تختلف عادات الاحتفال بعيد الفطر المبارك في السعودية من منطقة إلى أخرى، وإن كانت صلاة العيد، وزيارات الأهل والأقارب، وصلة الرحم، وتوزيع الحلوى على الأطفال في المدن المختلفة عاملا مشتركا؛ لأنها صادرة من التشريعات الدينية، إلا أن لكل منطقة طريقة مختلفة بعض الشيء في ممارسة هذه العادات والتقاليد وطريقة الاحتفال.
فمن دحة شمال السعودية إلى فولكلور أهل الجنوب، مرورا بعرضة نجد، ومن رقصة البحارة في الشرقية، إلى مزمار الغربية. تقاليد مختلفة يربطها الابتهاج بحلول عيد الفطر المبارك، الذي تعم فيه الفرحة البلاد، رغم اختلاف الموروث الثقافي، والاختلاف الملحوظ بين عادات كل منطقة على حدة؛ بل وحتى الاختلاف في المأكولات المقدمة في العيد، وتوقيت الاحتفال، جميعها روابط مختلفة تميز كل منطقة عن الأخرى، ويبدع كل فرد في هذه المناطق في التعبير عن فرحته بالعيد بطريقته الخاصة.
قال رياض الخمشري الذي يعمل في قطاع التعليم بمكة المكرمة، إن الاحتفال بعيد الفطر المبارك له نكهة خاصة لديهم، تختلف عن أي مكان آخر في العالم؛ نظرا لاستقبال أهلها ضيوف الرحمن طوال شهر رمضان الماضي، والذي يشارك في استقبالهم وخدمتهم في البيت الحجازي شخص واحد على الأقل، حيث تبدأ الاحتفالات في البلد المقدس بصلاة العيد في الحرم، وهو الأمر الذي يحرص عليه سكان المنطقة الغربية بكل محافظاتها وقراها، ومن ثمَّ تناول الإفطار الشعبي مثل: الفول، والهوى، والمعصوب، واللحم المقلقل، والاجتماع بعدها في الحارة للسلام بعضهم على بعض قبل الانطلاق للاحتفال بالمزامير الشعبية التي يتراقص على أنغامها كبار السن قبل الصغار.
وأضاف: «نذهب بعدها للسلام على كبار السن من الأقارب، ونتجه في المساء بأعداد كبيرة لاستكمال الاحتفال في مدينة جدة أو الطائف، بعد انقضاء أيام رمضان الروحانية».
وأشار عبد الله السكيرين الذي يقطن مدينة الرياض، إلى أن أعدادا كبيرة من سكان الرياض يقومون بهجرة عكسية إلى مدنهم وقراهم ومسقط رؤوسهم في أيام العيد الثلاثة الأولى، ويتضح ذلك جليا في فراغ المدينة من سكانها إلى حد كبير، ولفت إلى أن الاحتفال في العاصمة السعودية متطور إلى حد كبير، بعكس المدن والقرى الأخرى التي ما زالت محتفظة بعاداتها وتقاليدها التي توارثتها، خصوصا أن معظم سكان الرياض الأصليين يتجهون لحضور الاحتفالات التي تقيمها البلديات، وقسم آخر يحضر الاجتماعات العائلية التي تقام هنا على نطاق واسع، إلا أن الشريحة الكبرى هي التي تخرج إلى أريافها وقراها للاحتفال.
فيما دفع ارتفاع درجات الحرارة إلى تغيير بوصلة الاحتفال بالعيد لدى الأسر السعودية، وتحول من كونه يجري في النهار، إلى الاحتفال به في المساء.
ومن المعروف لدى الأسر السعودية أن التهنئة بقدوم العيد تكون في ساعات الصباح الأولى، إلا أن درجات الحرارة أسهمت بشكل ملحوظ في تأجيل موعد الاحتفال إلى المساء، في حين رأت الأسر أن هذا التحول خطوة مهمة وجيدة، نظرا لارتفاع درجات الحرارة على معظم مناطق البلاد، التي قد تبدأ أوائل الأربعينات درجة مئوية مرورا بمنتصفها.
ورأى آخرون أن هذا التغيير مخالف لما اعتادوه في مثل هذه المناسبات المهمة، إذ كانوا في السابق يحتفلون بالعيد مع بزوغ فجر أول يوم من شهر شوال، وتحديدا بعد الانتهاء من صلاة العيد، إذ تبدأ التهاني بين الأهل والأقارب الذين يعيشون في نطاق عمراني صغير، بالإضافة إلى معايدة الجيران في التوقيت ذاته.
وأشار ابن يوسف إلى أن درجات الحرارة أسهمت بشكل كبير في تغيير وقت الاحتفال بالعيد إلى المساء وأنه خلال حديثه الهاتفي إلى الأقارب، وإخبارهم بموعد العيد، وجد نوعا من الارتياح المحفوف بالدهشة؛ إذ أبدى عدد منهم فرحا وسعادة بعدما تلقوا خبر التغيير، وبين أن هذا التوقيت أسهم بشكل فاعل في تسهيل مهام إحضار وجبات الولائم الخاصة بالعيد، موضحا أن هذا التوقيت في توقيت الاحتفال بالعيد يبرز في المدن على عكس القرى والمحافظات التابعة للمدن الكبرى، قائلا: «عدد من الأهل والأقارب الموجودين في القرى يفرضون الاحتفال بالعيد بعد صلاة العيد مباشرة، على أن يعاودوا أداء واجب السلام والمعايدة في المساء».
صلاة العيد تجمع السعوديين وتقاليد المناطق تفرض طريقة الاحتفال
حرارة الأجواء تدفع الأسر للمعايدة المسائية

موائد العيد (تصوير: أحمد حشاد)
صلاة العيد تجمع السعوديين وتقاليد المناطق تفرض طريقة الاحتفال

موائد العيد (تصوير: أحمد حشاد)
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة