بينما تمر الساعات على اشتعال معركة الرسوم الجمركية بين الولايات المتحدة والصين، فإن القلق يتنامى في أوساط الأعمال الأميركية من تبعات الإجراءات التي تتبعها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، والتي قد تؤدي بحسب بعض المصادر الخبيرة إلى سقوط الاقتصاد الأميركي في الركود.
وبينما أشارت استطلاعات للرأي إلى مخاوف منتشرة بقطاع واسع من الشركات من آثار عكسية للرسوم الأميركية، ذكرت مجلة «موني سي إن إن» في تقرير لها أنه على الرغم من أن الاقتصاد الأميركي قوي في الوقت الحالي، فإن ثمة مخاوف متزايدة في أوساط الشركات والمستثمرين، بشأن حملة الرئيس ترمب التجارية.
وأوضح التقرير أن المخاوف تتعلق بمتوالية أشبه بسقوط أحجار الدومينو، تبدأ بتضرر الشركات من «تكاليف أعلى» بسبب الرسوم الجمركية، وبعدها ربما لا تتمكن من معرفة كيفية الحصول على المواد التي تحتاجها، وفي نهاية المطاف ستنخفض الثقة بين المديرين التنفيذيين والأفراد، وسيأتي رد الشركات من خلال تقليص الإنفاق بشكل كبير.
وأكدت مذكرة أصدرتها «ويلز فارغو» أول من أمس أن الأسعار سترتفع في الولايات المتحدة على الأرجح في المدى القريب، حيث تزيد الرسوم الجمركية تكلفة الواردات، وستضطر بعض الشركات إلى تمرير تكاليف متزايدة إلى المستهلكين.
كما أظهر محضر اجتماع المجلس الاحتياطي الفيدرالي (المركزي الأميركي) الأخير، الذي نشر نهاية الأسبوع الماضي، أن مسؤولي البنك قلقون بشكل متزايد من الضرر الاقتصادي من السياسات التجارية لإدارة الرئيس ترمب. وأدرج المحضر أن المجلس أعرب عن قلقه إزاء الآثار الضارة المحتملة للتعريفات، وغيرها من القيود التجارية المقترحة، محلياً وخارجياً، على النشاط الاستثماري المستقبلي... مشيرا إلى أن موجة من التعريفات ستضر بمصلحة المستهلك، وتضر بسلاسل التوريد التجارية عن طريق التسبب في اختناقات واضطرابات، وأن «تراجع الثقة وانقطاع سلسلة التوريد يمكن أن يزيد من الصدمة التجارية مما يؤدي إلى ركود تام».
وفي استطلاع نشرته صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية، قامت به مع مركز أبحاث في جامعة جورج ماسون، فإن أكثر من 56 في المائة من شريحة الاستطلاع أكدت أنها تشعر أن حرب الرسوم بين أميركا والصين «سيئة» للولايات المتحدة. وكانت أكبر المخاوف في الاستطلاع تتعلق بتكلفة المنتجات وأسعارها النهائية، خاصة أن نحو 73 في المائة من المشاركين أكدوا مخاوفهم من آثار الحرب التجارية المباشرة على أعمالهم.
وأشار تقرير «واشنطن بوست» إلى أن قطاعا كبيرا بالولايات التي تشهد صراعا واسعا بين الحزبين الرئيسيين في أميركا يشعر بالخطر جراء الحرب، حيث صوت نحو 78 في المائة معبرين عن مخاوفهم من آثار مباشرة على الأسعار، وكان من اللافت أن 56 في المائة من الجمهوريين - حزب الرئيس - عبروا عن الرأي ذاته.
وتشير أحدث الاستطلاعات إلى زيادة بنسبة توقعات ارتفاع أسعار السلع في الولايات المتحدة جراء الحرب التجارية، بينما تتقلص إلى حد ما الشرائح المقتنعة بالجدوى الاقتصادية لتلك الحروب.
وحتى الآن، فإن كثيراً من الشركات الأميركية الكبرى عبرت عن استيائها من حرب الرسوم، والتي اشتعلت على أكثر من جبهة إضافة إلى الصين، حيث امتدت من السيارات الأوروبية إلى واردات الجيران في أميركا الشمالية من كندا والمكسيك، وبعض تلك الشركات بدأ بالفعل في وضع خطط بديلة من أجل تفادي تبعات تلك الحرب، بداية من بحث نقل بعض الأنشطة خارج الولايات المتحدة، وصولا إلى تقليص العمالة وإلغاء خطط التوسع في المستقبل القريب لحين مزيد من اتضاح الرؤية.
وبدلا من تحقيق خطط النمو وزيادة معدلات التشغيل، كما وعد الرئيس الأميركي في برنامجه الانتخابي، فإن شعار «أميركا أولا» من الممكن أن يأتي بنتائج عكسية في مساره الحالي بحسب الخبراء، حال استمرار الإدارة الأميركية في سياساتها بشن حروب تجارية شعواء على كل حلفائها التقليديين في الوقت ذاته.
وبدوره، توقع معهد «بيترسون» للاقتصاد الدولي، في تقرير حديث أن فرض 25 في المائة من الرسوم الجمركية على جميع واردات السيارات وقطع غيار السيارات، سيخفض الإنتاج في الولايات المتحدة بنسبة 1.5 في المائة، وقد يفقد 195 ألف عامل أميركي وظائفهم على مدار عدة سنوات. مضيفا أن الإجراءات التجارية قد تؤثر على نحو 200 مليار دولار من واردات الولايات المتحدة، غير صناعة قطع الغيار.
مخاوف متزايدة في أوساط الأعمال الأميركية من «ارتدادات حرب الرسوم»
ترجيح ارتفاع الأسعار وتراجع خطط التشغيل في المدى القريب
مخاوف متزايدة في أوساط الأعمال الأميركية من «ارتدادات حرب الرسوم»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة