أميركا تعارض قرضاً دولياً لباكستان لئلا تستفيد منه الصين

TT

أميركا تعارض قرضاً دولياً لباكستان لئلا تستفيد منه الصين

في ما يبدو ترجمة لسياسة العصا والجزرة تجاه باكستان، أعلن وزير الخارجية الأميركي مارك بومبيو معارضة إدارة الرئيس دونالد ترمب إعطاء صندوق النقد الدولي أي قروض للحكومة الباكستانية الجديدة. وقال بومبيو في مقابلة مع شبكة «سي إن بي سي» الأميركية، إن الحديث عن إعطاء الحكومة الباكستانية قرضاً بمبلغ 12 مليار دولار من صندوق النقد الدولي، سيخرجها من أزمتها التي أوجدها تحالفها مع الصين وأنها الشريك الأساسي في مشروع الصين «حزام واحد - طريق واحد».
وأكد بومبيو أنه لا يوجد أي منطق في إعطاء مثل هذا القرض الذي سيعود بالفائدة على الصين لأنها تمسك بكل الصكوك، رغم أن الوضع الاقتصادي الباكستاني يحتم على الحكومة الجديدة اللجوء إلى صندوق النقد الدولي لنيل قرض مدته 5 سنوات بقيمة 12 مليار دولار.
وأشارت مصادر المحللين الاقتصاديين والمؤسسات المالية العالمية إلى أن الاقتصاد الباكستاني في انحدار «مخيف»؛ إذ تقلصت الصادرات وارتفعت الديون بشكل كبير، فيما مؤشرات نمو الاقتصاد ضعيفة للغاية. ويعمل خبراء اقتصاديون محليون ودوليون على تقديم ملف لعمران خان المرشح لرئاسة الوزراء في باكستان بعد الانتخابات الأخيرة، يطلبون فيه التقدم بطلب لصندوق النقد الدولي لنيل القرض، إلا أن ناطقا باسم صندوق النقد قال: «لم نتلق حتى الآن أي إشعار من الحكومة الباكستانية حول طلب القرض أو موعد للقاء لمناقشة الطلب».
وفي حال عدم قبول صندوق النقد طلباً باكستانياً بهذا الشأن، فقد تجد الحكومة الجديدة أن ليس أمامها سوى طلب قرض من الصين الممول الأساسي للممر التجاري الصيني – الباكستاني؛ إذ أخذت الحكومة الباكستانية قروضا بعشرات المليارات من الصين لتنفيذ مشروعات متعلقة بالممر التجاري الصيني في باكستان. ويخشى خبراء اقتصاديون باكستانيون من اللجوء إلى الصين بوصفه يرهن اقتصاد باكستان ومستقبلها بيد الصين التي تتفوق اقتصادياً كماً ونوعاً، مما قد يؤدي إلى إغلاق كثير من المصانع والجهات المنتجة في باكستان لعدم قدرتها على منافسة المنتجات الصينية المعفاة من الجمارك في باكستان.
وكانت مصادر إعلامية باكستانية تحدثت قبل أيام عن إقراض الصين الحكومة الباكستانية ملياري دولار لوقف تدهور العملة الباكستانية. وأكد مديرو بنوك في باكستان وصول مليار دولار من القرض الصيني مما ساعد في وقف نزف الروبية الباكستانية.
من جهة أخرى، أقر الكونغرس الأميركي بمجلسيه النواب والشيوخ، مشروع المساعدات العسكرية والدفاعية الأميركية لعام 2019 والذي سيعرض على ترمب للمصادقة عليه، ليصبح قانوناً نافذاً.
وينص القانون الحالي على تقديم مساعدة مالية لباكستان لتحسين أوضاع قواتها على الحدود الأفغانية وزيادة قدرتها على مواجهة محاولات اختراق الحدود من قبل مسلحين من البلدين.
وأغفل مشروع القانون الجديد ربط المساعدات الأميركية بقيام الجيش الباكستاني بمطاردة «شبكة حقاني» وإغلاق ما كانت تشكو منه الإدارات الأميركية من قواعد ومراكز للشبكة في المناطق القبلية الباكستانية وإنهاء التعاون بين الاستخبارات الباكستانية والشبكة. ووصف القانون الجديد «شبكة حقاني» بأنها تقوم بعمليات مسلحة ضد القوات الأميركية والحكومية الأفغانية داخل أفغانستان، انطلاقا من قواعدها على الحدود الباكستانية.
وطالب مشروع القانون الجديد الجيش الباكستاني بزيادة تعاونه مع القوات الحكومية الأفغانية لضبط أمن الحدود بين البلدين، واعداً بتقديم 150 مليون دولار أميركي للجيش الباكستاني، بدلاً من 350 مليون دولار كان قدمها العام الماضي. وكان الكونغرس الأميركي قلص المساعدات العسكرية المقدمة لباكستان لمساعدتها القوات الدولية في أفغانستان، من 700 مليون دولار قبل عامين إلى 350 مليون دولار العام الماضي، ويقترح أن تكون 150 مليون دولار فقط للعام المقبل.
لكن الكونغرس الأميركي يشترط في مشروع القانون الجديد، بعد إسقاطه ربط المساعدة بضرب «شبكة حقاني»، أن تكون العمليات التي يقوم بها الجيش الباكستاني في مناطق الحدود الأفغانية متفقاً عليها مسبقاً، وأن تكون هناك آلية تمكن الطرفين الأميركي والباكستاني من معرفة ما تم إنجازه على الأرض ونتائجه العملية، وأن على وزير الدفاع الأميركي أن يقدم تقريراً فصلياً للكونغرس الأميركي، بمثابة شهادة، حول استجابة باكستان وجيشها للمهام والشروط التي منحت بموجبها ولأجلها هذه الأموال. وكذلك ضرورة إطلاق سراح الدكتور شكيل أفريدي؛ الباكستاني المعتقل في إسلام آباد بتهمة الإرشاد عن مكان أسامة بن لادن وتعريض أمن باكستان للخطر والتعامل مع جهاز استخبارات أجنبي. وتصف الولايات المتحدة الدكتور شكيل أفريدي بأنه بطل عالمي، ووافقت الإدارة الأميركية الحالية على منح عائلة أفريدي الجنسية الأميركية وتم نقلهم إلى الولايات المتحدة تمهيدا للإفراج عنه والانضمام إلى عائلته.
وقال أنيش جونيل، المستشار السابق للجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ الأميركي، وهو من أصول هندية وكان مستشارا للرئيس السابق باراك أوباما، إن مشروع القانون المقدم للرئيس الأميركي يزيل من أيدي الكونغرس أي وسيلة مستقبلية لمنع تقديم أي مساعدات عسكرية أو أمنية لباكستان، كما أنه تخلٍ عن موقف سابق للكونغرس بربط المساعدات العسكرية بقيام باكستان بمطاردة «شبكة حقاني» وفك الارتباط بين الاستخبارات الباكستانية وبينها.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».