نقل جثمان مانديلا من بريتوريا ليدفن في مسقط رأسه كونو اليوم

مواطنو جنوب أفريقيا يغنون ويرقصون خارج قرية كونو قبل وصول جثمان مانديلا إليها ضمن مراسم وداع سكان مسقط رأسه حيث يدفن اليوم (رويترز)
مواطنو جنوب أفريقيا يغنون ويرقصون خارج قرية كونو قبل وصول جثمان مانديلا إليها ضمن مراسم وداع سكان مسقط رأسه حيث يدفن اليوم (رويترز)
TT

نقل جثمان مانديلا من بريتوريا ليدفن في مسقط رأسه كونو اليوم

مواطنو جنوب أفريقيا يغنون ويرقصون خارج قرية كونو قبل وصول جثمان مانديلا إليها ضمن مراسم وداع سكان مسقط رأسه حيث يدفن اليوم (رويترز)
مواطنو جنوب أفريقيا يغنون ويرقصون خارج قرية كونو قبل وصول جثمان مانديلا إليها ضمن مراسم وداع سكان مسقط رأسه حيث يدفن اليوم (رويترز)

بدأ نيلسون مانديلا أمس رحلته الأخيرة بين بريتوريا - حيث سجي جثمانه ثلاثة أيام - وكونو القرية التي أمضى فيها طفولته وسيدفن فيها بعد مراسم وداع أخيرة أقامها رفاقه في المؤتمر الأفريقي والحزب الشيوعي. ونقل نعش مانديلا الذي لف بعلم جنوب أفريقيا الديمقراطية التي كان أول رئيس لها ، من المستشفى إلى القاعدة العسكرية في ووتركلوف بالقرب من بريتوريا لمراسم نظمها المؤتمر الوطني الأفريقي، الذي لم يبدل مانديلا من ولائه له يوما. وبعيد وصوله لف النعش بعلم المؤتمر الوطني الأفريقي الذي أسس مانديلا جناحه السياسي «رمح الأمة» (أومخونتو وي سيزوي). ورافق الجثمان أكبر أحفاد مانديلا الذكور، الذي وقف إلى جانب النعش حسب التقاليد المتبعة. وحضرت أكبر شخصيات الحزب مثل ثابو مبيكي الذي تولى الرئاسة بعده من 1999 إلى 2008 وجاكوب زوما (الرئيس الحالي منذ 1999)، وأرملته غراسا ماشيل (68 عاما) وزوجته السابقة ويني ماديكيزيلا مانديلا التي بدت منهارة. وحضر عدد كبير من الناشطين في المؤتمر الوطني الأفريقي والحزب الشيوعي ونقابيون ومناضلون سابقون ضد الفصل العنصري مثل القس الأميركي جيسي جاكسون.
وخلال ثلاثة أيام من الأربعاء إلى الجمعة، قام أكثر من 100 ألف من مواطني جنوب أفريقيا بإلقاء نظرة الوداع على جثمانه الذي سجي في مقر رئاسة الحكومة «يونيون بيلدينغز» في بريتوريا. وقد اقتحم مئات من الأشخاص حواجز الشرطة الجمعة لدخول المبنى وإلقاء نظرة الوداع على جثمان مانديلا. واقتحم الحشد الحواجز بعدما أعلنت الشرطة أنها لن تسمح بعد الآن لأحد بدخول مقر الرئاسة. وحاول رجال الشرطة أولا منعهم من التقدم، لكنهم سمحوا لهم بالمرور بعد ذلك. وشهد مقر رئاسة جنوب أفريقيا منذ الصباح اكتظاظا كبيرا، بينما ينتظر آلاف الأشخاص في الخارج على أمل إلقاء نظرة الوداع على بطل النضال ضد الفصل العنصري. وكان الناطق باسم عائلة مانديلا الجنرال تيمبا ماتانزيما أعلن أن الطائرة ستقلع نحو الساعة 45. 10 (45. 8 بتوقيت غرينتش) إلى كونو. وسيرافق بعض أفراد العائلة الجثمان في هذه الرحلة. وبعد ساعتين ستحط الطائرة في مطار متاتا المدينة الصغيرة الأقرب إلى كونو، إذا كان الطقس يسمح بذلك. وقال الجنرال ماتانزيما مساء الجمعة: «عندما يحطون في متاتا سيكون أفراد من العائلة وأعضاء من شعب التيمبو، الذي ينتمي إليه مانديلا وأشخاص آخرون في استقبال الجثمان ومرافقيه». وبعد ذلك سيتوقف الموكب الجنائزي مرتين في مدينة متاتا ليتاح للحشود وداع بطلهم.
وسيتوجه الموكب بعد ذلك إلى كونو التي تبعد نحو ثلاثين كيلومترا للوصول إلى بيت نيلسون مانديلا، حيث أمضى السنوات الأخيرة قبل أن ينتقل إلى جوهانسبورغ، بسبب مشكلات صحية. وفي كونو تنتهي رحلة أبي الديمقراطية في جنوب أفريقيا. وصباح اليوم سيجري الجزء الأول من مراسم التشييع بحضور نحو خمسة آلاف شخص بينهم عدد من الشخصيات الأجنبية، مثل ولي عهد بريطانيا الأمير تشارلز ورئيس الوزراء ووزير الخارجية الفرنسيين السابقين ليونيل جوسبان وآلان جوبيه. وبعد هذه المراسم ينقل الجثمان إلى مقبرة العائلة الصغيرة التي تبعد مئات الأمتار.
وسيدفن مانديلا الذي توفي في الخامس من ديسمبر (كانون الأول)، بالقرب من والديه وأبنائه الثلاثة المتوفين.
وأكدت العائلة عدة مرات أنها تريد أن يدفن دون ضجيج وأنها لن تسمح بالتقاط أي صور أو تسجيل فيديو.
وستحيط بالدفن شعائر قبائل الكوزا بما في ذلك ذبح ثور ثم يلقي وجهاء من التيمبو كلمات أمام القبر. وقال جوغينيانيسو متيرارا الذي ينتمي لـ«التيمبو» إن «الجنازة مراسم معقدة تتطلب الاتصال بالأجداد وإفساح المجال لروح الميت لترتاح».
وأقيمت مراسم تأبين لمانديلا الثلاثاء في ستاد سوكر سيتي بسويتو حضرها نحو مائة من رؤساء الدول والحكومات بينهم الرئيس الأميركي باراك أوباما وثلاثة من الرؤساء الأميركيين السابقين. وساد جو من المصالحة في هذا الحفل الكبير الذي شهد مصافحة تاريخية بين زعيمي العدوين الرئيسيين الولايات المتحدة وكوبا راوول كاسترو.



للمرة الأولى منذ عقود... مقاتلات فرنسا تغادر سماء تشاد

جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)
جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)
TT

للمرة الأولى منذ عقود... مقاتلات فرنسا تغادر سماء تشاد

جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)
جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)

سحب الفرنسيون من تشاد، الثلاثاء، مقاتلات عسكرية من طراز «ميراج 2000»، ليصبح البلد الأفريقي مترامي الأطراف والحبيس في قلب القارة السمراء، خالياً من أي مقاتلات فرنسية لأول مرة منذ أن نال استقلاله عن باريس قبل 6 عقود.

اليوم، أصبحت سماء تشاد هادئة من أزيز «الميراج» الفرنسية، وأغمضت العين الفرنسية التي ظلّت لعقود طويلة رقيباً لا يغفل على أرض تشاد الشاسعة، الممتدة من صحراء أوزو الحارقة شمالاً، وصولاً إلى أحواض بحيرة تشاد الرطبة في أقاصي الجنوب.

الطائرة التي تُمثّل فخر الصناعة العسكرية الفرنسية، ظلّت لسنوات طويلة صاحبة الكلمة الأولى في السماء التشادية، والسلاح الحاسم الذي تدخّل لقلب موازين السياسة أكثر من مرة، خصوصاً حين حاصر المتمردون القادمون من الشمال الرئيسَ الراحل إدريس ديبي في 2006 و2019.

بداية الرحيل

طائرة «ميراج» فرنسية وهي تغادر قاعدة «غوسي» التشادية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)

في حدود منتصف نهار الثلاثاء، كان الجنود الفرنسيون في قاعدة «غوسي» العسكرية في عاصمة تشاد إنجامينا، يتبادلون الابتسامات الباهتة مع أقرانهم التشاديين، فطغت على أجواء الوداع حميمية مصطنعة، وهم يستعدون لركوب طائرات «الميراج»، في رحلة ذهاب دون عودة، نحو فرنسا.

رفع الطيار العسكري الفرنسي يده بتحية عسكرية صارمة، من وراء زجاج طائرته النفاثة، وألقى نظرة أخيرة، ثم حلّق عالياً لتكون بذلك بداية انسحاب فرنسي من بلد دخله أجداده مستعمرين مطلع القرن العشرين، أي قبل 120 عاماً.

الجيش الفرنسي قال في بيان مقتضب تعليقاً على سحب طائراته العسكرية، إن القرار جاء بعد أن قررت تشاد إنهاء العمل باتفاقية التعاون الأمني والعسكري مع فرنسا، يوم 28 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وأضاف أن «وجود هذه الطائرات كان تلبية لحاجة سبق أن عبّر عنها الشريك (التشادي)».

فيما قال مصدر فرنسي إن وجود المقاتلات الفرنسية في تشاد لم يعُد مبرّراً بعد إنهاء التعاون العسكري بين البلدين، وأضاف أن «فرنسا تنهي نشر مقاتلاتها في قاعدة (غوسي) الجوية في إنجامينا. والجيش الفرنسي اتخذ قراراً بسحب طائراته الحربية».

رحيل تدريجي

وزير خارجية تشاد، عبد الرحمن كليم الله، نشر تغريدة مقتضبة على موقع «إكس»، قال فيها: «إنه بعد الانسحاب النهائي لمقاتلات (الميراج) الفرنسية وطائرة الدعم والإسناد، نفذت المرحلة الأولى من سحب القوات الفرنسية في تشاد».

كما نشرت الخارجية التشادية بياناً قالت فيه: «إن هذا الحدث يُمثل خطوة كبيرة في تنفيذ الجدول الزمني المتفق عليه بين الطرفين» بخصوص مغادرة القوات الفرنسية، قبل أن تشير إلى أنه «سيتم الترحيل التدريجي للقوات البرية خلال الأسابيع المقبلة».

ويوجد في تشاد نحو ألف جندي فرنسي، كانوا موجودين بموجب اتفاق تعاون عسكري موقع منذ عقود، وجرى تجديده عام 2019، ولكن تشاد قررت الشهر الماضي أن تنهيه من جانب واحد من أجل «تجسيد السيادة» على أراضيها.

وفي هذا السياق، قالت الخارجية التشادية إن الشعب التشادي «يتطلّع إلى مستقبل تحظى فيه السيادة الوطنية بالاحترام الكامل، وتتولى فيه القوات المسلحة الوطنية بشرف وكفاءة الدفاع عن أراضيها وأمن مواطنيها».

ولكنها في الوقت نفسه، شدّدت على «فكّ الارتباط (مع فرنسا) يتم بروح من الاحترام المتبادل والحوار البنّاء للحفاظ على العلاقات الثنائية بين تشاد وفرنسا في المجالات الاستراتيجية الأخرى ذات الاهتمام المشترك».

لجنة مشتركة

جنديان تشاديان خلال مناورات مع سلاح الجو الفرنسي (أرشيف الجيش الفرنسي)

ورغم أن البلدين لم يُعلنا أي تفاصيل حول الجدول الزمني لسحب القوات الفرنسية، فإن المصادر تؤكد تشكيل «لجنة مشتركة» تتولّى الإشراف على العملية، وقد عقدت هذه اللجنة اجتماعها الأول يوم الجمعة الماضي، دون إعطاء أي تفاصيل.

في هذه الأثناء، وصفت صحف فرنسية واسعة الانتشار من بينها «لوموند» ما يجري بأنه «صفعة موجعة» تتلقّاها فرنسا في بلد ظلّ لعقود يمثل حليفاً استراتيجياً في أفريقيا، واليوم يُعدّ آخر مركز نفوذ لفرنسا في منطقة الساحل الأفريقي، حيث سبق أن انسحبت القوات الفرنسية من مالي وبوركينا فاسو والنيجر.

ويصر الفرنسيون على أن ما يحدث في تشاد مختلف عما جرى في دول الساحل الأخرى؛ حيث وقعت قطيعة تامة مع باريس.

ويقول مصدر وصفه الإعلام الفرنسي بأنه قريب من الملف: «إن التشاديين لم يطلبوا سحب القوات بشكل فوري، وبهذه السرعة»، وأضاف: «نحن من أراد التحكم في الانسحاب» تفادياً لأي مفاجآت.