عاد أطفال دلهي إلى المدارس خلال الشهر الحالي بعد قضاء العطلة الصيفية ليجدوا صفاً دراسياً جديداً تمت إضافته إلى جدولهم الدراسي هو صف «السعادة».
لم تكن تلك دعابة بمناسبة العودة إلى المدارس، ففي بلد يتطلب فيه الالتحاق بالكليات الكبرى المرموقة الحصول على متوسط درجة اختبار يتجاوز الـ98 في المائة، وتتولى «عصابة» تتكون من معلمين ومسؤولين في مدارس تنظيم عمليات الغش في الاختبار النهائي بالمرحلة الثانوية، تمثل مبادرة حكومة دلهي تحولاً من التركيز على الأداء إلى التركيز على السعادة والرفاهة النفسية.
قال مانيش سيسوديا، وزير التعليم في حكومة دلهي، في استاد مليء بمعلمي دلهي خلال حضور فاعلية تدشين منهج السعادة: «لقد قدمنا إلى العالم أفضل المواهب، لقد قدمنا إلى عالم الصناعة أفضل المهنيين المحترفين وقد نجحنا حتى هذه اللحظة، لكن هل استطعنا تقديم أفضل البشر إلى المجتمع والأمة؟».
تمثل تلك الصفوف الدراسية في السعادة تجربة تحولية ثورية في بلد يُعرف بنظام تعليمه الذي يتسم بالصرامة والاعتماد على الكتب الدراسية، والذي ساعد في تكوين طبقة وسطى جديدة خلال العقود الثلاثة الماضية، لكنه تعرض لانتقادات بسبب تشجيعه على التعلم من خلال التلقين والحفظ، وتسببه في زيادة مستويات التوتر والقلق. ويحمّل الكثيرون ذلك النمط من التعليم المسؤولية عن تزايد حالات انتحار الطلبة.
يُعرف عن الوزير، وهو ابن لمعلم مدرسة، اتباع سياسات غير تقليدية منها الترويج للتعليم الحكومي في مقابل التعليم الخاص. وكان حزب «آم آدامي» الذي ينتمي إليه، والذي تأسس في أعقاب حركة مناهضة للفساد عام 2011، قد زاد الإنفاق على المدارس الحكومية في دلهي، حيث بلغت نسبة مخصصات التعليم في موازنة المدينة لعام 2018، نسبة 26%، مما يسمح للمعلمين والتربويين بتطبيق أفكار جديدة مثل الصفوف الدراسية الخاصة للأطفال المتأخرين دراسياً، وعقد اجتماعات أولياء الأمور والمعلمين.
وقد آتت تلك التغيرات ثمارها، حيث تفوقت المدارس الحكومية في دلهي من حيث الأداء على المدارس الخاصة في الاختبارات الموحدة خلال السنوات القليلة الماضية رغم قول أحد الخبراء إن العدد في المجمل مضلِّل لأن طلبة المدارس الخاصة يختارون مواد دراسية أكثر صعوبة من علوم ورياضيات، في حين يختار طلبة المدارس الحكومية دراسة الإنسانيات.
وقال سيسوديا إن صفوف «السعادة» تأتي في إطار مجهودات ومحاولات أكبر. في إطار هذا البرنامج يقضي مائة ألف طالب في دلهي أول نصف ساعة من كل يوم دراسي دون فتح أي كتاب دراسي، وعوضاً عن ذلك يتعلمون قصصاً وأنشطة حماسية تحفيزية إلى جانب ممارسة تدريبات التأمل. بدا الأطفال متحمسين حين فتحت المدارس أبوابها مرة أخرى خلال الشهر الحالي. وقال أيوش جيها، طالب في الصف السادس يبلغ من العمر 11 عاماً، وهو يخرج من أول صف دراسي للسعادة في مدرسة حكومية ثانوية مشتركة في قرية تشيلا بشرق دلهي: «ينبغي علينا العمل بسعادة. عندما تعمل بحزن لا يصبح عملك جيداً».
روى معلم الرياضيات سونو غوبتا خلال الصف الدراسي، الذي يضمّ طلاب الصف الثامن، ما حققه عالم الفيزياء ستيفن هوكينغ رغم مرضه الذي أصاب أعصابه. وفي الطابق العلوي طلب سانتوش بهاتناغار، الذي يدّرس اللغة السنسكريتية، من طلبة الصف السابع الحاضرين للصف، إغلاق أعينهم وتخيل قيامهم بأمر جعلهم يشعرون بالسعادة.
الهند تقدم صفوفاً دراسية عن «السعادة»
نصف ساعة من كل يوم دراسي من دون فتح أي كتاب مدرسي
الهند تقدم صفوفاً دراسية عن «السعادة»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة