السجن لمتشدد مغربي تخفّى بـ23 هوية مزورة

أمر اعتقال بحق «عرّاب» التونسي منفذ عملية الدهس الإرهابية ببرلين

المغربي عبد الرحمن د. خلال مثوله أمام محكمة تزفيكاو وهو يغطي وجهه بملف
المغربي عبد الرحمن د. خلال مثوله أمام محكمة تزفيكاو وهو يغطي وجهه بملف
TT

السجن لمتشدد مغربي تخفّى بـ23 هوية مزورة

المغربي عبد الرحمن د. خلال مثوله أمام محكمة تزفيكاو وهو يغطي وجهه بملف
المغربي عبد الرحمن د. خلال مثوله أمام محكمة تزفيكاو وهو يغطي وجهه بملف

نجحت النيابة الألمانية العامة، بعد سنة ونصف من عملية الدهس الإرهابية ببرلين، في الكشف عن شخصية العقل المدبر العملية التي أوت بحياة 12 شخصاً. وأصدرت المحكمة الاتحادية في كارلسروهه أول من أمس، أمراً باعتقال التونسي ماهر د. (32 سنة) بتهمة العضوية في تنظيم إرهابي أجنبي، وبتهمة تقديم العون في قتل 12 شخصاً وجرح نحو50.
جاء ذلك في تقارير صحافية لجريدة «زود دويتشه تساتونغ» ومحطتي راديو وتلفزيون الشمال (ن د ر) وراديو وتلفزيون الغرب (ف د ر) نشرت يوم أمس. ويفترض أن ماهر د. أوحى لمنفذ العملية أنيس العامري بقيادة الشاحنة إلى سوق أعياد الميلاد ببرلين.
وتتهم النيابة العامة ماهر د. بأنه كان «المرشد» الداعشي الذي خطط لعملية الدهس الإرهابية التي نفذها مواطنه التونسي أنيس العامري (24 سنة) يوم 19 ديسمبر (كانون الأول) 2016 في سوق لأعياد الميلاد في ساحة برايدنشايتد في العاصمة الألمانية.
ونقلت هذه المصادر الصحافية معلومات عن النيابة الاتحادية تتحدث عن اعتقادها أن ماهر د. ما زال على قيد الحياة، وأنه ربما يعيش حالياً متخفياً في ليبيا. ويفترض أن «عراب داعش» التونسي ماهر د. انتقل من العاصمة التونسية إلى ليبيا، بحسب قناعة النيابة العامة، وانضم إلى تنظيم «داعش» في ليبيا.
وفي سنة 2016 تلقى ماهر د. أوامر من التنظيم الإرهابي بالتنسيق مع مواطنه أنيس العامري «عن بعد» بهدف تنفيذ عملية إرهابية في العاصمة الألمانية. ولا تعرف النيابة العامة المكانة التي يحتلها ماهر د. في تنظيم داعش، لكنها تتعاون مع أجهزة الأمن التونسية والأميركية بهدف الكشف عن مكان تواجده.
عمل أنيس العامري، الذي لقي حتفه على أيدي رجلي شرطة في إيطاليا، بكل حرفية على محو كل مكالماته وصلاته من على هاتفه الجوال، إلا أن رجال التحقيق تمكنوا من استعادة عدد كبير من مكالماته وخزينه المعلوماتي على تطبيق المسنجر الذي كان يستخدمه. وتكشف هذه البيانات أن العامري كان على اتصال وثيق مع شخص اسمه «مومو1»، وأنه من خارج ألمانيا.
ويظهر من تحليل البيانات في هاتف العامري الجوال أن «مومو1» كان يرافقه خلال كافة أطوار تخطيط وتنفيذ عملية برلين. وكان من الممكن تمييز صوته قبل تنفيذ العملية بساعة سبقت خطف الشاحنة من قبل العامري، وقتل سائقها، ومن ثم قيادتها على أشلاء الضحايا.
وكانت الشرطة الألمانية على معرفة طوال الوقت بوجود «مرشد» «داعشي» على صلة بمنفذ عملية الدهس، إلا أنها توصلت الآن فقط إلى فك شفرة شخصيته. وتؤكد النيابة العامة أن ماهر د. لعب دوراً أساسيا في تخطيط العملية وتحفيز أنيس العامري على تنفيذها.
جدير بالذكر أن العمليات الإرهابية التي نفذت في ألمانيا تكشف أن المنفذين لم يتصرفوا بوحي من «داعش» فقط، وإنما عبر صلة تنظيمية مع مرشديه. وهذا حصل مع المراهقة المغربية التي طعنت شرطيا في هانوفر، ومع شاب أفغاني هاجم الناس بفأس في قطار في بافاريا، ومع السوري الذي فجر نفسه في حفل لموسيقى البوب في مدينة اينزباخ في بافاريا أيضاً.
وكان العامري مطلوباً بسبب ارتكابه 11 جناية، بينها محاولة القتل، خلال 17 شهراً قضاها في ألمانيا. وأثبتت النيابات العامة عليه تهم سرقة الدراجات وسرقة الهواتف الجوالة وتعاطي المخدرات، والتعامل بالمخدرات، وإلحاق أضرار جسدية بالغة بالآخرين، ومغادرة محل الإقامة دون علم سلطات الأجانب، وتزوير الوثائق والشهادات، وانتحال الشخصية، والاحتيال في قضية تسلم المساعدات المالية للاجئين.
وأدت الشكوك حول «تساهل» السلطات في اعتقاله إلى تشكيل لجنة تحقيق وتكليف محقق محايد في التحقيق في ملابسات القضية. وتوصلت التحقيقات إلى أن اعتقال العامري بالتهم المنسوبة إليه كان جديراً بإحباط العملية الإرهابية التي نفذها.
إلى ذلك، وعلى صعيد الإرهاب أيضاً، أصدرت محكمة تزفيكاو، في ولاية سكونيا، حكماً بالسجن لمدة سنتين على المغربي عبد الرحمن د. بتهمة العضوية في تنظيم إرهابي والتخطيط لتنفيذ أعمال عنف تعرض أمن الدولة إلى خطر داهم. ورفض القاضي شتيفان نوباك طلب محامي الدفاع إطلاق سراح ممثله بكفالة، وقال القاضي إن الرأي العام لن يفهمه لو أنه أطلق سراح متطرف مصنف في «قائمة الخطرين».
اعترف عبد الرحمن د. (29 سنة) أمام الحكمة، وكان مقيد اليدين والقدمين، أنه تخفى في ألمانيا متخذا 23 شخصية مزيفة، منها المغربية والسورية والعراقية والجزائرية. وذكر أنه زور يوم ميلاده 7 مرات للغرض ذاته، وأنه كان يتلقى المساعدات الاجتماعية من عدة مدن في ألمانيا، إلا أنه رفض الاعتراف بتخطيطه لأعمال عنف في ألمانيا.
وعثر رجال الشرطة في هاتف المتهم الجوال على أكثر من 500 صورة بثها تنظيم داعش على الإنترنت، وعلى 91 شريط فيديو أعدها التنظيم الإرهابي. والمهم أيضاً أن المتهم حمل على هاتفه الجوال كتيبا تعليميا لـ«داعش» يستخدمه الأعضاء في مساعيهم لتخطيط العمليات وتركيب القنابل وما إلى ذلك. وكان التونسي أنيس العامري يسترشد في عمليته بنفس الكتيب المحمل على هتافه الجوال.
وكان عبد الرحمن د. يرتاد مساجد المتشددين التي تخضع لمراقبة رجال الأمن. وكشف تحليل البيانات في هاتفه الجوال عن علاقة بشخص مجهول يسمي نفسه «الشيخ» ويحرضه على تنفيذ أعمال العنف في ألمانيا. غادر المتهم المغرب إلى إسبانيا بعد حصوله على تأشيرة اعتيادية سنة 2007. ووصل إلى ألمانيا عبر فرنسا وبلجيكا في سنة 2012 حيث تقدم بطلب اللجوء السياسي.
وقال عبد الرحمن د. قبل صدور الحكم إنه يحب ألمانيا ويرغب في البقاء فيها، وإنه يتمنى كل الخير للشعب الألماني.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».