تتجه السلطات الأميركية لمصادرة شحنة نفط قادمة من إقليم كردستان العراق على متن ناقلة قبالة ساحل تكساس بعد أن وافق قاض أميركي على طلب من بغداد بمصادرة الشحنة، مما يزيد من حدة الخلاف بين الحكومة المركزية وحكومة الإقليم بخصوص مبيعات النفط.
ووصلت الناقلة «يونايتد كالافيترا» إلى خليج جالفستون السبت الماضي وهي محملة بنحو مليون برميل من الخام تزيد قيمتها على 100 مليون دولار، لكنها لم تفرغ شحنتها المتنازع عليها حتى الآن، حسب وكالة «رويترز».
وتشكل موافقة القاضي الأميركي على طلب بغداد ضربة جديدة لمحاولات حكومة إقليم كردستان الرامية لبيع نفط الإقليم بشكل مستقل. وتعد بغداد هذه المبيعات النفطية تهريبا. وقلصت بغداد ميزانية الإقليم منذ بداية العام بسبب الخلاف على مبيعات النفط. وعارضت واشنطن مبيعات النفط الكردية وعبرت عن مخاوفها من أن تساهم مبيعات النفط المستقلة من إقليم كردستان في تفكك العراق، لكنها لم تحظر على الشركات الأميركية شراء الخام.
وقال ريتشارد مالينسون، من مؤسسة «إنرجي أسبكتس» للخدمات الاستشارية في بريطانيا، إنه «رغم أن الحكومة الأميركية لم تتحرك لوقف الناقلة، استطاعت بغداد الاستفادة من القضاء الأميركي». وأضاف: «السؤال الآن هو: هل من جديد في جعبة حكومة إقليم كردستان للتغلب على هذه العقبة القانونية أو إيجاد مشترين في مناطق أخرى بالعالم؟». وتابع: «فرص استمرار الأكراد في تصدير النفط من دون موافقة بغداد تتضاءل على ما يبدو بشكل متزايد».
ولم يتسن على الفور الحصول على تعليق من متحدث باسم وزارة الموارد الطبيعية الكردية، لكن مصادر حكومية أخرى قالت لـ«الشرق الأوسط» إنها لم تتلق إشعارا رسميا بمصادرة الشحنة وأنها تحاول التأكد من الخبر، الذي قالت إنها سمعته فقط في وسائل الإعلام.
بدورها، قال المتحدث باسم وزارة النفط العراقية، عاصم جهاد، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «كسب هذه الدعوى جاء على خلفية الدعوى القضائية التي رفعتها وزارة النفط بشأن المخالفات التي قامت - ولا تزال - تقوم بها حكومة إقليم كردستان في بيع النفط المستخرج من الإقليم من دون موافقة الحكومة الاتحادية طبقا لما ينص عليه الدستور»، مضيفا أن «الدستور ينص على أن النفط ملك لكل الشعب العراقي وهو سيادي، ومن ثم فإنه لا يجوز بيع أي كمية منه من دون موافقة الحكومة الاتحادية، وأن يجري البيع عن طريق شركة النفط الوطنية (سومو) وطبقا للأسعار العالمية الجارية، وكل هذه الإجراءات والسياقات لم تلتزم بها حكومة كردستان، فليس هناك التزام بنص الدستور ولا بالسياقات القانونية المعمول بها؛ مثل البيع عن طريق (سومو)، وكذلك الأسعار». وأوضح أن «الحكومة المركزية، ومن منطلق مسؤوليتها عن الثروة النفطية، ستبقى تلاحق قضائيا كل شحنات النفط التي تباع خارج الدستور والسياقات القانونية، والعالم بدأ يتفهم ذلك».
ولم تحدد الدعوى العراقية المقامة، أول من أمس، اسم المشتري النهائي للشحنة في الولايات المتحدة، لكن قناة «سي إن بي سي» الإخبارية أفادت بأن بعض الوثائق أظهرت أن مشتري النفط شركة مسجلة في «جزر العذارى البريطانية» تدعى «تالماي تريدنغ» التي اشترت خاما روسيا في السابق. وحسب وثائق الصفقة، فإن الشركة المشترية كلفت في 17 يوليو (تموز) الحالي شركة «إيه إي تي أوفشور سيرفيسيز» التي مقرها دالاس بولاية تكساس تفريغ حمولة الناقلة «يونايتد كالافيترا».
وكان خفر السواحل الأميركي وافق الأحد على قيام الناقلة، التي لا تستطيع دخول الموانئ القريبة من هيوستون والرسو فيها بسبب حجمها الكبير، بنقل حمولتها إلى سفن أصغر لشحنها إلى البر الأميركي.
غير أن الحكومة المركزية في العراق أقامت دعوى بخصوص الشحنة أول من أمس. وقد تحتاج السلطات الأميركية لتنفيذ الأمر إلى الاعتماد على شركات تقدم خدمات تفريغ الخام. وينص أمر القاضي على السماح للسفينة بحرية التحرك بعد تفريغ الشحنة.
وكانت وزارة الخارجية الأميركية قالت إن الخام يخص جميع العراقيين، محذرة المشترين المحتملين من المخاطر القانونية. غير أن الوزارة أوضحت أيضا أنها لن تتدخل في أي معاملة تجارية.
وفي الماضي، كانت صادرات النفط ترسل من إقليم كردستان إلى تركيا وإيران من حين لآخر عن طريق الشاحنات، وهو ما اعترضت عليه بغداد أيضا. لكن تدشين خط أنابيب جديد إلى تركيا في وقت سابق هذا العام، الذي قد يدر إيرادات أكبر بكثير على الأكراد، لقي معارضة أشد من بغداد.
ووصلت شحنة واحدة على الأقل من النفط الكردي إلى الولايات المتحدة في مايو (أيار)، تسلمها مشتر لم يكشف عنه، بينما أرسلت أربع شحنات أخرى من خام كردستان إلى إسرائيل هذا العام.
مصادرة ناقلة تحمل نفطاً كردياً قبالة ساحل تكساس بأمر من القضاء الأميركي
المتحدث باسم وزارة النفط العراقية لـ {الشرق الأوسط} : سنلاحق كل الشحنات
مصادرة ناقلة تحمل نفطاً كردياً قبالة ساحل تكساس بأمر من القضاء الأميركي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة