محكمة أميركية: برنامج وكالة الأمن القومي قد يكون غير قانوني

محكمة أميركية: برنامج وكالة الأمن القومي قد يكون غير قانوني
TT

محكمة أميركية: برنامج وكالة الأمن القومي قد يكون غير قانوني

محكمة أميركية: برنامج وكالة الأمن القومي قد يكون غير قانوني

قالت محكمة اتحادية أميركية أول من أمس إن «برنامج وكالة الأمن القومي الخاص بجمع معلومات ضخمة خلال رصد ملايين الاتصالات الهاتفية ربما انتهك الدستور الأميركي». وأصدر القاضي ريتشارد ليون في واشنطن إنذارا أوليا طلبه نشطاء يحاولون وقف برنامج مراقبة الاتصالات الهاتفية بينما يتم نظر قضيتهم في المحكمة، مشيرا إلى «احتمال قوي بنجاح دعواهم بأن البرنامج ينتهك الحماية الدستورية من عمليات المراقبة والتفتيش غير المبررة». وذكر القاضي أن البرنامج انتهك خصوصية مستخدمي الخدمات الهاتفية. وكتب ليون «لا يمكنني أن أتخيل تمييزا وانتهاكا تعسفيا أكبر من هذا الجمع والتخزين لبيانات كل مواطن بطريقة منهجية وتقنية عالية بغرض فحصها وتحليلها دون موافقة قضائية». كان القاضي ليون الذي عينه الرئيس السابق جورج بوش قد أصدر قراره القضائي لصالح اثنين من المدعين هما لاري كليمين وتشالز سترانج والد أحد العاملين في وكالة الأمن القومي الذي قتل في أفغانستان عام 2011، وأشار إلى احتمال كبير أن مصلحة حماية خصوصية الأفراد تفوق مصلحة الحكومة في جمع البيانات وبالتالي فإن برنامج وكالة الأمن القومي هو عملية بحث عير مبررة تحت التعديل الرابع للدستور، وقال: «لا شك لدي أن واضع الدستور الأميركي جيمس ماديسون - الذي حذرنا من الجور على حرية الشعب من خلال تعديات تدريجية وصمت من هم في السلطة - سيكون مذعورا مما يحدث». ويثير برنامج وكالة الأمن القومي انتقادات ليس فقط من قبل نشطاء الحريات المدنية وإنما أيضا شركات الاتصالات الكبيرة التي تشعر بالقلق من فقدان أعمالها مع كبار العملاء الذين يشعرون بالقلق من تطفل الحكومة على الاتصالات. والتقى الرئيس باراك أوباما مع عدد من المسؤولين التنفيذيين من شركات التكنولوجيا الرائدة بالبيت الأبيض، وتوقعت مصادر أن تتضمن المحادثات مناقشة برنامج وكالة الأمن القومي إضافة إلى حكم المحكمة، بينما يدافع أوباما عن البرنامج باعتباره أداة حاسمة ضد الإرهاب. غير أن برنامج المراقبة قد يستمر، إذ قال القاضي إنه علق تنفيذ الحكم، مرجحا طعن الحكومة أمام محكمة الاستئناف نظرا لأن «هناك مصالح أمنية وطنية كبيرة عرضة للخطر في هذه القضية ونظرا لحداثة القضايا الدستورية». وقال ليون إنه «يتوقع أن يستغرق نظر استئناف الحكومة ضد إنذاره القضائي نحو ستة أشهر». وقال آندرو أميس المتحدث باسم وزارة العدل ومحامي الحكومة في القضية «نحن ندرس القرار ونعتقد أن البرنامج دستوري كما قرر القضاة السابقون». ورحب الموظف السابق بوكالة الأمن القومي ومسرب المعلومات الاستخباراتية الهارب إدوارد سنودن بقرار المحكمة في بيان قدمه إلى صحيفة «نيويورك تايمز». وقال سنودن: «تصرفت من منطلق اعتقادي بأن برامج المراقبة الضخمة التي تتبناها وكالة الأمن القومي لن تصمد أمام أي طعن في دستوريتها، وأن الشعب الأميركي يستحق فرصة لرؤية البت في هذه القضايا أمام محاكم علنية». وأضاف «اليوم، ثبت أن برنامجا سريا أجازته محكمة سرية ينتهك حقوق الأميركيين حين خرج (هذا البرنامج) إلى النور. إنها الأولى بين حالات كثيرة».
وقال ستيفن فالديك الخبير بقوانين الأمن بكلية الحقوق بالجامعة الأميركية، إن «15 قاضيا قاموا بدراسة القضية وعلاقتها بالقسم 215 من قانون باتريوت للولايات المتحدة الأميركية والمتعلق بجمع البيانات دون مواجهة مشكلات دستورية ويبدو أن هناك رؤى مختلفة بين القضاة الذين يعتقدون أن المادة 215 دستورية بينما يرى القاضي ليون خلاف ذلك». من جانبه، وصف اتحاد الحريات المدنية الأميركي الذي قدم طعنا قانونيا مماثلا في المراقبة قرار القاضي بأنه «قرار قوي الصياغة ومدروس بعناية يخلص في النهاية - وله كل الحق - إلى أن برنامج مراقبة المكالمات الذي تتبناه وكالة الأمن القومي لا يمكن أن يتماشى مع الدستور».
ورفض المتحدث باسم البيت الأبيض جاي كارني التعقيب في بادئ الأمر، نظرا لأنه لم يكن ملما بقرار المحكمة. وجدد البيت الأبيض دعوته لأن يواجه سنودن اتهامات في الولايات المتحدة، رافضا على ما يبدو اقتراحا من أحد مسؤولي وكالة الاستخبارات الأميركية بإبرام صفقة للعفو عن سنودن.
وأشار ريك ليدجيت المسؤول بوكالة الأمن القومي، والذي ترأس التحقيق في تسريب المعلومات، في مقابلة يوم الأحد إلى أن الوكالة يمكن أن تدرس إبرام صفقة إذا تخلى سنودن عن الوثائق السرية التي لم تنشر بعد. وفي مقابلة مع شبكة «سي بي إس»، قال ليدجيت إن «الأمر يستحق إجراء محادثة بشأن صفقة مع سنودن إذا كان بإمكانه إثبات أن بقية الوثائق المسروقة التي تقدر بنحو 7.1 وثيقة آمنة».
وقال المتحدث باسم البيت الأبيض جاي كارني، إن «ليدجيت لم يكن يعبر إلا عن رأيه الشخصي». وأضاف كارني «لقد اتهم السيد سنودن بتسريب معلومات سرية وهو يواجه اتهامات جنائية هنا في الولايات المتحدة. ينبغي إعادته إلى الولايات المتحدة، في أقرب وقت ممكن، حيث سيتمتع بالإجراءات القانونية وسبل الحماية الكاملة في نظامنا. هذا هو موقفنا ولم يتغير».



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.