ترقبت واشنطن بقلق أمس، تظاهُر مئات من دعاة تفوق العرق الأبيض أمام البيت الأبيض، وسط أجواء من التوتر الشديد بعد عام من أعمال العنف التي شهدتها مدينة شارلوتسفيل والتي دفعت اليمين المتطرف إلى الواجهة.
وسمحت السلطات لمنظمة «يونايت ذي رايت» (توحيد اليمين) التي كانت وراء تجمع شارلوتسفيل، بجمع نحو 400 شخص في ساحة «لافاييت» أمام مقر الرئاسة لساعتين فقط أمس. وسُجل انتشار كثيف للشرطة مع قطع العديد من الطرق للحول دون أي احتكاك بين المتظاهرين وآخرين مناهضين لهم، أعلنوا بدورهم أنهم سيتحركون في ساحة لافاييت، كما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية.
وكتب موقع «يونايت ذي رايت» في رسالة إلى المتظاهرين مُنبّهاً: «سيكون هناك بالتأكيد استفزازيون في محاولة لإثارة رد فعل من جانبكم (...)، لا تردوا بغضب». وكان منظّم المظاهرة السابقة جيسون كيسلر، قد طلب تنظيم تجمع جديد في شارلوتسفيل، لكن البلدية رفضت طلبه. فالبلدة الصغيرة الواقعة في فيرجينيا لا تريد تكرار ما حدث في 12 أغسطس (آب) 2017.
ففي ذلك اليوم وبعد خروج مظاهرة للاحتجاج على خطة للبلدية لإزالة تمثال لروبرت لي، الجنرال الذي يرمز إلى الاتحاد الكونفيدرالي خلال الحرب الأهلية الأميركية، وقعت صدامات بين متظاهرين من دعاة تفوق العرق الأبيض وآخرين مناهضين للعنصرية. ودهس أحد المتظاهرين المؤيدين للنازيين الجدد بسيارته حشداً من المتظاهرين ضد العنصرية، ما أدى إلى مقتل امرأة في الثانية والثلاثين من العمر تدعى هيذر هاير وجرح 19 شخصاً آخرين.
وقالت رئيسة بلدية واشنطن، مورييل باوسر: «نعرف أن الناس سيأتون إلى واشنطن (أمس) بهدف وحيد، هو بث كراهيتهم». لكنها أكدت أن الأمر لا يتعلق بمنع الحدث، لأن التعديل الأول للدستور يحمي حرية التعبير. وفي مقابلة مع الإذاعة العامة «إن بي آر» الجمعة، أكد كيسلر أنه يأمل بأن يجري تجمع الأحد «بهدوء»، ونأى بنفسه عن تيار النازيين الجدد قائلا: «لا أريد أن يحضر نازيون جدد تجمعنا (...)، ليسوا بين (المجموعات) المرحب بها». لكنّه أوضح أنه يريد الدفاع عن حقوق السكان البيض، التي يعتبر أنها «غير ممثّلة كما يجب».
وأفاد ملصق غير رسمي للتجمع بث على الإنترنت أن العديد من رموز اليمين المتطرف والنازية الجديدة سيكونون حاضرين، لكن جايسون كيسلر رفض تأكيد هذا الأمر. وقد أعلن أحد الأعضاء البارزين في اليمين المتطرف الأميركي، ريتشارد سبنسر، الأسبوع الماضي أنه لن يشارك في المظاهرة، داعياً أنصاره إلى الاحتذاء به. وكتب: «لا أعرف بالضبط ماذا سيجري، لكنه لن يكون أمراً جيداً على الأرجح».
وكتبت إيفانكا ترمب ابنة الرئيس على «تويتر»: «رغم أن الأميركيين يتمتعون بنعمة العيش في بلد يحمي الحرية وحرية التعبير وتنوع الآراء، لا مكان لنظرية تفوق العرق الأبيض والعنصرية والنازيين الجدد في بلدنا العظيم».
وأضافت: «بدلاً من أن يمزّق بعضنا بعضاً بكراهية وعنصرية وعنف، يمكننا أن نترفع» عن كل ذلك.
ومضت إيفانكا أبعد من والدها الذي قال، السبت، إنه «يندد بكل أشكال العنصرية وأعمال العنف»، ولكن من دون أن يشير تحديداً إلى اليمين المتطرف أو النازيين الجدد. ويأخذ مراقبون على الرئيس أن اليمين المتطرف يستغل بعض تصريحاته لإعطاء شرعية لخطاب الكراهية.
ورغم أنه لن تكون هناك أي مظاهرة في شارلوتسفيل، اتخذت السلطات إجراءات أمنية مشددة في المدينة لتجنب الفوضى التي حدثت خلال الصدامات في 12 أغسطس 2017. وأعلن حاكم ولاية فيرجينيا، رالف نورثام، حالة الطوارئ وأمر بوضع حواجز إسمنتية وسيارات عند مداخل حي المشاة في وسط مدينة شارلوتسفيل، حيث وقعت حوادث العام الماضي، مع إبقاء مدخلين اثنين فقط.
والسبت، سار عشرات من الناشطين المناهضين للفاشية بملابس سوداء، مسافة قصيرة في هذا الحي بينما كانت الشرطة تطوقهم. فيما تجمّع صباح أمس، بضع مئات من الأشخاص بهدوء في حديقة بوكر واشنطن غير البعيدة من وسط المدينة لإحياء ذكرى حوادث 12 أغسطس 2017.
على صعيد منفصل، أثارت تصريحات مساعِدة سابقة للرئيس الأميركي جدلاً واسعاً في أروقة واشنطن بعد أن أكدت وجود تسجيل لترمب يستخدم فيه إهانة عنصرية للأفارقة الأميركيين. وصرحت أوماروسا مانيغولت نيومان للإذاعة الوطنية العامة وشبكة «إن بي سي»، بأنها سمعت الرئيس يستخدم كلمة مهينة خلال تسجيل برنامجه «ذي أبرانتس».
وجاءت تصريحات مانيغولت نيومان التي أُقيلت من البيت الأبيض، قبل أيام من صدور كتاب تزعم أنه يكشف أسراراً حول العاملين فيه وشخصية الرئيس ترمب. وقال البيت الأبيض، الجمعة، إن الكتاب المقرر صدوره الأسبوع المقبل «مليء بالأكاذيب»، كما نقلت وكالة الأنباء الألمانية. وعندما سُئلت المتحدثة باسم البيت الأبيض سارة ساندرز، عن الكتاب، الجمعة، قالت إن مانيغولت نيومان اختارت ألا تقول الحقيقة عن «كل الأشياء الجيدة التي يفعلها الرئيس ترمب وإدارته لجعل أميركا آمنة ومزدهرة، هذا الكتاب مليء بالأكاذيب والاتهامات الباطلة». وأضافت أنه من «المحزن» أن وسائل الإعلام أخذت على محمل الجد كتاب موظفة سابقة بالبيت الأبيض تحاول جني الأرباح من هجمات زائفة.
وذكرت صحيفة «واشنطن بوست» أنه في كتاب «المختل: شهادة من داخل البيت الأبيض»، تشكك مانيغولت نيومان في صحة ترمب العقلية، وتصوّره على أنه غير قادر على السيطرة على أعصابه. وكتبت أيضاً أنه عُرض عليها عقد بقيمة 15 ألف دولار شهرياً من حملة ترمب مقابل صمتها، وذلك وفقاً للصحيفة، التي قالت إنها حصلت على مقتطفات من الكتاب قبل نشره المقرر غداً (الثلاثاء).
ويصف الكتاب علاقتها بالرئيس، التي بدأت عندما كانت متنافسة في برنامجه التلفزيوني الواقعي قبل 15 عاماً، وفقاً لموقع «أمازون». وعملت مانيغولت نيومان مساعِدةً للرئيس ومديرة الاتصالات في مكتب الاتصال العام، وفقًا لما ذكره «أمازون»، ثم تم فصلها في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
كما نشرت مانغوليت نيومان أمس، تسجيلاً لكبير موظفي البيت البيض جون كيلي، وهو يطردها من البيت الأبيض، مؤكدة أن لقاءها معه تمّ في «قاعة العمليات» في البيت الأبيض. وانتقد عدد من المسؤولين أمس، هذا التسجيل، واتهموها بارتكاب جريمة، خصوصاً أنه يُمنع إدخال أي هواتف نقالة أو ساعات ذكية إلى «غرفة العمليات».
منظمة يمينية متطرفة تحْيي ذكرى أحداث شارلوتسفيل بمظاهرة في واشنطن
مساعِدة سابقة لترمب تثير جدلاً قبل صدور كتاب حول عملها في البيت الأبيض
منظمة يمينية متطرفة تحْيي ذكرى أحداث شارلوتسفيل بمظاهرة في واشنطن
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة