هناك، إذا ما كنت من النوع الذي يصدّق بسهولة، سمكة قرش عمرها أكثر من مليوني سنة كانت تعيش في أعماق المحيط ويعتقد العلم بأنها انقرضت. المميّـز في تلك السمكة أنها بطول 22 متراً، أي تستطيع، وهي مزوّدة بالفم الضخم، أن تبتلع فوجاً من البشر في وقت واحد.
هذا حسب الفيلم الجديد «ذا مَغ»، هناك غوّاصة علمية تجوب القاع وفي بالها معاينة حال تلك الأعماق فإذا بها تتعرض لهجوم هذا القرش. من حسن حظ الفريق أنّه مصون بجدران المصنوعة من الصّلب وإلّا لتحوّل عمله إلى معاينة أحشاء تلك السمكة الضخمة.
ليس جديداً قيام هوليوود بتحقيق فيلم عن أسماك القرش حتى من قبل أن يخصص ستيفن سبيلبرغ فيلمه «جوز» عنها سنة 1975، في السنوات الأخيرة شاهدناها تتحوّل إلى طيور في سلسلة أسمها Sharknado خرج فيلمها الأول سنة 2013، من ثم ّتوالت سلسلتها، وبحلول السنة الحالية حُقّقت خمسة أفلام مشتقة مباشرة من الفيلم الأصلي وثلاثة مستوحاة منه.
ما يمنح سلسلة «شاركنادو» بعض القبول أنّها لم تعالج موضوعاتها (ولا أسماكها عابرة الأجواء) بجدية، بل حافظت على قدر من المرح والسخرية والتخويف معاً. على عكس الفيلم الحالي الذي يخترق جدار الجدية بكل ما أوتي مخرجه جون ترتلتوب من إصرار.
العنوان اختصار لكلمة Megalodon التي تعني «أسنان كبيرة»، وتطلق على نوع منقرض بالفعل من أسماك القرش، يتولى العلماء القول بأنّها عاشت منذ نحو 20 مليون سنة وأنّ طول الواحدة منها وصل إلى 18 متراً (الأربعة الأخرى تطوّع بها الفيلم حتماً).
شبه مستقلة
الفيلم من بين العروض الجديدة هذا الأسبوع مزوّداً بنظام الأبعاد الثلاثة وببطل يهوى أفلام المغامرة هو جاسون تاتام وبانقسام نقدي من حوله مع غالبية اعتبرته متوسطاً أو أقل من ذلك. حسب النّاقد روبي كولين في «ذا تلغراف» البريطاني:ة «ليس هناك من قاع يحفظ الفيلم من الغرق إليه». وجوستن تشانغ كتب في «ذا لوس أنجليس تايمز»: «يبرهن على أنّه كلما ارتفعت الميزانية وازداد طول سمكة القرش خف قدر الفزع المنشود». ووجده ناقد «ذا هوليوود ريبورتر» تود مكارثي «خاليا من أي شخصية وممنتجاً كومبيوترياً وممسوحاً بأقل قدر من المشاعر».
لكن الوحش المائي المذكور قضم الخميس 4 ملايين دولار ومتوقع له أن يواصل القضم خلال هذا «الويك - إند» ليلتهم 30 مليون دولار أخرى.
هو من إنتاج شركة صغيرة اسمها Apelles Entertainment، لكن «وورنر» الكبيرة هي من موّلته وتقوم بتوزيعه، ما يبعده عن ساحل الأفلام المستقلة. ذلك الساحل لم يعد آمناً من غزو الأفلام ذات التمويل المستقل إنتاجاً وتوزيعاً، لكنّه يشتغل بحسابات السينما الترفيهية السائدة في الوقت ذاته.
أحد الأمثلة التي يزخر بها الأسبوع هو فيلم «الإخوة سيسترز» (The Sister’s Brothers)، فيلم وسترن طري ومنتعش بمعالجة ساخرة وبلمسات إخراج من الفرنسي جاك أوديار الذي لم يسبق له أن قدّم فيلماً ناطقاً بالإنجليزية ناهيك عن أنّه فيلم أميركي الإنتاج.
القصة وضعها توماس بيدغان الذي كتب للمخرج بعض أفلامه السابقة (بينها «نبي» و«صدأ وعظام») وبطولتها أسندت إلى خواكين فينكس وجيك جيلنهال وجون س. رايلي وريز أحمد.
كذلك وفي عداد الأفلام المستقلة الملتحقة بالسينما السائدة أيضاً «بايبست» (Buybust) وهو فيلم أكشن من تمويل فلبيني وبطولة نسائية لآن كيرتيس في دور امرأة تقرّر الانتقام من مقتل عائلتها على أيدي أفراد عصابة مخدرات. وبينما تسعى لذلك نجد أبطال فيلم «صيف 84» (بينهم كاليب إميري وغراهام فرشير) يسعون للكشف عن هوية القاتل المسلسل الذي يعيش في بلدتهم الصغيرة.
وفي المجال ذاته فيلم صغير ثالث، إنّما أكثر صدقاً في اقترابه من هوية الفيلم المستقل، عنوانه «مادلينز مادلين» Madeline’s Madeline عن ممثلة شابة اسمها مادلين (من تمثيل هيلينا هوارد) التي يسند لها دور يشبهها بتفاصيله.
من سبايك لي
المتوقع على صعيد «شباك التذاكر» اختراق «ذا مغ» قريباً، القمّـة وربما اقتلاعه الفيلم المتربع على رأس قائمة النجاحات حالياً (وللأسبوع الثاني) وهو «مهمة: مستقلة - تداعيات». المنافس الحقيقي لفيلم سمكة القرش المنقرضة هو فيلم سبايك لي الجديد «بلاكسمان» (BLACKkKLANSMAN، كما يحرص على كتابة العنوان مع حرف k المتوسطة أصغر من مثيلاتها): كوميديا ساخرة جيدة الصّنع (مع هنات في الكتابة وبعض التنفيذ) من المخرج الأفرو - أميركي الذي قرّر العودة إلى منابعه الأولى عندما كانت أفلامه تندّد بالعنصرية ضمن المجتمع الأميركي الواحد.
هذا الفيلم انطلق، منذ يوم الجمعة في 1500 صالة وإذا ما استطاع اختراق الصّفوف الأمامية فإنّ عدد الصّالات قد يزيد بمعدل 20 في المائة. كما سيكون بإمكانه الاستفادة من العنوان اللافت والموضوع السّاخن واسم مخرجه وأبطاله ويصل إلى مرتبة متقدمة في عداد الخمسة الأولى.
الفيلم يستحق الاحتفاء به لأكثر من سبب، ليس موضوعه المناهض للعنصرية سوى أحدها، فهو يستخدم تلك النّبرة الكوميدية لا للضحك غالباً بل لكشف رعونة العنصريين من خلال قصّـة مستقاة من أحداث جرى تحويرها بحيث تصبح أكثر مدعاة للسخرية مما كانت عليه.
في هذا الوقت حافظ «مهمة: مستحيلة - تداعيات» على مكانته العالمية مضيفاً 76 مليون دولار في الأسبوع الماضي في 56 سوقاً (بينها أسواق الخليج العربي)، جامعاً حتى الآن 330 مليون دولار عالمياً بالإضافة إلى 205 ملايين دولار في سوق أميركا الشمالية (الولايات المتحدة، كندا والمكسيك).
بعض الأرقام المثيرة حول ما أنجزه توم كروز (56 سنة)، من نجاحات في مهنته الممتدة من سنة 1981: هو أنجز حتى الآن 35 فيلماً جمعت (تحديداً) 7 مليارات و849 مليونا و829 ألفا و541 دولارا حسب موقع The Numbers.