اليمن: جدل في مؤتمر الحوار حول مؤسسات المرحلة المقبلة وعدد الأقاليم

اليمن: جدل في مؤتمر الحوار حول مؤسسات المرحلة المقبلة وعدد الأقاليم
TT

اليمن: جدل في مؤتمر الحوار حول مؤسسات المرحلة المقبلة وعدد الأقاليم

اليمن: جدل في مؤتمر الحوار حول مؤسسات المرحلة المقبلة وعدد الأقاليم

يواصل مؤتمر الحوار الوطني الشامل في اليمن أعماله بمناقشة آخر القضايا الخلافية التي ما زالت عالقة، في حين دعت منظمة حقوقية أميركية الولايات المتحدة واليمن إلى إجراء تحقيق حول مقتل مدنيين في غارات بطائرات أميركية دون طيار، هذا في حين يتواصل مسلسل استهداف المصالح الحيوية في شرق البلاد من قبل من يوصفون بـ«المخربين».
وذكرت مصادر في مؤتمر الحوار لـ«الشرق الأوسط»، أن «لجنة التوفيق بين الآراء في مؤتمر الحوار الوطني الشامل تواصل منذ يومين مناقشة واحدة من أهم القضايا التي رفعت إليها والمتعلقة بطبيعة مؤسسات الدولة التي سوف تتطلبها المرحلة التي تفصل ما بين مرحلتي الاستفتاء على الدستور وإجراء الانتخابات العامة»، وأشارت المصادر إلى أن النقاشات انصبت حول ستة مقترحات تعلقت بالمؤسسات التي يتطلب الإبقاء عليها خلال تلك المرحلة والمؤسسات الأخرى التي طرحت بعض المكونات في مؤتمر الحوار ضرورة إلغائها، وكذا المؤسسات التي يتوجب استحداثها لمواكبة إنجاز الاستحقاقات الدستورية، وأكدت المصادر أن اللجنة لم تستطع حسم الموضوع ولم تتوصل إلى اتفاق نهائي حول المقترحات المطروحة.
ومن أهم القضايا التي ما زالت عالقة في مؤتمر الحوار الوطني الشامل باليمن، هي تقسيم البلاد إلى أقاليم بعد الاتفاق على قيام دولة اتحادية، فالنقاشات داخل لجنة الـ(8 + 8) من الجنوبيين والشماليين ما زالت محتدمة بين تقسيم البلاد إلى إقليمين أو خمسة أو ستة أقاليم، حيث يصر الجنوبيون على مقترح الإقليمين فيما يصر الشماليون على مقترح الخمسة أو الستة أقاليم، في حين يواصل المبعوث الأممي إلى اليمن جمال بنعمر مشاوراته مع كل الأطراف في محاولة التوصل إلى تسوية ترضي كل الأطراف.
على صعيد آخر، طالبت منظمة «هيومان رايتس ووتش» الأميركية المعنية بحقوق الإنسان الولايات المتحدة واليمن بإجراء تحقيق في غارات جوية أدت إلى مقتل مدنيين، وضمان المحاسبة والتعويض عن تلك الهجمات التي وصفتها المنظمة بغير المشروعة، وجاءت مطالبة المنظمة الحقوقية الشهيرة بعد الأنباء عن مقتل نحو 15 مدنيا في غارة جوية بطائرة أميركية دون طيار على موكب زفاف في مديرية رداع بمحافظة البيضاء في 12 من الشهر الحالي، وذكرت المنظمة بحادثة مماثلة وقعت في 17 ديسمبر (كانون الأول) عام 2009، في منطقة المعجلة بمحافظة أبين الجنوبية والتي راح ضحيتها 41 مدنيا.
وفي بيان للمنظمة، حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، قالت ليتا تايلر، الباحثة الأولى في الإرهاب ومكافحته في «هيومان رايتس ووتش»، إنه «وبعد مرور أربعة أعوام، ما زال أقارب القتلى ينتظرون من الولايات المتحدة الاعتراف بقتل 41 مدنيا في المعجلة، أو حتى تقديم تفسير لما حدث في الغارة الجوية»، وإن «العمليات العسكرية التي لا تبذل جهدا يذكر للتعامل مع الخسائر المدنية تتسم بقصر النظر، علاوة على انعدام مشروعيتها».
وترددت أنباء عن قيام الحكومة اليمنية بعملية التحكيم القبلي لذوي القتلى في مديرية رداع والذين كان معظمهم في موكب زفاف وسلمت إليهم بنادق آلية ومليوني ريال يمني لكل واحد من ذوي الضحايا، كخطوة أولى نحو ترضيتهم وامتصاص الغضب التي خلفته تلك الضربة الجوية التي أخطأت هدفها والتي أدت بمجلس النواب اليمني (البرلمان)، الأحد الماضي، إلى المصادقة على منع تحليق الطائرات الأميركية دون طيار فوق الأجواء اليمنية، بعد تزايد الانتقادات لتلك الضربات الخاطئة، في الوقت الذي عبر فيه مراقبون ومحللون سياسيون لـ«الشرق الأوسط» عن خشيتهم من أن يؤدي قرار البرلمان إلى تزايد نشاط تنظيم القاعدة في المناطق اليمنية جراء التحرر من خوف الملاحقة بـ«الدرون»، في حين تعد الغارات الجوية بالطائرة دون طيار واحدة من أبرز أوجه التعاون اليمني – الأميركي في مجال محاربة الإرهاب في السنوات القليلة الماضية.
من ناحية أخرى، فجر مسلحون قبليون، أمس، خطوط نقل الطاقة الكهربائية التي تغذي اليمن في منطقة آل شبوان في محافظة مأرب بشرق البلاد، وهو ثالث تفجير يستهدف أبراج الكهرباء بمأرب خلال الأسبوع الحالي، وقد أدى التفجير إلى أن تعيش العاصمة صنعاء ومعظم المحافظات في ظلام دامس، إضافة إلى استهداف أنبوب النفط الرئيس في البلاد بسلسلة تفجيرات في محافظة مأرب، أيضا.
ومنذ التسوية السياسية وانتقال السلطة في اليمن، كثف المخربون، كما تطلق عليهم السلطات اليمنية، من عمليات استهداف أبراج الكهرباء وأنابيب النفط والغاز في شرق البلاد، وبلغت عمليات تفجير خطوط نقل الكهرباء قرابة 50 عملية منذ مطلع العام الحالي فقط، وأكد مصدر قبلي لـ«الشرق الأوسط» أن معظم القبائل ترفض أسلوب استهداف المصالح الحيوية والذي ينعكس سلبا على حياة كل اليمنيين، وأشار المصدر إلى أن جهات ما في النظام السابق تقف وراء هذه الجماعات التخريبية وتشجعها على الاستمرار في هذه الأعمال، ودعا المصدر القبلي الرئيس اليمني والحكومة إلى «الضرب بيد من حديد لوقف هذا العبث الحالي»، مؤكدا أن «ما يجري هو استهداف واضح لسمعة القبيلة في مأرب، من ناحية، وللنظام السياسي الجديد من ناحية أخرى ويضع الرئيس والحكومة في موقف الضعيف»، إضافة إلى « محاولة عرقلة التسوية السياسية ومؤتمر الحوار الوطني الشامل»، وعد المصدر القبلي «أعمال تفجير أبراج الكهرباء وأنابيب النفط والغاز بأنها لا تختلف تماما عن العمليات الإرهابية كالاغتيالات وغيرها».
إلى ذلك، أقر البرلمان اليمني أمس إنشاء محافظة أرخبيل سقطرى في بحر العرب لتكون المحافظة الـ22 في البلاد.



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.