وصل نشطاء من دعاة السلام إلى كابل؛ العاصمة الأفغانية، أمس، بعدما قطعوا مئات الكيلومترات سيراً على الأقدام، في وقت استأنفت فيه حركة «طالبان» هجماتها في مناطق عدة من البلاد بعدما رفضت تمديد وقف للنار استمر 3 أيام خلال عطلة عيد الفطر.
ونقل موقع وكالة «باجيهوك» الأفغانية بياناً صادراً عن الرئاسة الأفغانية، أمس، تناول زيارة معايدة بعيد الفطر قام بها الرئيس أشرف غني لزعيم «الحزب الإسلامي» قلب الدين حكمتيار الذي انتقل للإقامة في كابل بعدما عقد اتفاق سلام مع الحكومة العام الماضي. وأضاف البيان أن حكمتيار أشاد بجهود غني من أجل إبرام هدنة في البلاد، مؤكداً دعم فصيله عملية السلام ووقف النار. ونقل البيان عن غني أن الهدنة التي استمرت 3 أيام أظهرت أن السلام مطلب شعبي في كل البلد وأن هناك إجماعا عليها بين الأفغان.
وأشارت الوكالة إلى أن غني زار أيضاً يوم الأحد الماضي الرئيس السابق حميد كرزاي للتهنئة بالعيد ومناقشة الهدنة في البلاد، بحسب ما جاء في بيان الرئاسة الأفغانية. ونقل البيان عن كرزاي قوله إن من واجب الجميع دعم قرار الرئيس غني وقف النار مع «طالبان».
وعلى صعيد «مسيرة السلام»، ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية أن النشطاء المنهكين المشاركين فيها ساروا 38 يوماً معظمها خلال شهر رمضان وقطعوا 700 كلم، وبعدما وصلوا إلى كابل أمس جابوا شوارعها مرددين: «نريد السلام» و«أوقفوا القتال». وقال أحدهم، ويدعى محمد نازاد، لشبكة «تولو» الإخبارية: «نريد أن يبقى شعبنا متحداً من أجل السلام والتخلص من هذا البؤس للجيل المقبل». وأضاف: «أناشد الطرفين - الحكومة وطالبان - السعي إلى تحقيق السلام والمصالحة».
وناشد آخر، ويدعى كروان، الطرفين العمل معاً «لتحقيق أمن دائم في هذا البلد»، مضيفاً: «كفى سفكاً للدماء. كثيرون استشهدوا في هذا النزاع المستمر».
ولفتت وكالة «رويترز» إلى أن جميع من شاركوا في مسيرة السلام كانوا رجالاً، وبينهم معلمون وطلاب وضحايا حرب يستعينون بعكازات للسير وأحدهم كان جالسا على مقعد متحرك. وتابعت أنهم كانوا يلقون ترحيباً في قرى مروا بها في طريقهم من نساء يحملن نسخاً من القرآن الكريم ومن رجال يغنون ويرقصون أو يقدمون لهم الخبز واللبن وبعضهم لا يتمالك دموعه.
وقبل شهر رمضان كان المشاركون في المسيرة يقطعون ما بين 30 و35 كيلومتراً يومياً، لكن مع بدء صيام رمضان كانوا يقطعون ما بين 20 و25 كيلومتراً يومياً. وقد مروا بمنطقة في إقليم غزني قالت لهم حركة «طالبان» ألا يدخلوها لخطورتها الشديدة.
وقال مشاركون في المسيرة إنهم لن يتوقفوا في كابل، بحسب «رويترز». وقال أحدهم، ويدعى بادشاه خان: «وجدنا دعماً من الناس في كابل كما توقعنا... سننظم اعتصامات في الخيام ونواصل السير إلى أقاليم أخرى لحشد مزيد من الدعم».
وأشارت الوكالة الفرنسية، من جهتها، إلى أن «مسيرة السلام» بدأت بعد اعتصام احتجاجي وإضراب عن الطعام في لشكركاه، عاصمة ولاية هلمند، أحد معاقل «طالبان». وأضافت أن هذا التحرك بدأ بشكل عفوي بعد هجوم بسيارة مفخخة في المدينة في 23 مارس (آذار) الماضي. وتابعت أنه عندما لم تلق مطالبهم بوقف القتال استجابة من «طالبان» والقوات الأمنية، قرر بعض المعتصمين نقل الرسالة مباشرة إلى قادة البلاد. وبعد أن قوبلت خطتهم بالسير من هلمند إلى كابل باستخفاف في مستهلها، بات النشطاء المسالمون يحظون بتأييد شعبي قوي. ويطالب هؤلاء النشطاء بتمديد الهدنة وإجراء محادثات سلام ووضع جدول زمني لانسحاب القوات الأجنبية من أفغانستان، وهو مطلب رئيسي لـ«طالبان».
وأعلنت «طالبان» الأحد رفض تمديد هدنة بينها وبين الشرطة والقوات الأفغانية. وقالت الحركة: «صدرت أوامر للمجاهدين في أنحاء البلاد بمواصلة عملياتهم ضد الغزاة الأجانب وعملائهم في الداخل كالمعتاد».
ولقيت الهدنة، وهي الأولى على صعيد البلاد منذ الغزو الأميركي في 2001، ترحيباً واسعاً وسط احتفال المدنيين الأفغان و«طالبان» وقوات الأمن بعيد الفطر.
ولفتت الوكالة الفرنسية إلى أن عناصر «طالبان» هاجموا أمس قوات الأمن في ولايات ننغرهار وكونار ولقمان الواقعة في الشرق، وفي ولايتي هلمند وقندهار الجنوبيتين. وقتل محافظ منطقة غاني خيل في ولاية ننغرهار وأصيب حارسه بجروح، في إطلاق نار، بحسب ما أعلن المتحدث باسم حاكم الولاية عطاء الله خوجاني لوكالة الصحافة الفرنسية، محمّلاً «طالبان» المسؤولية. وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع محمد رادمانيش للوكالة إن معارك اندلعت في 9 ولايات منذ انتهاء هدنة «طالبان»، وأدت إلى مقتل أو إصابة 12 جندياً.
ودخل نحو 2500 مقاتل من «طالبان» كابل في الأيام الثلاثة للهدنة، ورفض غالبيتهم العودة إلى جبهات القتال، بحسب رادمانيش. وأضاف، بحسب ما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية: «أنهكتهم الحرب وتخلوا عن القتال، لكن قواتنا الأمنية والدفاعية جاهزة لمنع أي تهديد والرد عليه».
في غضون ذلك، نقلت وكالة «رويترز» عن مسؤول كبير في «طالبان» قوله إن الحركة غاضبة من أعضاء فيها التقطوا صوراً ذاتية (سيلفي) مع جنود ومسؤولين حكوميين خلال «هدنة العيد». وأضاف المسؤول، مشترطاً عدم نشر اسمه، أن قيادة «طالبان» وزعيم الحركة هيبة الله أخونزاده رفضا مطالب بإدخال القوات الأميركية وغيرها من القوات الأجنبية ضمن وقف النار المطبّق مع الجنود الأفغان. وقال المسؤول لـ«رويترز»: «ليلة (أول من) أمس تمت الدعوة لاجتماع عاجل وإبلاغ القادة وتوجيههم باتخاذ إجراءات تأديبية صارمة بحق جميع أعضاء طالبان الذين زاروا مواطنين والتقطوا صوراً مع مسؤولين أفغان». وأضاف أن تحذيراً صدر لبعض أعضاء الحركة شوهدوا وهم يلتقطون صور «سيلفي» مع قوات ومسؤولين حكوميين.
وقال قيادي آخر في «طالبان»، مشترطاً أيضاً عدم نشر اسمه، إن هناك تخطيطاً لشن بعض الهجمات في إقليم هلمند بجنوب أفغانستان، حيث تردد أن اشتباكات وقعت واستمرت لوقت قصير، بحسب ما أفاد المتحدث باسم حاكم الإقليم.
«مسيرة سلام» في كابل وهجمات لـ«طالبان» بعد انتهاء الهدنة
أنباء عن رفض مقاتلين مغادرة العاصمة الأفغانية والعودة إلى جبهات القتال
«مسيرة سلام» في كابل وهجمات لـ«طالبان» بعد انتهاء الهدنة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة