أسف دولي لانسحاب واشنطن من مجلس حقوق الإنسان

هيلي حاولت «بلا جدوى» فرض إصلاحات ووقف الانتقادات للانتهاكات الإسرائيلية

نيكي هيلي ومايك بومبيو يعلنان انسحاب واشنطن من مجلس حقوق الإنسان الأممي بمقر وزارة الخارجية أول من أمس (رويترز)
نيكي هيلي ومايك بومبيو يعلنان انسحاب واشنطن من مجلس حقوق الإنسان الأممي بمقر وزارة الخارجية أول من أمس (رويترز)
TT

أسف دولي لانسحاب واشنطن من مجلس حقوق الإنسان

نيكي هيلي ومايك بومبيو يعلنان انسحاب واشنطن من مجلس حقوق الإنسان الأممي بمقر وزارة الخارجية أول من أمس (رويترز)
نيكي هيلي ومايك بومبيو يعلنان انسحاب واشنطن من مجلس حقوق الإنسان الأممي بمقر وزارة الخارجية أول من أمس (رويترز)

أعلنت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، مساء أول من أمس الثلاثاء، انسحاب الولايات المتحدة من مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان الذي اتهمته المندوبة الأميركية الدائمة لدى المنظمة الدولية نيكي هيلي بأنه «مرتع للتحيز السياسي... وحامي منتهكي حقوق الإنسان» باستهدافه إسرائيل تحديداً، وتجاهله المجازر في بلدان أخرى، حسب تعبيرها، في خطوة أثارت أسف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش والمفوض السامي لحقوق الإنسان زيد رعد الحسين، وانتقادات من المنظمات الحقوقية عبر العالم.
ويمثل انسحاب الولايات المتحدة أحدث رفض أميركي للتواصل متعدد الأطراف بعد انسحابها من «اتفاق باريس» للمناخ والاتفاق النووي مع إيران. كما انسحبت من اليونيسكو، وأوقفت تمويل صندوق الأمم المتحدة للسكان، وخفضت مساهمتها المالية في وكالة «غوث» للاجئين الفلسطينيين وتشغيلهم في الشرق الأدنى (أونروا). ويأتي كذلك بعدما انتقد مجلس حقوق الإنسان واشنطن بسبب فصلها الأبناء القاصرين للمهاجرين غير الشرعيين عن ذويهم الذين يتطلعون للحصول على لجوء بعد دخولهم البلاد من المكسيك.
وأعلنت هيلي هذا القرار من واشنطن، حيث كان يقف إلى جانبها وزير الخارجية مايك بومبيو. وذكرت بأنها سافرت إلى مقر مجلس حقوق الإنسان في جنيف قبل عام للمطالبة بإجراء إصلاحات، ولكن دون جدوى. وقالت: «نتخذ هذه الخطوة لأن التزامنا لا يسمح لنا بأن نظل أعضاء في منظمة منافقة، تخدم مصالحها الخاصة وتحوّل حقوق الإنسان إلى مادة للسخرية». وأضافت: «للأسف صار واضحاً الآن أن دعوتنا إلى الإصلاح لم تلق اهتماما»، موضحة أن «منتهكي حقوق الإنسان لا يزالون يخدمون وينتخبون في المجلس». وأشارت إلى أن «الأنظمة اللا إنسانية في العالم لا تزال تفلت من التدقيق، ويواصل المجلس تسييس وتكبيل البلدان ذات السجلات الإيجابية لحقوق الإنسان في محاولة لصرف الانتباه عن المعتدين في صفوفهم»، عادّةً أن المجلس «ظل لفترة طويلة حامياً لمنتهكي حقوق الإنسان ومرتعاً للتحيز السياسي».
وجادلت هيلي بأن الولايات المتحدة أمضت عاماً في سعيها إلى إصلاحات، «لكن عيوب المجلس تعمقت»، مشيرة إلى انتخاب جمهورية الكونغو الديمقراطية لعضوية المجلس خلال العام الماضي، رغم حملة الإصلاح الأميركية، دليلا على أنه لا يمكن إصلاح المجلس. وكذلك لفتت إلى أن المجلس أخفق في عقد جلسة واحدة بشأن فنزويلا، وهي عضو في المجلس، أو إيران رغم سحق مظاهرات المعارضة بطريقة لا تعرف الرحمة. وقالت: «عندما لا يستطيع مجلس ما يسمى (حقوق الإنسان) أن يتصدى للتجاوزات الهائلة في فنزويلا وإيران، ويرحب بجمهورية الكونغو الديمقراطية عضوا جديدا، فالمجلس لا يستحق اسمه».
وكذلك نبهت إلى استمرار وجود «البند 7» من جدول الأعمال، وهو برنامج دائم على جدول أعمال المجلس، ومخصص حصراً لمناقشة انتهاكات حقوق الإنسان من الجانب الإسرائيلي ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة. وقالت إن «التركيز غير المتناسب على إسرائيل والعداء الذي لا ينتهي تجاهها دليل واضح على أن المجلس يحركه التحيز السياسي، وليس حقوق الإنسان».
وتوفر الولايات المتحدة الحماية لإسرائيل منذ أمد بعيد في الأمم المتحدة. وباستشهادها في قرار انسحابها بما تقول إنه تحيز ضد إسرائيل، فإن إدارة الرئيس ترمب قد تزيد من حجج الفلسطينيين بأن واشنطن لا يمكن أن تكون وسيطاً محايداً بينما تستعد لطرح خطة سلام للشرق الأوسط. وصوّت المجلس الشهر الماضي لصالح إجراء تحقيق في سقوط قتلى بقطاع غزة، واتّهم إسرائيل بالاستخدام المفرط للقوة. وصوّتت الولايات المتحدة وأستراليا وحدهما بـ«لا».
وانتقدت هيلي «البلدان التي عبّرت عن قلقها بشأن المجلس، لكنها لا تزال أعضاء فيه، مما يوحي بأن تلك البلدان تفتقر إلى الشجاعة»، بحسب تعبيرها. وقالت: «كل بلد اجتمعنا معه يوافقنا، من حيث المبدأ وخلف الأبواب المغلقة، على أن مجلس حقوق الإنسان بحاجة إلى تغييرات كبيرة منهجية دراماتيكية. ومع ذلك، لم يكن لدى أي بلد آخر الشجاعة للمشاركة في معركتنا». وانتقدت روسيا والصين وكوبا ومصر لعرقلتها الجهود الأميركية الرامية إلى إصلاح المجلس «المنافق والأناني». وقالت: «انظروا إلى عضوية المجلس، فسترون ازدراء مروعاً للحقوق الأساسية».
ويجتمع مجلس حقوق الإنسان 3 مرات في العام لبحث الانتهاكات الحقوقية في أنحاء العالم. وكلّف محققين مستقلين ببحث الأوضاع في دول منها سوريا وكوريا الشمالية وميانمار وجنوب السودان، وقراراته ليست ملزمة قانوناً، لكنها تحمل سلطة أخلاقية.
ومن الإصلاحات التي كانت تضغط الولايات المتحدة من أجل تبنيها، تسهيل طرد الدول ذات السجل السيئ في مجال حقوق الإنسان، ويلزم حاليا تصويت بأكثرية الثلثين في الجمعية العامة للأمم المتحدة التي تضم 193 دولة لتعليق عضوية إحدى الدول.
بدوره، قال بومبيو إن «مجلس حقوق الإنسان يمكّن الإفلات من الانتهاكات بإعفاء المخالفين من المسؤولية، من خلال الصمت، وبالتنديد دون وجه حق بمن لم يرتكبوا جرماً». وأضاف أن «الدول تواطأت بعضها مع بعض لتقويض الطريقة الحالية لاختيار الأعضاء». وعدّ أن «انحياز المجلس المتواصل والموثق بشكل جيد ضد إسرائيل تجاوز الحدود». وأفاد بأنه «منذ تأسيسه، تبنى المجلس عدداً من القرارات التي تدين إسرائيل تفوق تلك التي أصدرها على دول العالم مجتمعة».
وأكد بومبيو وهيلي أن الولايات المتحدة ستبقى على رأس المدافعين عن حقوق الإنسان. لكن في نظر كثيرين، يعكس القرار موقف الرئيس دونالد ترمب الرافض للأمم المتحدة وللتعددية في العمل الدبلوماسي بشكل عام.
وتعليقاً على هذا الانسحاب الأميركي، أكد الأمين العام للأمم المتحدة أن هيكل حقوق الإنسان بالأمم المتحدة «يقوم بدور مهم للغاية في تعزيز وحماية حقوق الإنسان في أنحاء العالم»، وقال إنه كان يفضل لو بقيت الولايات المتحدة في المجلس.
أما المفوض السامي لحقوق الإنسان، فعدّ أن القرار «خبر مخيب للآمال، إنْ لم يكن مفاجئاً. بالنظر إلى وضع حقوق الإنسان في عالم اليوم، كان يتعين على الولايات المتحدة أن تكثف جهودها بدلا من أن تتراجع».
وكان المفوض السامي انتقد سابقاً سياسة ترمب في مجال الهجرة. وقال: «نعتقد أن سعي أي دولة لردع الأهالي عبر التسبب بإيذاء الأطفال بهذه الطريقة، أمر غير مقبول».
وأعرب رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة، ميروسلاف لايتشاك، عن الأسف إزاء القرار الأميركي، مذكراً بأن «مجلس حقوق الإنسان، الذي أنشئ عام 2006، هو الجهة الرئيسية بالأمم المتحدة المكلفة تعزيز وحماية الحقوق والحريات الأساسية للجميع، كما أنه يمنح صوتاً للناس بكل أنحاء العالم، بمن فيهم الأكثر ضعفاً». وقال إنه بالنظر إلى التحديات الدولية في العصر الحالي، فقد تأكدت قناعته بأن «العمل الجماعي من أجل عالم أفضل، سيستفيد من الحوار والتعاون».
وانتقدت الجماعات الحقوقية إدارة ترمب لعدم جعلها حقوق الإنسان أولوية في سياستها الخارجية. ويقول المنتقدون إن هذا يوجه رسالة مفادها أن الإدارة تغض الطرف عن انتهاكات حقوق الإنسان في بعض بقاع العالم.
وحذرت 12 جماعة حقوقية، ومنها «هيومن رايتس فيرست» و«أنقذوا الأطفال» و«كير»، من أن انسحاب واشنطن «سيجعل من الصعب تعزيز أولويات حقوق الإنسان ومساعدة ضحايا الانتهاكات حول العالم». وقال مدير «برنامج حقوق الإنسان» في «الاتحاد الأميركي للحريات المدنية»، جميل دكوار، إن اتباع ترمب «سياسة الانعزالية المضللة إنما يضر بالمصالح الأميركية فحسب».
وقال المدير التنفيذي لمنظمة «هيومن رايتس ووتش» كين روث إن «مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان يلعب دوراً مهماً في دول مثل كوريا الشمالية وسوريا وميانمار وجنوب السودان، لكن كل ما يهتم به ترمب في ما يبدو هو الدفاع عن إسرائيل».
في المقابل، رحب المندوب الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة داني دانون بالقرار الأميركي، ووصفه بأنه «شجاع».
وعندما أنشئ المجلس عام 2006، قاطعته إدارة الرئيس الأميركي الأسبق جورج دبليو بوش. وفي عهد الرئيس باراك أوباما، انتخبت الجمعية العامة للأمم المتحدة الولايات المتحدة في المجلس لدورتين متتاليتين؛ وهو حد أقصى للدورات المتتالية. وبعد غياب عام، انتخبت واشنطن مجدداً في 2016 لفترتها الثالثة الحالية.
والولايات المتحدة حالياً في منتصف فترة عضوية مدتها 3 سنوات في المجلس الذي يضم 47 عضواً. وقال مسؤولو الأمم المتحدة إن الولايات المتحدة أول عضو ينسحب من المجلس.



اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
TT

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)

وجهت الشرطة الفيدرالية الأسترالية اتهاماً لرجل يبلغ من العمر 36 عاماً بعرض رمز منظمة مصنفة «إرهابية» علناً، وذلك خلال مظاهرة في منطقة الأعمال المركزية بمدينة ملبورن في سبتمبر (أيلول) الماضي.

الرجل، المقيم في منطقة فيرنتري غولي، سيمثل أمام محكمة ملبورن الابتدائية في 6 مارس (آذار) المقبل؛ حيث يواجه عقوبة قد تصل إلى 12 شهراً من السجن إذا ثبتت إدانته، وفقاً لصحيفة «الغارديان».

جاءت المظاهرة ضمن فعاليات يوم وطني للعمل من أجل قطاع غزة، الذي نظمته شبكة الدعوة الفلسطينية الأسترالية في 29 سبتمبر الماضي، وشهد تنظيم مسيرات مماثلة في مختلف أنحاء البلاد احتجاجاً على التصعيد المتزايد للعنف في الشرق الأوسط.

وأطلقت الشرطة الفيدرالية الأسترالية بولاية فيكتوريا عملية تحقيق تحت اسم «أردفارنا»، عقب احتجاج ملبورن؛ حيث تلقت 9 شكاوى تتعلق بعرض رموز محظورة خلال المظاهرة.

ووفقاً للشرطة، تم التحقيق مع 13 شخصاً آخرين، مع توقع توجيه اتهامات إضافية قريباً. وصرح نيك ريد، قائد مكافحة الإرهاب، بأن أكثر من 1100 ساعة قُضيت في التحقيق، شملت مراجعة أدلة من كاميرات المراقبة وكاميرات الشرطة المحمولة، إضافة إلى مصادرة هواتف محمولة وقطعة ملابس تحتوي على رمز المنظمة المحظورة.

تأتي هذه الإجراءات بعد قرار الحكومة الفيدرالية الأسترالية في ديسمبر (كانون الأول) 2021 بتصنيف «حزب الله» منظمة إرهابية، ومع التشريعات الفيدرالية الجديدة التي دخلت حيز التنفيذ في يناير (كانون الثاني) 2024، التي تحظر عرض رموز النازيين وبعض المنظمات.

وقالت نائبة مفوض الأمن القومي، كريسي باريت، إن الادعاء يحتاج إلى إثبات أن الرمز المعروض مرتبط بمنظمة إرهابية وأنه قد يحرض على العنف أو الترهيب.

المظاهرة، التي استمرت في معظمها سلمية، جاءت بعد إعلان مقتل قائد «حزب الله» حسن نصر الله في غارة جوية إسرائيلية، وهو ما اعتبره العديد تصعيداً كبيراً في الصراع المستمر في الشرق الأوسط.

وفي وقت لاحق، نُظمت مظاهرات أخرى في سيدني وملبورن وبريزبين، وسط تحذيرات للمتظاهرين بعدم عرض رموز محظورة.