هدنة العيد تنهار.. والقصف الإسرائيلي يستعر

مجزرة أطفال في غزة.. ووفد برئاسة عباس يضم حماس و {الجهاد} إلى القاهرة قريبا

طفلة فلسطينية فزعة بعد أن نجت أمس من مجزرة في حديقة عامة بمدينة غزة قضى فيها عشرة أشخاص بينهم ثمانية أطفال (رويترز)
طفلة فلسطينية فزعة بعد أن نجت أمس من مجزرة في حديقة عامة بمدينة غزة قضى فيها عشرة أشخاص بينهم ثمانية أطفال (رويترز)
TT

هدنة العيد تنهار.. والقصف الإسرائيلي يستعر

طفلة فلسطينية فزعة بعد أن نجت أمس من مجزرة في حديقة عامة بمدينة غزة قضى فيها عشرة أشخاص بينهم ثمانية أطفال (رويترز)
طفلة فلسطينية فزعة بعد أن نجت أمس من مجزرة في حديقة عامة بمدينة غزة قضى فيها عشرة أشخاص بينهم ثمانية أطفال (رويترز)

أعاد اليوم الأول لعيد الفطر في قطاع غزة إلى الأذهان بداية الحرب الإسرائيلية على القطاع قبل 21 يوما، إذ استهدفت هجمات «مجنونة» متنزها في مخيم الشاطئ مما أسفر عن وقوع «مجزرة أطفال» راح ضحيتها عشرة منهم. كما قصفت إسرائيل مستشفى الشفاء الطبي، أحد أكبر وأهم مستشفيات القطاع، مما خلف قتلى وجرحى. وردت حركة حماس وفصائل فلسطينية بقصف مدينتي أشكول وحيفا مما أدى إلى مقتل أربعة جنود إسرائيليين، تبعته عملية تسلل قرب حي الشجاعية في كيبوتس «شعار هنيغف»، قالت حماس إنها انتهت بمقتل 10 جنود.
وفي تصعيد للموقف، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تصميمه على الاستمرار في المعارك حتى تدمير جميع إنفاق حماس، وقال إن «إسرائيل في حاجة إلى الجلد والإصرار لمواصلة الحملة على غزة»، وإن على الإسرائيليين الاستعداد لحرب طويلة.
وكان الموقف تفجر في غزة بعد ساعات قليلة من هدنة ميدانية يمكن وصفها بـ«هدنة العيد» أو «الأمر الواقع»، عندما بدأت إسرائيل، بقصف في جباليا شمال القطاع تسبب بقتل الطفل سميح جنيد (4 سنوات) ومحمد أبو لوز (22 سنة)، قبل أن تقصفت الطائرات الإسرائيلية مقر العيادات الخارجية لمجمع الشفاء الطبي في مدينة غزة، وهو أكبر مستشفى في المدينة، ثم استهدفت متنزها في مخيم الشاطئ هرب إليه الأطفال بحثا عن ساعة فرح في العيد مما أدى إلى مقتل 10 أطفال وجرح حوالي 50 آخرين.
وشوهد رجال غاضبون وهم يحملون أشلاء وأجزاء أطفال كانوا يلهون قبل أن يغطي لحمهم ودمهم المتنزه، ويهتفون «لا للهدنة لا للهدنة»، ويدعون للانتقام. وأكد أيمن السحباني مدير الاستقبال في مجمع الشفاء وصول عشرة قتلى من الأطفال في الغارة التي استهدفت حديقة في مخيم الشاطئ، ونفت إسرائيل قصف الشفاء أو منتزه الأطفال.
وقال الناطق باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي إن «انفجارات مستشفى الشفاء ومخيم الشاطئ ناجمة عن قذائف صاروخية أطلقها مخربون فلسطينيون وسقطت عن طريق الخطأ داخل قطاع غزة. جيش الدفاع لم ينفذ أي غارة في تلك المناطق».
وتعهدت حركتا حماس والجهاد بالانتقام لـ«المجزرة»، وفورا سقطت قذائف هاون على تجمع للجنود الإسرائيليين في أشكول، واعترفت إسرائيل بمقتل أربعة جنود وإصابة 10 آخرين. كما قصفت حماس مدينة حيفا التي تبعد نحو 150 كيلومترا عن غزة وهو أول قصف منذ أيام طويلة.
وفي تطور لاحق، أعلنت إسرائيل عن تمكن مجموعة من المسلحين من التسلل إلى كيبوتس «شعار هنيغف» وقالت إن اشتباكات دارت في المكان، ثم أعلنت حماس أن مقاتليها «تمكنوا من قتل 10 جنود في عملية نفذت خلف خطوط العدو شرق الشجاعية»، ولم يتسن التأكد من ذلك فورا.
وارتفع عدد الذين قتلتهم إسرائيل في غزة في اليوم 21 للعدوان إلى 1052 قتيلا، بينهم أطفال الشاطئ، وثلاثة آخرون توفوا أمس متأثرين بجراحهم، وسبعة انتشلوا من بلدة خزاعة في خان يونس، بعد أن سمح بالدخول إلى المنطقة التي حاصرها الجيش ستة أيام.
وتشير إحصائيات وزارة الصحة إلى أن من بين ضحايا العدوان على غزة 249 طفلا و94 سيدة و50 مسنا. أما الجرحى فوصلوا إلى 6400 بينهم 2050 طفلا و1169 سيدة و257 مسنا.
كما اتهمت وزارة الصحة الفلسطينية إسرائيل بارتكاب «مذابح» بحق المدنيين العزل واستهداف 54 عائلة فلسطينية، أدى إلى «ارتقاء 291 شهيدا من أفراد هذه العوائل».
وفي وقت سابق، حاولت القوات الإسرائيلية اقتحام منطقة جباليا شمال قطاع غزة، واشتبكت مع مقاتلين فلسطينيين في المكان، فيما وصف بالأعنف بعد اشتباكات الشجاعية.
وقالت شهود عيان لـ«الشرق الأوسط» إن القوات الإسرائيلية حاولت التوغل في جباليا من جهة الشرق لكن مقاتلين واجهوها بالهاونات وإطلاق النار، وقد تفجرت اشتباكات استمرت لوقت طويل.
وأعلنت كتائب القسام أن عناصرها اشتبكوا مع قوة خاصة راجلة شرق جباليا بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة وقصفوها بقذائف هاون، وقتلوا جنديين لكن إسرائيل تحدثت فقط عن إصابة جندي في الاشتباكات.
وقالت مصادر عسكرية إسرائيلية إن جنديا من الجيش أصيب بجروح ما بين طفيفة ومتوسطة في الاشتباكات مع الفلسطينيين وإنه نقل إلى مستشفى «تل هشومير» للمعالجة.
وتمددت المواجهات من شرق جباليا إلى مناطق حجر الديك والبريج القريبة، وشوهدت النيران تشتعل في دبابة إسرائيلية في المكان، قبل أن تقصف إسرائيل المنطقة بعنف شديد. وأدى القصف المركز على جباليا ووسط القطاع إلى نزوح عائلات جديدة إلى مراكز إيواء المشردين التي فتحتها وكالة غوث اللاجئين، التي يعتقد أنها استقبلت نحو ربع مليون فلسطيني خلال هذه الحرب.
ومن بين المناطق التي استهدفت في القصف كذلك، الشجاعية شرق غزة وبيت حانون وبيت لاهيا شمال القطاع، ووزع الجيش منشورات في هذه المناطق تحرض الأهالي على حماس وتقول إن الحركة الإسلامية لا تهتم لمصيرهم.
وقال الجيش الإسرائيلي إن سلاح الجو أصاب أمس منصتين مطمورتين لإطلاق الصواريخ ومنشاة لإنتاج الوسائل القتالية في شمال ووسط قطاع غزة.
وقال الناطق بلسان جيش الإسرائيلي إنه منذ بدء العملية البرية في القطاع هاجمت قوات الجيش 2944 هدفا بما في ذلك 495 منصة لإطلاق الصواريخ وخمسون منشأة لإنتاج الوسائل القتالية وثلاثمائة وواحد وسبعون مقرا للقيادة والسيطرة، كما جرى اكتشاف 32 نفقا.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.