«إيقاعات زمن مختلف» لتوفيق عبد العال... «الغربة» في «ريشة»

«شاطئ الأماني 1966»
«شاطئ الأماني 1966»
TT

«إيقاعات زمن مختلف» لتوفيق عبد العال... «الغربة» في «ريشة»

«شاطئ الأماني 1966»
«شاطئ الأماني 1966»

غربته عن وطنه وذكرياته عن طفولة سعيدة ومشاعر تسكنه حول معاناة شعب تشرد هي مجموعة المواضيع التي يعالجها معرض «إيقاعات زمن مختلف» للفنان التشكيلي الفلسطيني توفيق عبد العال. وينقل المعرض لزواره تميز ريشة عبد العال الانسيابية التي كانت بمثابة لسان حاله وقراءات لخواطره الوجدانية مستخدما فيها الألوان لفرزها ووضعها في الخانة التي تلائم إحساسه المرهف.
بالأبيض والأسود عبر توفيق عبد العال (1938 - 2002) عن ولعه بمدينته الأم عكا فسجل معاناة وطنه وأهله وشعبه. وبألوان قوس قزح تارة وأمواج البحر وقرميد بيوت عكا القديمة تارة أخرى صور ذكرياته الطفولية المحفورة في أعماقه. ففي هذا المعرض الاستعادي الأول لأعماله من رسومات ومنحوتات وزيتيات في «دار النمر» تستضيف بيروت أعمال أحد الفنانين المنتمين إلى الرعيل الأول لهذا الفن في فلسطين.
ومن خلال لوحاته المعروضة في «دار النمر» نتعرف إلى خزان من الذكريات التي لم تفارقه رغم غربته عن وطنه منذ أن كان في العاشرة من عمره. فهو انتقل إلى لبنان إثر أحداث النكبة التي ألمت ببلده في عام 1948.
نقل عبد العال بريشته المعبرة مشاهد وجدانية عن البحر والصيد والحقول والنساء والعائلة والفارس وألفت لوحاته «الاستمرارية» و«ربيع بلادي» و«شاطئ الأماني» وغيرها مشاهد حياة تأثر بها فطبعت أفكاره المتأرجحة ما بين فلسطين وبيروت. وفي لوحة «أحلام الصياد» المركبة أجزاؤها كما في لوحة «بازل» ينقل إيقاع حياة ناس عكا الغارقين في هموم دنيا شباك الصيد والرزق اليومي مستخدما الأبيض فيها لخلفية بحر أزرق لا نهاية له. أما في لوحة «نافذة وذكريات» التي تنقل مشاهدها إلى جلسة صفاء لامرأة تدخن النرجيلة في مشهدية تضيئها نافذة وباقة زهور.
يغوص توفيق عبد العال في عالم المرأة من خلال منحوتات خشبية نحت فيها الأنوثة والأمومة والجمال والأحلام التي اكتشفها بثقافته البصرية الملونة بخيال واسع. وفي منحوتة «عروس فلسطين» يقدم نموذجا عن المرأة الفلسطينية الحالمة وقد صورها وكأنها حورية يتدلى شعرها الطويل على كتفيها.
فتوفيق عبد العال الذي أقام معرضه الأول وهو في التاسعة من عمره في إحدى مدارس عكا بإشراف أستاذه الرسام جورج فاخوري لا تنتمي أعماله لمدرسة فنية محددة بل تختزن تجارب فنية لمدارس شرقية وغربية. ولذلك نراه أحيانا يختزل بالتقنية التي يتبعها خلطة مدارس تذكرنا بفنانين انطباعيين أمثال «مونيه» و«غوغان» و«مانيه». وفي لوحته «مدينة الأحلام» يكسر الفنان التشكيلي بريشته العبثية سكون الوحدة ليقلب موقعها رأسا على عقب محاولا تجاوزها.
وفي لوحة «مواويل فلسطينية» ينقل إلينا العناصر الرئيسية لإيقاع يوميات أهل عكا المنهمكين بصيد الأسماك والإبحار في الأزرق وفي عملية نصب الشوادر لتمضية ليال طويلة بمنأى عن البرد والشتاء.
كما يقدم معرض «إيقاعات زمن مختلف» مجموعة لوحات مائية للفنان الراحل بأحجام صغيرة تتضمن صورا سريعة من ذكرياته الطفولية تطال أيضا المرأة والصياد وطبيعة عكا.



قضية ابنة شيرين عبد الوهاب تجدد الحديث عن «الابتزاز الإلكتروني»

شيرين وابنتها هنا (إكس)
شيرين وابنتها هنا (إكس)
TT

قضية ابنة شيرين عبد الوهاب تجدد الحديث عن «الابتزاز الإلكتروني»

شيرين وابنتها هنا (إكس)
شيرين وابنتها هنا (إكس)

جدد الحكم القضائي الصادر في مصر ضد شاب بتهمة ابتزاز وتهديد الطفلة «هنا»، ابنة الفنانة المصرية شيرين عبد الوهاب، الحديث عن «الابتزاز الإلكتروني» عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وسبب انتشاره بكثافة، ومدى المخاطر التي يحملها، لا سيما ضد المراهقات.

وقضت محكمة جنايات المنصورة بالحبس المشدد 3 سنوات على المتهم، وهو طالب بكلية الهندسة، بعد ثبوت إدانته في ممارسة الابتزاز ضد ابنة شيرين، إثر نجاحه في الحصول على صور ومقاطع فيديو وتهديده لها بنشرها عبر موقع «تيك توك»، إذا لم تدفع له مبالغ مالية كبيرة.

وتصدرت الأزمة اهتمام مواقع «السوشيال ميديا»، وتصدر اسم شيرين «الترند» على «إكس» و«غوغل» في مصر، الجمعة، وأبرزت المواقع عدة عوامل جعلت القضية مصدر اهتمام ومؤشر خطر، أبرزها حداثة سن الضحية «هنا»، فهي لم تتجاوز 12 عاماً، فضلاً عن تفكيرها في الانتحار، وهو ما يظهر فداحة الأثر النفسي المدمر على ضحايا الابتزاز حين يجدون أنفسهم معرضين للفضيحة، ولا يمتلكون الخبرة الكافية في التعامل مع الموقف.

وعدّ الناقد الفني، طارق الشناوي، رد فعل الفنانة شيرين عبد الوهاب حين أصرت على مقاضاة المتهم باستهداف ابنتها بمثابة «موقف رائع تستحق التحية عليه؛ لأنه اتسم بالقوة وعدم الخوف مما يسمى نظرة المجتمع أو كلام الناس، وهو ما يعتمد عليه الجناة في مثل تلك الجرائم».

مشيراً لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «أبناء المشاهير يدفعون أحياناً ثمن شهرة ومواقف ذويهم، مثلما حدث مع الفنانة منى زكي حين تلقت ابنتها حملة شتائم ضمن الهجوم على دورها في فيلم (أصحاب ولاّ أعز) الذي تسبب في موجة من الجدل».

وتعود بداية قضية ابنة شيرين عبد الوهاب إلى مايو (أيار) 2023، عقب استدعاء المسؤولين في مدرسة «هنا»، لولي أمرها وهو والدها الموزع الموسيقي محمد مصطفى، طليق شيرين، حيث أبلغته الاختصاصية الاجتماعية أن «ابنته تمر بظروف نفسية سيئة للغاية حتى أنها تفكر في الانتحار بسبب تعرضها للابتزاز على يد أحد الأشخاص».

ولم تتردد شيرين عبد الوهاب في إبلاغ السلطات المختصة، وتبين أن المتهم (19 عاماً) مقيم بمدينة المنصورة، وطالب بكلية الهندسة، ويستخدم حساباً مجهولاً على تطبيق «تيك توك».

شيرين وابنتيها هنا ومريم (إكس)

وأكد الدكتور سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع، أن «الوعي لدى الفتيات والنساء هو كلمة السر في التصدي لتلك الجرائم التي كثُرت مؤخراً؛ نتيجة الثقة الزائدة في أشخاص لا نعرفهم بالقدر الكافي، ونمنحهم صوراً ومقاطع فيديو خاصة أثناء فترات الارتباط العاطفي على سبيل المثال»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «كثيراً من الأشخاص لديهم وجه آخر صادم يتسم بالمرض النفسي أو الجشع والرغبة في الإيذاء ولا يتقبل تعرضه للرفض فينقلب إلى النقيض ويمارس الابتزاز بكل صفاقة مستخدماً ما سبق وحصل عليه».

فيما يعرّف أستاذ كشف الجريمة بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية بمصر، الابتزاز الإلكتروني بوصفه «استخدام التكنولوجيا الحديثة لتهديد وترهيب ضحية ما، بنشر صور لها أو مواد مصورة تخصها أو تسريب معلومات سرية تنتهك خصوصيتها، مقابل دفع مبالغ مالية أو استغلال الضحية للقيام بأعمال غير مشروعة لصالح المبتزين».

ويضيف في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «مرتكب الابتزاز الإلكتروني يعتمد على حسن نية الضحية وتساهلها في منح بياناتها الخاصة ومعلوماتها الشخصية للآخرين، كما أنه قد يعتمد على قلة وعيها، وعدم درايتها بالحد الأدنى من إجراءات الأمان والسلامة الإلكترونية مثل عدم إفشاء كلمة السر أو عدم جعل الهاتف الجوال متصلاً بالإنترنت 24 ساعة في كل الأماكن، وغيرها من إجراءات السلامة».

مشدداً على «أهمية دور الأسرة والمؤسسات الاجتماعية والتعليمية والإعلامية المختلفة في التنبيه إلى مخاطر الابتزاز، ومواجهة هذه الظاهرة بقوة لتفادي آثارها السلبية على المجتمع، سواء في أوساط المشاهير أو غيرهم».