دفع الجيش المصري بحافلاته إلى الشوارع لنقل المواطنين، كما فتح منافذه في مختلف المحافظات لبيع السلع التموينية بأسعار مخفضة للمواطنين، في مسعى لكبح جماح الأسواق التي تأثرت بشدة بعد رفع الحكومة أسعار الوقود، ما تسبب في حالة من السخط بين المواطنين، وقال العميد محمد غنيم المتحدث باسم الجيش إن تلك الإجراءات جاءت لـ«تخفيف الأعباء الاقتصادية عن الشعب المصري».
وقللت الحكومة الدعم الموجه للوقود بنحو 44 مليار جنيه (نحو 6.3 مليار دولار) ما تسبب في إلقاء أعباء إضافية على المواطنين الذين يقبع 40 في المائة منهم تحت خط الفقر، بدخل يومي يبلغ دولارين للشخص في المتوسط، ويعتمدون بشكل رئيس على سلع تدعمها الحكومة، منها الخبز.
ورفع التجار أسعار المواد الغذائية والخضر واللحوم فور رفع أسعار الوقود، كما رفع السائقون الأجرة في معظم المحافظات، ما تسبب في اشتباكات بين السائقين والركاب. وقطع سائقو التاكسي الجديد (الأبيض) عدة طرق في القاهرة احتجاجا على قرارات رفع أسعار الوقود.
ودفع الجيش بحافلاته في محافظة الجيزة المتاخمة للعاصمة، قائلا إن هذا الإجراء جاء للسيطرة على رفع بعض السائقين قيمة الأجرة، لكن شهود عيان أكدوا دخول قطاعات واسعة من سائقي محافظة الجيزة في إضراب عن العمل احتجاجا على زيادة أسعار الوقود.
وسير الجيش الحافلات في تسعة خطوط تغطي معظم أنحاء المحافظة. وقال المتحدث الرسمي باسم الجيش على صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» إنه «في استجابة سريعة من القوات المسلحة للمساهمة في تخفيف المعاناة عن المواطنين وتقليل الأضرار الناجمة عن استغلال بعض السائقين عملية ارتفاع أسعار الوقود ورفع قيمة الأجرة من دون ضوابط، أصدر الفريق أول صدقي صبحي القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربي أوامره لجهاز النقل العام التابع للقوات المسلحة بتسيير عدد من خطوط النقل الجماعية لنقل المواطنين من الشوارع والميادين الرئيسة بنطاق محافظة الجيزة، اعتبارا من السادسة صباحا وحتى السادسة مساء».
وأضاف العميد غنيم أنه تم تجهيز الكثير من الأوتوبيسات وسيارات النقل الجماعي التابعة لجهاز النقل العام التابع للقوات المسلحة للمعاونة في نقل المواطنين والتقليل من الآثار المترتبة على رفع قيمة الأجرة من قبل السائقين من دون ضوابط.
وقال أحمد عمران الذي استقل حافلة الجيش قرب مسكنه في حي الهرم إلى حي المهندسين (غرب القاهرة)، إن قيمة التذكرة التي دفعها هي جنيه واحد، مشيرا إلى أنه كان يدفع 1.5 جنيه قبل زيادة الأسعار عن المسافة نفسها، قبل أن يرفعها السائقون إلى جنيهين منذ مطلع الأسبوع الجاري.
ودفع الجيش بحافلاته مرتين منذ ثورة 25 يناير (كانون الثاني) 2011 لمواجهة إضرابين لسائقي النقل العام تسببا في شل العاصمة القاهرة. وخصص الجيش أمس 36 أتوبيس نقل جماعي، بعد أن رصد المسؤولون مخالفة السائقين للتعريفة التي أقرتها المحافظة على خلفية زيادة أسعار الوقود.
وقال الدكتور علي عبد الرحمن محافظ الجيزة في تصريحات له خلال جولة تفقدية بميدان الجيزة إن عمل حافلات الجيش «بدأ اعتبارا من أمس لمواجهة أي محاولات من بعض سائقي الميكروباص معدومي الضمير لاستغلال المواطنين ورفع الأجرة بالزيادة عن النسب المسموح بها قانونا»، لكنه لم يشر إلى موعد مقرر لوقف تسيير حافلات الجيش.
ودافع الرئيس السيسي عن قراره خفض الدعم عن الوقود خلال اجتماعه برؤساء الصحف أول من أمس، واتهم جماعة الإخوان المسلمين، التي ترفض الاعتراف بشرعيته، باستغلال تلك الإجراءات لإثارة الشارع ضده.
وظلت الحكومات المصرية قبيل ثورة 25 يناير 2011، والحكومات التي أعقبتها مترددة في اتخاذ إجراء خفض الدعم خشية اندلاع انتفاضة شعبية، مثلما حدث في أواخر سبعينات القرن الماضي خلال حكم الرئيس الأسبق أنور السادات فيما عرف بـ«انتفاضة الخبز» يومي 18 و19 يناير 1977.
وقال مراقبون إن السيسي غامر بشعبية كبيرة حازها عقب عزله الرئيس الأسبق محمد مرسي المنتمي للإخوان بالتوافق مع قوى سياسية قبل عام. وفاز قائد الجيش السابق باكتساح في الانتخابات الرئاسية التي جرت أواخر مايو (أيار) الماضي، لكن إجراءات زيادة أسعار الكهرباء والغاز ووقود السيارات ستتسبب على الأرجح في تأكُّل شعبيته.
واعترف مسؤولون في الحكومة بافتقارهم إلى آليات تسمح بضبط السوق، والسيطرة على موجة غلاء تفاقم من غضب المواطنين، لكن السيسي يراهن على دعم قوي من المؤسسة التي تولى قيادتها في أغسطس (آب) 2012، بحسب مراقبين.
وقال العميد غنيم إن الفريق أول صدقي صبحي، القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربي، صدق أمس على «قيام جميع منافذ البيع الخاصة بالجيوش والمناطق الميدانية وجهاز الخدمة الوطنية وجهاز الخدمة العامة للقوات المسلحة بطرح جميع السلع الغذائية بأسعار مخفضة، وبكميات وفيرة».
وأنشأت القوات المسلحة جهاز مشروعات الخدمة الوطنية بهدف تحقيق الاكتفاء الذاتي من احتياجات الجيش. وأشارت الصفحة الرسمية للجهاز الذي يعمل في قطاعات الكيماويات والبترول وتعبئة المياه والاستصلاح الزراعي والأمن الغذائي إلى أن هدفه هو «تخفيف أعباء تدبير الاحتياجات الرئيسة للقوات المسلحة عن كاهل الدولة مع طرح فائض الطاقات الإنتاجية بالسوق المحلية والمعاونة في مشروعات التنمية الاقتصادية بالدولة من خلال قاعدة صناعية إنتاجية متطورة».
وأوضح المتحدث العسكري أن تلك الإجراءات تأتي في إطار قيام القوات المسلحة بأداء واجبها الوطني والإسهام بدور إيجابي في العمل على تخفيف الأعباء الاقتصادية عن الشعب المصري العظيم.
وقال اللواء أسامة عسكر قائد الجيش الثالث الميداني (الذي يعمل في نطاق محافظة السويس شرق القاهرة) إنه أصدر تعليمات للمسؤولين بـ«هايبر بدر بالسويس التابع للقوات المسلحة لطرح 60 سلعة من المواد الغذائية بسعر المصنع»، لافتا إلى أن تلك السلع طرحت بالفعل من يوم أمس (الاثنين) بسعر المصنع.
وأشار عسكر إلى أنه تم طرح 20 سلعة وستزيد، وسترتفع اليوم (الثلاثاء) إلى 40 سلعة، ويوم الأربعاء سيصبح المطروح 60 سلعة بسعر المصنع، مشددا على أن القوات المسلحة لن تسمح لأحد باستغلال المواطنين.
الجيش المصري يقدم دعما قويا للحكومة ويدفع بحافلاته إلى الشارع ويفتح منافذه لبيع السلع التموينية
في مسعى لضبط الأسواق وتفادي السخط الشعبي بعد رفع أسعار الوقود
الجيش المصري يقدم دعما قويا للحكومة ويدفع بحافلاته إلى الشارع ويفتح منافذه لبيع السلع التموينية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة