جفاف بحر آرال كارثة بيئية تهدد العالم

إنقاذه يتطلب تنسيقاً بين دول تتضارب مصالحها

صور من «ناسا» تظهر بحر أرال عام 1973 وكيف أصبح عام 2009
صور من «ناسا» تظهر بحر أرال عام 1973 وكيف أصبح عام 2009
TT

جفاف بحر آرال كارثة بيئية تهدد العالم

صور من «ناسا» تظهر بحر أرال عام 1973 وكيف أصبح عام 2009
صور من «ناسا» تظهر بحر أرال عام 1973 وكيف أصبح عام 2009

كان بحر آرال يُصنف رابع أكبر بحيرة عالمياً، إلا أنه يقف اليوم مهدداً بالزوال، في مأساة لن تقتصر تداعياتها على الحياة البشرية والبيئية في المنطقة، بل وستنتشر في أرجاء العالم. وبدأت مأساة آرال في الستينات، نتيجة قرارات غير مدروسة اتخذتها وزارة الإصلاح الزراعي والثروة المائية في الاتحاد السوفياتي، التي قررت تحويل جزء كبير من المياه التي تغذي البحر للاستخدام في الري، وتحديداً قامت بفتح قنوات لسحب المياه من نهري «آمور داريا» و«سير داريا»، وتوجيهها لاستصلاح الأراضي الزراعية في تركمانستان وأوزبكستان ومناطق جنوب كازاخستان. وبعد مضي عقود من الزمن تراجعت شواطئ آرال عشرات الكيلومترات؛ مما أدى إلى تعرية مساحات شاسعة من قعر ذلك البحر، مغطاة بالأملاح البحرية مع خليط من مواد كيماوية، مخلفات النشاط البشري في البحر وفي المناطق الزراعية على طول مسار الأنهر التي تغذيه.
وأخذ الوضع يتغير على نحو كارثي؛ إذ تراجعت مياه آرال خلال عقدين من الزمن نحو 14 متراً، وتقلصت مساحته 40 في المائة، وتراجع حجم المياه فيه بنسبة 65 في المائة، وارتفع تركيز أملاحه عشر مرات؛ ما أدى عملياً إلى تحويله من بحر «آرال» إلى «بحر ميت». وبعد أن كانت تعيش في مياهه حتى الخمسينات من القرن الماضي 24 نوعاً من الأسماك، 12 منها يحمل قيمة تجارية، ويُصطاد منه سنوياً نحو 500 ألف طن من الأسماك، فقد اختفى نحو 20 نوعاً من تلك الأسماك بصورة نهائية مع نهاية الثمانينات، وفقد البحر قيمته التجارية، وخسر كثيرون مصدر رزقهم. علاوة على ذلك، تحولت المساحات الجافة من البحر إلى بؤرة عملاقة لتراكم الأملاح، وتشكيل العواصف الملحية.
ما يؤكد مدى خطورة المأساة التي حلت ببحر آرال، معطيات علمية تؤكد أن نحو 75 مليون طن من غبار الأملاح السامة تنطلق كل عام مع الرياح من القعر الجاف، وتنتشر باتجاه الغرب إلى مسافات غير محدودة، مشكّلة غيوماً من الغبار الملحي السام. وفي السنوات الأخيرة سُجل ارتفاع واضح لنسبة الأملاح في مياه الأمطار أكثر من مرتين، في ضواحي العاصمة الأوزبيكية طشقند، وفي بيلاروسيا ولاتفيا على بحر البلطيق. أما المناطق المحيطة ببحر آرال فقد سُجل ارتفاع نسبة الأملاح في مياه أمطارها بسبع مرات. كما عُثر على آثار أملاح بحر آرال في دماء طيور بطريق تعيش في المناطق القطبية، وفي غرينلاند وغابات النرويج. في غضون ذلك بدأت تظهر أعراض مرضية نتيجة انتشار تلك الأملاح. إذ سجل باحثون وأطباء زيادة أمراض الحمى المعوية في المناطق القريبة من آرال بثلاثين مرة، ومرض التهاب الكبد الفيروسي بسبع مرات، كما زادت حالات الإصابة بالسرطان عن 15 مرة، وهو أعلى مؤشر تم تسجيله سابقاً في الحقبة السوفياتية. ويقول الخبراء، إن نحو 5 ملايين إنسان يعانون مشاكل صحية بسبب جفاف بحر آرال. ولم تكن التداعيات الاقتصادية أقل إيلاماً؛ إذ تسبب جفاف أجزاء كبيرة من البحر بإغلاق موانئ «آرالسك»، و«مويناك»، و«كازاخداريا»، وهجر تلك المناطق التي كانت واعدة اقتصادياً مئات الآلاف من السكان.
في عام 1989، تحول بحر آرال الذي كان ممتداً على أراضي كازاخستان وأوزبكستان، إلى بحرين، نتيجة تراجع منسوب مياه وضعف تغذيته عبر الأنهر التي تصب فيه. وعوضاً عن البحر الواحد يوجد اليوم بحر آرال الصغير على الأراضي الكازاخية، وبحر آرال الكبير على الأراضي الأوزبيكية. إلا أنه ورغم كل ما أصابه لم يفقد آرال الأمل في أن يستعيد ماضيه الجميل. وتراجعت مأساوية وضعه خلال السنوات الماضية، ولا سيما في كازاخستان، حيث أقامت السلطات هناك في التسعينات سداً للحيلولة دون تسرب المياه التي تصب فيه إلى المناطق الصحراوية وجفافها، إلا أن ذلك السد انهار، وبعد ذلك وتحديداً في عام 2005 تم تشييد سد كوكارالسك بتمويل من الحكومة الكازاخية وجزئياً على حساب قروض من البنك الدولي لهذا الغرض.
نتيجة تلك الجهود، استعاد بحر آرال في كازاخستان كميات كبيرة من مياهه، واتسعت مساحاته وبلغ مجددا ميناء آرالسك؛ ما أدى إلى تحسن المناخ في المنطقة، وظهور المراعي مجدداً في حوضه، وكذلك عادت الأسماك إلى مياهه ومعها قوارب الصيادين. أما الجزء الثاني من آرال، فما زالت الصحراء تلتهمه، لعدم اتخاذ تدابير كافية لإنقاذه. ويبقى هذا البحر في حاجة إلى عقود ليعود إلى سابق عهده، على أن تتضافر جهود جميع الدول التي يؤثر آرال على الحياة فيها، وهي جمهوريات آسيا الوسطى ومعها أفغانستان. وكانت الجمهوريات الخمس في آسيا الوسطى أسست عام 1993 «صندوق إنقاذ آرال»، لتنسيق الجهود حول مصيره، وفي البداية تمكن الصندوق من حل بعض المسائل، إلا أنه وعلى الرغم من الاجتماعات السنوية لم يتم حتى الآن التوصل إلى مستوى من التنسيق يؤثر بشكل جدي على مستقبل هذا البحر، وما زال وضعه يتدهور وبصورة خاصة في بحر آرال الكبير في أوزبكستان. ويعود الفشل في التوافق على خطوات مشتركة إلى تضارب داخلي في المصالح بين خماسي آسيا الوسطى، التي لا يتقاطع بعضها مع سياسة إحياء المجمع المائي خدمة للمصلحة العامة.



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.