مصر تفشل في وقف بيع تمثال فرعوني يعود لأربعة آلاف عام بمزاد في لندن

الحكومة مصممة على الاستمرار في الإجراءات القانونية لمحاولة استرداده

بيع التمثال مقابل 14 مليون جنيه إسترليني (24 مليون دولار) لأحد هواة الآثار والتراث البريطاني(أ.ب)
بيع التمثال مقابل 14 مليون جنيه إسترليني (24 مليون دولار) لأحد هواة الآثار والتراث البريطاني(أ.ب)
TT

مصر تفشل في وقف بيع تمثال فرعوني يعود لأربعة آلاف عام بمزاد في لندن

بيع التمثال مقابل 14 مليون جنيه إسترليني (24 مليون دولار) لأحد هواة الآثار والتراث البريطاني(أ.ب)
بيع التمثال مقابل 14 مليون جنيه إسترليني (24 مليون دولار) لأحد هواة الآثار والتراث البريطاني(أ.ب)

أخفقت مصر في وقف بيع تمثال فرعوني يعود لـ4000 عام، عُرض للبيع في أحد المزادات بالعاصمة البريطانية لندن. والتمثال لـ«سخم كا»، وهو لكاتب أو مسؤول في البلاط الملكي، يعود إلى الأسرة الخامسة (2300 سنة قبل الميلاد)، وهو مصنوع من الحجر الجيري الملون بمقاسات 75 سم ارتفاع وعرض 29.5 سم.
وبينما بذلت وزارتا الآثار والخارجية جهودا حثيثة على مدار الأيام الماضية لوقف بيع التمثال؛ إلا أن صالة مزادات كريستيز بلندن ومجلس بلدية نورثامبتون البريطاني نظما مساء أول من أمس مزادا استثنائيا لبيع التمثال، حيث انتهى المزاد وبيع التمثال مقابل 14 مليون جنيه إسترليني (24 مليون دولار) لأحد هواة الآثار والتراث البريطاني.
وأكدت مصادر مسؤولة في وزارة الآثار المصرية، مواصلة الإجراءات القانونية لتتبع التمثال ومحاولة استرداده، قائلة لـ«الشرق الأوسط»: «الوزارة ستقوم برفع دعوى قضائية ضد المسؤولين عن المزاد ليقوم القضاء بالبت في هذه الدعوى القضائية».
وكان الإعلان عن بيع التمثال قد أثار ردود فعل واسعة في مصر وخارجها، وخاطبت وزارة الآثار في مصر «المجلس الدولي للمتاحف» ووزارة الخارجية، لاتخاذ الإجراءات اللازمة نحو إخطار السفارة المصرية بلندن لإيقاف بيع التمثال، كما جمعت وزارة الآثار توقيعات من بريطانيا وبلجيكا وكندا تطالب بوقف بيع التمثال. في حين نظم مصريون في لندن وقفة احتجاجا على بيع التمثال. وأدان أثريون بيعه، مؤكدين أنه «أمر كان متوقعا» لأنه خرج من مصر في الأساس كإهداء من حكام مصر لشخص إنجليزي كان يعيش في مصر وقتها، لأن القانون المصري كان يسمح بالإهداء وبالقسمة، وكان من حق بعثات التنقيب الحصول على 50 في المائة من الاكتشافات. وطالب هؤلاء بتشكيل لجنة على مستوى دبلوماسي لمراجعة جميع الآثار المسروقة والعمل على استردادها.
ورغم الجهود المصرية، أصر مجلس بلدية نورثامبتون على إقامة المزاد، مؤكدا أنه لا يوجد سبب قانوني يحول دون البيع، حيث إن المجلس يرى أن الحكومة المصرية لا تملك الاعتراض على بيع التمثال والمطالبة باسترداده.
ويؤكد مجلس البلدية أن التمثال غادر مصر بالفعل قبل بدء تطبيق المعاهدة الدولية لعام 1970 التي تمنع بيع مثل هذه الممتلكات، حيث إن ماركيز نورثامبتون الثالث هو من أحضر التمثال من مصر في أواخر عام 1870 وأوائل عام 1880.
من جانبه، قال الأثري أسامة إبراهيم، إن «بيع التمثال كان متوقعا». لكنه حذر بقوله: «بيع الآثار سيكون وسيلة في الفترة المقبلة لحل الأزمات المالية التي قد تتعرض لها المتاحف العالمية». واستطرد قائلا: «الخطورة تكمن في قيام المسؤولين عن متحف نورثامبتون لاستغلال ثمنه للقيام بإصلاحات في المدينة، مما يفتح الباب أمام قيام المؤسسات التربوية ذات الأهداف التعليمية التثقيفية مثل المتاحف ببيع الآثار المصرية واستغلال ثمنها».
ويقول مجلس بلدية نورثامبتون، بوسط إنجلترا، إن «مصر لا تملك سندا على أحقيتها في التمثال»، مؤكدا أنه سوف تخصص إيرادات بيع التمثال في المساعدة في تمويل أعمال توسعة متحف نورثامبتون ومعرض الفنون التي تصل قيمتها إلى نحو 14 مليون جنيه إسترليني». وأضاف المجلس أنه يرغب في مضاعفة مساحة العرض في المتحف فضلا عن توفير معارض جديدة ومنشآت تعليمية. وسوف يتقاسم المجلس الإيرادات مع لورد نورثامبتون، الذي أهدت أسرته التمثال للمتحف عام 1880.
وقال متحدث باسم المجلس: «اتصلنا بالحكومة المصرية قبل عامين بشأن اعتزامنا بيع تمثال سخم كا». مضيفا: «بموجب اتفاقية اليونيسكو عام 1970 بشأن حظر ومنع استيراد وتصدير ونقل ملكية الممتلكات الثقافية بطرق غير مشروعة، فإن مصر ليس لها حق المطالبة باستعادة التمثال»، لافتا إلى أن التمثال غادر مصر بالفعل قبل بدء تطبيق هذه المعاهدة، وهذا ما أكدته الحكومة المصرية في 15 يونيو (حزيران) الماضي.
من جانبه، قال الدكتور على الأصفر رئيس آثار مصر العليا في تصريحات صحافية أمس، إن وزارة الآثار لن تستسلم بعد بيع التمثال، لافتاً إلى أن الوزارة خاطبت صالة «كريستيز» لوقف عملية البيع إلا أنهم لم يستجيبوا، موضحا أن الوزارة تواجه إشكالية قانونية كبيرة نظراً لأننا لا نملك ما يثبت حق الملكية، والتمثال خرج بطريقة شرعية من مصر وهو أثر غير مسجل، وبالتالي فإن هناك احتمالية كبيرة بأن تخسر مصر الدعوى القضائية، وهناك احتمال آخر وهو أن يتبرع المشتري بالتمثال لمصر، ولكن هذا احتمال صعب تحقيقه على أرض الواقع بعد أن دفع 14 مليون إسترليني، مما يجعل استرداد التمثال أمر شبه مستحيل.
وكان وزير الآثار المصري ممدوح الدماطي قد أكد في وقت سابق، أن الوزارة رصدت من خلال متابعتها لمواقع الاتجار الإلكتروني عبر الإنترنت، قيام متحف نورثامبتون بعرض التمثال والترويج له من خلال صالة كريستيز للمزادات. وقال الوزير إنه «جرت مخاطبة المجلس الدولي للمتاحف لاستنكار عملية البيع، ومطالبتها بالعمل على إيقاف عملية البيع».
وشدد وزير الآثار على رفض الوزارة الاتجار في التراث الحضاري المصري وخصوصا من قبل المتاحف العالمية، مؤكدا أن حصول هذه المتاحف على الآثار المصرية بطرق شرعية، لا يعني الاتجار فيها؛ بل هو من أجل نشر الثقافة، وليس الربح المادي من خلال بيعها.
في السياق ذاته، دشنت مجموعة من الأثريين المصريين على مواقع التواصل الاجتماعي، حملة لجمع التوقيعات اعترضا على بيع التمثال أمس، وقال الأثري أسامة إبراهيم أحد المشاركين في الحملة لـ«الشرق الأوسط»: «كنا قد طالبنا من قبل بسرعة التدخل لوقف بيع هذا التمثال الأثري».
وأدانت النقابة المستقلة للعاملين بالآثار بيع تمثال، وطالبت بتشكيل لجنة لمراجعة جميع الآثار المسروقة والعمل على استردادها. وطالب عمر الحضري مؤسس النقابة المستقلة للعاملين بالآثار، بتدخل الدبلوماسية المصرية، لتوثيق الآثار وتسجيلها وإثبات ملكيتها لمصر بشكل علمي وقانوني، وأن يكون هناك تعاون مشترك مع منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونيسكو) لاستصدار قانون دولي لمنع العبث بتاريخ وحضارة المصريين.



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.