أخفق البرلمان العراقي المنتخب، للمرة الثانية في أقل من أسبوع، في الالتزام بالمهل الدستورية لاختيار الرؤساء الثلاثة، بعدما قرر اليوم تأجيل ثاني جلساته الى 12 اغسطس (آب) المقبل؛ في تمديد اضافي للأزمة السياسية المتفاقمة في العراق.
وعكس قرار تأجيل الجلسة، التي كان من المقرر ان تعقد غدا الثلاثاء الى ما بعد شهر رمضان، عمق الخلاف الذي يحول دون تشكيل حكومة جديدة تكون قادرة على الوقوف بوجه مسلحين متطرفين يسيطرون منذ نحو شهر على مناطق واسعة تنازع القوات الحكومية لاستعادتها.
وأكد مصدر برلماني في تصريح لـ"فرانس برس" ان "غياب التفاهمات حول الرئاسات الثلاث هو الذي دفع الى تأجيل الجلسة".
وكان البرلمان العراقي المنتخب فشل في جلسته الاولى الثلاثاء الماضي في انتخاب رئيس له بحسب ما ينص الدستور.
وتأتي الخلافات السياسية المتفاقمة في وقت تنازع القوات الحكومية لاستعادة مناطق يسيطر عليها تنظيم "الدولة الاسلامية في العراق والشام (داعش)".
وفي تطور ميداني، قتل اليوم قائد الفرقة السادسة في الجيش العراقي اللواء الركن نجم عبد الله السوداني في "قصف معاد" أثناء قيادته عمليات عسكرية في منطقة ابو غريب الواقعة الى الغرب من بغداد.
والسوداني هو أرفع مسؤول عسكري يقتل منذ بدء هجوم المسلحين.
وتشهد منطقة ابو غريب الواقعة على بعد نحو 20 كلم الى الغرب من بغداد عمليات عسكرية متواصلة للقوات الحكومية تستهدف مسلحين يسيطرون منذ بدء العام على مدينة الفلوجة (60 كلم غرب بغداد) والتي ينطلقون منها لشن هجمات في مناطق محيطة بها.
وقالت الشرطة ومصادر طبية إن سبعة أشخاص على الأقل لقوا حتفهم بينهم أربعة رجال شرطة في شمال بغداد اليوم (الاثنين)، في هجوم انتحاري بسيارة ملغومة عند نقطة تفتيش.
وبينت المصادر ان 17 شخصا أصيبوا بجروح عند نقطة تفتيش في حي الكاظمية الذي تسكنه أغلبية شيعية.
ولم يتسن الحصول على تعليق فوري من قاسم عطا المتحدث العسكري باسم رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي.
على صعيد آخر، وفيما يخص المسألة الكردية والاستفتاء الذي دعا له رئيس إقليم كردستان مسعود البارزاني على الانفصال، رأى محللون أن عقبات كثيرة تقف امام محاولة أكراد العراق الانفصال، غير ان التهديد بالمضي في استفتاء على الاستقلال وسط الفوضى التي تعيشها البلاد قد ينتزع تنازلات من بغداد.
وسيطر الأكراد منذ بداية الهجوم الكاسح الذي يشنه مسلحون متطرفون يقودهم تنظيم "الدولة الاسلامية في العراق والشام (داعش)" منذ نحو شهر، على مناطق متنازع عليها مع بغداد، بعد انسحاب القوات العراقية منها، وعلى رأسها مدينة كركوك (240 كلم شمال بغداد) الغنية بالنفط.
وعلى ضوء هذا التمدد، وضع رئيس اقليم كردستان العراق مسعود بارزاني الاكراد على طريق الانفصال، بعدما طلب الاستعداد لتنظيم استفتاء على حق تقرير المصير، في تحد إضافي لوحدة هذا البلد، الذي ينازع في مواجهة مسلحين يسيطرون على اجزاء واسعة منه.
وقال بارزاني في خطاب في البرلمان المحلي للاقليم الكردي "اقترح عليكم الاستعجال في المصادقة على قانون تشكيل المفوضية العليا المستقلة للانتخابات لكردستان، لأن هذه هي الخطوة الأولى، وثانيا إجراء الاستعدادات للبدء بتنظيم استفتاء حول حق تقرير المصير".
وعلى الرغم من الاعلان عن الاستعداد لتنظيم استفتاء على حق تقرير المصير، الا ان السياسيين الأكراد لا زالوا يلعبون دورا اساسيا في العملية السياسية في العراق، حيث يشاركون في المفاوضات الهادفة الى التوافق حول الرئاسات الثلاث، علما ان العرف السياسي المتبع في العراق ينص على ان يكون الرئيس كرديا منذ 2006.
ويقول استاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد احسان الشمري "انها ببساطة وسيلة ضغط على الحكومة في بغداد، والدليل انهم لا زالوا ينافسون للحصول على منصب رئيس العراق، ومناصب اخرى على الخريطة السياسية".
من جهته، يرى توبي دودج مدير مركز الشرق الاوسط في كلية لندن للاقتصاد "ان الاستراتيجية التي يتبعها الاكراد قد تعود بنتائج عكسية عليهم، خصوصا وان الشعب الكردي يتطلع الى انفصال فعلي".
من جهتها، عبرت الولايات المتحدة التي يرى فيها الاكراد احد ابرز حلفائهم، عن معارضتها للدعوة التي وجهها رئيس اقليم كردستان للاستعداد لتنظيم الاستفتاء، فيما انه من المستبعد ايضا ان توافق ايران التي تدعم السلطات الشيعية في العراق على تقسيم هذا البلد المجاور.
وفي ظل الدعم غير المؤكد، والمأزق المالي، واقتراب المسلحين المتطرفين من الحدود، والتوتر في المناطق العربية التي تسيطر عليها قوات الاقليم الكردي، فانه يصعب، بحسب المحللين، توقع ولادة وشيكة لدولة كردية.
فشل آخر للبرلمان العراقي في اختيار الرئاسات الثلاث.. ومقتل قائد عسكري كبير
محللون: عقبات كثيرة تحول دون انفصال الأكراد
فشل آخر للبرلمان العراقي في اختيار الرئاسات الثلاث.. ومقتل قائد عسكري كبير
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة