النظام يهاجم «داعش» على تخوم السويداء

تحذيرات من إعدام مزيد من الرهائن الدروز لديه

النظام يهاجم «داعش» على تخوم السويداء
TT

النظام يهاجم «داعش» على تخوم السويداء

النظام يهاجم «داعش» على تخوم السويداء

أطلق النظام السوري أمس، حملة عسكرية واسعة تستهدف جيباً صغيراً يسيطر عليه تنظيم داعش في بادية السويداء الشرقية، استخدمه للهجوم على قرى درزية قبل أسبوعين، ما رفع التحذيرات من لجوء التنظيم إلى إعدام رهائن آخرين كان احتجزهم إثر هجومه الأخير، في ظل فشل المفاوضات على نقل مقاتليه من حوض اليرموك في جنوب غربي البلاد إلى بادية السويداء.
واندلعت اشتباكات عنيفة مساء أول من أمس الأحد بعد يومين من تعزيزات دفعت بها قوات النظام إلى المنطقة استعداداً للمعركة، وتركزت المعارك أمس على محاور في باديتي السويداء الشرقية والشمالية الشرقية، بحسب ما أعلن «المرصد السوري لحقوق الإنسان».
وأفاد تقرير إخباري من داخل محافظة السويداء السورية بأن جيش النظام بدأ تقدما بريا من عدة محاور باتجاه بادية السويداء، تزامناً مع تمهيد مدفعي وجوي على مناطق سيطرة تنظيم داعش. ووفقا لموقع «السويداء 24»، فإن «عناصر الفرق الأولى والعاشرة والخامسة عشرة، بالإضافة للفصائل الرديفة، تقدموا من عدة محاور في بادية السويداء خلال ساعات مساء الأحد، تحت غطاء جوي ومدفعي». وقال إن «الجيش تقدم لمسافة تقدر بخمسة كيلومترات باتجاه منطقة الكراع شرق قرى الرضيمة الشرقية وعراجة ودوما شمال شرقي المحافظة، تزامناً مع تقدم بمسافة ثلاثة كيلومترات باتجاه منطقة الدياثة، عبر محور الشريحي والشبكي».
وتركزت الاشتباكات على محاور بالقرب من الخط الأول للقرى الآهلة بالسكان، إذ عمدت قوات النظام إلى تكثيف عمليات قصفها، ضمن المرحلة الأولى من معارك التلال، والتي تهدف من خلالها قوات النظام للسيطرة على أكبر عدد ممكن من التلال، وتأمين محيطها بشكل موسع، وتسهيل عملية التقدم على قواتها من خلال رصد مساحات أوسع، حيث رصد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» تمكن قوات النظام من تحقيق المزيد من التقدم، على المحاور الثلاثة التي ينفذه هجماته فيها.

بدوره، ذكر موقع «السويداء 24» أن «الجيش السوري ثبت مواقعه في عدد من التلال الحاكمة في بادية السويداء وأبرزها تل الرزين ومنطقة غبشة، وأشرف ناريا على مناطق أخرى»، مشيراً إلى أن الجيش «تقدم دون أي مواجهات تذكر»، لافتاً إلى فرار «عناصر داعش من بعض المواقع التي تقدم لها الجيش دون مقاومة باتجاه المناطق الوعرة، التي يرجح أن تشهد مواجهات عنيفة في الأيام القادمة».
وقال المرصد السوري إن «اشتباكات عنيفة تدور منذ مساء الأحد على محاور في باديتي السويداء الشرقية والشمالية الشرقية، بين عناصر من تنظيم داعش من جهة، وقوات النظام والمسلحين الموالين لها من جهة أخرى»، لافتاً إلى أن «الاشتباكات مستمرة وهناك تقدم للنظام عند الأطراف الشرقية والشمالية الشرقية من السويداء». وأكد أن هذه التطورات تشير إلى «بداية عملية عسكرية واسعة لقضم مناطق التنظيم وإنهاء تواجده في المنطقة»، مشيرا إلى أن قوات النظام «استقدمت تعزيزات عسكرية ضخمة إلى ريفي السويداء الشرقي والشمالي الشرقي».
ويأتي ذلك بعد فشل مفاوضات تولتها روسيا من أجل الإفراج عن 36 مدنيا بين نساء وأطفال من محافظة السويداء خطفهم تنظيم داعش أواخر يوليو (تموز) الماضي خلال هجوم أوقع أكثر من 250 قتيلاً.
والأحد أعلن المرصد وشبكة «السويداء 24» المحلية للأنباء، أن التنظيم قام بقطع رأس أحد المختطفين، وهو طالب جامعي يبلغ من العمر 19 عاما كان قد اختطف مع والدته من قرية الشبكي. وأشار المرصد إلى أنه أول رهينة من مخطوفي السويداء يتم إعدامه منذ الهجوم.
وقال المرصد إن «عملية الإعدام جاءت بعد تعثر المفاوضات حول نقل مقاتلي التنظيم إلى البادية السورية من جنوب غربي درعا، وبسبب عملية الإعدامات التي تمت بحق أكثر من 50 من مقاتلي (جيش خالد بن الوليد) المبايع للتنظيم، ومقتل مدنيين في ريف درعا الجنوبي الغربي».
وحذر ناشطون أمس من أن يدفع الهجوم الأخير تنظيم داعش إلى إعدام رهائن آخرين، علما بأن هناك فرضية أخرى تتحدث عن إمكانية الضغط على «داعش» بغية الإفراج عنهم.
وقال مدير «المرصد» رامي عبد الرحمن، أمس إنه «ربما تنجح هذه العملية بالإفراج عن المختطفين أو التسبب بإعدامهم على يد تنظيم داعش، فإذا ما قرر التنظيم عدم الاستسلام قد يعمد لإعدام المختطفين أو استعمالهم كورقة ضغط»، لافتاً إلى أن «داعش» يريد القول إنه لا يزال متواجدا بقوة رغم تراجعه والخسائر الفادحة التي مني بها على يد عدة أطراف في سوريا، ومطالب التنظيم كانت أن يتم نقل عناصره من حوض اليرموك إلا بادية السويداء، إلا أن تلك الصفقة قد فشلت بعد أن أعدمت فصائل المصالحة في درعا عناصر لتنظيم داعش مع عوائلهم، وهو ما أدى إلى التصعيد مجددا والاتجاه نحو الحل العسكري.
في سياق متصل، أعلنت «قوّات سوريا الديمقراطيّة» استعدادها لأي عمليّة تبادل أسرى مع تنظيم داعش بما يخصّ المختطفين من محافظة «السويداء»، وعرضت أن تبادل عناصر من التنظيم معتقلين لديها في شمال شرقي سوريا، مُقابل إطلاق التنظيم للأسيرات من الطائفة الدرزيّة لديه.
وقالت في بيان، أول من أمس، إنها وإيماناً منها بوحدة المصير المشترك لكل أبناء سوريا، تؤكّد لشعبنا في مدينة السّويداء وأهالي المختطفين «عن استعدادنا التام لأي عملية تبادل مع عناصر داعش المعتقلين لدينا في سبيل تحرير المختطَفين وإعادتهم إلى ذويهم وأهلهم».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.