باريس تمارس دبلوماسية «كرة القدم»... وتطرح نفسها «شريكة» غربية لموسكو

لقاء ماكرون وبوتين الأحد يسبق قمة هلسنكي بـ24 ساعة

باريس تمارس دبلوماسية «كرة القدم»... وتطرح نفسها «شريكة» غربية لموسكو
TT

باريس تمارس دبلوماسية «كرة القدم»... وتطرح نفسها «شريكة» غربية لموسكو

باريس تمارس دبلوماسية «كرة القدم»... وتطرح نفسها «شريكة» غربية لموسكو

في حين تنصب الأنظار على القمة المرتقبة بين الرئيسين الأميركي دونالد ترمب والروسي فلاديمير بوتين في السادس عشر من الشهر الحالي في العاصمة الفنلندية لتبعاتها على الأزمات الإقليمية المشتعلة، دخل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على الخط ليسرق بعض الأضواء من نظيره الأميركي عن طريق الإعلان عن اجتماع له مع بوتين قبل يوم واحد من قمة هلسنكي. ويندرج لقاء ماكرون - بوتين في موسكو في إطار ما يمكن تسميته «دبلوماسية كرة القدم»، حيث إن الرئيس الفرنسي سيتوجه إلى العاصمة الروسية الأحد من أجل حضور المباراة الختامية لبطولة العالم للرياضة الكروية التي يتنافس فيها الفريق الفرنسي من أجل الحصول على البطولة.
وكشف قصر الإليزيه، أمس، عن أن ماكرون وبوتين سيلتقيان على هامش نهائيات كأس العالم لكرة القدم التي سيحضرها كلاهما، الأول لأن فريق بلاده يتنافس للفوز، والآخر لأن بلاده تستضيف المباريات. ويعود آخر لقاء بين الرئيسين إلى 25 أبريل (نيسان) بمناسبة الزيارة الرسمية التي قام بها ماكرون إلى روسيا، وتحديداً إلى مدينة بطرسبرغ عاصمة القياصرة القديمة، التي جاءت رداً على استضافة بوتين في قصر فرساي قبل ذلك بنحو العام.
وتنظر أوساط فرنسية إلى الزيارة على أنها فرصة لإبراز أن فرنسا «يمكن أن تكون شريكاً لروسيا»، وأن ترمب «لا يختصر الغرب وحده». كما أن الجانب الفرنسي يريد الاستفادة من اللقاء من أجل إظهار نوع من التقارب مع روسيا، في حين يشوب علاقات الأوروبيين مع واشنطن التوتر بسبب سياسات ترمب الحمائية والخلافات التي برزت بين الطرفين بخصوص ملفات إقليمية، أبرزها الملف النووي الإيراني، والعقوبات التي تنوي واشنطن فرضها على المتعاملين مع إيران بدءاً من الشهر المقبل.
وتقول مصادر فرنسية، إن الرئيس الفرنسي يريد أن «يعطي مضموناً ملموساً» لاتفاقه السابق مع بوتين، بشأن إيجاد «آلية تنسيق» بخصوص الملف السوري بين مجموعة آستانة (روسيا، وتركيا، وإيران)، وبين «المجموعة الضيقة» الغربية - العربية المهتمة بالملف السوري، التي تضم الولايات المتحدة، وبريطانيا، وألمانيا، والسعودية، والأردن من أجل الدفع باتجاه معاودة المفاوضات الخاصة بالحل السياسي في سوريا. لكن حتى الآن، لم يبرز أي تحرك باتجاه تفعيل هذه الآلية لا من الطرف الفرنسي ولا من الطرف الروسي، بينما الأساسي من التطورات يحصل ميدانياً. وقالت مصادر فرنسية، إن باريس ترغب في ضم مصر وربما تركيا إلى «المجموعة المصغرة»، وأنها تسعى لعقد اجتماع لها في باريس في وقت قريب. وتعتبر باريس أن موسكو أصبحت اليوم «جاهزة» من أجل الحل وتثبيت الوضع في سوريا، بعد أن حققت غالبية أهدافها العسكرية، وآخرها تمكين النظام من إعادة السيطرة على أجزاء واسعة من جنوب غربي سوريا. وتضيف الأوساط الفرنسية، أن موسكو «تعي أن الوضع لن يتطبع طالما لم يتم التوصل إلى حل سياسي»، إضافة إلى أن إعادة إعمار المناطق التي دمرتها الحرب لن تحصل من غير مساهمة الغربيين والعرب القادرين على ذلك. ومن أجل تحقيق هذا الهدف، ترى باريس أن موسكو ستكون في حاجة لها كما في حاجة إلى الأطراف التي دعمت المعارضة السورية والتي ما زالت مؤثرة في قراراتها رغم تراجع مواقعها على الأرض، وسعي النظام وداعميه لتهميشها، بل إخراجها من الصورة.
لكن باريس، في الوقت عينه، رغم قلة الأوراق التي تمتلكها، لا تريد أن تترك الملف السوري للثنائي الروسي - الأميركي وهي تتخوف من انسحاب سريع للقوات الأميركية من سوريا، كما أنها «تجهل» خطط واشنطن في هذا البلد. وثمة من أبدى دهشته في باريس من «تخلي» واشنطن عن الفصائل المقاتلة في الجنوب السوري ما يبرر تخوفه إزاء ما يمكن أن تعتمده واشنطن من سياسات تجاه الأكراد في شمال شرقي سوريا.
أما في الملف الإيراني، فإن بين باريس وموسكو «رؤية مشتركة» برزت خلال الاجتماع الذي جرى الأسبوع الماضي في فيينا، وضم وزراء خارجية الدول الأوروبية الثلاث الموقعة على الاتفاق النووي للعام 2015، إضافة إلى زميليهما الروسي والصيني وفي مواجهتهما وزير خارجية إيران. وترى العاصمتان أن مصلحة إيران تكمن في البقاء داخل الاتفاق النووي، في حين تعتبر باريس أن موسكو قادرة على التأثير على إيران في هذا الملف من أجل منع انزلاقها نحو مواقف «استفزازية»، مثل معاودتها تخصيب اليورانيوم بأكثر مما يتيحه الاتفاق النووي (أقل من 4 في المائة)، أو التهديد بإغلاق مضيق هرمز. وقد خرج اجتماع فيينا بـ«وعد» لإيران بتمكينها من الاستمرار في بيع النفط والغاز، رغم العقوبات الأميركية واستمرار العمليات التجارية والاستثمارية والمالية معها، لكن من غير تحديد «الوسائل» لذلك.
ومن الموضوعات التي يتوقع أن تطرح بين بوتين وماكرون الملف الأوكراني، باعتبار باريس طرفاً فيما يسمى «مجموعة النورماندي» التي تضم إلى جانب فرنسا ألمانيا، وأوكرانيا، وروسيا.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».