إردوغان يعد بتسريع النظام الرئاسي... وخصمه يدعوه لأن يكون «رئيساً للجميع»

فاز بفترة رئاسية جديدة بـ52 % وتحالفه حصد 53 % من مقاعد البرلمان ومشاركة قياسية بـ88 %

إردوغان يعد بتسريع النظام الرئاسي... وخصمه يدعوه لأن يكون «رئيساً للجميع»
TT

إردوغان يعد بتسريع النظام الرئاسي... وخصمه يدعوه لأن يكون «رئيساً للجميع»

إردوغان يعد بتسريع النظام الرئاسي... وخصمه يدعوه لأن يكون «رئيساً للجميع»

أعلنت اللجنة العليا للانتخابات في تركيا النتائج شبه الرسمية للانتخابات الرئاسية والبرلمانية المبكرة التي شهدتها تركيا أول من أمس. وكشفت النتائج فوز الرئيس رجب طيب إردوغان بالرئاسة بنسبة تقترب من 53 في المائة وفوز «تحالف الشعب» الذي يضم أحزاب العدالة والتنمية الحاكم والحركة القومية والوحدة الكبرى بأغلبية مقاعد البرلمان متفوقا على «تحالف الأمة» الذي يضم أحزاب الشعب الجمهوري والسعادة والجيد والديمقراطي. وفي الوقت ذاته تعهد إردوغان بالإسراع في تنفيذ إصلاحات سياسية واسعة النطاق لتطبيق النظام الرئاسي وتحقيق أهداف برنامجه (تركيا 2023). وأقر مرشح حزب الشعب الجمهوري في الانتخابات الرئاسية محرم إينجه بخسارته في الانتخابات الرئاسية داعيا إردوغان لأن يكون رئيسا للجميع.
وقال رئيس اللجنة العليا للانتخابات سعدي جوفان إن الرئيس إردوغان فاز بأكثر من نصف الأصوات في الانتخابات الرئاسية وإن الانتخابات الرئاسية والبرلمانية جرت بشكل سليم، مضيفا أن النتائج النهائية ستعلن يوم 5 يوليو (تموز) المقبل بعد الانتهاء من التدقيقات اللازمة.
وعرض جوفان في مؤتمر صحافي أمس النتائج شبه الرسمية بعد فرز جميع الأصوات تقريبا، مشيرا إلى فوز الرئيس إردوغان مرشح «تحالف الشعب» الذي يضم أحزاب العدالة والتنمية، والحركة القومية والاتحاد الكبير، بـ26 مليونا و260 ألفا و112 صوتا بنسبة 52.6 في المائة، بينما حصل محرم إينجه، مرشح حزب الشعب الجمهوري (أكبر أحزاب المعارضة) على 15 مليونا و304 آلاف و660 صوتا بنسبة 30.6 في المائة.
أما على صعيد الانتخابات البرلمانية، فقد حصد حزب العدالة والتنمية نسبة أصوات بلغت 42.5 في المائة بواقع 295 مقعدا من مقاعد البرلمان الذي سيتألف من 600 مقعد، فيما حصل حزب الشعب الجمهوري على نسبة أصوات 22.6 في المائة بواقع 147 مقعدا بالبرلمان، كما حصل حزب الحركة القومية على نسبة أصوات 11.1 في المائة بواقع 48 مقعداً، وحصل حزب الشعوب الديمقراطي (مؤيد للأكراد) على نسبة أصوات 11.7 في المائة بواقع 67 مقعدا، والحزب الجيد حديث التأسيس المنشق عن حزب «الحركة القومية» على نسبة أصوات 10 في المائة بواقع 43 مقعدا.

وفيما يخص نتائج الانتخابات على مستوى التحالفات، فقد حصل «تحالف الشعب» على نسبة أصوات 53.7 في المائة بواقع 343 مقعدا، بينما حصل «تحالف الأمة» على نسبة أصوات 34 في المائة بواقع 190 مقعدا.
وأوضح جوفان أن نتائج فرز الأصوات في اللجان الانتخابية جرت بحضور ممثلي الأحزاب كما في كل انتخابات، وكانت تصل أولا بأول إلى اللجنة العليا للانتخابات وإلى مقار الأحزاب في الوقت ذاته، وأنه تم حتى الآن الانتهاء من إدخال 99.91 في المائة من أصوات الانتخابات الرئاسية إلى نظام اللجنة.
وسجلت نسبة المشاركة في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، رقما قياسيا بنحو 88 في المائة من الناخبين الذين يحق لهم التصويت لتتفوق تركيا من حيث نسبة المشاركة على كبرى الديمقراطيات العريقة في العالم.
وتعهد الرئيس إردوغان في خطاب جماهيري ألقاه فجر أمس أمام حشد من أنصاره أطل عليهم من شرفة المركز الرئيسي لحزب العدالة والتنمية الحاكم، بالإسراع في تنفيذ برنامجه الذي يتضمن إصلاحات سياسية واسعة النطاق. وبحسب النظام الرئاسي الجديد الذي أقر بموجب الانتخابات فإن الرئيس سوف يتمتع بصلاحيات واسعة مع إلغاء منصب رئيس الوزراء، واقتصار مهمة البرلمان على التشريع والمراقبة. وتشمل صلاحيات إردوغان، في فترة رئاسته الثانية، تعيين كبار المسؤولين بمن فيهم الوزراء ونواب الرئيس و6 أعضاء من 13 عضوا في المجلس الأعلى للقضاة ومدعي العموم وفرض حالة الطوارئ وإصدار مراسيم بقوانين.
وتخشى المعارضة من أن تكون للتعديلات الدستورية للانتقال إلى النظام الرئاسي، التي أقرت في استفتاء شعبي في 16 أبريل (نيسان) العام الماضي، آثار سلبية تؤدي إلى نظام حكم سلطوي. ويتهم المنتقدون إردوغان بكبح الحريات المدنية بما في ذلك حرية الإعلام حيث تعيش تركيا في حالة طوارئ منذ محاولة الانقلاب الفاشلة في 15 يوليو 2016. ومنذ ذلك الوقت فُصل أكثر من 160 ألفا بينهم 107 آلاف من العسكريين من وظائفهم، كما تم حبس عدد مماثل لاتهامهم بالتورط في محاولة الانقلاب، في حملة تطهير طالت معارضين لإردوغان وأثارت انتقادات واسعة.
وتعهد إردوغان خلال حملته الانتخابية بأن إلغاء الطوارئ سيكون على رأس أولوياته في فترته الرئاسية الجديدة. وقال إردوغان إن القضاء سيكون أكثر استقلالا. وتعهد «بمزيد من الحسم» في مواجهة من وصفهم بالإرهابيين. وأشار إلى أن حزب «العدالة والتنمية» سيعمل مع «الحركة القومية» تحت مظلة «تحالف الشعب»، الذي يضم الحزبين، ويشكل الأغلبية في البرلمان. وأضاف: «أشكر كذلك حزب الحركة القومية شريكنا في تحالف الشعب، ورئيسه دولت بهشلي، وجميع أعضائه على ما بذلوه من جهود لنجاحنا». وقال إردوغان، مخاطبا أنصاره: «بفضل الثقة التي منحتمونا إياها عبر صناديق الاقتراع سنبلغ سويا أهدافنا لعام 2023»،
وتسعى تركيا لتحقيق سلسلة من الأهداف بحلول العام 2023 الذي يوافق الذكرى المئوية الأولى لإعلان الجمهورية، ومن أبرزها الدخول في مصاف أكبر 10 قوى اقتصادية على مستوى العالم، ووضعت لهذا الغرض رؤية سياسية واقتصادية تشمل عدة خطط لبلوغ الناتج القومي تريليوني دولار في هذا التاريخ. وأشار إردوغان إلى أن انتخابات 24 يونيو (حزيران) (أول من أمس) تعتبر البوصلة التي من شأنها تحديد مستقبل وطننا لنصف قرن، بل لقرن من الزمان. وقال «من الآن فصاعدا سنصغي للشعب، وابتداءً من الغد سنعمل بجد لنفي بالوعود التي قطعناها على أنفسنا أمام الشعب؛ لا سيما أننا أنهينا بقدر كبير استعداداتنا بخصوص النظام الرئاسي الجديد». وأكد أنه لن يكون في مستقبل تركيا «أي إقصاء أو إبعاد لأحد»، مشيراً إلى أن «الشعب التركي بهذه الانتخابات وافق على بدء العمل بالنظام الرئاسي الجديد».
في المقابل، أقر مرشح حزب الشعب الجمهوري في الانتخابات الرئاسية بخسارته في الانتخابات الرئاسية أمام الرئيس رجب طيب إردوغان، وأكد إينجه قبوله بالنتائج غير الرسمية التي أعلنت عنها اللجنة العليا للانتخابات. ووجه إينجه في مؤتمر صحافي بمقر حزب الشعب الجمهوري في أنقرة أمس رسالة إلى إردوغان قائلا: «فلتكن رئيساً لنا جميعا واحتضن الجميع، كنت سأفعل ذلك لو تم انتخابي». وأكد إينجه صحة النتائج التي أعلنتها اللجنة العليا للانتخابات، وقال إن «النتائج التي جمعها ممثلونا في مراكز الاقتراع لا تختلف عن النتائج المعلنة». وأشار إلى أنه لم يهنئ إردوغان بعد بفوزه بالانتخابات، واستدرك: «لكنني سأهنئه». وقال إنه إذا كانت محاضر الفرز تظهر خسارتكم، فقد خسرتم، لا يمكن القول «أنا لا أقبل هذا، فلنخرج إلى الشوارع»، هذه ليست ديمقراطية.
وكان نائب حزب الشعب الجمهوري المتحدث باسم الحزب بولنت تزجان دعا عقب إعلان النتائج المواطنين إلى عدم الانجرار وراء الاستفزازات أياً كانت نتيجة الانتخابات. وأضاف: «نريد من مواطنينا عدم الانجرار وراء التحريضات مهما كانت النتائج»، وأكد أن رغبتهم الأهم تتمثل بالابتعاد عن المواقف المثيرة للاستفزازات، وإتمام العملية الانتخابية دون حدوث أي أعمال مؤسفة، مشددا على أنهم سيواصلون نضالهم وفقاً للديمقراطية مهما كانت نتائج الانتخابات داعيا إلى تقبلها بعقلانية. ونفى تزجان وجود أي خيبة أمل لديهم، مشيراً إلى وجود الفوز والخسارة في السباقات الديمقراطية.
وكان بعض أنصار حزب الشعب الجمهوري تجمعوا خارج المقر الرئيسي للحزب في أنقرة بعد منتصف الليلة قبل الماضية مرددين شعارات من بينها «سنفوز بمقاومتنا». ووفقاً لمنصة إلكترونية لمراقبة الانتخابات موالية للحكومة، فقد كان مؤيدو المعارضة يتجمعون أيضاً في منطقتي كاديكوي وبيشكتاش في إسطنبول. وأفاد موقع المعارضة على الإنترنت «سينديكا أورج»، أن مؤيدي المعارضة كانوا يخططون للاعتصام في مدينة إزمير غرب تركيا.
في المقابل، نوه المتحدث باسم حزب العدالة والتنمية الحاكم ماهر أونال بإعلان مرشح حزب الشعب الجمهوري للرئاسة محرم إينجه قبوله نتائج الانتخابات الرئاسية، وقال في مقابلة تلفزيونية أمس إن «موقف إينجه يستحق التقدير».
من جانبه، قال نائب رئيس الوزراء المتحدث باسم الحكومة بكير بوزداغ إن النظام الرئاسي الجديد ليس نظام الرجل الواحد بل نظام يحمي الديمقراطية بإرادة الشعب، مشيرا إلى أن بقاء رئيس الجمهورية ضمن حزبه لا يعيق أداء عمله باستقلال وحيادية.
ولفت بوزداغ في تصريحات أمس إلى أنه بالنظر إلى نتائج الانتخابات التي جرت أول من أمس، فإن الشعب أعطى قيمة كبيرة لـ«تحالف الشعب» وللرئيس رجب طيب إردوغان وحزب العدالة والتنمية، معتبرا أن رئيس حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة، كمال كليتشدار أوغلو لا يهدف للفوز إنما إضعاف حزب العدالة والتنمية. وأشاد بوزداغ أيضا بموقف مرشح حزب الشعب الجمهوري لانتخابات الرئاسة، محرم إينجه، الذي أقر بخسارته، وأعلن قبوله بنتائج الانتخابات.
في سياق متصل أعلن حزب «الجيد» التركي المعارض مقتل ممثله في بلدة كارا تشوبان بولاية أرضروم شرق البلاد محمد شيدديك دورماز، بالرصاص، أثناء التصويت في الانتخابات البرلمانية والرئاسية أول من أمس. وقال الحزب في تغريدة عبر موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» إن دورماز قتل بالرصاص، من قبل أشخاص غير شرفاء، ونحن الآن مسؤولون عن المطالبة بالعدالة من خلال القانون.
وذكر رئيس حزب الشعب الجمهوري المعارض في أرضروم، حسني ييلان أنه بعد اندلاع اشتباكات مسلحة، أرسلوا نحو 24 مسؤولاً من وزارة الداخلية إلى مكان الحادث، لكننا رفضنا وجودهم، ثم جاء نائب مفوض من حزب العدالة والتنمية الحاكم، ولم نقبل بحضوره أيضاً.
لكن نائب رئيس الحزب أيتون جيراي، قال إن دورماز قُتل في مشاجرة اندلعت بين عائلتين، مؤكداً أن التحقيقات جارية على قدم وساق. وأكد رئيس الوزراء بن علي يلدريم أن الحادثة وقعت على خلفية جنائية، ولا تتعلق بالانتخابات. ولفت يلدريم أن الحادثة التي وقعت في أرضروم، ناجمة عن خصومة طويلة بين مجموعتين بسبب جنائي، ولا توجد أبعاد سياسية للقضية.



مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
TT

مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)

رجحت سلطات أرخبيل مايوت في المحيط الهندي، الأحد، مقتل «مئات» أو حتى «بضعة آلاف» من السكان جراء الإعصار شيدو الذي دمر في اليوم السابق قسماً كبيراً من المقاطعة الفرنسية الأفقر التي بدأت في تلقي المساعدات. وصرّح حاكم الأرخبيل، فرانسوا كزافييه بيوفيل، لقناة «مايوت لا بريميير» التلفزيونية: «أعتقد أنه سيكون هناك مئات بالتأكيد، وربما نقترب من ألف أو حتى بضعة آلاف» من القتلى، بعد أن دمر الإعصار إلى حد كبير الأحياء الفقيرة التي يعيش فيها نحو ثلث السكان، كما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية. وأضاف أنه سيكون «من الصعب للغاية الوصول إلى حصيلة نهائية»، نظراً لأن «معظم السكان مسلمون ويدفنون موتاهم في غضون يوم من وفاتهم».

صور التقطتها الأقمار الاصطناعية للمعهد التعاوني لأبحاث الغلاف الجوي (CIRA) في جامعة ولاية كولورادو ترصد الإعصار «شيدو» فوق مايوت غرب مدغشقر وشرق موزمبيق (أ.ف.ب)

وصباح الأحد، أفاد مصدر أمني لوكالة الصحافة الفرنسية بأن الإعصار الاستوائي الاستثنائي خلّف 14 قتيلاً في حصيلة أولية. كما قال عبد الواحد سومايلا، رئيس بلدية مامودزو، كبرى مدن الأرخبيل، إن «الأضرار طالت المستشفى والمدارس. ودمّرت منازل بالكامل. ولم يسلم شيء». وضربت رياح عاتية جداً الأرخبيل، مما أدى إلى اقتلاع أعمدة كهرباء وأشجار وأسقف منازل.

الأضرار التي سببها الإعصار «شيدو» في إقليم مايوت الفرنسي (رويترز)

كانت سلطات مايوت، التي يبلغ عدد سكانها 320 ألف نسمة، قد فرضت حظر تجول، يوم السبت، مع اقتراب الإعصار «شيدو» من الجزر التي تبعد نحو 500 كيلومتر شرق موزمبيق، مصحوباً برياح تبلغ سرعتها 226 كيلومتراً في الساعة على الأقل. و«شيدو» هو الإعصار الأعنف الذي يضرب مايوت منذ أكثر من 90 عاماً، حسب مصلحة الأرصاد الجوية الفرنسية (فرانس-ميتيو). ويُرتقَب أن يزور وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو، مايوت، يوم الاثنين. وما زالت المعلومات الواردة من الميدان جدّ شحيحة، إذ إن السّكان معزولون في منازلهم تحت الصدمة ومحرومون من المياه والكهرباء، حسبما أفاد مصدر مطلع على التطوّرات للوكالة الفرنسية.

آثار الدمار التي خلَّفها الإعصار (أ.ف.ب)

في الأثناء، أعلن إقليم لاريونيون الواقع أيضاً في المحيط الهندي ويبعد نحو 1400 كيلومتر على الجانب الآخر من مدغشقر، أنه جرى نقل طواقم بشرية ومعدات الطبية اعتباراً من الأحد عن طريق الجو والبحر. وأعرب البابا فرنسيس خلال زيارته كورسيكا، الأحد، تضامنه «الروحي» مع ضحايا «هذه المأساة».

وخفّض مستوى الإنذار في الأرخبيل لتيسير حركة عناصر الإسعاف، لكنَّ السلطات طلبت من السكان ملازمة المنازل وإبداء «تضامن» في «هذه المحنة». واتّجه الإعصار «شيدو»، صباح الأحد، إلى شمال موزمبيق، ولم تسجَّل سوى أضرار بسيطة في جزر القمر المجاورة من دون سقوط أيّ ضحايا.