حماس تبدي مرونة بعد لقاء عباس ومشعل

الرياض تدعو لحماية الفلسطينيين ومواجهة حرب الإبادة ضدهم

جانب من لقاء رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس مع رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل في الدوحة أمس (رويترز)
جانب من لقاء رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس مع رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل في الدوحة أمس (رويترز)
TT

حماس تبدي مرونة بعد لقاء عباس ومشعل

جانب من لقاء رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس مع رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل في الدوحة أمس (رويترز)
جانب من لقاء رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس مع رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل في الدوحة أمس (رويترز)

أبدت حركة حماس مرونة في الموافقة على المبادرة المصرية التي كانت طرحتها القاهرة من أجل وقف إطلاق النار بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وجاء هذا غداة لقاء جمع بين رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس (أبو مازن) مع رئيس المكتب السياسي للحركة خالد مشعل في الدوحة أمس.
وقالت مصادر مطلعة في حماس ومقربة من مشعل لـ«الشرق الأوسط» إنه «إذا عدلت مصر على مبادرة وقف النار بطريقة تلبي تطلعات واحتياجات الفلسطينيين في قطاع غزة فإن الحركة ستوافق عليها دون تردد».
وبحسب المصادر فإن هذا ما أبلغه مشعل لعباس خلال اجتماعهما في الدوحة، وأكدت أن مشعل تمسك بشروط المقاومة وسلمها ثانية لأبو مازن «الذي تفهمها ووعد بنقاشها مع المصريين».
وأكدت المصادر أن مشعل أبلغ عباس أنه «لا يمكن التنازل عن هذه الشروط بعد كل هذا الدم وهذه الإنجازات». وأضافت: «هذه ليست مطالبنا وحدنا، هذه مطالب جميع الفصائل ومطالب كل الناس في غزة وفلسطين.. يجب رفع الحصار أولا».
ونفى المصدر وجود صيغة جديدة لمبادرة جديدة اتفق عليها بين مشعل وعباس، لكنه تحدث عن «توافق عام على ضرورة وقف إطلاق النار ورفع الحصار».
وكان عباس التقى مشعل بمقر إقامته بالعاصمة القطرية الدوحة، وجرى خلال الاجتماع استعراض الجهود والاتصالات الجارية لوقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وجرى التوافق على استمرار التشاور وعلى مزيد من الخطوات من أجل وقف العدوان، وذلك من خلال الجهود المصرية وجهود الأشقاء والأصدقاء بحسب بيان للرئاسة الفلسطينية.
وقال الناطق الرسمي باسم الرئاسة في بيان بثته الوكالة الفلسطينية الرسمية: «إنه جرى التأكيد على ضرورة وقف العدوان الإسرائيلي فورا، وتحقيق الأهداف الوطنية العليا للشعب الفلسطيني».
ويحاول عباس منذ أيام إيجاد قواسم مشتركة بين مصر وحماس، واجتمع بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ومن ثم ذهب إلى تركيا والتقى رئيس وزرائها رجب طيب إردوغان وحط أخيرا في قطر والتقى شيخها الأمير تميم بن حمد آل ثاني في محاولة للضغط على حماس قبل أن يلتقي مشعل.
وأكدت مصادر في السلطة الفلسطينية لـ«الشرق الأوسط» أن «عباس يسعى إلى وقف نزيف الدم الفلسطيني في غزة بأي ثمن، ولذلك فإنه يجوب العواصم المؤثرة على إسرائيل من جهة وحماس من جهة أخرى». وبحسب المصادر فإن «عباس أوفد مدير المخابرات الفلسطينية ماجد فرج وعضو اللجنة المركزية لفتح عزام الأحمد إلى القاهرة (أمس) لاطلاع المصريين على نتائج لقائه بمشعل وتصوره لمسودة وقف النار الجديدة أو المعدلة».
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن الأحمد قوله إن لقاء عباس ومشعل «كان مهما واستعرض فيه كل الجهود الدولية والإقليمية من أجل وقف العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة». وأكد: «اتفقنا على أن نبدأ بوقف إطلاق النار أولا ونستمر بالنقاش مع مصر وكل الأطراف الإقليمية والدولية حتى يجري بلورة الصيغة النهائية لاتفاق التهدئة».
وبحسب الأحمد فإن «المشاورات مع حماس متواصلة»، مشيرا إلى احتمال عقد «لقاء آخر مع مشعل اليوم (غدا)». وأضاف: «حماس والرئيس اتفقا على أن تعمل كل الأطراف الفلسطينية كفريق واحد هدفه وقف إطلاق النار على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة».
وكانت مصر طرحت مبادرة الأسبوع الماضي لوقف النار في غزة تنص على وقف «الأعمال العدائية» من الطرفين، ومن ثم نقاش مسألة رفع الحصار عن قطاع غزة والاحتياجات الأخرى. ورفضت حماس المبادرة وقالت إنها تريد الاستجابة لشروطها بالتزامن مع وقف النار.
وتريد حماس الوقف الفوري للعدوان على غزة برا وبحرا وجوا، وضمان وقف سياسة التوغل والاجتياحات والاغتيالات وهدم البيوت وتحليق طيرانه فوق القطاع، وفك الحصار البري والبحري عن قطاع غزة بشكل كامل، بما في ذلك فتح المعابر وتشغيل ميناء غزة، وإدخال جميع السلع والكهرباء والوقود ومواد البناء وكل احتياجات الفلسطينيين، وفك الحصار الاقتصادي والمالي، وضمان حرية الصيد والملاحة حتى 12 ميلا بحريا، وحرية الحركة في المناطق الحدودية لقطاع غزة، وإلغاء المنطقة العازلة، وإلغاء جميع الإجراءات والعقوبات الجماعية بحق الفلسطينيين في الضفة الغربية والإفراج عن جميع المعتقلين، وخصوصا محرري صفقة وفاء الأحرار ورئيس وأعضاء المجلس التشريعي الفلسطيني، وفتح المؤسسات وإعادة الممتلكات الخاصة والعامة التي صودرت، وتسهيل تنفيذ برنامج إعادة إعمار ما دمره العدوان المتكرر على قطاع غزة.
وتبدو بعض هذه الطلبات رهنا بموافقة عباس، إذ تصر مصر على أن فتح معبر رفح لن يحدث دون تسليمه إلى حرس الرئيس الخاص وانتشاره كذلك على طول الحدود مع غزة. ويطلب عباس الالتزام باتفاق 2005 وينص على وجود مراقبة دولية على المعبر وترفض حماس.
وقال نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية إن شروط المقاومة هي الحد الأدنى لأية تهدئة يمكن إبرامها مع الاحتلال الإسرائيلي، مضيفا: «لا يمكن للمقاومة وأبناء شعبنا الذين قدموا كل هذه التضحيات خلال هذه الحرب القبول بأقل من ذلك».
وقال هنية في خطاب مسجل بث مساء أمس: «شعبنا قرر إنهاء الحصار وإنهاء احتلال الأرض الفلسطينية». وأضاف: «لا يمكن أن نعود إلى الوراء».
وأكد هنية أن حركته منفتحة على أي وساطة لرفع العدوان: «حماس ترحب بأي تحرك جاد لوقف العدوان، ولكن مطالبنا ثابتة ولا تراجع عنها، وهي: وقف العدوان وضمان عدم تكراره، ورفع الحصار عن قطاع غزة، والإفراج عن المعتقلين».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».