قرر البنك المركزي التركي تعديل سياسة الاحتياطي بهدف تعزيز القطاع المصرفي في البلاد، في خطوة تتزامن مع الخسائر التي تخيم على الأسواق المالية والعملة المحلية.
وأعلن البنك، في بيان أمس، أنه خفض الحد الأعلى للتسهيلات المتعلقة بتداول العملات الأجنبية «الفوركس» ضمن آلية خيارات الاحتياطي، بمقدار 5 في المائة، ليصبح 40 في المائة. وأكد البنك أن التحرك لتعديل سياسة الاحتياطي سوف يوفر سيولة بقيمة 2.2 مليار دولار للقطاع المصرفي.
وجاء قرار البنك بالتزامن مع تسجيل مستويات قياسية متدنية في قيمة الليرة التركية خلال تداولات أمس (الثلاثاء) إضافة إلى خسائر في جميع الأصول التركية.
وواصلت الليرة التركية نزف خسائرها أمس لتفقد نحو 4 في المائة من قيمتها مقابل الدولار الأميركي، وتسجل مستوى قياسياً متدنياً جديداً بلغ 5.43 ليرة مقابل الدولار، بفعل مخاوف المستثمرين بشأن العلاقات بين أنقرة وواشنطن التي دخلت مرحلة حرجة على خلفية العقوبات الأميركية ضد تركيا بسبب قضية القس الأميركي آندرو برانسون الذي يحاكم في تركيا بتهم دعم الإرهاب والتجسس السياسي والعسكري. وارتفعت العملة التركية قليلا في تعاملات منتصف أمس لتسترد بعضا من قيمتها وتصرف عند 5.25 ليرة مقابل الدولار.
وأسهم تعليق أميركي في التحسن النسبي لسعر الليرة؛ إذ قالت السفارة الأميركية في أنقرة أمس إن الولايات المتحدة لا تزال صديقا وحليفا قويا لتركيا رغم التوترات الحالية بين البلدين العضوين في حلف شمال الأطلسي، مضيفة أن البلدين تربطهما علاقات اقتصادية نشطة. وانتقدت السفارة، في تغريدة على «تويتر»، تقارير وسائل الإعلام التركية التي نسبت إلى مسؤول أميركي تصريحات مفادها أن سعر الليرة التركية سيتراجع ليصل إلى 7 ليرات للدولار، بأنها «مفبركة ولا أساس لها».
في غضون ذلك، حلت تركيا محل الأرجنتين السوق الأسوأ أداء للسندات بالعملة المحلية، بعد تراجع الليرة إلى مستوى قياسي، وفقاً لمؤشرات «بلومبيرغ باركليز». وتجاوزت خسائر الدولتين المعدل المتوسط لتراجع أسواق الدين بالعملة المحلية في الأسواق الناشئة في عام 2018 البالغ 4.7 في المائة، حيث خسر المستثمرون الحائزون السندات المقومة بالليرة 38 في المائة، مع تراجع الأوراق المالية 8 في المائة في أسبوع واحد فقط، بينما استقر معدل خسارة الأرجنتين عند 36 في المائة. وبناءً على بيانات جمعتها «بلومبيرغ»، خسر المستثمرون الذين اقترضوا الدولار لشراء الليرة التركية 22 في المائة، مقابل خسارة 20 في المائة للبيزو الأرجنتيني. وفقدت الليرة التركية ما يزيد على 27 في المائة من قيمتها هذا العام، متضررة بشكل أساسي من المخاوف بشأن مسعى الرئيس رجب طيب إردوغان لسيطرة أكبر على السياسة النقدية.
وخسرت الليرة التركية أول من أمس نحو 5.5 في المائة، بما يمثل أكبر انخفاض لها في يوم واحد في نحو 10 سنوات، بعد أن قالت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب إنها تراجع الإعفاءات المقدمة لتركيا من الرسوم الجمركية في السوق الأميركية، وهي خطوة قد تؤثر على صادرات من تركيا تصل قيمتها إلى 1.7 مليار دولار.
وفي الساعات الأولى من يوم الاثنين، عوضت الليرة بعض خسائرها بعد أن ذكر تلفزيون «سي إن إن ترك» أن وفدا من مسؤولين أتراك سيزور واشنطن لبحث العلاقات المتوترة بين البلدين العضوين في حلف شمال الأطلسي (ناتو)، لكنها عادت وسجلت أعلى مستويات تراجعها ليلة أول من أمس. وذكرت مصادر إعلامية أن أنقرة وواشنطن توصلتا إلى توافق يهدف لمواصلة المحادثات الدبلوماسية، على أن يزور وفد تركي الولايات المتحدة خلال يومين. وبينما تواصل الليرة التركية خسائرها، طالب الرئيس التركي إردوغان مواطنيه باستبدال عملاتهم المحلية بالأجنبية، والمساهمة في نهضة الاقتصاد، معتبرا أن بلاده تواجه حربا اقتصادية، وأنها ستخرج من هذه المعركة منتصرة.
ويرى محللون أن تقلبات سعر صرف الليرة مؤقتة ولا تعكس حال الاقتصاد التركي الذي تصفه الحكومة بالقوي، بعد أن حقق نموا بنسبة 7.4 في المائة في عام 2017 ليتجاوز توقعات المؤسسات العالمية، التي توقع بعضها نموا بأكثر من 2.7 في المائة فقط.
ولم تتوقف السوق التركية عن جذب استثمارات أجنبية مباشرة في كثير من القطاعات الإنتاجية والخدمية رغم تباطؤ النمو العالمي والتوترات الجيوسياسية الإقليمية والدولية، بحسب تقرير لوكالة «الأناضول» الرسمية. وأشار التقرير إلى أنه في عام 2017 على سبيل المثال، بلغ إجمالي الاستثمارات الأجنبية المباشرة التي دخلت إلى السوق التركية نحو 7.45 مليارات دولار، في حين شهدت السوق العالمية تباطؤا في ضخ الاستثمارات العالمية بنسبة 8 في المائة.
ولفت محللون إلى أن حماية حقوق المالكين، إضافة إلى حزمة من الإعفاءات الضريبية للمستثمرين الأجانب وإتاحة الحصول على الجنسية التركية من خلال التملك في تركيا؛ كلها حوافز أسهمت في زيادة التدفقات الاستثمارية.
في سياق متصل، ارتفع عدد الشركات التي تأسست في تركيا برؤوس أموال أجنبية خلال النصف الأول من العام الحالي بنسبة 103.7 في المائة، مقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي. وبحسب بيانات لاتحاد الغرف والبورصات التركية، فإنّ عدد هذه الشركات بلغ 5 آلاف و782 شركة خلال الفترة المذكورة. وأظهرت البيانات أن 580 شركة من تلك الشركات تندرج ضمن قائمة «الشركات المساهمة»، والباقي شركات «ذات مسؤولية محدودة».
ووصل عدد «الشركات المساهمة»، التي تأسست خلال الأشهر الستة الأولى من العام الماضي إلى 420 شركة، بينما وصل عدد «الشركات ذات المسؤولية المحدودة» إلى ألفين و418 شركة.
وحلت إسطنبول في صدارة الولايات التركية الأكثر احتضانا للشركات الأجنبية «المساهمة» و«ذات المسؤولية المحدودة». وتوزعت الشركات الأجنبية في ولايات تركية عدة، أهمها بورصة وأنقرة وإزمير وغازي عنتاب وأنطاليا وهطاي ومرسين.
وجاءت رؤوس أموال تلك الشركات من مواطني دول عدة أبرزها المملكة العربية السعودية وسوريا والإمارات العربية المتحدة وإيران وأذربيجان.
تركيا: «المركزي» يعدل سياسة الاحتياطي لتعزيز القطاع المصرفي
أصبحت أسوأ سوق استثمارية للسندات مع انهيار الليرة
تركيا: «المركزي» يعدل سياسة الاحتياطي لتعزيز القطاع المصرفي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة