انتحاري يفجر نفسه وسط زوار شيعة شمال شرقي بغداد

شرطي عراقي يفتش زائرا في طريقه إلى كربلاء للمشاركة في إحياء أربعينية الحسين، أمس (رويترز)
شرطي عراقي يفتش زائرا في طريقه إلى كربلاء للمشاركة في إحياء أربعينية الحسين، أمس (رويترز)
TT

انتحاري يفجر نفسه وسط زوار شيعة شمال شرقي بغداد

شرطي عراقي يفتش زائرا في طريقه إلى كربلاء للمشاركة في إحياء أربعينية الحسين، أمس (رويترز)
شرطي عراقي يفتش زائرا في طريقه إلى كربلاء للمشاركة في إحياء أربعينية الحسين، أمس (رويترز)

قتل خمسة أشخاص وأصيب عشرة بجروح عندما فجر انتحاري نفسه أمس بين مجموعة من الزوار الشيعة قرب بعقوبة شمال شرقي بغداد، بينما قتل جنديان ومدنيان في الموصل (شمال البلاد)، وفقا لمصادر أمنية وطبية.
وقال ضابط شرطة برتبة عقيد، إن «انتحاريا فجر نفسه بين زوار شيعة كانوا متوجهين إلى كربلاء في بلدة الخالص» الواقعة على بعد 20 كم شمال بعقوبة (60 كم شمال شرقي بغداد).
وأضاف المصدر لوكالة الصحافة الفرنسية، أن «بين القتلى شرطيا مسؤولا عن حماية الموكب، قتل عندما احتضن الانتحاري قبل أن يفجر نفسه، وهو ما قلل عدد ضحايا الهجوم».
ونشرت وزارة الداخلية بيانا على موقعها حول الحادثة، جاء فيه أن «أحد أبطال شرطة فوج طوارئ محافظة ديالى، وبعد شكه في أحد الأشخاص، قام بمداهمته، واحتضانه، مما دفع الإرهابي إلى تفجير نفسه، حيث تبين أنه كان يرتدي حزاما ناسفا».
والشرطي أيوب خلف أب لطفلين (ست سنوات، وتسع سنوات)، ويسكن في الخالص. وقال أحد أصدقائه، ويدعى سعد نعيم، إن «أيوب استشهد دفاعا عن زوار الإمام الحسين، وسيبقى اسمه رمزا خالدا، لأنه أنقذ أرواح العشرات من الأبرياء»، مضيفا: «سنثأر له من تنظيم القاعدة الإرهابي». ورأى من جهته ابن عمه حسن جاسم أن أيوب خلف الذي انضم إلى الشرطة في عام 2008 «وقف في وجه الإرهاب، فهو أنقذ مئات الزوار من موت محتم، ونحن نفخر به»، مطالبا الحكومة «بتخليد اسمه عبر تسمية أحد شوارع الخالص باسمه، أو وضع تمثال له في مكان الانفجار».
وذكر أيضا زميله في الشرطة جعفر خميس أن أيوب خلف «كان شجاعا ومحبا لوطنه ومضحيا لأجله (...) وقد استطاع أن يسكت صوت الكفر والظلم من خلال تضحيته بروحه وجسده، وأتمنى لو كنت مكانه لأقف وقفة مشرفة أمام أبناء محافظتي».
ويتعرض الزوار الشيعة، الذين بدأوا السير على الأقدام منذ عدة أيام متوجهين إلى كربلاء لإحياء ذكرى أربعين الإمام الحسين التي تبلغ ذروتها الأسبوع المقبل، لهجمات متواصلة منذ أيام، وخصوصا في المناطق الواقعة إلى الجنوب من بغداد. فأول من أمس، قتل ثمانية من الزوار الشيعة، وذلك بعد ساعات من مقتل 24 في هجوم بسيارتين مفخختين قرب المحمودية، (جنوب العاصمة).
وفي بيان نشر على موقعها مساء أول من أمس، أعلنت وزارة الداخلية أن «مسلحين مجهولي الهوية قاموا بإطلاق النار على سيارة صالون كانت تقل زوارا سعوديين بالقرب من نقطة تفتيش في سامراء» (110 كم شمال بغداد). وأضاف البيان أن الزوار كانوا في طريق عودتهم إلى بغداد، وأن الحادث أدى إلى «استشهاد طفلة وإصابة والدتها وجرى نقلهما إلى مستشفى بلد (70 كم شمال بغداد) العام لإجراء اللازم».
وفي هجمات أخرى أمس، قتل مدنيان وجنديان في هجومين مسلحين منفصلين في شرق الموصل (350 كم شمال بغداد) وإلى جنوبها، وفقا لرائد في الشرطة ومصدر في دائرة الطب العدلي.
من ناحية ثانية، أفاد شهود عيان بأن أربعة صواريخ سقطت مساء أول من أمس وسط مدينة كربلاء. وقالت مصادر لوكالة الأنباء الألمانية: «سقطت أربعة صواريخ، من بينها اثنان وسط كربلاء واثنان آخران في حي النقيب وسط المدينة، مما أسفر عن سقوط العشرات ما بين قتيل وجريح».
وتمثل هذه الهجمات حلقة جديدة من مسلسل العنف اليومي المتصاعد منذ أبريل (نيسان) الماضي، وحصد أرواح نحو 370 شخصا في أسبوعين، وسط عجز القوات الأمنية عن وقف التدهور الأمني، الذي يرى مراقبون أنه سيتواصل حتى الانتخابات المقبلة في أبريل (نيسان) 2014.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».