية
TT

القاهرة تصعد احتجاجها على «ادعاءات» الخارجية الأميركية

القاهرة تصعد احتجاجها على «ادعاءات» الخارجية الأميركية

بالتزامن مع مغادرة رئيس الوزراء المصري، المهندس إبراهيم محلب، إلى العاصمة الأميركية واشنطن لرئاسة وفد مصر المشارك في القمة الأميركية - الأفريقية التي تبدأ اليوم، صعدت القاهرة أمس من نبرة احتجاجها على تصريحات للمتحدثة باسم الخارجية الأميركية، وصفتها مصر بـ«الممجوجة والجاهلة»، وذلك في إطار أحدث حلقات التوتر الصامت الذي يخيم على علاقة القاهرة مع واشنطن منذ أكثر من سنة، والذي يرى دبلوماسيون ومراقبون أنه من قبيل «المشاكسات الدبلوماسية»، التي لا يمكن أن تؤثر بشكل واسع على العلاقات المشتركة.
وأكد المتحدث الرسمي باسم الخارجية المصرية، أمس، توجيه السفارة المصرية في واشنطن مذكرة احتجاج رسمية إلى الخارجية الأميركية، موضحا أنها «تتضمن رفضا كاملا لتصريحات نائبة المتحدثة باسم الخارجية الأميركية ماري هارف، التي ادعت فيها أن المساعدات العسكرية التي تقدمها الولايات المتحدة إلى مصر تستخدم في قمع المتظاهرين، وتأكيد أنها تصريحات لا تمت إلى الواقع بأي صلة».
وأوضح دبلوماسيون مصريون لـ«الشرق الأوسط» أن التراشق المصري - الأميركي الأخير هو حلقة من حلقات التوتر التي تشهدها العلاقات بين البلدين منذ عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي، المنتمي إلى جماعة الإخوان، عن السلطة في الصيف الماضي. لكن الدبلوماسيين أكدوا أن تلك «المشاكسات الدبلوماسية» تظل في إطارها المحدود، ولا ترتقي إلى مزيد من التصعيد الذي يؤثر على العلاقات الثنائية بشكل مباشر، نظرا لعدة عوامل، من بينها أهمية العلاقات المشتركة من جهة، والتوترات الإقليمية التي يشهدها الشرق الأوسط، سواء في قطاع غزة أو ليبيا أو سوريا وغيرها من الملفات، التي «تجبر» الطرفين على استمرار «علاقات الشراكة» من أجل التغلب عليها.
من جهته، أشار السفير عبد العاطي إلى أن مذكرة الاحتجاج، التي جاءت بناء على توجيهات من وزير الخارجية المصري سامح شكري، تتضمن أيضا المطالبة بضرورة أن تعكس تصريحات المتحدثين الرسميين باسم الخارجية الأميركية «الحقائق».
وتأتي تلك الخطوة عقب يوم واحد من صدور بيان من الخارجية المصرية يصف تصريحات هارف بشأن مصر بـ«الممجوجة»، والمتسمة بـ«الجهل والقصور الكامل لحقائق الأمور في مصر، وتفتقر إلى أبسط قواعد المصداقية والموضوعية من خلال إجراء مقارنة غير مقبولة وغير مبررة بين مصر وإسرائيل في معرض تناول (هارف) للعدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة وما ترتب عليه من قتل للمدنيين الفلسطينيين».
وانتقدت الخارجية إغفال هارف ذكر وقائع محددة في حديثها بشأن «قمع المتظاهرين في مصر باستخدام المساعدات العسكرية الأميركية»، مشيرة إلى أن ذلك «محض خيال»، مطالبة بذكر حالات استخدمت خلالها طائرات «أباتشي» أو «إف 16» ضد الشعب المصري.
وأشارت الخارجية إلى إغفال «عن عمد أو عن جهل أن من جرى التعامل معهم بشكل حازم (بعيدا عن خطأ الترويج لاستخدام معدات عسكرية حربية في هذا التعامل)، كانوا يحملون السلاح ويروعون الأبرياء في محاولة منهم لبث الرعب وفرض إرادتهم؛ ليس على الدولة فحسب، وإنما على إرادة الشعب المصري بأسره»، في إشارة إلى جماعة الإخوان المسلمين وحلفائها، على ما يبدو. وطالب السفير عبد العاطي بالبعد عن الخلط بين الاحتياج لتلك النوعية من الأسلحة التي توفرها المساعدات الأميركية في إطار مكافحة الإرهاب، وادعاء استخدامها ضد المدنيين أو المتظاهرين.
ويتزامن ذلك التصعيد مع الاستعداد لبدء القمة الأميركية - الأفريقية في واشنطن اليوم، التي وجهت فيها الولايات المتحدة دعوة وصفت بـ«المتأخرة» إلى مصر، متعللة بأن عضوية القاهرة كانت معلقة في الاتحاد الأفريقي. وهو ما ردت عليه القاهرة باعتذار الرئيس عبد الفتاح السيسي عن الذهاب إلى واشنطن، وإيفاد رئيس الوزراء على رأس الوفد المصري.
ومن المقرر أن يلقي محلب كلمة في المؤتمر حول دور مصر في تحقيق التنمية المستدامة بالقارة الأفريقية ورفع مستوى المعيشة وتنمية مواردها، كما يعقد الوفد الوزاري المصري المرافق عدة لقاءات مع نظرائهم الأفارقة على هامش المؤتمر لاستعراض آخر تطورات الموقف في الشأن المصري، واستكمال استحقاقات «خارطة الطريق» والإعداد لمؤتمر شركاء التنمية في المرحلة المقبلة، وملامح خطة التنمية المقبلة وتحقيق الاستقرار في مصر.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».